كيف استطاعت رئيسة تنفيذية تهيئة مؤسستها لتقاعدها؟

4 دقائق

بعد 12 عاماً من عملي رئيسة ثم رئيسة تنفيذية في شركة إدارة الاستثمارات، قررت أنه قد آن الأوان لتغيير الأمور في الشركة، وبدأت أفكر في نقل بعض مسؤولياتي إلى شركائي.

تشير البحوث إلى أن المؤسسات ومجالس إداراتها ليست مهيئة بما يكفي لانتقال الرؤساء التنفيذيين منها. فأكثر أشكال التجاوزات شيوعاً فيها هو التأجيل بسبب العجز عن تحميل الجيل التالي من المدراء مسؤوليات أكثر. إذ يتردد الرؤساء التنفيذيون في تسليم المهام الرئيسية التي يعتبرونها مجموعة عناصر أساسية لهويتهم الخاصة، بالإضافة إلى أن مجالس الإدارة تعاني من صعوبة في دعم هذه التغييرات الضرورية. وعندما يغادر رئيس تنفيذي منصبه تفتقد الشركة القائد صاحب الخبرة في النواحي الأساسية من هذا المنصب الرفيع، وبالأخص في الشركات الصغيرة نسبياً كشركتي.

لم أكن أنوي التقاعد قبل 5 سنوات أخرى على الأقل، ولكنني أردت أن أرى مدى كفاءة فريقي في تنفيذ بعض مهامي الأكثر أهمية بالنسبة لي. على الرغم من أن مدة 5 سنوات تبدو مسيرة طويلة جداً، إلا أنها تنقضي بسرعة. لذلك رغبت بوضع خطة محكمة لمغادرتي الحتمية مسبقاً.

لقد اتخذت خطوة في هذا المسار قبل عامين، عندما رشحت أحد شركائي للرئاسة والآخر لرئاسة العمليات. من السهل ترقية شخص ما، ولكن التخلي عن جزء من عملك أصعب بكثير. كان عليّ أن أقرر ما هي الوظائف التي يجب تسليمها لهما فعلاً.

تملك معظم الشركات سلسلة من المنتجات الأساسية التي تشكل القسم الأكبر من المبيعات والأرباح. وفي شركتنا، تشكل حافظات الأسهم حجر أساس لنجاحنا، ونظراً لخبراتي السابقة كنت منغمسة دائماً في البحث واختيار الأسهم والمتاجرة فيها.

ولكن في الأعوام الأخيرة، تزايد انشغالي في مجالات تطوير الأعمال وعلاقات الزبائن وإدارة تعقيدات تشغيل الشركة، ولم يعد لدي الكثير من الوقت للبحث عن أفكار استثمارية جديدة. فقمنا بتعيين المزيد من الموظفين المؤهلين لملء هذه الفجوة، وبدا ذلك أنه الوضع الطبيعي للبدء بتفويض المزيد من المسؤوليات للآخرين.

عيّنت أحد شركائي الأصغر سناً مديراً للبحوث. ومع أنني ما زلت أحد صناع القرار الثلاثة في الشركة بشأن جميع التغييرات على حافظات الأسهم، إلا أنني أصبحت أقل انخراطاً فيما يخص تلك العملية. واليوم، يدير رئيسنا المفاوضات مع مزودي تقنيات المعلومات، كما يدير الرئيس التشغيلي عمليات الامتثال والتحضير لعروض التسويق بالكامل.

بالطبع، كنت قلقاً بشأن التخلي عن هذه المهام التي تساوي، في عالم الاستثمار، البحوث الأساسية التي تُجرى في المختبر. هل يجب أن أبدأ بعد ذلك في الشعور وكأنني أصبحت بلا فائدة؟

يخشى الكثير من الرؤساء التنفيذيين أن يشعروا بعدم أهميتهم عند تقاعدهم. بالطبع، استغرق الأم بعض الوقت لأشعر بالرضا، وليس الحسد، عند سماع نقاشات زملائي بشأن المزايا التي تقدمها شركة جديدة، ولكنني امتنع عن المشاركة لأنه لا أحد يرغب برئيس تنفيذي مسيطر يلقي بآرائه وانتقاداته على كل حركة إدارية. لقد تعمدت تحميلهم هذه المسؤوليات، مدركة أن التدخل وتشديد الخناق عليهم سيولد الخلافات ويثير استياءهم ويتسبب بحدوث خلل وظيفي.

لذلك، بمجرد التخلي عن جزء من وظيفتي، أصبح التحدي هو معرفة الأمور التي تشكل قيمة للشركة، وتقدم لي خبرة شخصية تُشركني في العمل وتمدّني بالإلهام، لأستعيض بها عما تخليت عنه. ما الذي يمكنه وصل نقاط قوتي واهتماماتي بالأهداف طويلة الأمد للمؤسسة؟

لقد وجدت نشاطين أسعدني تخصيص الوقت لهما. منذ سنوات مضت، وبتشجيع من صديق لي في الإعلام، بدأت بكتابة مقالات لهذه المجلة وغيرها، لأصل إلى تأليف كتاب عن المجازفات الحساسة في الأعمال والاستثمارات والحياة. أدى الكتاب إلى مشاركتي في إلقاء الخطابات والمزيد من التأليف والظهور على شاشة التلفاز، وتوقيع عقد مع شبكة تلفزيونية كبرى متخصصة بالشؤون المالية قبل عامين، والظهور على شاشتها عدة مرات في الشهر.

