توقف عن جعل يومك يمضي من دون وعي

3 دقائق

كم مرة نظرت فيها إلى الساعة مذهولاً لأن نصف اليوم انقضى ولم تنجز شيئاً مع أنك تسعى طوال الصباح؟ هناك أسباب قوية تجعل من الصعب علينا الحفاظ على تركيزنا لفترات طويلة، ولحسن الحظ هناك دراسات توضح ما يُمكننا فعله لمعالجة هذه المشكلة.

من التقنيات الأكثر فعالية للحفاظ على التركيز حاضراً في المهمة التي بين يديك، هي ربط كل عمل تفعله بغاية. ربما هذا أمر متعب ويستهلك الكثير من الجهد، إلا أن تأدية المهام من دون وعي، مثل تصفح رسائل البريد الإلكتروني أو إجراء الاجتماعات مثل الروبوت، ينتهي بنا بعمل لا فعالية فيه ولا تفاعل، ويمكن أن يؤدي إلى تدهور صحتنا. ويعود علينا الإحساس بوجود الغاية بفوائد مؤكدة على قدراتنا الإنتاجية وسلامة صحتنا حتى عندما نؤدي أقل المهام شأناً. في دراسة أُجريت على 106 من العاملين الذكور في شركة يابانية كبيرة متخصصة في مجال تقنية المعلومات، ظهرت علاقة تبادلية بين الشعور بوجود غاية أسمى ووجود رابط مع زملاء العمل من جهة، وبين حدوث التهابات أقل ومقاومة أعلى للفيروسات في أجساد العاملين من جهة أخرى. كما أظهر البحث أيضاً وجود رابط بين الإحساس بالهدف في حياتنا الشخصية وبين منافع متعددة منها انخفاض ضغط الدم وانخفاض خطر الإصابة بالسكتة الدماغية ومرض الزهايمر والعمر الأطول.

فعندما يكون واضحاً ما علينا فعله في كل لحظة، ونمتلك الإدراك لحجم عملنا، يزداد شعورنا بالهدف وينخفض توترنا. ولتحقيق ذلك، نحن بحاجة إلى أن نتعقب باستمرار أين نضع اهتمامنا. إذ يعرف هذا التعقب باسم "إدراك الإدراك"، وهي ممارسة تسمح لنا بالوصول إلى الشعور بالغاية أو الهدف في مهام تبدو لنا غير مهمة. كما لو كان تشغيلاً لمدير مشاريع في داخلنا.

لكن فعل هذه الممارسة ليس بالأمر السهل، لأن أذهاننا تتشتت بسهولة عن المهمة أو المحادثة أو التحدي الذي يواجهنا، لا سيما عندما تكون المهمة مزعجة لنا، ومع ذلك يمكننا بالتدريب تحسين قدراتنا. أما بالنسبة لأولئك الذين لديهم أصلاً عادة التأمل، فيسمح لهم تعقب الانتباه أخذ ما يمارسونه في التأمل وتطبيقه على أبسط المهام.

والغاية هنا، توضيح الهدف في كل لحظة وفي كل مهمة، أو على الأقل في أكبر قدر من المهام حتى لا نُحمّل أنفسنا ما لا طاقة لها به. وإليك كيفية فعل ذلك:

ركّز على الهدف

تتمثل الخطوة الأولى في فهم مدى ارتباط عملك اليومي بكل من أهدافك الشخصية وأهداف الشركة، حيث سيكون هذا النوع من الشعور موجوداً لديك مسبقاً، ولعلك تحدثت عنه إلى مديرك. لكن لا مشكلة إذا لم يكن لديك، لم يفت الأوان بعد.

لنبدأ بالأهداف الشخصية. ماذا تحب؟ وما الذي تجيد فعله؟ وبالطبع، ما الذي وُظّفت لفعله؟ كن واضحاً حول سبب وجودك في هذه الوظيفة، وشكل مسارك المهني فيها، والكيفية التي يُمكنك من خلالها استخدام مواهبك لدعم تطلعاتك الوظيفية. ويمكنك أيضاً استخدام مبادئ صياغة الوظيفة للقيام بذلك.

