أسئلة القراء: هل أنتقل إلى منصب أعلى في مؤسسة أصغر لأجل توفير وقت التنقل؟

5 دقائق
توفير وقت التنقل
shutterstock.com/Who is Danny

سؤال من قارئة: أعمل في منصب نائبة مدير وكالة حكومية محلية، وأنا سعيدة للغاية في هذا العمل ولكني أحتاج إلى توفير وقت التنقل، فالمؤسسة التي أعمل فيها تقدمية وتحصل على تمويل جيد، ومديري داعم جداً وزملائي وموظفيّ رائعون، أواجه تحديات جديدة في عملي على الدوام وأتمتع بدرجة كبيرة من المرونة والاستقلالية. لكني أعاني من رحلة طويلة جداً للتنقل بين المنزل والعمل في السيارة، فأنا أستمع في أثنائها إلى برنامجي المدونتين الصوتيتين "ديير آتش بي آر" و"آتش بي آر آيديا كاست" وبرامج أخرى غيرهما، وأتمنى لو أني لا أضطر لقطع هذه الرحلة الطويلة. أتيح شاغر في منصب مدير في وكالة أصغر بالقرب من مكان سكني، هذا الدور راتبه أفضل وهو يتيح فرصاً مهمة لكن عدد موظفي الوكالة وميزانيتها أقلّ منهما في الوكالة التي أعمل لديها حالياً. تغريني فكرة عدم الاضطرار لقيادة السيارة لمسافات طويلة إلى العمل، أو حتى إمكانية الذهاب إلى العمل بواسطة الدراجة الهوائية، فأنا أم لطفلة صغيرة وأود كثيراً أن أتمكن من قضاء مزيد من الوقت معها ومع زوجي وأن أتمكن من الاهتمام بنفسي قليلاً. ولو كان هذا المنصب متاحاً في مكان أبعد ما كنت سأهتم به كثيراً، فأنا لدي طموحات كبيرة ولا أريد التراجع.

سؤالي هو:

هل سأتمكن من إحراز تقدم مهني في العمل مديرةً لوكالة صغيرة، أم أنه من الأفضل الاستمرار في دور نائبة مدير الوكالة الكبيرة مع معاناتي من رحلة التنقل بين المنزل والعمل؟

يجيب عن هذا السؤال كل من:

دان ماغّين: مقدم برنامج "ديير آتش بي آر" من "هارفارد بزنس ريفيو".

أليسون بيرد: مقدمة برنامج "ديير آتش بي آر" من "هارفارد بزنس ريفيو".

آشلي ويلانز: أستاذة في كلية "هارفارد للأعمال"، ومؤلفة الكتاب الجديد "الوقت الذكي: كيف تسترد وقتك وتعيش حياة أكثر سعادة؟" (Time Smart: How to Reclaim Your Time and Live a Happier Life).

آشلي ويلانز: يبدو لي الجواب واضحاً جداً. فأنا أدرس المقايضات بين المال والوقت، وأفكر كثيراً في حماية الوقت خاصة إذا لن تنال لقباً أعلى أو راتباً أفضل في عملها الحالي، لذا أرى أنه يجدر بها التخلي عن رحلة التنقل بين المنزل والعمل.

دان ماغّين: تقول في سؤالها إن اللقب والراتب سيكونان أفضل في الوظيفة الأخرى.

آشلي ويلانز: أجل، الجواب واضح جداً، يجب عليها بكل تأكيد القبول بالوظيفة الأقرب من منزلها. رأيت كثيراً من الحالات في حياتي الشخصية وجميع أبحاثي التي أجريتها تقول إن التخلي عن وقت التنقل بين المنزل والعمل والانتقال إلى عمل جديد في مكان أقرب من المنزل هو أمر جيد ويساعد الموظف على استعادة مزيد من وقته الضائع كل يوم. فالرحلة التي تستغرق 75 دقيقة بين المنزل والعمل ذهاباً ومثلها إياباً على مدى 5 أعوام تعادل خسارة 110 أيام من حياتك لا يمكن استردادها. هذا ليس أمراً ثانوياً خاصة وأن الوظيفة الأخرى ستمنحها لقباً أعلى وراتباً أفضل، حتى وإن كانت الموارد المتاحة لإنجاز العمل قليلة نوعاً ما، تبدو لي هذه فرصة رائعة لصاحبة السؤال. أعتقد أنه يصعب علينا دائماً المفاضلة بين الوقت والمال بسبب الشعور بالذنب، فكأني أسمع صاحبة السؤال تقول: "لا أريد أن يعتبر الآخرون أني تراجعت، أنا قلقة من اتخاذ هذا القرار، ليس من باب الأنانية، وإنما أخاف ألا يكون القرار المناسب. ربما يجب عليّ التضحية بكل هذا الوقت في رحلة التنقل بين المنزل والعمل على أمل أن تتاح لي فرصة للحصول على منصب أفضل في المؤسسة الحالية". هذا التفكير هو أحد المزالق التي تدفعنا للمبالغة في بذل وقتنا أو المبالغة في الالتزام بالعمل بدلاً من السعي إلى الحصول على مزيد من الوقت للاستراحة والاستمتاع الآن، ونفعل ذلك على أمل أن نخصص وقتاً لأنفسنا مستقبلاً بعد أن نرسّخ أنفسنا في العمل، لكن ذلك لن يحصل. يجدر بصاحبة السؤال التركيز على وقت العائلة والالتزام بقضاء الوقت مع طفلتها أو في الأعمال التطوعية والمشاركة الاجتماعية بدلاً من قضائه في رحلة التنقل بين المنزل والعمل، وقد بيّنت في أبحاثي أن ذلك يساعد على تنحية الشعور بالذنب. وهو ما تفعله بالضبط إذ إنها تحاول التركيز على الاستخدام الإيجابي للوقت الذي ستوفره إذا تخلصت من رحلة التنقل بين المنزل والعمل، وهذا يساعد على اتخاذ قرارات ذكية بالفعل.

أليسون بيرد: أوافقك الرأي، فقضاء وقت جيد مع العائلة والأعمال المفيدة في الحياة هو أمر في غاية الأهمية وهو أهمّ من الألقاب والمال، وأعتقد أنه ممكن من دون التراجع في المسيرة المهنية، لذا أشجع صاحبة السؤال على التقدم للوظيفة الأخرى وجمع أكبر قدر ممكن من المعلومات حولها، لأنه من الممكن ألا يكون مديرها في الوظيفة الجديدة رائعاً أو ربما تعاني المؤسسة من بعض الصعوبات المالية. حتى إنه بإمكانها دراسة كلتا الوظيفتين والتمعن في الفرص التي تتيحها كل منهما مع أخذ جودة الحياة في الحسبان، وسيساعدها ذلك في التوصل إلى القرار المناسب.

أشلي ويلانز: هذا صحيح، تشير الأبحاث إلى أن أهمّ عامل في الرضا الوظيفي هو الشعور الذي يولده عملك في الوظيفة، فالراتب، واللقب، والمكانة الاجتماعية جميعها تتلاشى عندما نعيش تجربة الوظيفة نفسها يوماً بعد يوم. لذلك يجب على صاحبة السؤال إما تجربة العمل في الوظيفة الجديدة أو جمع أكبر قدر من المعلومات حول ما ستعيشه فيها يومياً ومقارنته بوظيفتها الحالية، وذلك يشمل التنقل بين المنزل والعمل، ثم تحدد الخيار الأفضل بالنسبة لها.

دان ماغّين: ليس من المستغرب أن تنتقل من منصب نائبة مدير في وكالة كبيرة إلى منصب مديرة في وكالة أصغر، فمن المعتاد أن ينتقل الموظفون من مؤسسة كبيرة إلى منصب أعلى في مؤسسة أصغر، وهو أمر مقبول في المسار المهني. لذا أنصحها بعدم التفكير في الأمر على أنه تراجع على الإطلاق، فهذه فرصة لها لتمارس دوراً قيادياً في منصب أعلى بغض النظر عن حجم المؤسسة.

