ملخص: يمكن أن يؤدي الميل إلى نقص الثقة بالآخرين إلى البحث دون داعٍ (وإلى ما لا نهاية) عن طرق لكسب التأثير في حين أن ما نحتاج إليه حقاً هو الوعي بشكلٍ أفضل بالتأثير الذي نتمتع به بالفعل، ولكننا قد لا نمارسه في الواقع على نحو فعال. يقدم الكاتب في هذه المقالة 3 اقتراحات، ليس لاكتساب التأثير، ولكن لكي تصبح أكثر وعياً بالتأثير الذي تتمتع به ولكنك لا تراه غالباً، حتى تتمكن من البدء باستخدام تأثيرك الكامن بشكل أكثر حكمة.
يقلل معظمنا من تأثيره في الآخرين دائماً. عندما يسأل الباحثون الموظفين إلى أي مدى يعتقدون أن الآخرين يهتمون أو يفكرون بهم وإذا ما كانوا يعتقدون أنهم مستعدون لفعل أي شيء من أجلهم، ثم يقارنون هذه التصورات بالمؤشرات الموضوعية لنفس المواضيع، يميل التصور الذاتي للموظفين إلى التقليل من تأثيرهم في الآخرين مقارنة بالواقع. وحتى الذين يتولون مواقع القرار يمكن أن يقللوا من شأن تأثيرهم من خلال الافتراض الخاطئ أن مرؤوسيهم مستعدون لتحديهم أو تجاهل اقتراحاتهم أكثر مما يبدون عليه في الواقع.
يمكن أن يكون لقصر النظر حول شعور الموظفين بعدم أهمية تأثيرهم في الآخرين عواقب وخيمة. قد يؤدي عدم إدراك تأثيرك إلى ضياع الفرص لقيادة مبادرات التغيير والمطالبة بحقوقك وإظهار الدعم للقضايا التي تهمك. ويمكن أن يدفع ذلك بك في حالات أخرى إلى التحدث أو التصرف بطريقة لا مبالية، ما قد يؤدي إلى التأثير في الآخرين دون قصد بطريقة لم تكن تتمناها أحياناً. يمكن أن يؤدي هذا الميل إلى نقص الثقة بالآخرين إلى البحث دون داعٍ (وإلى ما لا نهاية) عن طرق لكسب التأثير في حين أن ما نحتاج إليه حقاً هو الوعي بشكلٍ أفضل بالتأثير الذي نتمتع به بالفعل، ولكننا قد لا نمارسه في الواقع على نحو فعال. فيما يلي 3 اقتراحات من كتابي الأخير، ليس لاكتساب التأثير، ولكن لكي تصبح أكثر وعياً بالتأثير الذي تتمتع به ولكنك لا تراه غالباً، حتى تتمكن من البدء باستخدام تأثيرك الكامن بشكل أكثر حكمة.
تعرف إلى تأثيرك في الآخرين
أحد أسباب عدم إدراك تأثيرنا في الآخرين هو أننا ببساطة لا نراه. عندما نراقب الآخرين من حولنا، فإننا نستخدم أعيننا. أي بمقدورنا رؤية كل أفعال الآخرين التي تؤثر فينا والطرق التي يؤثر من خلالها هؤلاء الأشخاص بعضهم في بعض. لكن الشيء المهم الذي لا نراه من منظورنا الافتراضي لمحيطنا هو أنفسنا؛ ليس بمقدورنا رؤية كيف نسهم بأنفسنا في ديناميكية يحتمل أن تكون إشكالية.
لكي ترى بشكل أفضل تأثير كلماتك وأفعالك في الآخرين، يجب أن تتدرب على الخروج من نطاق منظورك حتى لا تكون مقيداً بنظرتك المتحيزة المحدودة التي تستخدمها كل يوم وتمنعك من رؤية الأشياء التي تقوم بها ويمكن للآخرين التفاعل معها.
أحد التمارين المفيدة هو قضاء 10 دقائق في تخيل تفاعل مهم جداً حدث في مكان العمل أو لقاء أجريته مؤخراً من منظور طرف ثالث محايد. تخيل أنك مدرب يراجع شريط المباراة الأخيرة لفريقك، باستثناء أن اللعبة التي تراجعها هي اجتماع عقدته مع زميلٍ أو أكثر وساده توتر شديد. كيف يمكن لشخص يراقب هذا التفاعل من الخارج أن يفسر الديناميكيات وراءه؟ ما الأشياء التي قلتها أو فعلتها وردَّ عليها الآخرون في الاجتماع؟
لقد ثبت أن قضاء أقل من 10 دقائق كل بضعة أشهر لمراجعة النقاشات الحامية الحديثة بين الأزواج من منظور طرف ثالث خارجي يحافظ على رضا الزوجين عن العلاقة، ربما لأن ذلك يمنح كل طرف وعياً بدوره في إدامة الخلاف.
