هناك إجماع على أن جيل الألفية لا يستقر في وظيفة محددة. فهؤلاء الذين ولدوا بين عامي 1980 و1996، هم الأكثر ميلاً للبحث عن الوظائف إضافة إلى تغيير وظائفهم الحالية، وذلك وفقاً لتقرير مؤسسة "غالوب" (Gallup) الجديد حول جيل الألفية والوظائف الجديدة وهو: "كيف يريد جيل الألفية العمل والعيش" (How Millennials Want to Work and Live).
يهدف بحثنا، الذي يقدم نظرة متعمقة على جيل الألفية بوصفهم موظفين وأفراداً ومستهلكين، إلى توضيح حقيقة بعض الأفكار المغلوطة التي تدور حول هذا الجيل بالذات. وبذلك نأمل توضيح الصورة للشركات التي تتطلع إلى توظيف الموظفين من جيل الألفية واستبقائهم، حيث يعد جيل الألفية الآن الجيل الأكبر في الولايات المتحدة.
وعند السؤال عن تغيير الوظائف، وجدنا أن 21% من العاملين المنتميين إلى جيل الألفية تركوا وظائفهم في العام الماضي للقيام بأمور أخرى، وتعد هذه النسبة أعلى بثلاثة أضعاف من النسب المسجلة لدى الموظفين من الأجيال الأخرى.
ولكننا لا نملك أي بيانات توضح الدوافع الكامنة وراء ترك موظفي هذا الجيل وظائفهم، فمن المحتمل أن يكون البعض قرر متابعة تحصيله العلمي، على سبيل المثال. غير أن 6 من أصل 10 أشخاص ينتمون إلى جيل الألفية صرحوا بأنهم منفتحون على فرص العمل المختلفة، ومجدداً تعد هذه النسبة الأعلى بين جميع الأجيال في أماكن العمل. ولكن غالباً ما تكون هذه الفرص غير مندرجة ضمن الشركات التي يعملون فيها حالياً: تشير إحدى الدراسات المنفصلة إلى أن الغالبية الساحقة من العاملين، أي ما يشكل 93%، قد صرحوا بأنهم تركوا الجهات الموظِفة لهم في آخر مرة غيّروا فيها مناصبهم. وفي المقابل، نجد أن 7% من العمال فقط نجحوا في الحصول على منصب جديد في الشركة التي يعملون فيها.
ولكن لماذا كل ذلك؟ حسناً، نحن نعلم أن العاملين الأميركيين عامة غير مرتبطين بالعمل بشكل خاص. وهنا نجد أن جيل الألفية يحتل صدارة هذا الاتجاه: بلغت نسبة العاملين من هذا الجيل الذين صرحوا بأنهم إما غير مرتبطين أو غير مرتبطين عمداً بالعمل 71%، ما يجعلهم الجيل الأقل ارتباطاً بالعمل في الولايات المتحدة فضلاً عن ذلك، يعد الارتباط بالعمل عاملاً أساسياً لاستبقاء موظفي الشركة. فقد أوضحت تحليلاتنا أن 47% من جيل الألفية من غير المرتبطين عمداً، يُجمِعون على أنهم سيغيرون وظائفهم في حال تحسن سوق العمل خلال العام المقبل، مقارنةً بنسبة 17% من جيل الألفية المرتبطين بالعمل.
تغيير جيل الألفية لوظائفهم
على صعيد آخر، يشكل استعداد جيل الألفية لتغيير وظائفهم والشركات التي يعملون فيها فرصة جذب كبيرة للمؤسسات. ففي نهاية المطاف، نجد أن جيل الألفية مستهلكون لأماكن العمل. فهم يبحثون عن الوظائف التي تتناسب تماماً مع احتياجاتهم وأهدافهم في الحياة. وبالتالي، يتعين على أرباب العمل، أكثر من أي وقت مضى، إدراك عوامل جذب هؤلاء المرشحين والتصرف وفقاً لها. كما يتعين عليهم أن يجعلوا من شركاتهم خياراً مواتياً للعملاء المرتقبين أكثر من منافسيهم.
