لماذا تحتاج مؤسستك إلى بيئة عمل ابتكارية؟

3 دقيقة
بيئة العمل الإبداعية

لقد أصبحت بيئات العمل موضوعاً هاماً لقادة الأعمال. فسرعة التغيير في بيئات العمل المعاصرة تعني عدم إمكانية جعل خلق القيمة مركزياً واتخاذ القرار. ويسري هذا بصفة خاصة على بيئة العمل الإبداعية والابتكار عموماً. على القادة تقبُّل أنهم لا يملكون الأفكار الناجحة دائماً، وتوجيه تركيزهم نحو خلق بيئة عمل تسمح للأفكار الناجحة بالظهور باستمرار. على مدار عقدين من الاستشارات الاستراتيجية والبحث مع أكثر من 100 شركة، تعلمنا أن بناء بيئة عمل يحتاج تطوير الإمكانيات لاستكشاف أفكار جديدة وتجربتها وتقبُّل الفشل والعمل مع شركاء خارجيين.

كيفية تشكيل بيئة العمل الإبداعية

أول خطوة على القادة اتخاذها هي التركيز على كيفية إدارة فرق الابتكار الداخلية لديهم. بحيث تدار هذه الفرق باستخدام المبادئ ذاتها المستخدمة لإدارة الشركات الناشئة الخارجية. على سبيل المثال، بدلاً من اختيار الأفكار التي تنتج عن خطط الأعمال وخرائط الطريق، يجب على الشركات أن تتبع منهج المحافظ الذي يتضمن عمل عدة رهانات صغيرة على المشاريع وتتبع التقدم من خلال مقاييس رئيسية كرغبة العميل في الدفع، وزيادة الاستثمارات فقط في الأفكار التي تبدو أكثر اجتذاباً. ولكي تنجح هذه العملية، على القادة تقبُّل أن بعض المشاريع ستنجح، وبعضها سيفشل.

تقدم أعمالنا البحثية والاستشارية مع شركة "بوش" (Bosch) مثالاً على كيفية تأسيس شبكة ابتكارية وإدارتها مع شركات ناشئة داخلية. حيث يوفر برنامج مسرع الأعمال الخاص بـ "بوش" طريقة منظمة لفرق الابتكار الداخلية للتحقق بصورة منهجية من إمكانية استمرار أفكارهم الخاصة بالأعمال. يختار القادة ومدراء الابتكار مجموعات تتكون من 25-30 فريقاً من جميع أنحاء العالم للعمل معاً لمدة 6-12 شهراً. تتلقى الفرق تمويلاً مبدئياً قدره 120,000 يورو تقريباً وتمنح مدة 3 أشهر لاختبار إمكانية تطوّر أفكارهم الخاصة بنموذج العمل. وحسب النتائج، تحصل الفرق على ميزانية إضافية تبلغ 300,000 يورو أو أكثر.

استثمرت "بوش" منذ 2017 في أكثر من 169 فريقاً. أوقف 70% من هذه الفرق مشاريعهم بعد الاستثمار الأول، وتوقف 72% من الفرق الباقية بعد الاستثمار الثاني. من خلال هذه العملية اكتشفت "بوش" 14 فريقاً طورت مشاريعها بنجاح بالتمويل اللاحق.

بالتأكيد، لا يمكن للشركات الوصول إلى أفضل الأفكار بنفسها ولو باستخدام أمهر موظفيها وتنفيذ عمليات الابتكار. لذا يتطلب تنفيذ بيئة عمل ابتكارية بالكامل تعاوناً مع مبتكرين خارجيين. انظر إلى الشركات التقنية الناجحة مثل "تينسنت" (Tencent) و"علي بابا" (Alibaba): وفقاً لصحيفة "فايننشال تايمز" (Financial Times)، تنتج هاتان الشركتان أكثر من ثلث إيراداتها من الاستثمارات في الشركات الناشئة الخارجية.

ويعد مجال البنوك واحداً من المجالات التي انتفعت الشركات الحاضنة من العمل فيها مع شركات ناشئة خارجية. ونظراً لارتفاع عدد الشركات الناشئة والتقنيات الصاعدة (في 2018، حققت الاستثمارات العالمية في رأسمال الشركات الناشئة في مجال التقنيات المالية رقماً قياسياً سنوياً بلغ 39.6 مليار دولار في 1,463 شركة تجمع التمويلات)، لم يعد بإمكان القادة التنبؤ بالشركات الناشئة التي ستسيطر على السوق في النهاية في مجال التقنية المالية. أفضل طريقة لمعرفة ذلك هي العمل مع تلك الشركات الناشئة بتوفير منصة تعاونية تسمح لأفضل الأفكار باجتذاب المستثمرين.

التعاون مع الشركات الناشئة بهذا الصدد

أقرت بهذا التحدي عدة مؤسسات مالية اسكندنافية أجرينا معها مقابلات وعملنا معها. فقد شاركت مؤسسات مثل "نورديا" (Nordea) و"سبار نورد" (Spar Nord) و"دانسك بنك" (Danske Bank) في تأسيس "كوبنهاغن فينتك" (Copenhagen Fintech) ورعايتها، وهي مؤسسة تتيح الفرصة لمؤسسات مالية كبرى للاستثمار والتعاون مع الشركات الناشئة. وفي مقابلاتنا مع توماس كروغ جنسن (Thomas Krogh Jensen)، الرئيس التنفيذي لـ "كوبنهاغن فينتك"، ذكر كيف وفر التعاون مع الشركات الناشئة للشركات إمكانية التحقق من السوق بسرعة أكبر وتطوراً أسرع على المستوى العالمي.

كما أجرينا مقابلات مع عضو آخر في مجلس إدارة "كوبنهاغن فينتك"، هو أولي مادسن، النائب الأول لرئيس بنك سبار نورد. أنشأ مادسن وفريقه منصة مفتوحة يمكن للشركات الناشئة في مجال التقنية المالية أن تبني تطبيقاتها وتختبرها. كان الهدف هو السماح للشركات الناشئة الابتكارية بالوصول إلى "منصة مرخصة لإجراء المعاملات البنكية" وقاعدة عملاء أكبر. وفي المقابل، أتيحت لـ "سبار نورد" أحدث الابتكارات في مجال التقنية المالية. أعلمنا مادسن أن البنك قد استثمر حتى الآن في 12 فكرة لشركات ناشئة، 6 منها تم دمجها بنجاح في منصة "سبار نورد" البنكية.

هذا المنهج الخاص بموضوع بيئة العمل الإبداعية في التعامل مع الابتكار برفع المهارات داخل الشركة وخارجها هو الطريق الأمثل للاستجابة إلى البيئة التنافسية المتغيرة باستمرار. إذا أراد القادة بناء محرك مستدام لنمو الشركة، عليهم الحرص على خلق الظروف الصحيحة لاختيار الأفكار الأفضل.

هذا المقال جزء من سلسلة مقالات خاصة بـ مؤتمر بيتر دراكر العالمي الحادي عشر.

اقرأ أيضاً:

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .

المحتوى محمي