قد يشتت حب الاستطلاع غير الموجَّه انتباهك، في حين أنه يزيد فعاليتك إذا كان مدروساً.
ينتابني الفضول حيال النتيجة النهائية لمباراة الليلة الماضية، سألقي نظرة سريعة على النتائج.
تبدو هذه المقالة حول مستقبل الطاقة ممتعة، سأضغط على الرابط لأقرأها.
هل انخفض سعر المشواة؟ سألقي نظرة على الفور، لن يستغرق ذاك أكثر من ثوانٍ.
عندما تفقد القدرة على التركيز، يحثك عقلك على "إلقاء نظرة سريعة"، أو "قراءة مقال ما"، أو التحقق من سعر عرض ما"، فتحوِّل انتباهك عن العناصر المُدرجة في قائمة مهامك وتشرع في تصفح عالم الإنترنت مدة نادراً ما تكون قصيرة كما توقع عقلك.
يؤدي حب الاستطلاع غير المقيَّد إلى إلهاء لا جدوى منه يعوقك عن الوصول إلى الهدف الذي ترغب في تحقيقه نهاية يوم العمل. فقد تجلس ساعات طويلة أمام جهاز الكمبيوتر لكنك لا تُنجز إلا مهام ثانوية دون أن تحقق أي تقدم فعال في المشاريع الأهم، بل تقضي جلّ وقتك في الانشغال بأمور لا علاقة لها بالعمل، وهو ما يؤدي إلى تزايد شعورك بالضغط والتوتر بسبب التأخير، إلى أن تجد نفسك تعمل فترات طويلة لاقتراب المواعيد النهائية، أو تعمل حتى وقت متأخر أيضاً لتعويض الوقت الذي أضعته. بمعنى آخر، أثّر فضولك غير الموجّه سلباً في قدرتك على إظهار أفضل ما لديك وإنجاز عملك على أكمل وجه.
ومع ذلك، قد يكون حب الاستطلاع الموجَّه بصورة مدروسة الذي ينطوي على اتخاذ قرار واعٍ بالتفكير على نحو خلاق في مسألة مهمة، أداة قوية لتعزيز الابتكار والفعالية الإجمالية في العمل.
كيف تستخدم حب الاستطلاع في تعزيز إنتاجيتك؟
إليك بعض الطرق لاستخدام حب الاستطلاع بصورة مدروسة لتعظيم النتائج بدلاً من تقويضها.
حدد ما هو مفيد، وتجاهل ما ليس له قيمة
حب الاستطلاع البنّاء هو ذلك الموجه نحو أمور يرغب الفرد في تحقيقها فعلاً ويحتاج إلى إتمامها، كإيجاد طريقة جديدة للتعامل مع عروض البيع التقليدية لجذب العملاء المحتملين، أو تحقيق تواصل أفضل بين الفرق لتقليل حالات التأخر في تسليم المشاريع، أو تعلّم طرق فعالة في استخدام البريد الإلكتروني لزيادة الوقت المخصص لإنجاز المهام. يمكنك بالطبع التعلم عن شيء ما تلبية لفضولك، لكن عندما تكون مشغولاً في العمل ولديك قيود زمنية محددة، فعليك أن تُوجه فضولك تجاه موضوع يتناسب مع أهدافك الحالية، وأن تركز انتباهك عمداً على تعلم المزيد عنه.
وإذا وجدت شيئاً آخر أثار فضولك، فأضفه إلى قائمة العناصر المستقبلية التي يمكنك استكشافها عندما يتوفر لديك مزيد من الوقت، ولا تستسلم لرغبتك في اتخاذ إجراء فوري بشأن تلك الأفكار الجديدة، لأن العناصر المُدرجة في جدول أعمالك كافية.
استخدم حب الاستطلاع المدروس في حل المشكلات
امنح نفسك بعض الوقت والفرصة لفهم جذور المشكلة قبل أن تحاول حلها؛ وتلك هي اللحظة التي يمكنك فيها تطبيق حب الاستطلاع المدروس.
