لا يخفى على المتأمل في مسيرة دولة الإمارات العربية المتحدة أنها حققت خلال أقل من نصف قرن من الزمان، طفرات هائلة على كافة مستويات التنمية الاجتماعية والاقتصادية وأضحت دولة يشار إليها بالبنان في المحافل الدولية.
حينما نحتفل بالذكرى الخمسين لقيام دولة الإمارات في العام 2021، سوف نحتفل بإنجاز مهم ألا وهو اكتمال تطبيق رؤية الإمارات 2021، وهي رؤية طموحة تستهدف دفع عجلة التنمية الاقتصادية والاجتماعية على المدى الطويل وتقليل الاعتماد على عائدات النفط. ولعل من أهم ركائز هذه الرؤية إعداد قوة عمل تتمتع بمؤهلات وقدرات تنافسية عالمية وتمتلك مهارات المستقبل.
ولتحقيق هذه الغاية تم إطلاق برنامج "خبراء الإمارات". ويهدف هذا البرنامج إلى تأسيس قاعدة صلبة من الخبرات الإماراتية التي ستقود الدولة إلى رحاب اقتصاد المعرفة. وفي إطار هذا البرنامج يجري حالياً إعداد وتأهيل 20 من الإماراتيين من خلال برنامج تدريبي متطور حتى يصبحوا خبراء في عدد من المجالات والتخصصات التي تلبي احتياجات الدولة تماشياً مع الأولويات الوطنية ودعماً لرؤية الدولة ومبادراتها الرامية لبناء اقتصاد قائم على المعرفة.
يمثل هذا البرنامج نقلة نوعية في بناء وتطوير الموارد البشرية، بشكل ينسجم مع الأولويات الوطنية الآنية والمستقبلية. وتقوم فكرة البرنامج على استقطاب المواهب الواعدة وتمكينهم من تطوير مهارات متخصصة. ومن شأن ذلك أن يساهم في خلق بيئة عمل تشجع على تطوير القدرات وتوفير منظومات متخصصة يمكن أن تنشأ فيها فرص عمل جذابة في المستقبل.
إنني شخصياً أتطلع بكل اهتمام لأن أرى جميع شبابنا وقد حصلوا على فرص مناسبة للمساهمة في بناء وطنهم، وفي ذات الوقت تحقيق طموحاتهم المهنية والحياتية. وهو طموح مستمد من رؤية الآباء المؤسسين لدولة الإمارات، الذين حرصوا على أن يوفروا لأبناء هذا الوطن منصة ينطلقون منها لاستثمار الفرص الجديدة وتحقيق التميز.
لقد كان آباؤنا المؤسسون بمثابة القادة والمعلمين، وهذا هو جوهر فلسفة برنامج خبراء الإمارات، فالتعليم يقوم على الثقة وعلى وجود شخص يتفهم التحديات التي تواجه المتدرب ويدرك الظروف المحيطة به ويكون قوة حافزة له على اجتيازها. وهذا بلا شك بعضٌ من إرث المغفور له بإذن الله، الوالد المؤسس الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، الذي كان دائماً ولا يزال مصدر إلهام لنا جميعاً.
ونحن في شركة مبادلة للاستثمار (مبادلة)، نعتبر التدريب من أهم مقومات النجاح. ولدينا قناعة راسخة أن شباب اليوم ينتظرهم دور حيوي لتحقيق التنمية الاجتماعية والاقتصادية على المدى الطويل. غير أن هؤلاء الشباب يحتاجون بالطبع لأن يتم إعدادهم إعداداً خاصاً لتولي هذه المسؤولية، ولعل من أهم وسائل الإعداد غرس ثقافة التعلم مدى الحياة وتنفيذ برامج فعالة ومحفزة لتطوير كفاءات القوى العاملة في مختلف المستويات. والواقع أننا في "مبادلة" نعتبر أنفسنا من ضمن الجهات المعنية بتوفير التدريب والتعليم للكفاءات والمواهب الوطنية، ولهذا احتفينا بإطلاق برنامج "خبراء الإمارات" وتحمسنا له وأطلقنا عدداً من المبادرات لمساندة هذا البرنامج الطموح.
فعلى سبيل المثال، أطلق قطاع "البترول والبتروكيماويات" في "مبادلة" العام الماضي برنامج رواد طاقة المستقبل، الذي يستهدف بناء الجيل الجديد من قادة المستقبل من الشباب الإماراتي من خلال تسليحهم بالمعرفة والخبرات التي تعينهم على تطوير مسارهم المهني في هذا القطاع.
