تلجأ الكثير من الشركات والمنظمات غير الربحية إلى الخبراء الخارجيين، لمشاريع معينة أو لفترة مؤقتة، للاستفادة من مهارات فريدة وخبرات ليس باستطاعتها الوصول لها أو تحمل نفقاتها أو إيجادها في السوق بغير هذه الطريقة. في الوقت نفسه، يتجه كثير من الأفراد إلى العمل الحر ليكون بديلاً عن العمل بدوام كامل. فكيف يمكن بناء الثقة بين الموظفين والمستقلين؟
قد يكون لهذا المزيج من الموهبة الداخلية والخارجية فوائده الضخمة للشركات –خفض التكاليف، الوصول لمقدرات جديدة، والسرعة، والمرونة- لكن وجود قوة عاملة مختلطة يخلق أيضاً تحديات من نوع خاص فأغلب العاملين غير مستعدين للتعامل معها. يثير الاستخدام المتزايد للمواهب الخارجية شكوكاً ويولد قلقاً وحتى مقاومة من الموظفين الداخليين الذي يقلقون حول أمور منها:
هل ستكون هذه بداية تخفيض القوى العاملة؟
• هل سيتم استبدالي؟ هل سأستثنى من وظيفة بدوام كامل؟
• لا يعمل الموظفون الخارجيون بنفس أسلوب عملنا ولا نشارك التزامنا تجاه المنظمة. هل سيعيق هذا قدرتنا على تحقيق أهدافنا؟
هل مهارات وآراء خبير خارجي أكثر قيمة مني أو لدى أي موظف دائم من حيث المهارات والآراء؟
• هل سيؤدون كل الأعمال الممتعة الجديدة؟
اقرأ أيضاً: هل أنت جاهز للانتقال إلى العمل الحر؟
عندما يكون هناك مشاكل في التعاون بين أعضاء فريقك، سواء كانوا من داخل الشركة أو من خارجها، فإن أداء الشركة سيعاني. وعندما تتقلص الثقة بين موظفيك والموظفين المستقلين، فمن شبه المؤكد أن شركتك لن تستفيد بالكامل من الخبرة التي جلبتها لمساعدة فريقك الداخلي.
بناء الثقة بين الموظفين والمستقلين
لتجنب هذه المشاكل، يجب على الشركات العمل باستمرار على بناء الثقة بين الموظفين الداخليين والمتعاقدين الذين سيعملون معهم. إليك هنا 5 ممارسات، بناءً على عملنا مع عدد من المنظمات، يمكنها مساعدتك في تعزيز الثقة والترويج للتعاون بين فرقك المختلطة.
أبلغ بوضوح عن رؤية شركتك بخصوص القوة العاملة المختلطة
نحن نعرف أنه في غياب التواصل الواضح بخصوص التغيير، يميل الموظفون للتفكير إلى افتراض الأسوأ. لتجنب سوء الفهم الذي يقوض الثقة، نحن نشجع القادة على توضيح رؤيتهم بعيدة المدى بخصوص القوة العاملة المختلطة. هل سيشكل الموظفون الداخليون عماد القوة العاملة المختلطة في حين يضاف لهم خبراء خارجيون عند الحاجة؟ أم ستقوم الشركة بشكل دوري وهيكلي بالاعتماد على مواهب خارجية لرفع قدرتها على إجراء أعمال مهمة واستراتيجية؟
اقرأ أيضاً: ماذا يفعل المتعاقدون المستقلون للحصول على أجورهم في موعدها؟
يتزايد باستمرار تحول الشركات من المنهج الأول إلى الثاني. ومع قيام المنظمات بهذا التغيير، تبرز أهمية التواصل الجيد مع الموظفين كأمر جوهري. فالرسالة الواضحة تساعد في تحديد كيفية استجابة الموظفين وتجنب سوء الفهم خارج المنظمة وداخلها. لكن المدراء يجب ألا يكتفوا بإرسال الرسائل فقط، بل عليهم التفكير ووضع خطتهم للإبقاء على أهم المواهب الداخلية وجذب المزيد في المستقبل. مثلاً، زادت منذ بضع سنوات شركة "يو بي إس أميركا" (UBS Americas) استخدامها للعاملين المستقلين في مجال تقنية المعلومات ما نتج عنه مستوى مقلقاً من المتاعب إلى أن أدرك قادة تقنية المعلومات المشكلة وبدؤوا يعملون على ردم الفجوة في التواصل.
أشرك الموظفين في تصميم القوة العاملة
من الطرق الممكنة لتعزيز العلاقات الجيدة بين الموظفين والخبراء الخارجيين إشراك مدراء مشاريع خارجيين ومحترفين داخليين يتمتعون بالاحترام في العمل على تشكيل رؤية فريق العمل المختلط وتنفيذها . عندما يشعر الموظفون أن صوتهم مسموع، وأن الرؤية تعكس آراءهم، وعندما يكون لديهم فهم عميق لقيمة هذا النموذج في العمل، سيزداد احتمال دعمهم له.
