كيف تزرع ثقافة الامتنان والتعاطف والشعور بالفخر في فريقك؟

4 دقيقة
الامتنان والتعاطف والفخر
جويل جيرون/ آي إي إم/ غيتي إميدجيز
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

ملخص: يسعى القادة إلى بناء فرق تتميز بالعمل الجاد والمثابرة في مواجهة التحديات، لكن لا يقتصر بناء الفريق الناجح على تعزيز كل من روح العزيمة والمثابرة لدى الموظفين فقط، بل يجب أيضاً تشجيع الأخلاق الحميدة والفضائل التي تميّز الأفراد الذين يرغب الآخرون في التعاون معهم، مثل اللباقة والاحترام والكرم. يمكن للمدراء تعزيز الأخلاق الحميدة والفضائل من خلال تنمية 3 مشاعر محددة: الامتنان والتعاطف والفخر. أظهرت الأبحاث أن الموظفين الذين يشعرون بهذه المشاعر في العمل يظهرون قدراً أكبر من الصبر والمثابرة، بالإضافة إلى تمتعهم بروابط اجتماعية أقوى، لأن هذه المشاعر تزيد من استعدادهم للتعاون مع الآخرين والاستثمار فيهم ودعمهم لتحقيق النجاح، ما يشجع الآخرين على رؤيتهم بنظرة إيجابية.

ما الصفات التي تجب عليك تنميتها في موظفيك من موقعك القيادي؟ هل تمثل العزيمة؛ أي القدرة على المثابرة والثبات في مواجهة التحديات، أحد هذه التحديات؟ بالتأكيد. يُعد الاستعداد لتقديم بعض التضحيات والعمل بجد لتحقيق مستقبل ناجح من الأمور الأساسية التي يجب أن يتمتع بها أعضاء أي فريق. لكن أعتقد أنه يوجد عنصر آخر لا يقل أهمية، وهو الأخلاق الحميدة والفضائل. لا أقصد هنا الرشاقة الجسدية أو المعنى الديني. بل أقصد صفات اللباقة والاحترام والكرم، التي تميز الأفراد الذين يرغب الآخرون في التعاون معهم.

دعونا نستعرض نتائج مشروع “أوكسجين” (Oxygen) الذي أطلقته شركة جوجل، وهو مبادرة بحثية استمرت عدة سنوات وتهدف إلى تحديد صفات المدير التي تعزز نجاح الفريق. أظهرت نتائج البحث أهمية تحفيز الفريق لتحقيق الإنتاجية والتركيز على النتائج، بالإضافة إلى أهمية تحقيق التوازن وتخصيص أوقات للاجتماعات الفردية والمشاركة مع الفريق لحل المشكلات والاهتمام بالحياة الاجتماعية للموظفين. في الحقيقة، أثبتت صفات الشخصية هذه تفوقها على الحماس والخبرة الفنية في التنبؤ بالنجاح.

يبدو ذلك منطقياً؛ إذ يتطلب الابتكار عادةً جهداً جماعياً، كما أن حل المشكلات يستدعي تضافر الخبرات، ما يستلزم التعاون الفعال. يتطلب التعاون الاستعداد لتقاسم الإنجازات والإشادة ومساندة الزملاء بدلاً من السعي الدائم للحصول على التقدير الفردي.

ما أفضل الأساليب التي يمكن أن يتبناها المدير لغرس العزيمة والفضائل في فريقه؟ يُظهر البحث الذي أجريته أن السر يكمن في تنمية 3 مشاعر محددة: الامتنان والتعاطف والفخر.

تسهم هذه المشاعر في زيادة مستوى الصبر والمثابرة لدى الأفراد، بالإضافة إلى بناء الروابط الاجتماعية. خلال معظم تاريخ التطور البشري، كانت القدرة على النجاح تعتمد تماماً على القدرة على تكوين العلاقات؛ إذ كان يجب على الناس التحلي بالصدق والإنصاف والاجتهاد، وهي صفات تتطلب استعداداً لكبح الرغبات الأنانية والتوقف عن السعي لتحقيق المكاسب على حساب الآخرين، كما أدت المشاعر الأخلاقية مثل الامتنان والتعاطف والفخر الحقيقي والصادق دوراً حاسماً في تحفيز الأفراد لتنفيذ هذه السلوكيات. على سبيل المثال، تُظهر الدراسات أن الشعور بالامتنان يدفع الناس لبذل مزيد من الجهد لمساعدة الآخرين، وإظهار الإخلاص حتى على حساب أنفسهم، وتقسيم المكاسب بالتساوي مع الشركاء بدلاً من السعي لزيادة المكاسب الشخصية. عندما يشعر الناس بالتعاطف، فإنهم يصبحون على استعداد لتخصيص الوقت والجهد والمال لمساعدة الآخرين، وعندما يشعرون بالفخر الحقيقي الذي يستند إلى قدراتهم وليس غرورهم، فإنهم سيبذلون جهوداً أكبر لمساعدة زملائهم على حل المشكلات، وبالتالي، فإن هذه السلوكيات جميعها تجذب الآخرين إلينا. يترك الموظفون الذين يظهرون الامتنان والتعاطف والفخر انطباعاً إيجابياً لدى الأفراد الآخرين.

تسهم هذه المشاعر أيضاً في بناء العزيمة والمثابرة، كما تزيد قيمة الأهداف المستقبلية للفرد مقارنة بالأهداف الحالية، وبالتالي، تسهم في تعزيز المثابرة. على سبيل المثال، تشير أبحاثي إلى أن الشعور بالامتنان يضاعف قدرة الناس على التحلي بالصبر عندما يتعلق الأمر بالحصول على المكافآت المالية. يزداد استعداد هؤلاء الأشخاص أيضاً للتخلي عن مكاسب فورية صغيرة من أجل استثمارها لتحقيق مكاسب أكبر على المدى الطويل. في سياق مشابه، فإن الأشخاص الذين يشعرون بالفخر أو التعاطف يكونون على استعداد للمثابرة في المهام الصعبة لفترة أطول بنسبة 30% مقارنة بأولئك الذين يشعرون بمشاعر إيجابية أخرى، مثل السعادة، لأن الفخر والتعاطف يدفعانهم لإعطاء قيمة أكبر للمكافآت المستقبلية.

يسهم استخدام هذه المشاعر في حل مشكلة الشعور بالوحدة، التي تزداد انتشاراً في الحياة المهنية، على عكس استخدام قوة الإرادة للمثابرة ومواصلة العمل. اليوم، أصبحت الوحدة وباءً حقيقياً في الولايات المتحدة؛ إذ يعاني 53% من الموظفين الأميركيين الشعور بالعزلة في حياتهم العامة، ويمثل هذا تحدياً كبيراً نظراً للتأثير السلبي الذي تلحقه الوحدة بالصحتين الجسدية والعقلية. إن الشعور المستمر بالامتنان والتعاطف والفخر يساعد على بناء الروابط الاجتماعية، لأن هذه المشاعر تدفع الناس تلقائياً إلى التصرف بطرق جماعية وتعاونية وداعمة. على سبيل المثال، يشير الأشخاص المكلفون بالمشاركة في أنشطة بسيطة لتعزيز الشعور بالامتنان والتعبير عنه إلى تحسّن شعورهم بالارتباط الاجتماعي والرضا عن علاقاتهم مع مرور الوقت.

نظراً للعلاقة الوثيقة بين هذه المشاعر وبين العزيمة والارتباط الاجتماعي، فإن المدراء الذين يغرسون الامتنان والتعاطف والفخر في فريقهم سيلاحظون تحسناً في رفاهة موظفيهم وإنتاجيتهم. على سبيل المثال، درس الكاتب آدم غرانت وخبيرة السلوك فرانشيسكا جينو المثابرة في بيئة العمل التي تواجه الرفض بصورة أكبر من أي بيئة عمل أخرى تقريباً، وهي مجال جمع التبرعات. على مدار أسبوعين، سجّل الباحثان عدد المكالمات الهاتفية التي أجراها جامعو التبرعات من أجل الحصول على تبرعات لإحدى الجامعات، لكن بين الأسبوعين الأول والثاني، زارت مديرة التبرعات السنوية في الجامعة نصف جامعي التبرعات وأعربت عن تقديرها لعملهم. لمعرفة تأثير التعبير عن الامتنان على جامعي التبرعات، طلب كل من غرانت وجينو تحديد مدى شعور هؤلاء بالتقدير والاحترام اللذين تلقوهما من رؤسائهم.

على الرغم من تساوي متوسط أداء المجموعتين تقريباً في الأسبوع الأول من الدراسة، فإن المجموعة التي تلقت رسالة الامتنان زادت جهودها في جمع التبرعات بنسبة 50% خلال الأسبوع الثاني. ما يثير الاهتمام هو طريقة ارتباط مزايا الامتنان والفخر وتأثيرها المتبادل. أظهرت دراسة أخرى أجراها غرانت وعالمة النفس إيمي ريزنيسكي عن جامعي التبرعات، أن الامتنان الذي يعبّر عنه المدراء تجاه موظفيهم يثير مشاعر الفخر لديهم، ما يؤدي بدوره إلى تعزيز جهودهم.

يؤدي التعاطف أيضاً دوراً مهماً في بناء الالتزام والتفاني. أجرت الباحثتان سيغال بارسيد وماندي أونيل دراسة استقصائية شملت أكثر من 200 موظف في أقسام مختلفة داخل مؤسسة كبيرة للرعاية الطويلة الأجل، ووجدتا أن الموظفين الذين عملوا في أقسام تتميز بمشاعر أعلى من الارتباط الاجتماعي والثقة والقبول والدعم، وهي المكونات التي تُشكل جوهر التعاطف والمشاركة الوجدانية، حققوا مقداراً أفضل في الأداء والمشاركة، كما لاحظتا زيادة في رضاهم عن العمل وانخفاض الإرهاق ونسبة التغيب عن العمل.

تسهم مشاعر الامتنان والتعاطف والفخر في زيادة استعدادنا للتعاون مع الآخرين والاستثمار فيهم ودعمهم لتحقيق النجاح. لكن بما أن هذه المشاعر تحقق ذلك من خلال زيادة قيمة المكاسب المستقبلية في نظرنا، فإنها تحفزنا أيضاً على الاستثمار في مستقبلنا الشخصي، وبهذه الطريقة، تسهم هذه المشاعر في نجاح الفِرق والأفراد الذين ينتمون إليها ومرونتهم.

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .