ملخص: يكاد يكون من المستحيل أن تقدم أفضل ما لديك في مؤسسة تتعارض مع قيمك ومبادئك. ولكن عندما يتعلق الأمر بعملية إجراء المقابلات الشخصية للحصول على وظيفة ما، فإننا نادراً ما نناقش كيفية التأكد من أن قيم الشركة تتوافق مع قيمنا. في هذه المقالة تقدم المؤلفة نصائح حول كيفية تحديد قيمك الأساسية وأيضاً كيفية تحديد ما إذا كانت الشركة التي تنوي العمل فيها تشاركك القيم نفسها أم لا.
نتحدث كثيراً عن رغبتنا في العمل لدى شركة تتوافق مع ثقافتنا، ولكننا قليلاً ما نتحدث عن العمل لدى شركة تتوافق مع قيمنا ومبادئنا. فالثقافة هي التي تحدد كيفية إنجاز العمل، لكن القيم تُظهر كيف ترتب الشركات الأولويات وتتخذ القرارات وتسوي النزاعات. وأيضاً قد تحتفي الثقافة بالابتكارات، ولكن القيم هي التي تحدد ما الذي يمكن التضحية به من أجل السعي إلى الابتكار.
عملية تحديد ما إذا كانت الشركة تتفق مع مبادئك
يكاد يكون من المستحيل أن تقدم أفضل ما لديك في مؤسسة تتعارض مع قيمك ومبادئك. للتأكد أن شركة ما تشاركك القيم والمبادئ نفسها من البداية، ينبغي اتباع عملية مكونة من 3 أقسام: أولاً، حدد قيمك ومبادئك الأساسية، ثم اطرح الأسئلة المناسبة في أثناء المقابلات الشخصية، وأخيراً أجرِ تقييمك الخاص لمعرفة ما إذا كانت قيمك ومبادئك تتوافق مع قيم ومبادئ هذه المؤسسة من عدمه.
عندما يخبرني عملائي الذين أدربهم على القيادة أنهم يشعرون بالقلق والتشوش تجاه موقف ما في العمل، أجد في كثير من الأحيان أن هناك تضارباً خطيراً بين ما تنشده الشركة والقيم التي يؤمن بها الموظف. وهذا الاختلاف في القيم يمكن أن يكون طفيفاً (أثمّن الالتزام بالمواعيد ولكن الاجتماعات تبدأ في وقت متأخر هنا)، وربما أن ذلك أمر مؤقت. (سأحتفظ بتحفظاتي لنفسي حتى أعرف المزيد عن الاتجاه الذي تسير فيه هذه السياسة الجديدة). قد تكون هذه المشكلات مزعجة، ولكن يمكنك التفكير فيها بطريقة منطقية والمضي قدماً بسهولة.
وفي بعض الأحيان قد يتسبب موقف ما في العمل في شعورك بالضيق الشديد أو حتى قد يضعك في مأزق أخلاقي. وهذا يدل على أن قيمك الأساسية تتعرض للتهديد أو الانتهاك. في مثل هذه المواقف المزعجة، يعلق حوارنا الداخلي مع ذاتنا في حالة من الصراع المستمر، فنتساءل: كيف يمكنني إطلاق خطة المنتج هذه مع علمي بأنها ستفشل، وأنني أعرّض أهداف فريق المبيعات وإيراداته للخطر؟ وكيف يمكنني تمثيل هذا العميل مع علمي بأن عملياته الإنتاجية تتسبب في أضرار بيئية كبيرة؟ كيف سيكون شعوري تجاه صاحب عمل مستعد لفرض ممارسات إدارية قاسية لتحقيق النتائج المنشودة؟
لا أحد يرغب في أن يكون في هذا الموقف، ولهذا من المهم تحديد مدى التوافق في القيم قبل الانضمام إلى شركة ما. أوضح فيما يلي كيفية إجراء مقابلة مع شركة لمعرفة قيمها بالقوة نفسها التي تُجرى بها المقابلات الشخصية للحصول على وظيفة:
خطة المقابلة التي تركز على القيم
المقابلات السلوكية هي أسلوب لطرح الأسئلة التقييمية وقد أصبح شائعاً في شركات مثل "جوجل" و"أمازون". وهو يركز على استكشاف أفعال الشخص السابقة باعتبارها دليلاً على مهاراته وسماته. على سبيل المثال، يمكن للمرشحين بسهولة أن يذكروا في أثناء المقابلة الشخصية أن هناك دوافع تحركهم، ولكن من الصعب خلق موقف في أثناء المقابلة لإثبات ذلك. تحلل المقابلات السلوكية التصرفات السابقة بوصفها مؤشراً رئيسياً على السلوكيات المستقبلية.
