تبذل الشركات، غالباً، جهوداً كبيرة لإيجاد أفضل طريقة لتحفيز موظفي المبيعات. إذ أن هناك عدداً من الجوانب التي يجب أن يضعها قادة هذه الشركات في اعتبارهم لتحديد تلك الطريقة. فكيف يجب تحديد نسبة كل من الراتب الثابت والعمولة في تعويضات المندوبين؟ وهل يجب وضع حد أقصى لنسبة العمولة؟ وما مدى فاعلية المكافآت والحوافز الأخرى؟ وغيرها. وبالرغم من أن العديد من الأبحاث السابقة قد نظرت في بعض هذه المشكلات، إلا أننا ركزنا في دراستنا الأخيرة هذه على جانب مهم من تعويضات موظفي المبيعات لم تغطيه هذه الأبحاث بشكل وافٍ، ألا وهو حصص المبيعات. وركزنا، بشكل أكثر تحديداً، على السؤال التالي: ما هو التواتر الأنسب لهذه الحصص؟ فعلى سبيل المثال، هل يجب أن تكون على أساس يومي أو شهري؟
وللإجابة عن هذا السؤال، أجرينا تجربة ميدانية واسعة النطاق على سلسلة متاجر كبرى في السويد. وتختص هذه السلسلة ببيع السلع الإلكترونية الاستهلاكية الصغيرة والمتوسطة الحجم، والاكسسوارات (مثل سماعات الرأس، وحافظات للهواتف المحمولة)، بالإضافة لقطع الغيار الإلكترونية، والتجهيزات المنزلية الصغيرة. وتستعين هذه الشركة بفريق مبيعات مباشر يتألف من حوالي 350 موظفاً، يتوزعون عبر أكثر من 80 متجراً. ويتقاضى هؤلاء الموظفون تعويضات تتألف من راتب ثابت بالإضافة إلى عمولة متغيرة، والتي قد تصل إلى حوالي 2%، تحدد بناءً على أداء المبيعات الذي يتخطى الحصص المحددة مسبقاً. وعادةً ما يتم تعويض مندوبي المبيعات بناءً على حصص شهرية، وقد تم الاحتفاظ بهذه الخطة في خمسة متاجر، لتكون بمثابة المجموعة الضابطة في تجربتنا. كما تم اختيار هذه المتاجر كعينة ممثلة للمواقع الجغرافية المختلفة المنتشرة في السويد، (ستوكهولم، وغوتنبرغ، ومالمو). أما بالنسبة لبقية المتاجر، فقد تم تنفيذ خطة الحصص اليومية (ذات التواتر المؤقت)، وذلك لكامل شهر مايو أيار لعام 2015.
في البداية، كان افتراضنا يذهب إلى أن الزيادة في وتيرة توزيع الحصص ستوفر الحافز الدائم للفريق. فعند توزيع الحصص بموجب الخطة الشهرية، قد يصبح مندوبو المبيعات الذين بدأوا الشهر بأداء ضعيف أقل حماساً بعد أن يدركوا أنهم لن يتمكنوا من تحقيق حصتهم لهذا الشهر، فهم ضمنياً يستسلمون. وعلى العكس، فإن حالة توزيع الحصص على أساس يومي، تساعد على منع مثل هذا السلوك من الناحية النظرية. ولكن من جهة أخرى، يمكن أن تزيد الحصص اليومية من قلق الأفراد وتوترهم، مما يؤدي في النهاية إلى انخفاض أدائهم. كما يمكن أن تعمل على تشجيع السلوك العدواني لمندوبي المبيعات، حيث يقومون ببيع السلع التي قد لا يحتاجها العملاء، مما يؤدي إلى زيادة معدل المنتجات المعادة.
ووجدنا، خلال البحث، أن توزيع الحصص على أساس يومي أدى بالفعل إلى حدوث زيادة كبيرة في إنتاجية فريق المبيعات بنسبة تقدر 5%. علاوةً على ذلك، فقد وجدنا أن هذا التحسن كان لافتاً، بشكل خاص، بالنسبة لموظفي المبيعات ذوي الأداء المنخفض. فعلى وجه التحديد، شهدت الشريحة ذات الأداء الفصلي الأدنى زيادة كبيرة في الإنتاجية بمقدار 18%. والسبب يكمن في أن الحصص اليومية، كما كان متوقعاً، تساعد على منع هؤلاء الأفراد من الاستسلام لبقية الشهر بعد مواجهة بداية بطيئة، وهذا ما ينطبق على أصحاب الأداء المنخفض عادةً.
ولكننا، لم نعثر على أي دليل يثبت حدوث أي سلوك عدواني مفرط لفريق المبيعات في ظل خطة التوزيع اليومية، أي أن بياناتنا تشير إلى عدم وجود زيادة في نسبة المنتجات المعادة. بل وجدنا العكس تماماً، فمع الحصص اليومية، يميل مندوبو المبيعات إلى بيع كميات أكبر من السلع الرخيصة، وذلك ربما يكون نتيجة لتحول نمط تفكير فريق المبيعات نحو الأهداف اليومية الصغيرة نسبياً. حتى أن مندوبي المبيعات ذوي الأداء العالي حولوا تركيزهم نحو بيع السلع الرخيصة. وأدى ذلك إلى حدوث انخفاض في إجمالي البضائع المعادة. ولكن، ولسوء الحظ، فقد رافق هذا التحول في نمط تفكير فريق المبيعات، عقبة تتمثل في انخفاض موازي لمبيعات السلع ذات الهوامش الربحية العالية، مما انعكس سلبياً على أرباح الشركة.
وهكذا، تشير النتائج التي توصلنا إليها مجتمعة إلى حاجة الشركات إلى النظر لعدد من العوامل عند تصميم خطة تعويضات فريق المبيعات على أساس الحصص. إذ يمكن أن يكون للتغيير في تواتر توزيع الحصص عواقب غير مقصودة. فعلى سبيل المثال، قد يؤدي إلى دفع فريق المبيعات للتركيز على أنواع معينة من المنتجات على حساب المنتجات الأخرى. كما يجب الانتباه لسياق الصناعة. فلقد تمت أبحاثنا في إطار تجارة التجزئة، وكان للسلع موضوع البحث دورة مبيعات قصيرة نسبياً. أما بالنسبة للمنتجات ذات دورة المبيعات الأطول، كالطائرات والمعدات الرأسمالية وما إلى ذلك، فيمكن أن يكون لها ديناميكيات مختلفة تماماً فيما يتعلق بحصص المبيعات.
وفي نهاية المطاف، عند تصميم خطة التعويضات المالية التي تتضمن توزيع الحصص، يتعين على مدراء المبيعات التفكير أولاً في النتيجة التي يريدون التوصل إليها. فإذا كان الهدف ببساطة هو تحقيق زيادة في المبيعات، خاصةً بالنسبة لأصحاب الأداء المتدني، قد تكون خطة توزيع الحصص الأكثر تواتراً هي السبيل لتحقيق هذه الغاية. أما إذا كانت جودة المبيعات هي الأهم، فقد يكون من الضروري إعطاء المزيد من الوقت لمندوبي المبيعات لبيع هذه السلع.