فهم تأثيرك في الآخرين
من الأسباب الأخرى التي تؤدي إلى ميل الناس إلى إساءة تقدير تأثيرهم في الآخرين هو تخمين كيف يبدو ما يقولونه أو يفعلونه بالنسبة للآخرين بدلاً من سؤالهم مباشرة والتحقق من صحة افتراضاتهم.
لفهم التأثير في الآخرين، يجب ألا نرى الطرق التي تؤثر بها أفعالنا في الآخرين فحسب، بل يجب أن نكون قادرين أيضاً على فهم كيف يمكن أن تبدو هذه الأفعال للآخرين. يجب أن نجد طريقة يمكننا من خلالها فهم كيف ينظر الآخرون إلى وجودنا وكلماتنا وأفعالنا.
لسوء الحظ، فإن الاعتقاد الشائع أنه يمكننا فهم أفكار الآخرين ومشاعرهم بشكل أفضل إذا ما حاولنا بجدية أكبر التفكير بمواقفهم من وجهة نظرهم هو اعتقاد خاطئ. يمكننا الاستعانة بوجهة نظر شخص آخر لمعرفة ما قد يفكر فيه الآخرون بما قلناه، ولكننا بذلك لا نخرج من نطاق منظورنا الضيق وسنبقى نخمن ونضع افتراضات غالباً لا تكون صحيحة.
لذلك وجد الباحثون أنه من أجل فهم ما يفكر فيه الآخرون أو يشعرون به بالفعل، لا يكفي أن نحاول التفكير بالأشياء من وجهة نظرهم، نحن بحاجة إلى اكتساب منظور، رؤيةٍ أوسع أو أكثر استنارة حول الموقف، ويتطلب ذلك معلومات جديدة. الطريقة المباشرة والفعالة جداً للحصول على منظور هي سؤال شخص ما عما يفكر أو يشعر به. على الرغم من أن الآخرين لا يخبروننا دائماً بما يفكرون فيه بالضبط، وقد لا يدركون بالضرورة شعورهم تجاه شيء ما بالفعل، فإن التحدث إلى شخص آخر يخرجك من غرفة الصدى في رأسك، ويتيح لك بناء توقعاتك لما قد يفكر فيه شخص آخر اعتماداً على ما هو أكثر من مجرد افتراضات أو تخمينات.
اختبر تأثيرك في الآخرين
أخيراً، أحد الأسباب الرئيسية التي تدفع الآخرين للتقليل من تأثيرهم في الآخرين هو أنهم لا يختبرونه. في الواقع، يميل معظمنا إلى عدم قول أو فعل أي شيء ما لم نكن على يقين من أن الآخرين سيتقبلونه، ولا نطلب أي شيء ما لم نتأكد من أن الطرف الآخر سيلبينا. لكن أحكامنا حول استجابة الآخرين واحتمال الاتفاق معهم متحيزة وغير دقيقة. إذا أردنا اختبار تأثيرنا أكثر قليلاً، حتى في الأشياء الصغيرة، فسنعلم مدى تأثيرنا بسرعة أكثر مما كنا نظن.
وجدت في بحثي أن ذلك صحيح. عندما طلبت أنا وزملائي من المشاركين التقدم بطلبات بسيطة من الآخرين، كانوا يفاجَؤون دائماً بمدى استعداد الآخرين لقبولها، وبالتالي بمدى تأثيرهم الذي يتمتعون به عندما يطلبون أشياء بسيطة.
في بحث آخر أجريته أنا وآخرون، تبين أن امتلاك الشجاعة لمدح أو شكر الآخرين ومجاملتهم يعني ويؤثر في الناس أكثر مما نعتقد.
لهذه الأسباب، فإن اختبار تأثيرك من إحدى أسرع الطرق وأكثرها فعالية لمعرفة تأثيرك الكامن في الآخرين. بدلاً من بذل جهدك لتجنب طلب خدمة بسيطة، امضِ قدماً واطلبها، وبدلاً من الاحتفاظ بامتنانك أو إعجابك بزملائك، عبّر لهم عن ذلك ببساطة. ستتعلم سريعاً أن كلماتك لها تأثير أكثر مما تعتقد. ستساعدك الخبرة التي تكتسبها من خلال هذه التجارب الصغيرة، جنباً إلى جنب مع النصائح المذكورة أعلاه للتوقف عن التفكير من منظورك وفهم وجهة نظر الآخرين تماماً، في التدرب لاستخدام تأثيرك أكثر وبوعي أكبر أيضاً.