ملخص: كيف يمكنك جعل مقابلات العمل أكثر إنصافاً وشمولاً لذوي الهمم (أصحاب الاحتياجات الخاصة) وذوي أساليب التعلم المختلفة؟ تقدم لنا مؤلفة هذه المقالة أفكاراً استقتها من خبيرتين حول طرق إنشاء بيئة تسمح للمرشحين جميعهم بإظهار مواطن قوتهم.
يسهم تصميم عملية المقابلات الوظيفية الذي يتيح الفرصة لذوي الهمم (أصحاب الاحتياجات الخاصة) وذوي أنماط التعلم المختلفة في توسيع مجموعة المواهب في مكان العمل ويجعله أكثر إنصافاً.
يتطلب ذلك أسلوباً مدروساً وأخلاقياً من مدراء التوظيف. من أين يجب أن تبدأ؟ وما هي الإجراءات التي يمكنك اتخاذها لتلبية احتياجات المرشحين؟ وكيف تحافظ على معايير التقييم المتسقة؟ وكيف يمكنك إنشاء بيئة تتيح للمرشحين جميعهم الفرصة لإظهار مواطن قوتهم؟
ما الذي يقوله الخبراء؟
حصلت نسبة قياسية من ذوي الهمم (أصحاب الاحتياجات الخاصة) على وظائف في الولايات المتحدة العام الماضي وفقاً لتقرير صادر عن مكتب إحصاءات العمل. يُعد ذلك تقدماً ولكن من الممكن التقدم أكثر، وذلك وفقاً للباحثة غير المقيمة السابقة في معهد بروكينغز (the Brookings Institution)، كيتي باخ، التي قضت معظم حياتها المهنية في دراسة استحداث فرص العمل وجودتها وطرق الحصول عليها.
يبدأ الأمر بتوفير فرص متساوية في مقابلات العمل، وتقول باخ: "إن تقديم التسهيلات للمرشحين أمر ضروري، والخطوة التالية في رأيي ليس مجرد سؤال المرشحين إذا ما كانوا بحاجة إلى تسهيلات، بل مساعدة المرشحين على التفكير في أنواع التسهيلات الممكنة".
ترى أستاذة علم النفس التنظيمي في جامعة فانغارد ومؤلفة كتاب "شفرة الكناري: دليل التنوع العصبي والكرامة وتقاطع الانتماءات في العمل" (The Canary Code: A Guide to Neurodiversity, Dignity, and Intersectional Belonging at Work) لودميلا برسلوفا، إن إعادة تصميم أساليب المقابلات القديمة والبالية ضروري أيضاً. وتقول: "لقد استخدمنا الأساليب نفسها سنوات عدة دون الالتفات إلى متطلبات الوظائف الفعلية وطرق تحديد المرشح المناسب". هدف المقابلات الوظيفية في نهاية المطاف هو اكتشاف إمكانات المرشح للوظيفة و"تقييم إذا ما كانت لديه المهارات اللازمة للوظيفة؛ وكل ما عدا ذلك يخلق حواجز غير ضرورية".
فيما يلي بعض الاستراتيجيات لجعل مقابلات العمل أكثر إنصافاً وشمولاً:
عزز فهمك لذوي الهمم (أصحاب الاحتياجات الخاصة)
ترى باخ أنك أولاً وقبل كل شيء عليك أن تتحرر من أفكارك المسبّقة حول ذوي الهمم (أصحاب الاحتياجات الخاصة)، إذ تقول: "الكثير منا لديه صورة معينة عن ذوي الهمم (أصحاب الاحتياجات الخاصة)، ويعتقد أنه لم يعمل مع العديد منهم".
ولكن هذا الاعتقاد لا يعكس الواقع بحسب الإحصاءات، فوفقاً لمراكز السيطرة على الأمراض ومنع انتشارها، لدى ما يقرب من 1 من كل 4 أميركيين إعاقة، وتشير الدراسات إلى أن ما يقرب من 9% من الأميركيين لديهم صعوبات في التعلم، والعديد من هذه الصعوبات والإعاقات مخفية وغير مرئية.
في الوقت نفسه، أظهرت الأبحاث أن ما نسبته 61% من العاملين ذوي الهمم (أصحاب الاحتياجات الخاصة) تعرضوا للتحيز وسوء المعاملة والتنمر في العمل. تقول باخ: "بمجرد توسيع نطاق فهمك للإعاقة وتداعياتها، ستدرك أنها أكثر انتشاراً وتعقيداً مما كنت تعتقد".