على سبيل المثال، قد تواجه مشكلة في تتبع زبائنك؛ تجنّب اتخاذ قرار فوري والافتراض بأنك بحاجة إلى نظام جديد لإدارة علاقات العملاء، بل فكر لبرهة ووجّه اهتمامك نحو تقييم الوضع. قيّم البرنامج وتحقق مما إذا كان يحتوي على القدرات التي تحتاج إليها. وتفحّص بيانات الاستخدام لتقيّم مدى تفاعل الأشخاص مع النظام. وتواصل مباشرة مع المستخدمين لفهم تجاربهم وتحديد أي عوائق تواجههم، مثل بطء التكنولوجيا، أو صعوبة تحديث البرنامج، أو عدم توافق النظام مع هواتفهم الذكية أو أجهزتهم اللوحية.
ستتطلب هذه الاستكشافات وقتاً في البداية، لكن من المهم أن تُبدي فضولاً حيال فهم جذر المشكلة للتوصل إلى حلول فعالة وحل المشكلة الصحيحة.
احرص على تعزيز علاقاتك المهنية
قال ستيفن كوفي ذات مرة: "الاندفاع في التعامل في العلاقات الإنسانية يؤدي إلى نتائج غير فعّالة، في حين أن التأني فيها يحقق النتائج المنشودة". فعندما تتأنى وتمنح نفسك الفرصة للإصغاء إلى من حولك، يمكنك حينها الاستفادة من حب الاستطلاع البناء لتحسين علاقاتك المهنية.
إذا لاحظت أن زميلك أو موظفك يواجه صعوبات في إنجاز عمله أو لاحظت توتراً في علاقته مع الآخرين، فاحرص على التأني والتفكير بعناية في سبب ذلك: هل يواجه أعباء عمل كثيرة ويحتاج إلى دعم إضافي أو مساعدة في تحديد الأولويات؟ هل يعاني صعوبة في تقسيم المشاريع إلى مراحل صغيرة، وهل يمكن أن يستفيد من جلسة عصف ذهني لتحديد الخطوات المستقبلية الأفضل؟ هل يمكن أن تكون هناك عوامل خارجية تؤثر على أدائه، مثل مرض أحد أفراد أسرته؟
عندما تفكر في الوضع بتعمق وانفتاح وتعاطف، فقد تصل إلى رؤى تسمح بحل المشكلة. وقد تحتاج أحياناً إلى تفحص الوضع بتعمق أكثر والتحدث مع الموظف حول ما يواجهه لمساعدته على المضي قدماً بأفضل طريقة ممكنة.
حدد مصادر الإجهاد المهني واعمل على الحد منها
يمكن أن يكون لحب الاستطلاع تأثير إيجابي كبير في الإنتاجية لأنه يساعد على تقليل الإجهاد الناجم عن العمل. من السهل أن تقول "عملي مجهد" وأن تقفز إلى استنتاجات سلبية مثل: "عليّ البحث عن وظيفة جديدة" أو "لست الشخص المناسب لهذه المهمة". قد يعمل بعض الموظفين في وظائف غير مناسبة لهم بالفعل، لكن البحث عن وظيفة قد لا يكون الحل الأمثل في جميع الحالات. لكن إذا فكّرت بإبداع في حلول بديلة، فيمكنك تجنب الاحتراق الوظيفي ومواصلة العمل في منصبك.
استكشف الأسباب الحقيقية لشعورك بالإجهاد: هل بسبب تنقلاتك اليومية من المنزل إلى المكتب؟ أم بسبب زميل ما؟ أم بسبب نمط العمل؟ أم بسبب جدول المواعيد؟ أم بسبب مقدار العمل؟ أم بسبب الراتب؟
ثم استكشف الحلول التي يمكن اتخاذها: هل يمكنك تعديل أي جانب من جوانب وظيفتك لجعلها أقل إجهاداً وأكثر إرضاءً؟ كأن تتولى العمل على مشروع قائم على الشغف، لكي تخلق تحديات لنفسك وتوجه عملك بما يتوافق مع قيمك؛ أو أن تخصص يوماً خالياً من الاجتماعات كل الأسبوع لتحظى بفرصة إنجاز العمل بتركيز؛ أو أن تفكر في التفاوض للحصول على مكافأة خاصة في حال حققت نتائج معينة في عملك.
قد يعرقل حب الاستطلاع غير الموجّه مسارك ويعوقك عن تحقيق الأهداف. في حين أن حب الاستطلاع البناء هو أداة قوية تساعدك على التأني والتأمل حتى تتمكن من حل مشكلات العمل وبناء علاقات فعالة وتقليل مستويات التوتر.