حان وقت تجديد نظرتك إلى قيم شركتك

5 دقائق
إعادة النظر في قيم الشركة
خوان مويانو/ستوكسي

ملخص: مع التفكير فيما سيكون عليه الوضع الطبيعي الجديد، تمثل هذه الفترة فرصة مثالية لتجديد ما تمثله مؤسستك، وبات شبه مؤكد أن رسالتها ورؤيتها وقيمها القديمة لا تتوافق تماماً مع السياق الحالي. ولكن كيف يمكن إعادة النظر في قيم الشركة؟ وكيف بإمكان الشركة أن تجدد رسالتها ورؤيتها وقيمها؟ أولاً، ابدأ بطرح سلسلة من الأسئلة المباشرة: ما الغاية الأساسية من عملنا الجماعي؛ أي رسالتنا؟ ما الذي نرجو تحقيقه معاً؛ أي رؤيتنا؟ ما المبادئ الأساسية التي ستوجه طرق عملنا معاً بوصفنا زملاء وعملنا لأجل عملائنا؛ أي قيمنا؟ وأخيراً، ما الذي تغير؟ ما الذي أصبح قديماً ويجب التخلي عنه؟ ما الجديد الذي يجب تبنيه؟ يجب على الفرق القيادية في الشركات التفكير في هذه الأسئلة وتصميم عملية لطرحها في مجتمع الشركة ثم غرسها في ثقافتها. احرص على إشراك موظفيك عندما تطرح هذه الأسئلة وإيصال الأجوبة إلى الجميع في الشركة.

 

تحتاج كل ثقافة عظيمة إلى رسالة ورؤية وقيم؛ تتمثل رسالتها في غاية المؤسسة الدائمة وسبب وجودها، وتتمثل رؤيتها في طموحها لنفسها، وتتمثل قيمها (أو فضائلها) في طريقة التزام المؤسسة بالعمل، فهي بيان لطريقة قيام الشركة بعملها والمبادئ التي تتبعها بصورة دائمة. ولكن ليس من الضروري أن تكون هذه الأمور جامدة إذ يجب أن تتغير الشركة تماماً مثلما تتغير البيئة المحيطة بها.

ومع تفكيرك فيما سيكون عليه الوضع الطبيعي الجديد، آن الأوان لتجديد نظرة مؤسستك إلى ما تمثله، فقد تغير العالم على إثر جائحة كوفيد، وبات شبه مؤكد أن رسالة الشركة ورؤيتها وقيمها القديمة لا تتوافق تماماً مع السياق الحالي. يتولد تركيز جديد على مواضيع مثل الصحة (النفسية والجسدية على حد سواء) والمرونة والتنوع والمساواة وغيرها، فلا بد أن عملاءك أعادوا ابتكار حياتهم أو أعمالهم بصورة جذرية، ما دفعهم لإعادة تقييم ما يرغبون فيه أو يحتاجون إليه من شركتك، وأصبح موظفو شركتك على الأرجح يركزون أكثر على الغاية ولكنهم أقل ارتباطاً بما تمثله شركتك، إما لأنهم موظفون جدد (نظراً لمعدلات دوران الموظفين المرتفعة) وإما لأنهم في خضم عملية إعادة ابتكار أنفسهم.

ولكن كيف يمكن للشركة أن تجدد رسالتها ورؤيتها وقيمها؟

من الضروري أن يلتزم الفريق القيادي في المؤسسة، بدءاً من الرئيس التنفيذي نزولاً، بحمل مسؤولية رسالتها وقيمها والعملية المتبعة لصياغتها، لكني أؤكد في "دليل هارفارد بزنس ريفيو لصياغة هدفك" أن كل فرد في المؤسسة له دور في هذه المسؤولية، سواء في تشكيل إجراءات العمل الشاملة أو الأنشطة التي يؤديها بنفسه أو الثقافة ضمن فريقه. لذلك يجب أن تحمل المؤسسة بأكملها بوصفها مجتمعاً كاملاً المسؤولية عن بيان الرسالة وتحقيقه.

