استخدام البيانات لتوفير رعاية صحية أفضل للمشردين

4 دقائق
توفير الرعاية الصحية للمشردين

تضم مدينة نيويورك أكبر عدد من المشردين في الولايات المتحدة، وهي قضية عالجتها المدينة من خلال مبادرات لمنع ظاهرة التشرد، وتوفير السكن الميسور التكلفة والرعاية الصحية، ولهذا إليكم كيفية توفير الرعاية الصحية للمشردين.

توفير الرعاية الصحية للمشردين في نيويورك

تمثل هيئة المرافق الصحية والمستشفيات في مدينة نيويورك التابعة للنظام الصحي لشبكة الأمان في المدينة، جزءاً من جهود التحول عبر خدمتها أكثر من مليون شخص مشرد في مدينة نيويورك سنوياً من أجل توفير الرعاية الصحية للمشردين. كما أن استخدام علم البيانات في تحديد الخصائص المميزة لمرضانا المشردين يساعدنا في تكييف نمط الرعاية الصحية المناسب لهم، وربطهم بالمستشفى الملائم وتقديم الدعم المجتمعي لهم، بما في ذلك السكن.

اقرأ أيضاً: كيف تساعد فريقك على معرفة التوظيف الصحيح للبيانات؟

من الناحية المثالية لتوفير الرعاية الصحية للمشردين، يجب أن تحدد الأنظمة الصحية في أماكن تقديم الرعاية الصحية هوية المرضى المشردين، لأن التشرد قد يؤثر على قدرة الشخص على الوصول إلى الخدمات وتناول الأدوية وتعزيز الإدارة الذاتية (على سبيل المثال، مراقبة نسبة الجلوكوز في الدم أثناء تناول الأنسولين). ومع ذلك، قد يكون استخلاص هذه المعلومات في العديد من الأنظمة الكبيرة مثل نظامنا، عملية غير متسقة وغير منظمة، وخاصة في حقول طلبات التسجيل الموزعة في أنظمة البيانات. يقيم معظم المشردين في مدينة نيويورك في ملاجئ المدينة، ويعيش بعضهم في الشوارع، وقد يلجأ بعضهم إلى السكن مع أفراد الأسرة مؤقتاً أو يتشاركون الإقامة مع صديق. وقد لا يكشف المرضى المشردون عن تشردهم للعاملين في العيادة، أو قد يعربون سراً عن تشردهم خوفاً من الخزي الاجتماعي، على سبيل المثال، من خلال استخدام عنوان بديل مثل عنوان الملجأ بمنزلة عنوان إقامتهم.

كيفية توفير الرعاية الصحية للمشردين

وبهدف التوصل إلى وصف أفضل للمرضى المشردين الذين نقابلهم في هيئة المرافق الصحية والمستشفيات في مدينة نيويورك، تحدثنا إلى زملائنا الأخصائيين الاجتماعيين وأطباء غرفة الطوارئ ومقدمي خدمات الرعاية إلى المشردين حول المؤشرات غير المباشرة للتشرد، ومكان توثيق هذه المعلومات في أنظمة المعلومات الواسعة والمتباينة لدينا. وأطلعونا على مكان حفظ هذه البيانات في وثائق التسجيل التي تتضمن المعلومات الأساسية حول المريض، مثل الاسم والعنوان ونوع التأمين، وفي السجلات الطبية الإلكترونية ومطالبات التأمين. ومن أجل تحديد أكبر عدد ممكن من المرضى، صغنا تعريفاً مركباً للتشرد من خلال:

  • مطابقة عنوان كل مريض من المليون مريض المسجل لدينا مع عناوين ملاجئ المشردين والمستشفيات الخاصة بنا.

  • البحث عن عبارة "بلا مأوى"، "غير مقيم"، أو "ملجأ" في أي مكان في حقول العناوين.

  • وضع إشارة على أسماء المرضى الذين تغير الرمز البريدي لمنازلهم 10 مرات أو أكثر خلال عام واحد.

  • سحب السجلات التي تضم عبارة "بلا مأوى" من مراكز التسجيل في المنشآت القليلة التي توثق التشرد.

  • البحث عن الرمز المستخدم لتشخيص ظاهرة التشرد في قائمة المشكلات السريرية أو التقييمات التشخيصية الأخرى أو في بيانات إعداد الفواتير.

وفي حين تجاوزت هذه الدراسة البحث في البيانات غير المنظمة، مثل تقييمات العمل الاجتماعي السردية، فإن استخلاص وضع المشردين من أنظمة البيانات الخاصة بنا بمرونة وعبر مجالات متعددة رصد ما يزيد على 20 ألف شخص من المرضى المشردين البالغين الذين حصلوا على خدمات الرعاية في غضون عام واحد. وقد مكننا ذلك من اعتبار مرضانا المشردين فئة سكانية قائمة بذاتها تتسم بتشابه التشخيص السريري، ومعدل الانتفاع من الخدمات الصحية، والتركيبة السكانية وعوامل أخرى. كما يزور هؤلاء المرضى قسم الطوارئ على نحو غير متناسب، ولديهم معدل إقامات أطول وأكثر تكراراً في المستشفى، ويعانون من معدلات أعلى من مشكلات الصحة السلوكية، مثل تعاطي المخدرات، واضطرابات المزاج، وانفصام الشخصية. كما توصلنا إلى أن نسبة زيارة هؤلاء المرضى قسم الطوارئ أو حصولهم على قبول معالجتهم في المستشفى كانت أكثر بمعدل 9 مرات من مريضنا العادي. ويعد هذا الاكتشاف كبيراً لدرجة أن قمنا بدمج إشارة التشرد في مجموع درجاتنا التي تتنبأ بخطر تكرر الزيارات إلى المستشفى وتوثيقها، بهدف إخطار مقدمي الرعاية في الخطوط الأمامية عبر السجل الطبي الإلكتروني.

