هل توفر شركتك وظائف ذات مستقبل مهني مشرق أم وظائف عقيمة؟

4 دقائق
جودة الوظائف
رالف بولاك/آي إم/غيتي إميدجيز

ملخص: من الطرق التي يمكن للشركات من خلالها قياس رأس مالها البشري هي النظر في جودة الوظائف التي توفرها. فما الذي يفرق بين الوظيفة العقيمة والوظيفة ذات المستقبل المهني المشرق؟ عمل المؤلفان على مدار العامين الماضيين مع شركات أميركية كبيرة في مختلف القطاعات لوضع مقاييس للإجابة عن هذا السؤال. ويقدمان في هذه المقالة 7 أسئلة يمكن للشركات أن تطرحها حول جودة وظائفها وإمكانية تنقل موظفيها بين الوظائف ومدى المساواة في الأجور، مع تقديم أمثلة على كيفية استخدام الشركات لهذه المقاييس من أجل خلق وظائف مجدية وتطوير مهارات قوتها العاملة.

تتعرض الشركات إلى ضغوط متزايدة، سواء من المستثمرين أو من هيئة الأوراق المالية والبورصات الأميركية، لإحصاء "رأسمالها البشري" وقياسه؛ أي قيمة المعرفة والمهارات التي تمتلكها قوتها العاملة.

ومع ذلك، في محادثاتنا، التي أجريناها كجزء من شراكة "17 روومز" (17 Rooms) بين مؤسسة "بروكينغز" (Brookings) و"مؤسسة روكفلر" (Rockefeller Foundation)، مع أكثر من 12 شركة، علمنا أن المدراء يجدون في كثير من الأحيان صعوبة في تحديد ما يقصدونه برأس المال البشري، وأن قلة منهم وضعوا مقاييس لتحديد ما إذا كانت استراتيجيات التوظيف التي يطبقونها فعالة.

سعينا إلى إحراز تقدم في مسألة قياس رأس المال البشري من خلال التركيز على جانب واحد من إدارة الموظفين يُعد مهماً بالنسبة إلى أصحاب المصلحة بدءاً من المسؤولين التنفيذيين والمساهمين والموظفين إلى الحكومة: توثيق جودة الوظائف التي توفرها الشركات. بعبارة أخرى، تساءلنا عما إذا كان بإمكاننا مساعدة الشركات على تحديد الوظائف العقيمة وتمييزها عن تلك التي تتسم بمستقبل مهني مشرق.

وتحقيقاً لهذه الغاية، أمضينا العامين الماضيين في العمل مع شركات أميركية كبيرة في مختلف القطاعات لوضع مقاييس يمكن العمل وفقاً لها لتوثيق تنقلات الموظفين داخلياً بهدف معرفة جودة الوظائف التي توفرها الشركات. وفي حين أننا نعتقد أن التطوير المهني الفعال للموظفين سيؤدي إلى تحسين الأداء المالي، ونخطط لتوثيق ذلك، فإننا نركز على التنقلات الداخلية لأن بناء مسارات واضحة إلى وظائف عالية الجودة ينطوي على آثار مجتمعية مهمة.

التفاوت في الدخل مستمر في التزايد بالولايات المتحدة، وقد أدت جائحة "كوفيد-19" إلى اتساع هذه الفجوة، إذ يتعرض العاملون في الخطوط الأمامية إلى مخاطر كبيرة للإصابة ولكنهم يُحرمون من ثمار سوق الأسهم المزدهرة. والآن، بعد أن اشتد الضغط على سوق العمل مع مواجهة أصحاب العمل صعوبة في شغل أدوار المبتدئين، أصبح من الواضح أن المدراء بحاجة إلى التفكير في الاستثمار في هؤلاء العاملين لكي يحققوا النجاح على صعيد العمليات.

مع وضع ذلك في الاعتبار، أثمر بحثنا عن الأسئلة الآتية التي ستتيح للشركات وضع مقاييس بسهولة لمعرفة ما إذا كانت هذه الاستثمارات فعالة في تحسين جودة الوظائف أم لا:

جودة الوظائف

  1. ما هي نسبة العاملين الذين يحصلون على أجور معيشية محلية؟
  2. كم عدد العاملين الذين لديهم تأمين صحي؟
  3. كم عدد الوظائف الجديدة التي يتم توفيرها كل عام وأجرها أعلى من الأجر المعيشي المحلي؟

إمكانية التنقل بين الوظائف

  1. ما هي النسبة المئوية للعاملين الذين بدؤوا العمل بأجر أدنى من الأجر المعيشي ثم انتقلوا إلى وظائف يحصلون فيها على أجر أعلى من الأجر المعيشي كل عام؟
  2. ما هي النسبة المئوية للعاملين الأقل أجراً الذين تركوا الشركة قبل قضاء عام كامل فيها؟ وكم من العاملين تركوا الشركة قبل أن يكملوا عامين فيها؟

المساواة في الأجور

  1. ما هي التركيبة الديموغرافية في الوظائف العالية الأجور التي توفرها الشركة؟ وكيف تُقارَن بالتركيبة الديموغرافية للشبكة المحلية للموظفين المحتملين؟
  2. ما هو الاختلاف بين المجموعات الديموغرافية المختلفة فيما يتعلق بمعدلات التنقل في كل من الشرائح الخمسية للأجور في الشركة؟

لا توثق هذه المقاييس كيفية تنقّل الموظفين ونموهم داخل المؤسسة فحسب، بل توثق أيضاً مَن ينمو ومَن يتخلف عن الركب. والأهم من ذلك، أن هذه المقاييس يمكن أن تساعد المدراء على وضع خريطة طريق لتطوير قوتهم العاملة وتوفير وظائف مجدية.

على سبيل المثال، عملنا مع شركة خدمات غذائية تُعد من أكبر الشركات في العالم التي نظرت في كيفية خلق فرص للتدريب والعمل داخلها. فمع وجود أكثر من 15 ألف وظيفة شاغرة في الشركة، يتم التركيز دائماً على التوظيف واستبقاء الموظفين. ويُعد تدريب الموظفين لبناء مسارات مهنية لهم في هذا القطاع المنخفض الأجور جزءاً مهماً من استراتيجية استبقائهم.

أظهرت الدراسة الأولية للبيانات أن نفقات تدريب العاملين ذوي الأجور المنخفضة في الشركة كانت أعلى، ولكن عندما غيَّر هؤلاء العاملون وظائفهم داخل الشركة، سرعان ما غادر أكثر من ثلثهم، ولم يحصل نصفهم تقريباً على أي زيادة في الأجر. وبالتعمق أكثر، وجدنا أن 17% فقط من العاملين ذوي الأجور المنخفضة حصلوا على زيادة كبيرة في الأجر.

لم تتفق هذه النتائج مع التزام الشركة بالتدريب. فمن خلال إجراء تحليل آخر حيث حذفنا نفقات التدريب المتعلقة بالامتثال من البيانات، علمنا أن معظم نفقات التدريب الأخرى كانت موجهة إلى العاملين ذوي الأجور الأعلى وأن هؤلاء العاملين كانوا أكثر عرضة إلى الاستفادة من مزايا التدريب الذي تقدمه الشركة.

يساعد هذا التحليل في تفسير الفجوة بين التدريب واستبقاء الموظفين في هذه الشركة. كما يشير إلى أن تقديم التدريب دون إتاحة الوقت للاستفادة منه قد يأتي بنتائج عكسية. وهذه الاستنتاجات يمكن أيضاً أن تزود الإدارة بخريطة طريق لتحسين التدريب بهدف تقليل معدل دوران الموظفين وتقديم مسار أوضح للترقية.

لا تقتصر الشواغل المتعلقة بالتنقل الداخلي على الشركات التي تضم أعداداً كبيرة من العمّالة اليدوية (أصحاب الياقة الزرقاء). فقد أفاد "بنك أوف أميركا" (Bank of America) بحدوث زيادة في معدل دوران الموظفين في عام 2021، حيث اقترب من 11% بعد انخفاضه إلى أدنى مستوياته (7%) في عام 2020. وإدراكاً من البنك لتكاليف دوران الموظفين، أنشأ أداة داخلية لرسم خريطة للمسارات المهنية المحتملة لجميع الموظفين. على سبيل المثال، يمكن لموظف مبيعات مبتدئ رؤية مسار مهني محتمل إلى منصب في مجال استثمار الثروات. ببساطة، يرغب البنك في تزويد جميع الموظفين بالأدوات التي يحتاجون إليها لتحديد وظائف أحلامهم والحصول عليها داخل الشركة.

توضح هذه الأمثلة التحديات والفوائد التي تنطوي عليها استراتيجيات رأس المال البشري المدروسة التي تخلق فرصاً لكل من الموظفين وأصحاب العمل. صُممت مقاييسنا لمساعدة المدراء على اتخاذ القرارات الداخلية. فإذا اختارت الشركات الإفصاح عنها علناً في ظل الغياب الحالي للضوابط التنظيمية، يمكن أن تكون هذه المقاييس القائمة على النتائج ذات أهمية بالنسبة إلى المستثمرين الذين يركزون على قضايا الحوكمة البيئية والاجتماعية وحوكمة الشركات. ومع ذلك، فإن هدفنا الأساسي هو وضع مقاييس لرفاهة العاملين تعكس التحديات التي تواجه المجتمع وتطلعات العاملين.

وبوضع تلك المقاييس، ستكون الخطوة التالية في خريطة الطريق الرامية إلى تنمية مهارات قوة العمل في الشركات هي إجراء التجارب والإصلاحات، كما رأينا من خلال الأمثلة المذكورة أعلاه. قد يكون لدى شركات أخرى مساحة لاتخاذ إجراءات على نطاق مختلف. وبغض النظر عن مستوى المرونة الذي تتمتع به الشركة، سرعان ما سيكتشف المدراء أن تحسين رفاهة عامليهم ينقسم إلى نوعين: تحسين جوهري بالنسبة إلى الشركة وآخر ليس كذلك.

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .

المحتوى محمي