ولكن ما الذي يبحث عنه جيل الألفية بالضبط خلال بحثهم عن الوظيفة؟
لقد طلبنا من العاملين تحديد أهمية بعض السمات المحددة بالنسبة لهم عند التقدم لوظيفة جديدة. وإليكم كيف صنفنا الإجابات بحسب الأجيال. يتفق جميع الموظفين على أن فرص التعلم والنمو ومستوى المدير في قمة الأولويات. غير أن هذه المسائل غالباً ما تكون أكثر أهمية لجيل الألفية.
فخلال المرحلة الحالية من حياتهم، ينظر جيل الألفية في المقام الأول إلى مناصبهم باعتبارها حجر أساس في مسيرتهم المهنية وفرصة للنمو. ولكن بالإضافة إلى ذلك، نجدهم يطمحون أيضاً إلى الشعور بالالتزام العميق بمنصبهم، والعمل لصالح مدير سيستثمر في تنميتهم، لكننا نجد أن هذه القيم مشتركة مع بقية الأجيال الأخرى. إذ أظهر بحثنا أن العمل مع مدير بارز والانتماء إلى ثقافة إدارية عظيمة أمر يهم جميع الموظفين على حد سواء. ومع ذلك، يركز جيل الألفية أكثر على فرص التعلم والنمو إضافة إلى فرص التقدم.
ماذا عن مميزات بيئة العمل؟
على عكس التصور العام، لا يولي جيل الألفية أهمية كبيرة على تشجيع الشركة للإبداع، أو أن يتسم مكان العمل في الشركة بطابع مرِحٍ وغير رسمي. وفي الواقع، نجد أن جيل الطفرة أكثر ميلاً من جيل الألفية وجيل إكس إلى التصريح بأن تشجيع الإبداع وجو العمل المرح "مهمان للغاية" عند التقدم بطلب للحصول على وظيفة. ولكن يحتاج جيل الألفية إلى الاقتناع بالأسباب والكيفية التي ستتبعها المؤسسة لمساعدته على التعلم والنمو والتطور، وتطوير حياته المهنية.
وعلى الرغم من عدم إدراج الدخل ضمن العوامل الخمسة الأولى المطلوبة عند التقدم لوظيفة لجيل الألفية، لكنه ما يزال ضمن العوامل المهمة عند البحث عن وظيفة، كما هو الأمر لجميع الموظفين. فلدى جيل الألفية مستويات عالية من الديون الطلابية، إضافة إلى انتمائه إلى عصر يتسم بنمو هزيل للأجور. وقد يكون هذا السبب، كما استنتجنا من خلال دراسة منفصلة، هو الدافع لقول نصف العاملين من جيل الألفية إنهم يفكرون بقبول أي عرض للعمل في شركة أخرى تمنح زيادة 20% أو أقلّ على الأجور. وهنا نجد أن سعيهم للحصول على مناصب يمكنها توظيف مؤهلاتهم على نحو أفضل، وذات مردود مالي أعلى مفهوم تماماً. ولكن ينبغي للشركات أن تدرك أيضاً أن جيل الألفية قد يولي أهمية كبرى لبعض السمات الوظيفية الأخرى، بما في ذلك التعلم والتقدم.
فإذا كانت شركتك تعمل على تحسين وضعها فيما يتعلق باستبقاء موظفيها من جيل الألفية، فمن المهم أن تدرك جميع السمات التي قد تلعب الدور الإيجابي أو السلبي في تحفيز هذه الفئة، إضافة إلى العمل على تحقيق التوازن الدقيق بين تلك السمات حول موضوع جيل الألفية والوظائف الجديدة. وعلى الرغم من اختلاف جيل الألفية في بعض الجوانب المتعلقة بالتوظيف والاستبقاء، نجد أنهم متوافقون إلى حد كبير مع بقية الأجيال من حيث مطالبهم من أصحاب العمل. فهم يبحثون عن فرص النمو، والمدراء العظماء، والوظائف المتوافقة مع مواهبهم واهتماماتهم. وعندما تتمكن المؤسسات من توفير هذه السمات، فإنها قد تُوفر على موظفيها من جيل الألفية عبء البحث المتواصل وملاحقة خيارات العمل الأفضل في أماكن أخرى.