تتمتع شبكة العلاقات الداعمة بأهمية كبيرة في حياة أي شخص، وهي تنمو حين تشاركها مع الآخرين. يمكنك تصور هذا من منظور قانون العائدات المتسارعة؛ فكلما شاركت شبكة علاقاتك مع أشخاص أكثر شاركها هؤلاء بدورهم وازدادت سرعة نموها. بالنسبة لي، تشكّل شبكة علاقاتي مصدر دعمي الدائم، وهي تؤدي الدور نفسه في حياتنا جميعاً، سواء أدركنا ذلك أو لا.
سألت المسؤول التنفيذي وصاحب المهارة الكبيرة في بناء شبكات العلاقات، فالا أفشار، عن السمات أو الأنماط المشتركة التي تميز البارعين في هذا المجال، والتي يمكن للآخرين اكتسابها، وتوصلنا إلى بعض السمات غير المؤكدة استناداً إلى الأشخاص الذين نعرف أنهم يتمتعون بقدرة كبيرة على توسيع شبكات علاقات الآخرين: 1) العمل الجاد (يتطلب إنشاء شبكة علاقات بذل الجهد)، 2) التواضع، 3) الثقة التامة بأن الإسهام في توسيع شبكات علاقات الآخرين سيؤدي إلى نتائج عظيمة حتى إن لم يكن ذلك واضحاً في البداية، 4) فهم أثر الدعوة إلى التعارف. على سبيل المثال، يتذكر فالا وصوله إلى أميركا في سن العاشرة هرباً من الثورة الإيرانية عام 1979، إذ كان يجهل اللغة الإنجليزية تماماً، وشعره ليس أشقر وعيناه ليستا زرقاوين، وملابسه ليست أنيقة، ويتذكر أيضاً أن عدداً قليلاً جداً من الأطفال تغلبوا على خجلهم ودعوه للعب معهم، وقد أسعده ذلك جداً وقتها.
يخشى الكثيرون منا أن يطلبوا شيئاً فيبدو طلبهم مصلحة ذاتية، حتى إن لم يكن كذلك، فنخشى من مواجهة الرفض ومن أن نبدو حمقى. وربما يخشى بعضنا أن يقبل الآخرون طلبنا، لكننا لا نعرف ماذا نفعل بعد ذلك. يتردد كثيراً أن طلب المساعدة يحتاج إلى شجاعة، لكن فكر في الأمر، ما هي أسوأ الاحتمالات؟ أن تواجه الرفض لا أكثر، لا أحد سيزج بك في السجن. وأود أن أخبركم باختصار قصة شخصين عاديين (بحسب رأيهما) وأطفال، لتوضيح أثر الدعوة إلى التعارف.
يشغل فالا منصبي الرئيس التنفيذي للتسويق والرئيس التنفيذي لتجربة العملاء في شركة إنتيراسيس (Enterasys)، التي تتخذ من ولاية نيو هامبشير مقراً لها. تعرفت إليه أول مرة من خلال منصة إكس (تويتر سابقاً)، وتواصلت معه لأنني رأيت أن تغريداته تتوافق مع أفكاري. وقد عززنا هذا التعارف عبر البريد الإلكتروني ومنصة إكس، وتبادلنا القصص حول وظائفنا. وفي سبتمبر/أيلول الماضي، خلال الفترة التي سافرت فيها إلى ولاية ماين لقضاء إجازتي السنوية، التقيته واستقبلني استقبالاً حاراً في المقر الرئيسي لشركة إنتيراسيس، ودعاني إلى تناول وجبة الكركند المفضلة لدى كلينا، وعلى هذا النحو نشأت بيننا علاقة متينة، كما علمتُ أن شركة إنتيراسيس تقدم خدمات الشبكات لشركات عدة، تشمل فريقَي نيو إنغلاند باتريوتس (New England Patriots) وبوسطن سيلتيكس (Boston Celtics).
وفي الوقت نفسه، عمل سيدني كوشنر، الذي أقدّم له التوجيه، على إنشاء مؤسسة سي سي تشامبيونز (CCChampions)، وهي مؤسسة تعمل على خلق روابط بين الرياضيين المحترفين والأطفال المصابين بالسرطان لإلهامهم وشحذ هممهم خلال هذه الفترة الصعبة جداً من حياتهم. حتى الآن، تعمل المؤسسة مع أكثر من 6 آلاف رياضي محترف بالإضافة إلى المتخصصين في الرعاية الصحية وعلماء نفس الأطفال والطلاب المحليين والشركاء المجتمعيين، وقد ألهم سيدني مَن حوله بتعاطفه وقوة حافزه ومهاراته الريادية.
على الرغم من ذلك، يجب الاعتراف بأن مدينة بروفيدنس بولاية رود آيلاند، حيث يعيش سيدني، ليست من المدن التي تشجع الرياضة بقوة، لكن مدينة بوسطن قريبة منها، لذا، استجمعتُ شجاعتي وسألت فالا إذا كان يرغب في التحدث إلى سيدني وتقديمه إلى شركة فريق سيلتيكس بوسطن. كان أسوأ احتمال هو أن يقابل فالا طلبي بالرفض، لكنه أعلن عن رغبته في مساعدة سيدني بعد أن تحدث إليه 5 دقائق، ومع ذلك، كان فريق سيلتيكس عميلاً جديداً لدى فالا، ما أثار توتره بشأن تقديم سيدني إليه، لكنه اتخذ الخطوة وتبع ذلك مناقشة استمرت 30 دقيقة عرض خلالها فريق سيلتيكس تكريم سيدني ضمن برنامج هيروز أمونغ أس (Heroes Among Us) في مباراتهم المقررة في 9 يناير/كانون الثاني خلال عرض تقديمي خاص. قال فالا إن الموقف أثّر فيه، وقد أثر فيّ أيضاً عندما أخبرني بما حدث، وقد أصابت سيدني الدهشة عندما اتصل به فريق سيلتيكس وعجز عن الكلام وكل ما أمكنه فعله هو إبلاغي برسالة نصية.
كان قرار الفريق بتكريم سيدني في ذلك التاريخ يعني أن الكثير من الأطفال الذين يعانون السرطان سيحظون بفرصة للفرح والأمل وتشتيت انتباههم عن آلامهم ومعاناتهم، ولأن لدينا أنا وفالا أطفالاً، فقد كنا نتخيل ما يمكن أن يعنيه ذلك لأطفالنا.
كانت فرحتي أنا وفالا بسبب التقارب بين سيدني وفريق سيلتيكس عظيمة، وفي النهاية، وعلى الرغم من شعورنا بالحرج في أوقات معينة، فإن المخاطرة في سبيل تحقيق ذلك لم تكن كبيرة.
تُوقع دعوة الآخرين إلى التعارف أثراً كبيراً، وإذا ترددنا فيها فسنفوّت على أنفسنا الفرص التي تغير عملنا ومؤسساتنا وحياتنا بأكملها. لذا، حتى إن بدا الأمر غير مريح، ابحث عن طريقة بسيطة يمكنك من خلالها دعوة أحد معارفك للتعرف إلى أحد زملائك أو موظفيك لمساعدته، وأنصحك بأن يكون هدفك هذا العام هو مشاركة شبكة علاقاتك على أوسع نطاق.