وإذا كنت مرشحاً لوظيفة ما، يمكنك أن تقلب هذا السيناريو وأن تستخدم أساليب المقابلات السلوكية هذه نفسها لمعرفة قيم الشركة. غالباً ما يتعامل مدراء التوظيف كمندوبي المبيعات، إذ يصممون على تقديم صورة إيجابية للشركة، لذلك حتى الأسئلة الاستكشافية قد لا تسفر عن المعلومات التي تبحث عنها. ولكن يمكنك أن تحصل على قدر كبير من المعلومات إذا اتبعت خطة تركز على معرفة القيم في أثناء المقابلة، فيمكنك أن تفعل ما يلي:
1. تحديد من 3 إلى 5 قيم
تُعد أكثر أهمية بالنسبة لك قبل المقابلة. بحيث تمثل هذه القيم قيمك ومبادئك الأساسية في الحياة، والتي إذا تم انتهاكها فسوف يؤثر ذلك بشدة عليك. ومن الأمثلة على ذلك: الصدق والنزاهة والإيجابية والجودة والخدمة والثقة. إذا كنت بحاجة إلى مساعدة للبدء، يمكنك البحث على الإنترنت عن الطرق المستخدمة في تصنيف القيم مثل هذه الطريقة التي ابتكرتها مبادرة "المشروع الجيد" (The Good Project) التابعة لـ "كلية هارفارد للدراسات العليا في التعليم" (Harvard Graduate School of Education).
2. إعداد قائمة بالأسئلة التي ستكشف عن القيم التي تحترمها الشركة
عادة ما تكون هذه الأسئلة مفتوحة بحيث يمكنك أن تطلب من المحاوِر تقديم أمثلة محددة. والهدف هو الحصول على معلومات يمكنك مقارنتها مع قيمك، وليس طلب تأكيد على امتلاك الشركة لقيم محددة. لذلك لا يجب أن "تستدرج الشاهد" بأن تقول على سبيل المثال: أثمّن النزاهة، هل يمكنك أن تعطيني مثالاً على تحليكم بالنزاهة هنا؟ ولكن ستحصل على أكبر قدر من المعلومات من الأمور التي سيخبرك بها المحاور طوعاً. فيما يلي بعض الأمثلة لأسئلة سلوكية ستساعدك في اكتشاف قيم أي مؤسسة. ليس من الضروري أن تطرحها جميعاً، ولكن حاول أن تختار سؤالين أو 3 أسئلة تناسب سياق المقابلة.
- مَن الذي أبلى بلاءً حسناً في دور مماثل لهذا الدور؟ وما الذي يجعله صاحب أداء مميز؟ مَن الذي لم يكن أداؤه جيداً؟ وكيف كان ذلك؟
- ما هي السمات التي تؤهل الشخص للحصول على ترقية هنا؟ مَن الذي حصل على ترقية مؤخراً وكان بنفس مستواي؟ وما هي السمات التي كان يتحلى بها؟
- ما هي السلوكيات التي لا يُسمح بها هنا؟ ما هي المواقف التي حدثت بها انتهاكات؟ وماذا حدث تحديداً؟
- صف لي ثقافة الشركة. هل تطورت تصوراتكم مع مرور الوقت؟ هل يمكن أن تذكر لي مثالاً فاجأتك به ثقافة الشركة؟
- هل هناك مثال على الصراعات التي تحدث في الشركة حول الاستراتيجية أو الاتجاه؟ وما الذي أدى إلى هذه الصراعات؟ وكيف تم حلها؟
- عندما كنت مرشحاً للوظيفة مثلي، ما الذي أخبروك أنه سيساعدك على أن تبلي بلاء حسناً هنا؟ ما الذي تتمنى لو كنت قد عرفته قبل أن تشغل وظيفتك؟
يمكن أن تطرح أسئلة إضافية، إن أمكن. فكما ترى، الأسئلة الموضحة أعلاه مكونة من طبقات، والفكرة هي الاستمرار في تكييف الأمثلة وصقلها. لذلك احرص على أن تكون فضولياً واسأل عن التفاصيل. فأنت بحاجة إلى أن يبتعد المحاور عن نقاط الحوار المعتادة لكي يعطيك معلومات صحيحة وحقيقية، ما سيجعلها قيّمة بشكل فريد.
قد يبدو هذا محرجاً وغريباً في البداية، لأننا نركز بشكل عام على التعريف بقدراتنا في المقابلات الشخصية. ولكن التواصل مهارة قيمة للغاية، كما أن القدرة على إجراء محادثة صادقة حول موضوعات حساسة هي سمة قيادية مرغوبة. وإذا كان المحاور لا يرغب أو لا يشعر بالراحة تجاه مناقشة الأسئلة القائمة على القيم، فهذا يمنحك معلومات في حد ذاته.
3. تقييم المقابلة فور انتهائها
صنف الكيفية التي ظهرت بها كل قيمة من قيمك الأساسية في المقابلة على مقياس من 1 إلى 5، باستخدام بعض من التصنيفات التقريبية التالية:
- قيمة لم تُذكَر مطلقاً
- قيمة ذُكرت ولكن لم يتم إثباتها
- قيمة تم إثباتها من خلال بعض المواقف
- قيمة تم إثباتها بشكل واضح ومتكرر
- هذه الشركة نموذج لهذه القيمة
إذا أتيحت لك الفرصة حاول طرح أسئلة مماثلة على عدة أشخاص حتى تتمكن من مقارنة الإجابات والبحث عن الأنماط. وليس من الضروري قياس تقييماتك بشكل مثالي لكي توضح لك ما تسعى إلى اكتشافه. ولكن ما تحتاج إليه لمعرفة ما إذا كانت قيمك الأساسية متوافقة مع قيم المؤسسة هي أن تتأكد من أن قيمك الأساسية تُذكر باستمرار في المقابلات التي تجريها.
يمكن أن يوفر استخدام الأسئلة السلوكية لاكتشاف قيم مؤسسة ما صورة أشمل لما سيكون عليه العمل في هذه المؤسسة يوماً بعد يوم. كما أن معرفة كيف احترمت الشركة قيمك الشخصية في الماضي يفتح لك نافذة على المستقبل.
ولكن هذا لا يعني أنه يمكنك توقُّع كل موقف. ففي نهاية المطاف يمكن أن تتغير الشركات والمدراء، وبالتالي ستتغير القيم أيضاً. ولكن حتى عندما تتغير الظروف، إذا تحققت من القيم ستجد أن هناك ما يمكن أن يحل هذه المشكلة: وفقاً لمبدأ الاتساق في الإقناع، من المرجح أن يحترم الأشخاص شيئاً ما إذا سبق لهم (أو لمؤسستهم في هذه الحالة) الالتزام به.
نعيش جميعنا تقريباً فترات نشعر فيها بعدم الرضا في العمل في مرحلة ما. ولكن عندما تكون قيمنا غير متوافقة مع مكان عملنا، فإن ذلك قد يتسبب في إعاقتنا عن أداء عملنا. باستخدام هذه العملية، ستعرف القيم المهمة بالنسبة إليك، وستكتشف بسهولة متى تم انتهاكها أو ما إذا كان قد حدث ذلك من الأساس، وستكون مستعداً لمعالجة الوضع بشكل صريح ومباشر.