عندما يتعلق الأمر بتصميم مقابلات العمل الأكثر شمولاً ويسراً، ترى برسلوفا "أنك تحتاج في بعض الأحيان إلى الانفتاح على أشكال أعمق من الفهم؛ أي الاستماع دون إصدار أحكام والامتناع عن افتراض أن المرشح يتصنع الإعاقة أو أنه كسول أو متطلب للغاية".
عليك أن تعلم أن المرشحين يحتاجون إلى تسهيلات وأن الالتزام الصارم بأساليب المقابلة التقليدية يمكن أن يؤدي إلى استمرار التحيز. ترى برسلوفا أن التعاطف مهم، ولكنه غير كافٍ، فتقول: "الأمر لا يتعلق بك، بل يتعلق بالطرف الآخر، وقد يكون واقعه مختلفاً تماماً عن واقعك".
تفحص ممارساتك الحالية بدقة
بعد ذلك، تفحص الممارسات والتقنيات التي تتبناها حالياً للمقابلات وحدد العوائق غير الضرورية التي لا تعكس متطلبات الوظيفة الفعلية.
تقول برسلوفا: "في بعض الأحيان تُصمم المقابلات لخداع المرشحين، وإثارة انفعالاتهم، وإخراجهم عن توازنهم لمعرفة أدائهم تحت الضغط". لكن هذه الأساليب قد تسبب الضرر على نحو غير متناسب للمرشحين الذين يعانون الرهاب الاجتماعي أو التفكير العصبي المتنوع، لذلك يواجهون تحديات أكبر في هذه المواقف. "فأنت لا تجري مقابلة في جهاز الخدمة السرية"، على حد وصفها.
توافق باخ على ذلك، وترى أنه ليس من الضروري أن تحاكي المقابلة ظروف الوظيفة تماماً، ولكنها قد تفحص "ممارسات تتطلب مجهوداً بدنياً ونفسياً" وربما إجراء بعض التعديلات، (سنناقش ذلك لاحقاً). هل يجب أن تستمر المقابلات طوال اليوم؟ هل يجب أن تتضمن دراسات حالة سريعة مدتها 90 دقيقة؟ هل هي بحاجة إلى حضور المرشحين؟ "إذا لم يكن ذلك جزءاً من الوظيفة، فيجب أن تسأل نفسك: هل نعمل على خلق بيئة يمكن لأي شخص أن ينجح فيها؟ أم أننا نصطنع الصعوبات؟".
اسأل المرشحين عما يحتاجون إليه
للأسف، لا يوجد حل واحد يناسب الجميع لجعل المقابلات أكثر شمولاً، بحسب باخ، إذ تقول: "حتى من لديهم الإعاقة نفسها قد يعانون أعراضاً ودرجات متفاوتة من الشدة"، ولهذا السبب تحتاج إلى التعاون مع المرشحين كل على حدة لتحديد ما يحتاجون إليه.
تقترح باخ إنشاء "قائمة من التعديلات الممكنة" تتضمن أمثلة من التجارب السابقة، وقد يشمل ذلك توفير وقت إضافي لإكمال المهام أو الرد على أسئلة المقابلة، أو طرح الأسئلة بصيغ مختلفة لمعالجة أنماط التعلم المختلفة، أو إجراء مقابلات عن بُعد للمرشحين الذين يواجهون تحديات في التنقل.
وتوصي برسلوفا بإرسال هذه القائمة من الخيارات إلى المرشحين جميعهم وتشجيعهم على طلب الدعم الإضافي إذا لزم الأمر. وتقول: "أوضح لهم أنه لا مشكلة في طلباتهم وأنها لن تستخدم ضدهم"، مشيرة إلى الأبحاث التي تظهر أن الكشف عن الإعاقة في العمل يكون غالباً تجربة محفوفة بالمخاطر. تدافع برسلوفا عن القاعدة البلاتينية، وهي النسخة المتطورة من القاعدة الذهبية، فتقول: "عامل الآخرين كما يحبون أن يُعاملوا، فلا يتعلق الأمر بما تريده أنت، بل بما يريده الطرف الآخر".