ومن أهم أهداف البرنامج إتاحة الفرصة للكفاءات الإماراتية الشابة لاكتساب خبرات فريدة من نوعها من خلال شبكة شركائنا العالميين، ويتم ذلك عن طريق انتدابهم للعمل فترات محددة لدى الشركات التابعة للقطاع في مختلف أنحاء العالم، مثل شركة "بورياليس" في النمسا، وشركة "سيبسا" في اسبانيا، و"مبادلة للبترول" في أبوظبي، وذلك بهدف اكتساب المعرفة والخبرة والوعي الثقافي. وقد تم حتى الآن اختيار أكثر من 10 من الكفاءات الإماراتية الشابة للمشاركة في هذا البرنامج والاستفادة من مزاياه العديدة، وذلك مساهمة من "مبادلة" في بناء اقتصاد متنوع قائم على المعرفة يخدم الأجندة الوطنية لدولة الإمارات العربية المتحدة.
ونحن إذ نواصل المساهمة في إعداد الجيل القادم من القادة، نفخر بالكفاءات المتميزة التي تزخر بها مجموعتنا. كما نفخر بتلك الكوكبة من الكفاءات التي كانت جزءاً من "مبادلة" ثم انطلقت لتتبوأ مراكز قيادية في عدد من المواقع. ولعلي أذكر من هؤلاء معالي الدكتور سلطان أحمد الجابر، وزير دولة، والرئيس التنفيذي لشركة "بترول أبوظبي الوطنية (أدنوك)"، ومعالي سهيل محمد فرج المزروعي، وزير الطاقة والصناعة، ومعالي الدكتور ثاني الزيودي، وزير التغير المناخي والبيئة، ومعالي الدكتور أحمد بالهول الفلاسي، وزير دولة لشؤون التعليم العالي والمهارات المتقدمة، ومعالي جاسم محمد الزعابي، رئيس دائرة المالية، ومعالي سارة عوض مسلم، رئيس دائرة التعليم والمعرفة، ومحمد السويدي، الرئيس التنفيذي لشركة "أبوظبي التنموية القابضة"، وإسماعيل عبدالله، الرئيس التنفيذي لشركة "ستراتا للتصنيع"، وأمل الجابري، الرئيس التنفيذي لشركة إنجازات، وإلهام القاسم، الرئيس التنفيذي لمكتب أبوظبي للاستثمار وأول امرأة عربية تصل القطب الشمالي. ولعل القاسم المشترك بين هؤلاء جميعاً، هو شغفهم بالمساهمة في تقدم دولتهم. وآمل أن تكون فترة عملهم في "مبادلة" قد ساهمت في تعزيز منظومة القيم والكفاءة المهنية التي تُعِينهم الآن على تحقيق نقلات نوعية في مواقعهم الحالية والمستقبلية.
ومن جانب آخر، لدينا كذلك برنامج تدريبي لموظفي "مبادلة" يستهدف إعدادهم ليكونوا خير ممثلين للشركة. وقد أطلقنا على هذا البرنامج اسم "سفراء مبادلة" وهو يتيح لزوار شركتنا أن يتعرفوا عليها مباشرة من خلال هؤلاء السفراء، وبذلك نساعدهم أيضاً على أن يطوروا قدراتهم لكي يصبحوا قادة المستقبل.
ومن دواعي فخرنا أننا ساهمنا بتوفير أكثر من 33 ألف فرصة عمل في دولة الإمارات على امتداد قطاعات أعمالنا. ولا شك أن استقطاب الكفاءات كان وسيظل من أهم ركائز نمو أعمالنا. ومن هنا فإن مشاركتنا في برنامج "خبراء الإمارات" يجسد التزامنا أن نكون قدوة حسنة ونساهم في نقل قيمنا ومعارفنا إلى الجيل القادم.
ومع استمرار مسيرة النمو في "مبادلة"، ندرك أننا ننطلق من موقع قوة مستندين إلى سمعتنا المرموقة في بناء شركات عالمية المستوى في إمارة أبوظبي للمساهمة في تشكيل ملامح مستقبل مستدام لدولة الإمارات. ولا شك أن مبادرات مثل "برنامج خبراء الإمارات" تلعب دوراً مهماً في تحقيق هذه الغايات والأهداف.