كذلك يجب إشراك الموظفين، حيث أمكن، في قرارات جلب الخبراء الخارجيين في مرحلة التخطيط ومرحلة اختيار المواهب التي سيضمها الفريق. إنه تدريب مهم في كل مرة يجلب فيها أعضاء جدد إلى الفريق، سواء كانوا موظفين مؤقتين أو جدداً، سيزيد هذا فرص عثورك على مواهب تندمج جيداً في الفريق وتلقى دعماً كبيراً.
انظر لأبعد من الخبرة التقنية
لدى معظم المنظمات مجموعة من الكفاءات السلوكية المحددة التي تقيّم على أساسها الموظفين. نحن نقترح توظيف هذه الكفاءات في إجراءات اختيار ومراقبة وإدارة أداء الموظفين المستقلين. باختيارك متعاقدين لديهم مستويات متنوعة من الخبرة التقنية مع مستويات متساوية من الالتزام السلوكي– مهارات استماع وتواصل جيدة، معاملة الآخرين باحترام، التعاون، أو الدقة والمتابعة- فإنك تسهل كثيراً تأسيس علاقات ترتكز على الثقة بين الموظفين الداخليين والخبراء الخارجيين. ولعل العامل الأكثر أهمية الذي عليك تفحّصه هو ما إذا كان لدى الموظف المستقل سجل جيد من الاندماج الفعال في الفرق وإنجاز العمل جيداً، وتقديم إسهام إيجابي إلى مهارات الموظفين الداخليين الذين يعمل معهم.
احرص على وضع عملية تهيئة فعالة للموظفين المستقلين
يجب أن يحصل جميع الموظفين المستقلين على تهيئة أساسية، سواء كان ذلك في موقع العمل أو عن بعد. بالتأكيد، ستكون التهيئة مختلفة وأقل عمقاً عن تلك التي يحصل عليها الموظفون الدائمون، لكن هذا لا يعني أنها أقل أهمية. نحن ننصح بترك وقت كافٍ لطرح الأسئلة وللنقاش واستخدام النشاطات والمواضيع التالية (نصف يوم كافٍ عادة):
• لمحة عن المنظمة والمشروع وأهميته لمستقبل الشركة.
• ثقافة المنظمة وما يترتب عليها.
• الكفاءات المتوقعة من الموظفين الداخليين والمتوقعة من الخبراء الخارجيين الذين يعملون مع المنظمة على أساس المشروع أو التعاقد.
• كيفية إدارة الأداء، على سبيل المثال، كم مرة ستتم مراجعات الأداء وما العوامل المهمة في تلك المراجعة.
• التوقعات الفريدة من الموظفين المستقلين.
• أمثلة نموذجية عن علاقات داخلية-خارجية بارزة، لماذا ومتى تعكر صفو العلاقة، وماذا بإمكان القادمين من الخارج فعله لتجنب هذه المواقف أو التعامل معها بطريقة مناسبة.
أعطِ المدراء أدوات لبناء الفرق المختلطة
ساعد المدراء ليصبحوا أفضل في تحديد الهوة بين الموظفين الداخليين والمحترفين الخارجيين وردمها. هناك طرق عديدة يمكن للتدريب أن يوفر بها رؤى مثمرة عن كيفية إدارة العلاقات الشخصية وعلاقات الفريق بحيث تشجع على التناغم والعمل الجماعي.
اقرأ أيضاً: هل ستؤدي الجائحة إلى مزيد من التوجّه نحو اقتصاد العمل الحر؟
على سبيل المثال، يمكن لمدير أن يتعلم من خلال التدريب كيف يشرك الموظفين الداخليين بإنتاجية أكثر في إجراء المقابلات واختيار الخبراء الخارجيين. أيضاً، قد يؤدي عقد اجتماع في مرحلة مبكرة إلى إشراك الموظفين الداخليين في توقع المشكلات المحتملة المرتبطة بالفريق المختلط وإجراء عصف ذهني لحلها. يمكن أيضاً تضمين اجتماع المراجعة الأسبوعي للفريق مناقشة دورية للطريقة التي سيجري بها التعاون الداخلي- الخارجي، والمشكلات التي طرأت، وكيفية حلها بفعالية. كما يساعد التدريب المدراء على التفكير بعمق في كيفية استثمار وقت الموظفين المستقلين بطرق تجعل الموظفين الداخليين أفضل عبر جلسات التدريب أو المراقبة أو قيادة نقاشات الفريق للممارسات المبتكرة.
لا شك في أن الموظفين المستقلين مصدر متنامٍ ومهم للخبرة، وأن شكل قوة العمل سيتغير بينما يعمل المهنيون الخارجيون والداخليون سوياً، سواء كانوا يجلسون جنباً إلى جنب أو يتعاونون عبر مئات أو آلاف الأميال. وسواء كان التعامل يجري عن قرب أو بعد، يبقى التعاون أساسياً والثقة أساساً فيه. ليست الاقتراحات الواردة أعلاه شاملة لكل شيء من أجل بناء الثقة بين الموظفين والمستقلين، لكنها بالتأكيد قابلة للتطبيق وسوف تضع منظمتك على المسار الصحيح.
اقرأ أيضاً: الاقتصاد المستقل يجعل السلع أرخص... لماذا إذن لا نشعر بهذا؟