ما هي القيادة الناجحة تحديداً؟ في خضم الأزمات يُعد التواصل الواضح أكثر أهمية وكذلك أكثر صعوبة مما يكون عليه الوضع في الأوقات العادية، حيث يتوق الموظفون والعملاء إلى الحصول على المعلومات، ولذلك نهتم بالتعاون معاً لإعداد العروض التقديمية والتواصل بصفة عاجلة بدلاً من التخطيط المتأني للعمل. ولكن إذا قدمنا العروض التقديمية دون تناول الأسئلة الرئيسية لدى جمهورنا حول ما نفعله وكيف نفعله ولماذا نفعله، فنحن بذلك نتسبب في المزيد من الارتباك والالتباس بدلاً من إضفاء الوضوح.
في شركتي، "دوارتي إنك" (Duarte, Inc)، نعيد العمل على آلاف المحادثات سنوياً لعلامات تجارية كبيرة ومسؤولين تنفيذيين رفيعي المستوى. ويأتي معظم عملائنا إلينا، عندما تكون عمليات تواصلهم معرضة لمخاطر عالية، وهم على علم بـ ما ينبغي فعله وكيف يمكن فعله، ولكن نادراً ما يكون لديهم إجابة عن سؤال لماذا ينبغي فعله أو ما هي الغاية المنشودة من فعله.
إذن لماذا من المهم الإجابة عن سؤال "لماذا"؟
سأبسط لكم الأمر: إذا قال لك مديرك: "أريدك أن تجعل هذا المشروع الإضافي على رأس أولوياتك الحالية في العمل"، ماذا سيكون سؤالك الأول؟ على الأرجح لن يكون له علاقة بضبط المنبه على ساعة محددة أو إعادة ترتيب جدول مواعيدك أو أي شيء يتعلق بكيفية إنجاز هذا العمل الإضافي. فعندما يطلب منك شخص ما أن تغير سلوكاً حالياً، عادة أول ما ستسأل عنه سيكون السبب أو الغاية؟ لأنك لن تفعل شيئاً جديداً أو صعباً ما لم تكن محفَّزاً ومتحمساً لفعله.
والأمر نفسه ينطبق على جمهورك. فإذا كان جمهورك لا يعلم لماذا من الضروري اتخاذ إجراء جديد، فلن يتحمس لمساعدتك. وسيستمر في انتهاج سلوكياته الحالية المريحة بالنسبة إليه، وهذا كله بسببك.
المسؤولون عن التواصل يغفلون في الغالب عن توضيح السبب أو الغاية، وهذا لسببين أساسيين:
- يفترضون أن توضيح ما يفعلونه وكيف يفعلونه هو الطريقة الأسرع للتأثير على جمهورهم.
- يعتقدون أن الإجابة عن سؤال "لماذا يفعلونه" بديهية ولا تحتاج إلى توضيح أو تحليل.
فكّر في موقف صعب حيث يكون من المهم أن يتجمع الموظفون وينسقوا جهودهم. يمكن أن يتمثل هذا الموقف ببساطة في مبادرة داخلية خاصة بالفريق أو قد يكون كبيراً كمحاولة الخروج من الأزمة الاقتصادية التي نشهدها في الوقت الحالي. لنفترض أنك تثق أنه إذا نفَّذ جمهورك خطتك، ستخرج الشركة من الأزمة سالمة، وأنك تعلم كيف يمكنك فعل ذلك. ثم تضع هذه الرؤى الثاقبة جميعها في عرض تقديمي حماسي. وبعد أن تحظى بقليل من التصفيق، لا يحدث أي شيء.
القيادة الناجحة
هل واجهت الموقف نفسه؟ هل وضعت سيناريوهاتك وأجريت مهام التخطيط والبحث والتدقيق وكرّست طاقتك لتوضيح "ما" ينبغي فعله و"كيف" يمكن فعله، ثم غادرت خائب الأمل بسبب عدم استجابة الأشخاص أنفسهم الذين ستتحسن حياتهم إذا فعلوا ما قلت أنه ينبغي فعله وبالكيفية التي ذكرت أنه ينبغي فعله بها؟
سأوضح هذا المثال عن القيادة الناجحة أكثر قليلاً.
يوضح القادة ما هي رؤاهم وكيف يمكن تطبيق الاستنتاجات. وهذه هي الطريقة التي يجري بها معظم القادة محادثاتهم، خاصة المهنيين المتخصصين في مجالاتهم بدرجة كبيرة. فهم يركزون على المحتوى الذين يرغبون في مشاركته. ولكن الكثير من القادة لا يفكرون حتى في الغاية المنشودة من منظور الجمهور لأنها تبدو بديهية للغاية بالنسبة إليهم وبالتالي يعتقدون أنها واضحة للجميع.