منذ أن قمت بإعادة تقييم مسؤوليات وظيفتي الأساسية، بدأت في زيادة وجودي ومشاركتي في الإعلام، وهو أمر متمم لأعمال إدارة الاستثمارات ويساعد على نشر علامتنا التجارية في أنحاء البلاد. وبالإضافة إلى الإعلام، تسلمت مشروعاً لتوليد الوعي بشركتنا على اعتبار أن النساء يشكلن القسم الأكبر من الشركاء المالكين.

ومع تزايد ضغط مجالس الإدارة والمؤسسات لإضافة تنوع أكبر في عملياتهم وإداراتهم، أثار الناشطون مشكلة التنوع بين الأطراف الثلاثة المعيّنة من أجل الاستثمار لصالح هذه الهيئات وتقديم الاستشارات لها، وهم المحامون والمحاسبون والمستشارون ومدراء الاستثمار. وبصفتي الرئيسة التنفيذية، كان هذا الجهد يهدف إلى تطوير الأعمال ويمكن أن يشكل قيمة كبيرة لشركتنا.

كما مدّني ما يفعله بعض زملائي في مناصب مماثلة بالإلهام. إذ طبّق أصدقائي الذين يشارفون على التقاعد من مناصب إدارية رفيعة المستوى برامج إرشاد قوية داخل شركاتهم، وخلقوا فرصاً للبحث والتعليم لزملائهم، ووجهوا التركيز على تطوير منتجات جديدة لم يكن لدى أحد الوقت لقيادتها من قبل.

ما الذي يجب أن يفكر فيه الرؤساء التنفيذيون في الشركات الصغيرة والمتوسطة أثناء انتقالهم نحو المرحلة التالية من مسيراتهم المهنية؟

  1. فكر في نقل بعض المسؤوليات إلى الجيل التالي من القادة. عليك البدء بالتخطيط لبرنامج تصفية بعض أعمالك وتطبيقه قبل عامين على الأقل. في البداية، يجب ألا تستغرق هذه الجهود أكثر من 10% من وقتك، ومن ثم ستتمكن من التركيز أكثر على هذا الأمر مع اقتراب موعد التقاعد.
  2. اعمل عن كثب مع الشخص الذي اخترته لتولي مسؤولياتك قبل تسليمه التكليفات بأكملها. وبمجرد تقييمك لهذه الوظائف، ثق بحكمك ودع فريقك يتسلم زمام الأمور دون تدخل منك. وامتنع عن مراقبة الفريق وشرح طريقتك في القيام بالأمور لمدة لا تقل عن ستة أشهر. في أغلب الأوقات سيملك زملاؤك الذين اخترتهم الحدس السليم في العمل، وإن لم يكن الأمر كذلك، فامنحهم المزيد من الوقت لقيادة الأمور على النحو الذي تراه مناسباً.
  3. ابتكر في التفكير حول أحد الأمور التي كنت تحلم بفعلها لشركتك ولم تحظ بالوقت لتحقيقها. قد تكون عملت فعلاً في هذا المجال ولكن اليوم يمكنك تركيز اهتمامك أكثر على تحقيق هذا الحلم.

كما أنني وجدت فائدة في مراجعة المشاريع التي يمكنني متابعتها مع وجود شخص ثانٍ في القيادة ومع مجموعة أكبر من المدراء. وأدركت أنه إذا كان لدى أحدهم اعتراض يمكنني معرفة ذلك في وقت مبكر وسيكون لدي وقت لمعالجة مخاوفه. قد تكون هناك مجازفة في أعمالي الجديدة، إذ يمكن لكبار الإداريين الجدد إساءة فهم نيتي في توسيع الأسواق أو تعزيز العلامة التجارية أو إنشاء خط إنتاج جديد، أو قد يبدو عملي هذا مشروعاً للتفاخر ليس إلّا.

يمكن أن تكون عملية الانتقال عبارة عن حقل ألغام مليء بالتصادمات والخلل الوظيفي وجرح المشاعر. ولكن إذا تمت إدارتها بحذر، عندئذ ستكون عملية مربحة لجميع الأطراف.

بدأت بالتخطيط لتقاعدي المؤكد قبل خمسة أعوام على الأقل. وأعدت توزيع بعض مهامي الوظيفية على شركائي الأصغر سناً، إذ يجب عليهم إتقانها قبل مغادرتي. وبذلك أصبح لدي أوقات فراغ شغلتها بارتباطاتي بالإعلام وتطوير الأعمال، وهو ما يعود بالفائدة على الشركة ويوسع دوري في اتجاه جديد. وحتى الآن، تسير الأمور على خير ما يرام.

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .

المحتوى محمي