يقوم الفريق القيادي في الشركة عادة (ومعه الرئيس التنفيذي) بإعداد العملية عن طريق طرح سلسلة أسئلة مباشرة:

  • الرسالة: ما الغاية الأساسية من عملنا الجماعي، أو رسالتنا؟ ما الهدف من وجود الشركة وما الذي تفعله؟ هذا هو المبدأ الثابت الذي تبنى عليه ثقافات الشركات والأمر الوحيد الذي يمكن لكل فرد اعتباره سبباً لعمله في المنظومة.
  • الرؤية: ما الذي نرجو تحقيقه معاً؟ أفضّل أن يكون جواب هذا السؤال طموحاً وقابلاً للتنفيذ، يعني يجب أن يوضح رؤية جريئة بعيدة الأمد ولكن يمكن للشركة تحقيقها (لا أن تكون جريئة لدرجة أن تكون غريبة أو بعيدة المنال). هذا هو الجزء الجوهري من الرحلة التي تسيرون فيها معاً وطريقتك لمعرفة مدى التقدم الذي تحرزونه.
  • القيم: ما المبادئ الأساسية التي ستوجه طرق عملنا معاً بوصفنا زملاء وعملنا لأجل عملائنا؟ القيم هي القواعد الأخلاقية في المؤسسة، إنها مجموعة القواعد التي تتبنونها جميعاً وتلتزمون بها وتعكس الآداب المهنية التي يتحلى بها موظفو المؤسسة وتحمّل كلاً منهم المسؤولية عن الوفاء بالمعايير السلوكية الملائمة.

بالإضافة إلى ذلك، من الضروري في كل مجال أن تطرح سؤالاً عما تغير على مدى السنتين الماضيتين، ما قد يبرز رؤى مهمة حول التحولات الأساسية في ثقافة الشركة وما تركز عليه. ما الذي أصبح قديماً ويجب التخلي عنه؟ ما الجديد الذي يجب تبنيه؟

تقول القاعدة العامة إن الأجوبة النهائية عن هذه الأسئلة يجب أن تكون بسيطة يمكن تذكرها بسهولة وصادقة. يجب أن يتألف كل من رسالة الشركة ورؤيتها من سطر واحد يسهل تذكره ويمكن للموظفين تكراره، وليس من الضروري أن تكونا مبتكرتين بدرجة مذهلة، وإنما يجب أن تكونا صادقتين ومميزتين بما يكفي ليستطيع كل فرد الاستعانة بهما لمساءلة الآخرين. يجب أن تتألف القيم من كلمة واحدة أو عبارة بسيطة، وليس من الضروري أيضاً أن تكون مبتكرة تماماً وإنما أن تكون مميزة وهادفة وصعبة النسيان.

يجب على الفرق القيادية في الشركات التفكير في هذه الأسئلة وتصميم عملية لطرحها في مجتمع الشركة ثم غرسها في ثقافتها. كتب الفنان الأسطوري مايكل أنجيلو يوماً: "كل كتلة حجرية تحتوي على تمثال في داخلها، ومهمة النحات هي اكتشافه". الرسالة والرؤية والقيم كلها متشابهة، وهي موجودة بالفعل في صميم عملك وموظفيك، ولا يتمثل واجب المؤسسة وقادتها في فرضها على أنها لوحات بيضاء يجب تلوينها، بل في نحت ما يملكونه بالفعل وتشكيله وصقله بحذر.

فيما يلي بعض النصائح لإشراك موظفيك حين تطرح الأسئلة المذكورة آنفاً ثم إيصال الأجوبة إلى الجميع في الشركة.

احرص على إشراك المؤسسة كلها

أعلِم جميع من في الشركة بأنك تشرع بعملية تجديد للرسالة والرؤية والقيم تراعي خاصة التغييرات التي طرأت في السنتين الماضيتين. احرص على أن تكون العملية رسمية وعامة، واعتبرها طريقة ممتعة ليقوم الجميع بتجديد ارتباطه بغاية الشركة ومبادئها، أو ساعد الموظفين الجدد في الارتباط بالمؤسسة بدرجة أكبر. وفي البيئات الهجينة والعمل عن بعد تحديداً، يمكن أن تكون هذه طريقة ممتازة لدفع الزملاء لتجديد ارتباطهم بالمؤسسة وبزملائهم.

