سؤال من قارئ: لقد كنت مساهماً فردياً ناجحاً في المجال التقني طوال مسيرتي المهنية. وعملت على مدار السنوات العشر الماضية في وكالة حكومية في إحدى الولايات. لكنني شعرت بالممل لأنني توليت مهاماً لا أرغب فيها أبداً، ووجدت مساراً وظيفياً جديداً محط اهتمامي إلى درجة أني عدت إلى مقاعد الدراسة بهدف اكتساب المزيد من المهارات. وهنا تكمن المشكلة. تلقيت رسالة بريد إلكتروني في وقت سابق من هذا العام تدور حول اختياري لحضور برنامج تطوير القيادة. وعلمت أن الحضور كان إلزامياً. لم أشعر بالراحة في إخبار مديري بعدم رغبتي في الحضور لأنني أقوم بالاستعداد لخوض غمار مهنة جديدة خارج الوكالة. وباختصار، لزمت الصمت وحضرت جميع الجلسات. كنت أخشى أن يشك مديري في التزامي إذا طلبت منه إذناً بعدم الحضور. انتهت الآن فصول البرنامج، لكنني اكتشفت مؤخراً أنه يجب علينا العمل على مشروع التخرج على مدى الأشهر القليلة القادمة. لم أكن متحمساً تماماً عندما تم اختياري للانضمام إلى البرنامج، لكنني أشعر بالسخط الآن. إذ تعيقني هذه الالتزامات عن السير في الاتجاه الذي أحب. السبب الأول هو أن هذه الجلسات كانت تسبب الكثير من التضارب في المواعيد، وهو ما اضطرني إلى ترك الكلية. والأمر الآخر هو أنني يجب أن أعمل على المشروع بعد ساعات العمل لأننا لم تحصل على أي وقت إضافي لإنجازه. ولا يبدو أن بإمكاني إعادة الالتحاق في الكلية مرة أخرى إلى حين الانتهاء من المشروع، ولهذا فسؤالي هو:
ماذا يجب أن أفعل؟ ليس لدي أي طموحات في أن أحصل على منصب قيادي في وكالتي. هل يجب أن أطلب من المدير الانسحاب من البرنامج؟ هل يستحق الأمر حتى عناء شرح خطط مساري المهني المستقبلي؟
يجيب عن هذه الأسئلة:
دان ماغين: مقدم برنامج "ديير آتش بي آر" من هارفارد بزنس ريفيو.
أليسون بيرد: مقدمة برنامج "ديير آتش بي آر" من هارفارد بزنس ريفيو.
فرانشيسكا جينو: أستاذة في كلية هارفارد للأعمال.
فرانشيسكا جينو: أريد أن أحيي هذا الشخص الذي وجد نفسه في منصب يشعره بالملل وبدأ يبحث عن خيارات أخرى. إذا اطلعنا على بيانات الرضا الوظيفي أو مستوى الانخراط في جميع أنحاء العالم سنجد أنها صادمة في الواقع، إذ يعتبر ثلثي الأشخاص في جميع أنواع أماكن العمل أن ظروف العمل مزرية. ولا توجد طريقة أفضل لوصف نتيجة هذه البيانات في الواقع. وبالتالي، يشعر العديد من الأفراد بالملل لكنهم لا يفعلون أي شيء حيال ذلك. والشيء الوحيد الذي يفعلونه غالباً هو الشعور بالسخط وجعل العمل أسوأ بالنسبة إلى زملائهم. وبالتالي، شعرت بالسعادة من اتخاذه قراراً بفعل شيء حيال الأمر.
فرانشيسكا جينو: لقد اتخذ قراراً جيداً في بادئ الأمر بأن تخلى عن الوظيفة التي تشعره بالملل، لكن أعتقد أن عدم إخبار مديره بخططه ليس حلاً جيداً. إذ يبدو أنه الآن في وضع يحتم عليه اتخاذ قرار ما، وأنه يخلق المزيد من المشاكل أكثر مما كان ينبغي. أنا أتساءل عما إذا كان هذا هو الوقت المناسب لإجراء محادثة مع شخص يمكن أن يساعده في ترك التزاماته في العمل وإيجاد مسار مهني أكثر تحقيقاً للذات.
دان ماغين: كان من المفترض أن يكون صريحاً حيال وضعه.
فرانشيسكا جينو: الأمر المثير للاهتمام هو أننا غالباً ما ننثني عن اتخاذ أي إجراء حيال ذلك.
دان ماغين: أعتقد أن السبب حيال عدم اتخاذنا أي إجراء هو كون المسألة محفوفة بالمخاطر.