اقرأ أيضاً: كيف تستخدم تحليلات بياناتك الخاصة بشكل جيد؟

وكشف تصنيف مرضانا المشردين أيضاً عن مجموعات فرعية مهمة لتذكيرنا بأن التشرد ليس تجربة متجانسة. على سبيل المثال، كان لدى أولئك الذين يعيشون في ملاجئ عائلية معدلات أقل من الإصابة بالأمراض المزمنة، وكانوا أكثر عرضة للانتفاع من خدمات الرعاية الأولية من غيرهم من المرضى الذين لا مأوى لهم. ومن ثم، قد يكون استحداث خطط مخصصة لبرامج إدارة الرعاية الحالية لهذه المجموعة إجراءً فاعلاً. من ناحية أخرى، كان احتمال تشخيص مرضانا المشردين الذين لا مأوى لهم بأمراض الصحة السلوكية أكثر بمعدل ثلاثة أضعاف من المشردين الذين يقطنون في الملاجئ العائلية، كما كان احتمال تشخيص إصابتهم بالفصام أكثر بمعدل ثمانية أضعاف، وهو ما يتطلب خدمات أكثر كثافة.

يضم فرع هيئة المرافق الصحية والمستشفيات في مدينة بيلفو أكبر عدد من المرضى المشردين من بقية فروع المستشفيات الأخرى في النظام، وافتتحنا في فرع بيلفو عيادة لعلاج الحالات المعقدة للمرضى الخارجيين، توفر مواعيد معاينة مرنة وفترات إقامة أطول، بهدف تلبية الاحتياجات الصحية والاجتماعية المتداخلة بشكل أفضل. كما خصصت العيادة موظفين متخصصين وعلى دراية بالقضايا التي يعاني منها المرضى المشردون، مثل اضطرابات تعاطي المخدرات والحاجة إلى المساعدة في التنقل في نظام الإسكان العام.

وفي مستشفى مدينة لينكولن في برونكس التابعة لهيئة المرافق الصحية والمستشفيات في مدينة نيويورك الذي يعتبر أحد أكثر المستشفيات ازدحاماً في نظامنا، بدأت عيادة طب البالغين برنامجاً تجريبياً ينطوي على تحديد هوية المرضى المشردين أو المعرضين لخطر الطرد وربطهم بالموارد المتاحة، بما في ذلك برامج المعونات الغذائية والمساعدة القانونية، وخيارات التأمين الصحي، والملاجئ العامة، ومؤسسات الإسكان المحلية. وبالتأكيد فإن معالجة مشكلة عدم الاستقرار في السكن تساعد المرضى في التواصل مع فريقهم الطبي، وهو ما يجنبهم دخول غرف الطوارئ والإقامة في المستشفى. ونظراً لأن تكلفة ليلة واحدة في المستشفى تفوق تكلفة استئجار شقة من غرفة نوم واحدة لمدة شهر في مدينة نيويورك، فإن الاستثمار في الخدمات المقدمة إلى مجموعة تعرف بحاجتها إلى الكثير من الرعاية يجعل هذا الاستثمار  هدفاً سامياً من الناحية المالية والطبية على حد سواء من أجل توفير الرعاية الصحية للمشردين.

اقرأ أيضاً: كيف تحدد أي مشاريع علم البيانات التي عليك استهدافها؟

ونظراً إلى أن السكن هو عنصر أساسي من عناصر الرعاية الصحية لهؤلاء المرضى في سبيل توفير الرعاية الصحية للمشردين، فإننا نستخدم بياناتنا لجمع قوائم المرضى الذين يستوفون معايير الأهلية للحصول على معونات المجمعات السكنية الداعمة المحلية، مثل الأشخاص المصابين بفيروس نقص المناعة البشرية/ الإيدز أو المرضى المشخصين بأمراض الصحة السلوكية، كما نتواصل معهم بهدف مساعدتهم في ملء طلبات الإسكان. ونعمل بالإضافة إلى ذلك مع وكالات مدينة نيويورك الشقيقة لمطابقة مرضانا المشردين المعرضين لمخاطر صحية عالية بقاعدة بيانات وكالة الإسكان في المدينة للتحقق من طلبات الإسكان الموافق عليها وتحديد إجراءات المتابعة اللازمة. ونشارك أيضاً ملفات تعريف المرضى المشردين المشاركين في خطط الرعاية المدارة مثل "ميترو بلاس" (Metroplus)، التي تعتبر "الخيار العام" في مدينة نيويورك، حتى يتمكنوا من أن يكونوا شركاء نشيطين في إدارة الرعاية ودعم خطط خروج المرضى المقيمين.

وبالنظر إلى الروابط الموجودة بين التشرد والصحة في سبيل توفير الرعاية الصحية للمشردين، ينبغي أن تعمل جميع النظم الصحية على معالجة الأسباب الكامنة وراء هذه الظاهرة، بما في ذلك عدم توفر السكن. وتكمن الخطوة الأولى في تحديد هوية المرضى المشردين وفهم كيفية انتفاعهم من نظامنا. ويساعدنا علم البيانات على مقابلة المرضى أينما وجدوا وربطهم بالرعاية الصحية والدعم الاجتماعي وفق شروطهم الخاصة.

اقرأ أيضاً: تحليل بيانات الناس لا يكشف كل شيء عنهم

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .

المحتوى محمي