آشلي ويلانز: أجل، فأنا أرى ذلك كثيراً في أبحاثي حول الوقت والمال. أعتقد أنه من أجل التغلب على الشعور بالذنب يمكن لأي منا تذكير نفسه بالفوائد الإيجابية التي سيجنيها على الصعيدين الشخصي والاجتماعي وكذلك العائلي، إذ سيصبح بالإمكان قضاء مزيد من الوقت مع العائلة دون ضغط نفسي. والموظف الذي يشعر أنه قادر على التحكم بجدول عمله وليس مضطراً لقطع مسافة طويلة بين المنزل والعمل يشعر بسعادة أكبر وتوتر أقل وسيتمكن من المشاركة في الأعمال التطوعية أكثر وقضاء وقت أطول مع أطفاله، وسيزيد اندماجه في العمل. لذلك من الضروري تذكير أنفسنا بأن اتخاذ قرارات تساعدنا على التعامل مع مطالب الحياة والعمل بطريقة أفضل سيكون أحسن لنا ولجميع من حولنا على المدى الطويل.

أليسون بيرد: يجب عليها التفكير أيضاً في طبيعة العمل نفسه، فمن الممكن أن يسبب العمل كمديرة ضغطاً نفسياً أكبر مما يسببه عملها بصفتها نائبة مدير، وعندئذ لن يحسّن جودة الحياة بالنسبة لها. كما أنه في أثناء هذه الجائحة أصبح بإمكان جميع موظفي المعارف العمل من المنزل، هل تتمتع صاحبة السؤال في عملها الحالي الذي تحبه بمرونة كافية تتيح لها العمل من المنزل؟ فذلك سيخفف عنها رحلات التنقل بين المنزل والعمل، وربما سيصبح بإمكانها الذهاب إلى العمل مرة أو مرتين في الأسبوع فقط. إذا كان مديرها داعماً، فمن الأفضل أن تخوض معه محادثة صريحة حتى إن كانت ستتقدم إلى الوظيفة الأخرى.

آشلي ويلانز: يجب على صاحبة السؤال البحث فيما إذا كانت الوظيفة الأخرى ستحقق لها جودة حياة أفضل بالفعل، وما إذا كانت ستوفر لها مزيداً من الوقت لتقضيه في أمور حياتها الأخرى أو أنها ستقضي الوقت الذي ستوفره من التنقل في العمل لساعات إضافية في المكتب. ويجب أن تفكر فيما إذا كانت ترغب في مزيد من المرونة. الآن هو وقت مناسب لمناقشة خيار عدم الحضور إلى المكتب مع مديرها خاصة إذا كان يدعمها.

دان ماغّين: لقد أثرتِ نقطة مهمة، وهي قضاء ساعات عمل إضافية في المكتب بدلاً من وقت التنقل. لكن يقال إنه إذا كنت تحبين عملك، فسيجلب لك العمل الذي تقومين به على مكتبك سعادة أكبر مما تقومين به في سيارتك وأنت عالقة في الازدحام المروري، أليس كذلك؟

آشلي ويلانز: سيجلب العمل في المكتب سعادة أكبر إذا لم يكن عملاً إدارياً أو عملاً ورقياً روتينياً أو أي نوع من الأعمال التي تسبب لنا التوتر في حياة العمل.

أليسون بيرد: أولاً، نود لفت انتباه صاحبة السؤال إلى الأبحاث التي تشير إلى أن الخيارات التي تتخذها بهدف توفير وقت التنقل والوقت وتحسين جودة الحياة تؤدي في أغلب الأحيان إلى رضا أكبر. تبدو الوظيفة الجديدة خياراً جيداً لها، خاصة أنها تتضمن لقباً وظيفياً أعلى وراتباً أفضل. لكن في الوقت نفسه نشجعها على جمع معلومات عن هذه الفرصة الجديدة، هل يتوفر فريق قوي وداعم في المؤسسة كما هو الحال في وظيفتها الحالية؟ هل سيكون العمل الجديد مثيراً للاهتمام أكثر من عملها الحالي؟ هل سيسبب ضغطاً أكبر؟ هل سيساعدها على إحراز تقدم مهني أكبر أم أقل؟ ستساعدها الإجابة عن هذه الأسئلة في التغلب على التردد والشعور بالذنب الناتج عن رغبتها في توفير وقت التنقل لأجل نفسها وعائلتها.

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .

المحتوى محمي