لماذا يجب أن تتطابق ثقافة الشركة مع علامتها التجارية؟

5 دقائق
ثقافة الشركة والعلامة التجاربة

إذا سألنا كيف يمكننا تطوير ثقافة جيدة للشركات، فمعظم الناس سيقترحون على الفور تقديم مزايا سخية للموظفين، كما في شركة ستاربكس، أو ترك الموظفين يلبسون ما يحبون كما في شركة ساوث ويست أيرلاينز. من النادر سماع اقتراح عن تشجيع الموظفين على إبداء آراء مخالفة للإدارة كما في شركة "أمازون"، أو تسريح موظفين ذوي كفاءات ممتازة، كما فعل جاك ويلش في شركة جنرال إلكتريك. فما العلاقة بين ثقافة الشركة والعلامة التجارية؟

الحصول على ثقافة مميزة للشركة

في الحقيقة أريد القول إن الحصول على ثقافة متميزة لشركة ما (وليس تقليد ثقافة شركة أخرى)، هو ما يمكنها من تقديم نتائج استثنائية. كل من هذه الشركات رتّبت ثقافتها وعلامتها التجارية ودمجتهما لخلق محرك قوي من المزايا والنمو التنافسي. لقد فهم مدراء هذه الشركات أن ثقافة الشركة القوية والمعتبرة هي التي تساهم بعلامة تجارية قوية ومتميزة، وأن العلامة التجارية الممتازة يمكنها دعم ثقافة ممتازة ودفعها للأمام. 

لا يهم إن كانت الشركة ودية أو تنافسية، قريبة من  زبائنها أو تحليلية، إذا أتت الثقافة والعلامة التجارية من الغايات والقيم ذاتها، وإذا تم دمجهما معاً بقوة ريادية فريدة، فعندها ستكسب الشركة معارك التنافسية لصالح الزبون والموظف، وتجنب عملها الفشل أو التراجع المستقبلي، وتقدم نفسها كشركة تعمل بصدق وأمانة. 

عندما نفكر ونعمل بطرق فريدة من الداخل، فبإمكاننا تقديم هوية وصورة فريدتين للخارج كما نحب. نحن بحاجة إلى موظفين يتفهمون الأساليب المتميزة لخلق قيمة للزبون ويعتنقون هذه الأساليب والأمور التي تميز العلامة التجارية في المنافسة والشخصيةَ الفريدة التي تميز الشركة عن غيرها. وعلى الموظفين أن يتسلحوا بفهم هذه الأفكار ويدعموها، ويمكن الوصول إلى ذلك باستحضار ثقافة واضحة وقوية ومتميزة تقودها علامة تجارية.

ثقافة الشركة والعلامة التجارية

إذا كانت العلامة التجارية للشركة في واد وثقافة الموظفين في واد آخر، فمن السهل الوصول إلى موظفين سعداء منتجين لكن يقدمون نتائج خاطئة. على سبيل المثال، عملت مرة في سلسلة محال للبقالة، وكان الموظفون منغمسين بثقافة العمل التي تعطي الاعتبار للكفاءة والإنتاجية. عندما أرادت الشركة التحول إلى التركيز على خدمة الزبون والترويج لبضائعها، تخلفت عن هذا التطلع لأن أنظار موظفيها كانت دائماً تركز على كمية المبيعات؛ لقد كان عليها أن تواجه حقيقة ثقافة موظفيها - مع أنها كانت نابضة بالحياة - إلا أنها كانت تؤخرها كثيراً عن خدمة الزبون وتحسين صورة علامتها التجارية. 

يمكن تضييع الكثير من المال عندما لا نستخدم الغاية من العلامة التجارية وقيمها لتوجيه جهود الوصول إلى ثقافة الشركة. قد نفكر باتخاذ إجراءات غير عادية للاحتفاظ بالمواهب التي نحن بحاجة إليها كتقديم وجبات مجانية أو ألعاب للتسلية ومشروبات في الاستراحات، أو عضوية اشتراك مجاني في صالات الألعاب الرياضية. 

وبينما نحاول اتخاذ خطوة متقدمة أخرى في مجال المنافسة للاحتفاظ بالمواهب، قد نقدم للموظفين مجموعة من الامتيازات التي تبدو جيدة لكنها لا تنتج سوى جو عام مسل في العمل، وربما ينتهي بنا الأمر كما حدث لشركة البرامج الناشئة في مجال وسائل التواصل الاجتماعي بافر عندما قدّمت للموظفين أشياء سخية كمكافآت الإجازات والمنح الصحية، الأمر الذي استهلك الميزانية بدل جلب موظفين غيورين على ما تقدمه العلامة التجارية وملتزمين بالنهوض بها، لذلك جاهدت الشركة كثيراً لتحقق أرباحاً. 

مع وجود محرك وحيد ومتكامل وراء ثقافة الشركة وعلامتها التجارية، يمكن جني الأرباح من العمل المركز والمتجانس. وعند ذلك لا توجد حاجة لبذل المزيد من الجهد لمعرفة ما تريد الشركة عمله، وكيف تحقق ما تريد وتعرف الغاية التي أنشئت من أجلها في هذا العالم. لن يكون قسم الموارد البشرية بحاجة للتنبؤ بالمهارات والسلوكيات المطلوبة في المستقبل، أو الحفاظ على منظومات تقييم الأداء غير متوافقة مع مبادئ الشركة. وعندها لن تعمل أقسام البيع والتسويق على غايات متشابكة - أو يعمل كل قسم حسب رؤيته للنجاح - فتتفك الأقسام التنظيمية المنعزلة وتُهمش المبادرات المترهلة لأن كل موظف يركز على أولويات مشتركة بشكل فردي. 

الانفكاك بين الثقافة والعلامة التجارية

كيف يمكننا معرفة أن ثقافة الشركة وعلامتها التجارية مترابطتان وتدعم كل منهما الآخر؟ فإن كان هناك تفاوت بين تجارب الموظفين وتجارب الزبائن فهذه قصة أخرى تستحق المراجعة. وإن كانت الشركة تعامل موظفيها بأسلوب مختلف عما تطلبه منهم عند تعاملهم مع الزبائن، فيمكن القول إنها تعمل وفق مجموعتي قيم مختلفتين. 

لا نتحدث الآن عن مشكلة معروفة وهي إن كان المدراء يعاملون الموظفين بطريقة سلبية، فإني أنصح هنا باستخدام المبادئ ذاتها لتصميم تجارب وإدارتها من أجل الموظفين والزبائن. إذا أردنا تقديم منتجات وتقنيات جديدة بشكل ثابت، فعلينا تجريب فكرة ما في مكان محدد وعلى عدد قليل من الموظفين لتشجيعهم على التجربة مع هذا المنتج الجديد. إذا كانت العلامة التجارية للشركة متميزة بطريقة عرضها للمنتجات والخدمات التي تقدمها، فعلينا إقحام خبرة الموظفين في مجال التصميم والإبداع. فلا يمكن توقع أن يقدّم الموظفون فوائد للزبائن لا يمتلكونها أصلاً ولا يؤمنون بها أيضاً. 

اقرأ أيضاً: أسئلة القراء: ماذا أفعل عندما يندمج الجميع بثقافة الشركة باستثنائي؟

هناك مؤشر آخر على  وهو ضعف الفهم المتفشي بين الموظفين للعلامة التجارية وعدم التجاوب معها. على الموظفين معرفة ما الحقيقة التي تجعل هذه العلامة التجارية متميزة من وجهة نظر الزبون وتصوره. وعلى الشركة أن تعرف أيضاً ما الفئة المستهدفة من الزبائن وماذا يحتاجون. وعلى الموظفين أن يعرفوا هدف العلامة التجارية وقيمها كموجّه في صناعة القرارات، ويعرفوا كيف يساهمون في التجربة الكبيرة للزبون، وإن لم يكن لديهم اتصال مباشر معه. إذا كان الموظفون لا يشعرون أثناء ممارستهم للعمل أن لهم دوراً في ترجمة العلامة التجارية، وأن تصميم العلامة فقط من مسؤولية قسم التسويق، فإن ثقافة الشركة تفتقد إلى التكامل مع هذه العلامة. 

من أجل تحديد هذه الثغرات لمعالجتها، ودمج العلامة التجارية مع ثقافة الشركة، علينا أن نبدأ بتحديد تطلعات العلامة التجارية وتوضيحها بشكل كلي. هل نريد من العلامة التجارية أن تكون معروفة بتقديم أداء عال وباستقلالية؟ أم الغاية هي تحدي الطرق السائدة في فعل الأشياء، ووضع العلامة التجارية في موضع مختلف عن الباقي. أم نريد أن تصنع هذه العلامة تأثيراً إيجابياً في المجال الاجتماعي أو البيئي. 

وبما أننا عرفنا ما نوع العلامة التجارية التي نريد، فبإمكاننا تحديد القيم التي ينبغي أن تتبناها الشركة. وإذا كانت العلامة التجارية للشركة قائمة على الأداء العالي مثلاً، علينا العمل على استحضار ثقافة إنجاز وتميّز واستمرارية داخل الشركة. أما إذا كانت العلامة التجارية قائمة على المسؤولية الاجتماعية أو البيئية، فنحن نحتاج إلى تدعيم إحساس قوي بالغايات والالتزام والقيم المشتركة بين الموظفين. وعندما يكون لدينا وضوح في القيم المطلوبة لدعم نوع العلامة التجارية التي نرغب بها، فعلينا استخدامها وإثارة جهود أخرى مبذولة من أجل ثقافة الشركة، بما في ذلك أقسام التصميم والتطوير الإداري والسياسات والإجراءات وخبرة الموظفين إلخ. 

يجب أن تكون الكيفية التي نعمل بها داخل الشركة متصلة بشكل قوي بما نريد أن نظهر عليه خارجها. وكما أن العلامات التجارية تختلف، لا توجد ثقافة واحدة. حدّد - أيها المدير - العناصر الثقافية البينة التي تمكنك من تحقيق هوية علامة تجارية ترغب بها، ثم وفرها معاً بشكل مدروس. فعندما تتوافق العلامة التجارية وتتكامل مع الثقافة، فإنك تزيد من الكفاءة التشغيلية والدقة والجودة، وبذلك تحسّن من مقدرتك على التنافس على الموظفين الموهوبين وعلى ولاء الزبائن، مع أمور أخرى معنوية لا يمكن تقليدها، وبهذا تدفع الشركة لتقترب من رؤيتها لتحقيق الدمج بين ثقافة الشركة والعلامة التجاربة.

(ملاحظة المؤلف: وضعت تقييم "assessment" يساعدك على تحديد مدى توافق علامتك التجارية وتكاملها مع الثقافة، كما هو عليه الحال اليوم. هذا التقييم مجاني. فقط أرسل عنوان بريدك الإلكتروني، وسنرسل لك النتائج الشخصية).

اقرأ أيضاً: 

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .

المحتوى محمي