أما بالنسبة لأهداف الشركة. ما موقع أهدافك من الأهداف العامة للشركة؟ يُمكنك تقييم ذلك بالتحدث إلى نفسك بوضوح عن مدى مساهمة وظيفتك في المنتج النهائي. على سبيل المثال، ربما لا تكون مسؤولاً عن تحقيق النتيجة النهائية للشركة، لكن يُمكنك وضع قائمة بالوسائل التي تُؤثر بها قراراتك اليومية ومساهماتك على ربحية الشركة. وسيعود عليك هذا الرابط الملموس بفائدة من ناحيتي التوضيح والتمكين.

وحالما تنتهي من ذلك، تحدّث مع مديرك لمناقشة الروابط التي أجريتها، واحصل على رأيه. يمكن أن يكون له نظرة ثاقبة حول نقاط قوتك ودورك وأهداف الشركة التي تعزز هذه الروابط.

ضع خطتك

ربما لديك العشرات من المهام التي يُمكنك القيام بها، لهذا أنت بحاجة إلى معرفة الأعمال التي ستقدّم أعلى النتائج. إذ يتوجب عليك إنشاء خريطة طريق وتحديد المهام الضرورية والمهام الأقل إلحاحاً، ثم قدّر كم سيستغرقه إنجاز كل مهمة. واستخدم هذه المعلومات للتخطيط لعملك بحيث تتمكن من معرفة ما عليك التركيز عليه ومتى.

أيضاً، يمكن اعتبار يوم الخميس وقتاً مناسباً للتحدث مع مديرك الداخلي للمشاريع. لمعرفة كم كنت جيداً في استحضار التركيز على كل مهمة؟ وهل نفّذت الخطة التي وضعتها لهذا الأسبوع؟

لكن تذكّر أن خطتك يجب أن تكون مرنة وقابلة للتغيير. وفي الواقع، ينبغي أن يمنحك شحذ انتباهك وتنظيمه الثقة للتخلي عن الخطة أو الرفض أو التفويض إن لزم الأمر، بحيث يكون باستطاعتك تركيز وقتك دوماً على ما يخدم أهدافك النهائية بأفضل ما يكن.

استأصل ما يصرف انتباهك

عندما تكون غير متأكد تماماً من النواحي التي يجب تركيز انتباهك عليها، ربما يدفعك ذلك إلى الاستسهال في الانجرار وراء مهام تمنحك شعوراً فورياً بالإنجاز، ولو كانت لا تُحرز لك تقدماً فعلياً في أهدافك. على سبيل المثال، ربما من عاداتك تصفح رسائل البريد الإلكتروني والرد عليها قبل البدء بالمشاريع الأخرى، أو التركيز على صندوق بريدك الوارد لأنك لا تعرف أي مهمة عليك الانتقال إليها تالياً، أو تسمح لنفسك بالتدخل في مشاريع واجتماعات أشخاص آخرين لوقوعك فريسة لما يسميه ديفيد جرادي، المحاضر في مؤتمر "تيد" (TED) وصاحب مقطع الفيديو الشهير عن اجتماعات المؤتمرات غير الفعالة، "متلازمة القبول من دون وعي". ولا شك أن تكون كريماً ومتعاوناً مع زملائك في العمل أمر جيد، لكنه لا يجب أن يكون على حساب مهامك الفعلية.

وعليه، نستنتج أنه بتحديد ما يصرف انتباهك ومعرفة السبب الجذري وراء ذلك، يُمكنك التحكم في نفسك وتوجيه انتباهك إلى المهام الموجودة في قائمة أولوياتك، ما يضفي بدوره إحساساً كبيراً من الرضا على ما تفعله.

من السهل جداً أن تمر أيام كاملة هباء وفي لمح البصر دون معرفة ما الذي حققته فعلاً. وحتى لا يحدث ذلك، عليك إدراك أن الأيام ليست سوى آلاف اللحظات المنفصلة التي تمر أمامك، ويُمكن بوعيك تحقيق أقصى استفادة منها. إن معرفة ما تفعله ولماذا تفعله لا يمنحك فقط شعوراً بالإنجاز في تأدية عملك، بل يمنحك أيضاً مزيداً من الشعور بالرضا بأن أيامك ذات قيمة حقيقية.

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .

المحتوى محمي