حب الظهور عند المدير يدمر المؤسسات من الداخل

2 دقيقة
حب الظهور عند المدراء
shutterstock.com/Prazis Images

كثير منا يعرف ذلك المدير الذي يعشق الأضواء، يتصدر الصور والاجتماعات، وينسب كلّ إنجاز لنفسه، حتى لو كان ثمرة جهد فريق كامل. في البداية، قد يبدو هذا النوع من القيادة مثيراً للإعجاب. لكن، هل تساءلت يوماً عن تأثير هذا السلوك على من يعملون معه؟ تحديداً على مدراء الإدارات الذين يفترض أنهم حلقة الوصل بين الخطط والتنفيذ؟

بحث جديد من جامعة ماكواري الأسترالية، نشر في المجلة الدولية للأبحاث في الأعمال، يكشف أن "المدير النرجسي" لا يكتفي بالظهور؛ بل يضعف الأداء المؤسسي من الداخل. فوفقاً للدراسة، هذا النوع من القادة يشعر الإدارة الوسطى بالتهميش وفقدان الانتماء، ما يدفعهم للتراجع عن اقتراح الأفكار أو تحدي الاستراتيجيات، خوفاً من الرفض أو الإقصاء.

الضرر الحقيقي يظهر حين يسحب هذا المدير بسلوكه البريق من حوله، فيبدو وكأن النجاح يصنع بيديه وحده. وهذا يخنق روح القيادة لدى من تحته. في حين أن الأبحاث الإدارية تؤكد أن القائد الناجح لا يسطع وحده، بل يشرك من حوله في الضوء. هو من يصنع قادة آخرين، لا أتباعاً صامتين. ولذلك، فإن تجاهل مساهمات الإدارة الوسطى لا يضعفهم فحسب، بل يفقد المؤسسة قدرتها على التجدد الذاتي والاستمرار في التطور.

كان ألبرت آينشتاين يقول: "لا تجتهد لتكون ناجحاً، وإنما اسع لتكون شخصاً ذا قيمة". ومع هذا الوله المتزايد بوسائل التواصل الاجتماعي حتى في الحياة المهنية، لم يسبق لهذا القول أن كان أكثر دقة مما هو عليه اليوم. فبدلاً من قياس التقدم المهني بمدى الإعجاب والتصفيق الخارجي، يدعونا هذا المنظور للتركيز على رؤيتنا الداخلية وقيمنا العميقة. لأن من يستمد دافعه من داخله، هو الأقدر على الاستمرار، خاصة في المشاريع الطويلة الأجل، وهو في الغالب من يحقق غايات أسمى من مجرد الظهور اللحظي. حقق رؤيتك، وسيأتيك الظهور الحقيقي من حيث لا تحتسب.

الدراسة استعرضت سيناريوهات مختلفة لردود فعل المدراء عند التعامل مع قائد نرجسي (يأخذ كل الفضل، يهمش الآخرين، ويستخف بآرائهم) مقابل قائد متواضع ومشجع. النتيجة كانت واضحة: الشعور بالتجاهل من الأعلى يؤدي إلى انسحاب نفسي وفكري من الوسط، وهو ما يهدد قدرة الشركات على التجدد والتأقلم، خاصة وقت الأزمات.

من حق المدير أن يحصل على التقدير لنجاحه، لكن بقاءه النجم الأوحد ليس في صالحه، وسيخلق مجموعة من التابعين كم لن يؤدي إلى تحول الشركة من جيد إلى عظيم كما يقول جيم كولينز في كتابه الذي يحمل هذا الاسم. وفي بيئات العمل العربية، حيث كثيراً ما يتم الاعتماد بالترقية على مثل هذه النجومية للمدير فإنها تساعد على انتشار هذه الفكرة الخاطئة والتي تخلط بين الكاريزما والقيادة الفعالة. هذه النتائج تحمل تحذيراً بالغ الأهمية. فحين تسير الأمور على ما يرام، قد ينجح المدير النرجسي في إخفاء الأضرار. لكن في لحظة التحدي، سيكتشف الجميع أن من يفترض أن يقودوا التغيير، قد انسحبوا بصمت منذ زمن.

ليس المهم كيف يبدو القائد في الصورة، بل كيف يشعر فريقه في الواقع. لأنّ المؤسسات لا تنهض بالصوت العالي وحده، بل بالشراكة الحقيقية والثقة المتبادلة.

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2025.

المحتوى محمي