ومن ناحية أخرى، لنفترض أنك أوضحت الغاية المنشودة بطريقة مقنعة أثناء حديثك، قائلاً على سبيل المثال "يمكننا خفض معدلات العدوى الثانوية بنسبة 40%، وإنقاذ آلاف الأرواح" أو "يمكننا الوصول إلى عدد أكبر من الأشخاص ومساعدتهم على التقدم في مسيراتهم المهنية إذا أتحنا المحتوى الذي نقدمه مجاناً". توضيح "الغاية المنشودة" غالباً ما يقود إلى فئة من الأشخاص سينتفعون من الإجراء الذي تطلب من الموظفين اتخاذه. وفجأة يصبح لهذا الإجراء أهمية.
هناك احتمال كبير ألا تكون غايتك بمثل وضوح المثال المذكور أعلاه. لذلك، سأعرض لك فيما يلي 3 استراتيجيات لمساعدتك على توضيح الغاية المنشودة بشكل قاطع في عرضك التقديمي التالي.
اطرح بعض الأسئلة الجيدة المتعلقة بـ "ما" يجب فعله.
غالباً ما تختبئ الإجابة عن هذا النوع من الأسئلة في عقلك الباطن، وقد تضطر إلى إخراجها لإقناع الآخرين بها. ويمكنك في بعض الأحيان توضيح الغاية بأن تطرح على نفسك بعض الأسئلة الجيدة المتعلقة بـ "ما" يجب فعله، مثل: ما الذي سيكون على المحك إذا فعلنا ذلك وإذا لم نفعله؟ ماذا سيكون شكل المستقبل إذا فعلنا ذلك؟ ماذا سيكون وضع البشر إذا فعلنا ذلك وإذا لم نفعله؟ هناك طريقة أخرى يمكنك بها توضيح الغاية وهي أن تطلب من شخص آخر أن يسألك "عما يجب فعله أيضاً" إلى أن تعجز عن إيجاد إجابة. وهذا سيساعدك على توضيح "الغاية المنشودة".
ثم أجب عنها بـ "لأن".
مجرد ذِكر الغاية المنشودة لا يكفي؛ فيجب عليك التعبير عنها بكل وضوح. فكّر في الإجراءات التي تطلب من جمهورك اتخاذها، ثم أوضح الغرض منها.
على سبيل المثال، "نحتاج إلى تحسين عمليتنا لأن ____". وما سيأتي بعد "لأن" سيوضح السبب والغاية المنشودة.
اعرض وجهات النظر البديلة.
تعامل مع المشككين والمعارضين من خلال تناول وجهات النظر المحتملة التي استبعدتها. قد يبدو من غير البديهي أن تكشف عن أي شيء آخر بخلاف الإجراء الذي تقنع الجمهور باتخاذه، إلا أنك يمكن أن تقنع الجمهور على نحو أفضل إذا شاركت الأفكار التي استبعدتها وأوضحت "سبب" استبعادك لها. عندما تشارك الأفكار التي درستها واستكشفتها واختبرتها ثم قررت أن تستبعدها، فأنت بذلك تبين أنك فكرت ملياً في جميع الاحتمالات.
الإجابة عن سؤال "لماذا"، أو توضيح الغاية المنشودة، ينبغي أن تمس العاطفة وأن تؤدي إلى إقناع الآخرين من خلال عمليات التواصل. فعندما يعلم الأشخاص لماذا يُطلب منهم فعل شيء ما، من المرجح بدرجة أكبر أن يفعلوه.
وفي أوقات كهذه، يحتاج عملاؤك وموظفوك إلى القيادة الناجحة التي تتمثل في حكمتك وقيادتك أكثر من أي وقت مضى، ولديك فرصة فريدة للمضي بهم قدماً في خضم هذه الأوقات التي يكتنفها الغموض. وبينما تسعى إلى إلهامهم وتحفيزهم ليفعلوا ما هو صائب، لا تنس أن توضح لهم الغاية المنشودة.
اقرأ أيضاً:
- بحث: آثار القيادة غير الرسمية
- 3 خطوات لبناء سمعة قيادية في منصبك الجديد
- ما هي منصة القيادة المتصلة؟
- التوقف عن دورك القيادي لا يدمر مسارك المهني