استمع إلى الموظفين على نطاق واسع وبصدق

احرص على أن يُشرك المسؤولون التنفيذيون مجموعات كبيرة من الموظفين بصورة مباشرة، يمكن أن يتم جزء من ذلك عن طريق التكنولوجيا، كأن يرسل القادة مقاطع فيديو إلى الجميع والاستعانة بالدراسات الاستقصائية والأدوات الرقمية عبر الإنترنت التي تتيح للموظفين تقديم اقتراحاتهم. ولكن يجب أن يتم الجزء الأكبر منه عبر التواصل الشخصي المباشر الحقيقي؛ يجب أن يعمل كبار القادة، بدءاً من الرئيس التنفيذي، على قيادة المجموعات المركزة في مختلف أقسام الشركة بأنفسهم، سواء بحضورهم الشخصي أو عبر اتصال الفيديو، من أجل التواصل مع مجموعة واسعة من الموظفين والاستماع إلى آرائهم مباشرة. في عملية صياغة غاية الشركة هذه، يجب أن يشجع القادة الموظفين على تبني ثقافة تقبل الآراء والتعليقات بشأن الرسالة والرؤية والقيم التي ستدوم طويلاً بعد هذه العملية الرسمية. سلط الضوء على آراء الموظفين المميزة وكافئها، وأنشئ فريقاً قيادياً يستمع إلى الموظفين ويقدّر آراءهم.

"اطرح" البيان الجديد ثم تحدث عنه باستمرار

أعلن عن الرؤية والرسالة والقيم في جميع أنحاء الشركة، وعلقها على جدران المكاتب وأرسل إلى الموظفين كافة بطاقات بحجم المحفظة تسلط الضوء عليها. وثبتها في موقع الشركة الإلكتروني كي يراها العملاء الخارجيون (ومن الممكن إرفاقها مع شرح أعمق للعبارات البسيطة). احرص على أن يدخلها القادة بصورة شاملة في الكلمات والعروض التقديمية التي يلقونها في الشركة والمناسبات التي تقام فيها، وفكر في طباعتها على بعض "السلع" (مثل القمصان القطنية أو أكواب القهوة أو ما شابه) للاحتفال بإعلانها. يحتاج الإنسان عادة لسماع الجملة بين 6 مرات و20 مرة قبل أن يستوعبها في داخله (ما يعرف باسم "التكرار الفعال" في مجال الإعلانات)، لذلك فالتحدث المستمر عنها أساسي.

حدد من يطبّقون غاية الشركة وقيمها

يتعلم الإنسان بصورة أفضل عبر القصص، لا بأس من استخدام كلمات عن المفاهيم المجردة، ولكن لا غنى عن الأمثلة التي نستمدها من واقع موظفين يطبّقون الرؤية والرسالة والقيم. كما أنها توفر فرصة بصورة مسبقة ومع مرور الوقت لمكافأة هؤلاء الموظفين الذين يعتبرون حاملين للثقافة في المؤسسة وتشجيعهم. اعثر على قصص الموظفين التي توضح غاية الشركة وسلط الضوء على المواضع الصغيرة التي يحققون فيها أجزاء من الرؤية، ربما في التعامل مع العملاء أو في المقابلات التي تجريها مع الموظفين وملفاتهم التعريفية. صوّر مقاطع فيديو للموظفين وهم يحتفلون بزملائهم الذين يطبقون قيم الشركة، وأنشئ جوائز تقدمها الشركة علناً تقديراً للموظفين الحاملين للثقافة الذين يشكلون قدوة يحتذى بها.

أصبحت الغاية أهم من أي وقت مضى بالنسبة للشركات والأفراد على حد سواء، ومن الضروري الآن إعادة النظر في قيم الشركة ورسالتها والرؤية الأساسية للشركة. إن أهملت هذه اللحظة فستضيع من يدك فرصة ثمينة، واتباع نهج مدروس للتعامل مع هذه المواضيع سيؤدي إلى ثقافة جديدة ذات تركيز محدد وطاقة متجددة.

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .

المحتوى محمي