فرانشيسكا جينو: لماذا اعتبرت أنها محفوفة بالمخاطر؟
دان ماغين: الأمر أشبه بأن نقول للمدير: أنا لا أحب عملي، وأخطط للبحث عن فرص عمل جديدة، وذلك قبل حصولنا على العرض وقبل استعدادنا لتقديم استقالتنا. أعتقد أن الأمر أشبه بوضع أنفسنا في خطر.
فرانشيسكا جينو: لكن يمكنك إضافة التالي إلى ما قد قلته للتو: لكنني أقدر الوقت الذي أقضيه هنا وأريد أن أتأكد من ألا أشعر بالزعزعة أثناء الانتقال إلى الفصل التالي من حياتي المهنية. كيف يمكنني أن أضمن الانتقال إلى هذه المرحلة التالية على نحو جيد؟
أليسون بيرد: أريد أن أضيف بعض النقاط: النقطة الأولى هي أن يكون على استعداد إلى أن يُطرد على الفور. لأن انسحابه من البرنامج يعني أنه فوت فرصة انضمام شخص آخر إليه بسبب اعتقاده أنه كان مضيعة للوقت لأنه لا ينوي البقاء في هذه الشركة. لذلك،يجب الاهتمام بأسلوب خوض تلك المحادثة إذا كان قد حصل بالفعل على وظيفة أخرى. ولكن من الصعب حقاً خوض هذه المحادثة إذا لم يحصل على فرصة عمل جديدة بعد.
فرانشيسكا جينو: أتساءل ما إذا كان بإمكانه اتخاذ قرار سريع حول خطوته التالية حتى يتمكن من إجراء هذه المحادثة بسهولة تامة.
أليسون بيرد: كنت أفكر أيضاً في خيار التحدث مع مديره حول حقيقة أنه يشعر بالملل، بدلاً من رغبته في ترك العمل، وأنه بحاجة إلى العمل في منصب يمنحه تحديات جديدة! أو أن يقول: أنا لست متأكداً من أن الدور الذي أقوم به حالياً أو حتى برنامج القيادة هذا مناسب لي. هل يمكننا التحدث عن المهمات الأخرى التي يمكنني تأديتها؟
دان ماغين: أعتقد أن هذا الحل هو أسوأ حتى.
أليسون بيرد: هل تعتقد أن هذا تصرف مخادع؟
دان ماغين: إنه يعلم أنه لا يريد البقاء في الشركة لفترة طويلة، لذلك لا يمكنه أن يطلب من المدير تأدية مهمات تخلق بعض التحديات الجديدة. أعني أن وقته محسوب هنا. أعتقد أن الأمر الوحيد الذي يجب عليه ذكره هو شعوره بالملل ليس إلا. الأمر أشبه بأن تطلب من المدير منحك بعض التحديات الجديدة مع علمك أنك ستترك العمل في غضون أشهر قليلة. وأعتقد أن هذا يبدو أسوأ حتى.
أليسون بيرد: ماذا لو أحب هذه التحديات الجديدة بالفعل؟
دان ماغين: من الممكن ذلك.
دان ماغين: هذا السؤال جعلتني أشعر بالغضب الشديد. لقد طُلب من هذا الشخص تخصيص بضع ساعات خارج ساعات العمل للمشاركة في برنامج تنمية المهارات القيادية الإلزامي، فضلاً عن أنه غير مهتم بحضور هذا البرنامج ولن يحصل على أي أجر لقاء حضوره. أعتقد أن هذا غير قانوني أليس كذلك؟ ألا يعتبر تجاوز ساعات العمل أمراً غير قانوني؟
أليسون بيرد: أعتقد أن كاتب السؤال قد ارتكب خطأ بعدم سعيه للحصول على المزيد من المعلومات حول ماهية البرنامج وسبب إلزامهم بتقديم مشروع تخرج بشكل مفاجئ. لماذا لم يكن يعلم أنه لن يكون قادراً على حضور الجلسات؟ أتمنى لو أنه أدرك ذلك حينها، وأنا متأكدة من أنه يشعر بالندم الآن أيضاً.
فرانشيسكا جينو: تخيلي وجود بابين، وأحد هذين البابين هو أن تواصلي السير على طريق لا تحبين السير فيه. وقد تشعرين بالظلم بسبب تراكم المهمات التي لا ترغبين في تأديتها مقابل، إجراء هذه المحادثة قبل ستة أشهر. لكن لم يفت الأوان بعد، يمكنه إجراء هذه المحادثة الآن. ويمكنه أن يبدأ مع اعتذار أو شرح موقفه وسبب اعتقاده أن هذا الوضع غير عادل من وجهة نظره.
أليسون بيرد: أعتقد أن الوضع غير عادل ويؤثر على أداءه لعمله أيضاً.
