في الحياة اليومية، نشعر بالامتنان كلما تذكرنا ما ننعم به: الصحة والعائلة والممتلكات المادية والنجاح، ولربما يذكّرنا ذلك بأن الامتنان والتقدير هما أيضاً سلوكان إداريان مهمان في المؤسسات الفعالة، ويجب تعزيزهما على الدوام.
ثمة نوعان من سلوكيات التقدير التي ينبغي للمدراء تطويرها؛ تقدير الأفراد وتقدير المؤسسة. تقدير الأشخاص هو القدرة على شكر الآخرين بصدق ولباقة كل يوم على ما يفعلونه، إنه مبدأ جوهري من مبادئ الإتيكيت وهو أساس معظم تفاعلاتنا في المؤسسات، لكننا للأسف الشديد نغفله أغلب الأحيان، بسبب ضغط العمل أو التوتر المقترن بالمواعيد النهائية، أو الأداء الروتيني للمهام المتكررة. في الواقع، يعتقد العديد من المدراء أن الراتب والوظيفة الثابتة هما الشكر الوحيد الذي يحتاج إليه المرؤوسون.
الحقيقة هي أننا جميعاً بحاجة إلى التقدير والتقييم الإيجابي، على الأقل بين الحين والآخر، ومن دونهما يسهل أن يفقد الفرد ثقته بنفسه فيشكك في قراراته أو يستخف بنفسه ظناً أن لا أحد يهتم بعمله الجاد. والأهم من ذلك، أنه من دون إبداء شيء من التقدير يومياً، سيكون من الصعب بناء العلاقات والثقة، وهما عنصران ضروريان في أي بيئة عمل سليمة.
من الإنصاف تذكّر أن عدم تعبير المدراء عن شكرهم لموظفيهم ليس مقصوداً، خاصة إذا كانوا مشغولين أو مثقلين بالأعباء، وعندما يذكّرهم أحد ما بأن تقديم الشكر مطلوب يمتثلون إلى ذلك عادة. لكن التحدي يكمن في جعل تقديم الشكر ممارسة روتينية لا تحتاج إلى تذكير. إحدى طرق فعل ذلك هي إدراج "خطوة الشكر" في خطط المشاريع؛ والأخرى هي جمع فريقك دورياً لتقدير إنجازاتهم والاحتفاء بها. وبالطبع، كما يفعل بعض المدراء، يمكنك دائماً وضع ملاحظة على مكتبك تذكّرك بأن تقول "شكراً لك".
النوع الثاني من الشكر هو تقدير فعالية مؤسستك في حل المشكلات وإنجاز المهام. يميل العديد من المدراء إلى التركيز على السلبيات وأوجه القصور والأخطاء، ومن ناحية أخرى، يكشف نجاح المؤسسات عن الكثير من مواطن قوتها وإمكاناتها، ومن خلال توضيحه في قصص النجاح القصيرة وتسليط الضوء عليها يمكن للمدراء المساعدة على استخلاص الدروس المهمة وتعزيز الابتكار وإطلاق العنان لقيمة هائلة. أثبتت حركة التحري التقييمي التي بدأها زملائي السابقون في جامعة كيس ويسترن ريزيرف (Case Western Reserve University) أن هذا النهج لا يحسّن أداء الشركة فحسب، بل يسهل أيضاً الابتكار الاجتماعي؛ وبالمثل، يُظهر نهج يسمى الانحراف الإيجابي أن اكتشاف أفراد يحققون النجاح في وقت يعاني فيه الجميع صعوبات كبيرة له دور كبير في تعزيز الابتكار على نطاق واسع.
أخيراً، إذا عبّرنا عن شكرنا وتقديرنا أكثر وباستمرار فربما سنتلقى في المقابل المزيد مما نحن شاكرون له.