عزز المرونة والإنسانية
بالإضافة إلى تقديم تسهيلات محددة، تقترح برسلوفا تضمين المرونة والراحة والإنسانية في المقابلات، إذ تقول: "إذا أنشأت بيئات مناسبة لأكثر المرشحين ضعفاً وحساسية، فستكون مناسبة للجميع"، فهي توصي على سبيل المثال بإجراء المقابلات في أماكن هادئة وخاصة لتقليل عوامل التشتيت والضغط الحسي؛ والحد من عدد المقابلات التي يجب على المرشح حضورها في يوم واحد؛ وتقديم الدعم الشخصي.
تقول برسلوفا: "إذا دعوت المرشح للحضور إلى المكان الذي تجري فيه المقابلة، فاستقبله عند الباب وأرشده إلى الطريق، وفي حال كانت المقابلة افتراضية، فلا تفترض أنه يعرف طريقة استخدام منصة زووم، حتى عندما تبدو الأمور بديهية بالنسبة لك، حاول أن تضع نفسك في مكان المرشح".
كما توصي برسلوفا بتزويد المرشحين جميعهم بأسئلة المقابلة مسبّقاً، لا يمنحهم ذلك الوقت لإعداد إجابات مدروسة فحسب، بل يزيل أيضاً بعض الضغوط النفسية المرتبطة بالمقابلات. وبخلاف ذلك، فقد تختبر ثقتهم بأنفسهم أكثر من اختبار مهاراتهم وقدراتهم، إذ تقول:"عندما تقيس سرعة ردود فعل المرشحين، فلن تتوصل في بعض الأحيان إلا إلى معرفة مدى ثقتهم المفرطة بأنفسهم".
استخدم المقابلات المنظمة
للمقابلات المفتوحة وغير الرسمية جاذبيتها، لكن الأبحاث تظهر أن المقابلات المنظمة التي تنطوي على عدد محدد من الأسئلة المحددة مسبّقاً أقل تحيزاً وتقدم تقييماً أدق لملاءمة المرشح للوظيفة. تقول برسلوفا: "تعتمد نتيجة الكثير من المقابلات على الشعور بالانسجام مع المرشح فحسب". ومن ناحية أخرى، تحتوي المقابلات المنظمة على "قوائم تحقق وعمليات تدعم مدراء التوظيف لتحقيق الإنصاف".
توصي باخ بالطلب من جميع المرشحين التحدث عن تجارب مهنية محددة من خلال الأسئلة التي تبدأ بعبارة: أخبرني ماذا فعلت عندما. قيّم المرشحين بناءً على هذه المعايير المحددة فحسب، وادعم تقييمك بأدلة قوية لضمان الإنصاف والموضوعية. وتضيف أنه عليك ألا تدع عوامل مثل لباس المرشح، أو مدى توتره، أو مدى سهولة مشاركته في حديث موجز تؤثر في المقابلة، إذ تقول: "حدد ما يجب تقييمه وقيّمه فحسب، يريد المرشحون منك التركيز على مواطن قوتهم وقدراتهم ومهاراتهم".
التزم بالمبادئ الآتية:
ما يجب فعله
- وسّع آفاقك عندما تصمم عملية المقابلة واعلم أن تجارب الآخرين قد تختلف اختلافاً كبيراً عن تجاربك.
- ضع قائمة بالتسهيلات الممكنة وتعاون مع المرشحين لتحديد احتياجاتهم الخاصة للدعم الإضافي.
- أعطِ الأولوية للمقابلات المنظمة وركز على المعايير الموضوعية لتقليل التحيز، وقيّم المرشحين بإنصاف بناءً على ملاءمتهم للوظيفة.
ما يجب تجنّبه
- الالتزام الأعمى بأساليب المقابلات التقليدية دون أدنى تفكير؛ بدلاً من ذلك، تحقق من عملياتك وحدد العقبات غير الضرورية التي لا تتعلق بالوظيفة.
- الاعتماد فقط على سرعة البديهة والثقة لدى المرشحين في أثناء المقابلات؛ اطرح الأسئلة مسبّقاً للسماح لهم بتقديم إجابات مدروسة حول مهاراتهم وقدراتهم.
- وضع الافتراضات حول المرشحين؛ بدلاً من ذلك، وفّر لهم أماكن هادئة لإجراء المقابلات، وقلل عدد المقابلات في اليوم نفسه، وقدم الدعم الشخصي.