دان ماغين: ألا يمكنه استكمال هذا المشروع النهائي دون بذل أي جهد؟ إنه لا يقوم بإعداد مشروع للنجاح في صف دراسي. ولا يقوم بإعداده للتخرج من كلية ما. وليس حتى مشروعاً يؤديه في مكان عمله. إنه مجرد مشروع بسيط لهذه الدورة التدريبية في مكان عمله. ألا يمكنه تأدية أدنى قدر ممكن من العمل وجعل بقية أعضاء الفريق الآخرين يتحملون مسؤولية تنفيذ المشروع؟
فرانشيسكا جينو: لقد قادتني فكرتك إلى التفكير في خيار محتمل آخر ألا وهو مواصلة العمل في هذا المشروع، ولكن التحدث مع أعضاء الفريق الذي يعمل معه.
دان ماغين: إذا اعتبرنا أن إخبار مديره برغبته في ترك العمل في غضون أسبوعين بمثابة مخاطرة، يمكنه حينئذ التحدث مع أعضاء فريقه وإشعارهم باحتمال تركه العمل قبل تنفيذ هذا المشروع بالكامل من أجل التخطيط لكيفية تنفيذ هذا المشروع ولكيلا يؤثر ذلك سلباً على النتيجة النهائية للمشروع. يمكنه الاتفاق معهم على أداء مهمات قليلة وأن يكون صريحاً معهم. أعتقد أن هذا الحل ينطوي على درجة أقل من المخاطرة.
فرانشيسكا جينو: وسيكون هذا الحل ملائماً أكثر لهذا الفريق المسكين الذي قد يجد نفسه في وضع صعب مع شخص لا يرغب في العمل على المشروع وإنما يساهم فيه بشكل بسيط فقط.
أليسون بيرد: أظن أنه من الأفضل إجراء المحادثة مع مديره إلى جانب إخبار فريقه، لأنه من غير الملائم أن يعرف الموظفون في الوكالة رغبته في ترك العمل دون علم مديره.
دان ماغين: ولكن يجب أن يكون حذراً وحكيماً حول هذا الموضوع. لنفترض أنه أخبر مديره وأجابه المدير بدوره: لماذا لم تخبرني بهذا من قبل؟ ما الذي ينبغي عليه أن يجيبه حينئذ؟
فرانشيسكا جينو: سأختار أن أكون صادقة لو كنت في مكانه، ولكن دون التطرق إلى المزيد من التفاصيل، وإنما سأقوم بالرد على سؤال المدير بسؤال آخر حول ما يود معرفته بالضبط. هل يشعر بالغضب بسبب حقيقة معرفته ذلك في وقت متأخر، أو أن هناك شيئاً أكثر عمقاً من حيث المخاوف التي تكمن وراء هذا السؤال؟
دان ماغين: علام قد تنطوي هذه المخاوف؟
فرانشيسكا جينو: قد يتساءل المدير حول ما إذا كان يعمل مع شخص لم يشاركه مشكلاته لفترة طويلة. وبالتالي، يمكنه أن يقول بعد معرفة مصدر قلق المدير: لم يكن هذا القرار نتيجة أي شيء قمت به من قبل، لكنني أشعر بالتعارض هنا. أنا أحترم قيادتك ولم أكن أنوي إخفاء هذا الموضوع عنك. وبالتالي، أنت تمنح المدير الفرصة لفهم خططك ونواياك.
أليسون بيرد: من أجل أن يتخلص من مشكلة: توليت مهاماً لا أرغب فيها أبداً، نعتقد بداية أنه كان يجب عليه التحدث إلى مديره منذ البداية ورفض عرض برنامج التنمية القيادية. لكن لم يفت الأوان بعد. نعتقد أن بإمكانه إجراء محادثة صادقة مع مدير حول حقيقة أنه لا يشعر بالاندماج. ويمكنه أن يطلب منه منحه تحديات جديدة في وكالته الحالية، أو أن يشرح موقفه ببساطة وأنه يقوم باستكشاف المسارات الوظيفية الأخرى. قد ينطوي هذا الحل على مخاطر ولكن يعتقد اثنان منا على الأقل أنه الحل الصحيح الذي ينبغي اتباعه. وثمة خيار آخر ينطوي على المشاركة في هذا المشروع، ولكن بالحد الأدنى من الجهد، مع توضيح السبب لزملائه. أو ربما يمكنه فقط محاولة إعادة صياغة هذه الفرصة لنفسه، بمعنى أن هدفه من المشاركة في هذا البرامج هو التعلم وتعزيز مهاراته القيادية التي من المحتمل أن تنفعه في أي مهنة في المستقبل.
اقرأ أيضاً: