هل طفح الكيل بك من وظيفتك؟ جرب أخذ لحظات توقف أكثر خلال يوم العمل

4 دقائق

يشعر أكثر من نصف الأميركيين بأنهم "مجهدون أو منهكون لبعض الوقت على الأقل"، ويقول 70% منهم أنهم "يحلمون كثيراً بالحصول على وظيفة مختلفة". وذلك وفقاً لدراسة أجراها معهد الأسر والعمل مؤخراً. وهذا يعني أن الكثير من الموظفين غير سعداء في وظائفهم، وقد يختار عدد كبير منهم الاستقالة منها. ولكني توصلت في بحثي إلى احتمال أن تكون هذه الاستقالة سابقة لأوانها، وما يجب عليك فعله هو أخذ فترة توقف بسيطة واستعادة توازنك.

إذا كنت تنوي الانتقال إلى وظيفة أو مؤسسة جديدة، فعلى الأرجح أن السبب الذي دفعك إلى ذلك، مهما كان، سيتبعك إلى عملك الجديد. ولكن إذا أخذت فترة توقف، التي أعرّفها بأنها أي تغيير متعمد في السلوك، ستتمكن من تصفية ذهنك وتقييم وضعك بموضوعية وتغيير موقفك أو أفكارك أو عواطفك. ليس بالضرورة أن تشكل هذه الوقفة تغييراً كبيراً في روتينك، بل يمكن أن تكون بضع لحظات بعد عودتك إلى المنزل مثلاً، كأن تقضي 20 دقيقة من الوقت المميز مع شريك حياتك. أو يمكنك الحضور إلى العمل كل صباح وأنت حاضر الذهن تماماً عن طريق التنفس بعمق 6 مرات قبل الدخول من الباب، فهذه الوقفات قادرة على مساعدتك وإن كانت قصيرة.

إليك بعض الإشارات التي تدل على حاجتك لأخذ المزيد من فترات التوقف في حياتك:

  • كنت تحب عملك في السابق ولكنك أصبحت تبغضه اليوم. ربما اعتدت على النجاح على الرغم من ضغط العمل، ولكنك لم تعد ترى ذلك مجدياً الآن، أو ربما كنت تمر بحالة إحباط. فالإرهاق دليل على ضرورة الانتباه للمشكلة وإحداث تغيير.
  • يخبرك أحدهم أن الأمور لا تسير على نحو جيد. سواء كان تلميحاً في الممر أو ملاحظة مباشرة، كأن يقول لك أحدهم إنك لم تحقق هدف المبيعات أو أن استراتيجيتك الجديدة بائت بنتائج عكسية.
  • يتدخل فرد من عائلتك أو أحد أصدقائك المهتمين بك ليبعدك عن عملك أو عن التقنيات. من السهل أن تجد نفسك مدمناً على ما تفعله، وسيلاحظ الذين يحبونك إذا ما بدأ ذلك بالتأثير على صحتك وعلاقاتك.
  • يقع حدث هام في حياتك أو تواجه تحدياً كبيراً. التغيير أمر محتوم، ويمكن أن يكون نقطة تحول طبيعية تدفعك لتقييم خياراتك وموازنة الأمور التي تشكل أهمية كبرى بالنسبة لك.
  • تظهر فرصة جديدة. قد يكون لديك عرض عمل مغر أو دعوة لمشروع يثير شغفك أو داع للسفر. قد تكون بحاجة لفترة توقف بسيطة لمعرفة مدى جديتك في الانتقال إلى المسار الجديد وخصوصاً إذا كان يحمل مجازفة كبيرة.

وما أن تقر بحاجتك لفترة التوقف يأتي دور السؤال الثاني، ألا وهو: كيف تأخذ فترة التوقف هذه؟ هناك مفهوم خاطئ شائع يقول إنك تأخذ استراحة كي تتمكن من التفكير بأمر ما ملياً. ولكن في بعض الحالات سيكون من المفيد أثناء فترة التوقف أن تطرح على نفسك أسئلة لم يكن لديك الوقت لطرحها في غمرة مشاغل حياتك وتفكر فيها. ما الذي يمكنك فعله على نحو مختلف؟ كيف يمكنك الانتقال أو التخطيط لجعل وظيفتك الحالية أكثر توافقاً مع الطريقة التي ترغب أن تعمل وتحيا وفقها؟ هل يجب عليك وضع حدود جديدة أو تحمّل مسؤوليات معينة أو تغيير حدودك؟ ويكمن الهدف الحقيقي من هذا كله هو الابتعاد عن نشاطاتك اليومية وعدم التركيز على ما يهيمن على أفكارك، فمن الأفضل أن تعيش اللحظة الراهنة وتدع الإجابات تتدفق إلى ذهنك، لا أن تفكر في أي مشكلة محددة.

يتمثل التخطيط لفترة التوقف بثلاث خطوات. الأولى هي أن تكتب بعض الأفكار السريعة بشأن حالتك، أي ما يحصل وما يسير على نحو خاطئ والتحديات التي تواجهها والخطوات التي يجب عليك اتخاذها.

والخطوة الثانية هي تحديد هدفك. ما الذي تريد تحقيقه من فترة التوقف هذه وكيف تريد أن يكون شعورك عند نهايتها؟ تقول دراسة نشرت في مجلة سايكولوجيكال ساينس (العلوم النفسية) أن إبعاد نفسك عن تحد تواجهه والنظر من وجهة نظر شخص آخر سيمكنك من تعزيز مناقشتك المنطقية ويساعدك في التوصل إلى رؤى وحلول جديدة لم تتوارد لذهنك من قبل.

وأما الخطوة الثالثة فهي التخطيط للوقت الذي ستستغرقه فترة التوقف وما ستفعله أثناءها. وإذا لم تعرف كيف ترغب بقضاء هذا الوقت، لا بأس في تركه ليتكشف لك من تلقاء نفسه. كما تشكل الوقفات اليومية الصغيرة التي تقوم بها عدة مرات أثناء يومك طريقة رائعة للبدء إذا لم يكن ضغط العمل كبيراً، إذ يمكنك النهوض عن مكتبك كل 90 دقيقة أو الخروج لتناول وجبة الغداء أو المشي قليلاً في الخارج أو تحديد مدة معينة لا تتفقد فيها أجهزتك الرقمية. وإن لم يكن لديك متسع من الوقت يمكنك قضاء خمس دقائق في ممارسة تمرين تنفس بسيط، يتمثل بمتابعة أنفاسك وأخذ شهيق وزفير بطيئين 10 مرات.

ويمكن أن تكون فترة التوقف نشاطاً يستمر طوال اليوم، كزيارة أماكن تشعر فيها بالسكينة والمتعة. وحاول الانتباه للألوان والأنسجة واستيعاب كل ما يحيط بك في أي مكان تذهب إليه. وبإمكانك تسجيل ما تمر به في دفتر ملاحظات أو مذكرات مخصص لفترات التوقف هذه.

قد تتضمن فترة التوقف أيضاً القيام بعمل ما خارج مساحة راحتك، كأخذ درس ما أو تدريب فريق ابنك الرياضي أو الذهاب في رحلة مفاجئة مع من تحب ليوم واحد أو خلال عطلة نهاية الأسبوع.

كما يمكنك أخذ إجازة لمدة أسبوع إذا كان لديك وقت أكبر. يعي معظمنا فوائد الإجازة ولكننا لا نأخذ إجازاتنا بسبب الخوف من تراكم العمل أثناء غيابنا. ووفقاً لاستبانة أجرتها مجموعة التوظيف الإبداعي (Creative Staffing Group) عام 2015، فإن 72% من المدراء التنفيذيين لا يأخذون أيام إجازات إضافية حتى وإن كانت لديهم أيام غير محدودة. إلا أن 39% منهم يرون أن النتائج تتحسن فعلياً إذا أخذ الموظفون إجازات أكثر، ففوائد العودة بنشاط بعد فترة الاستراحة جديرة بقضاء بعض الوقت بعيداً وهي غالباً ما تؤدي إلى زيادة الابتكار وتخفيض التوتر. ووفقاً لبحث في علم الأعصاب، يمكن لزيادة التسلية وارتفاع مستوى هرمون الدوبامين المساعدة فعلياً في التوصل إلى رؤى جديدة.

إذا كنت تفكر بترك وظيفتك، أدعوك إلى أخذ فترة توقف أولاً واكتشاف كيف يمكن للأمور أن تسير على نحو مختلف من دون أن تضطر للانتقال من عملك. وإذا كنت تشعر بالإجهاد أو الإنهاك، لديك خيار آخر بأخذ فترة توقف مطولة على مدى عدة أسابيع كي تتمكن من رؤية الأمور من منظور جديد بعيداً عن روتينك اليومي. ولربما تفاجأت بعدها عندما تدرك أن كل ما كنت بحاجته هو القيام بتغيير مدروس من أجل إعادة ترتيب الأمور وتجربتها بصورة مختلفة.

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .

المحتوى محمي