كيف تمكنت إحدى شركات التكنولوجيا الحيوية من رأب الفجوة بين الجنسين في صفوف قيادتها العليا؟

6 دقائق
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

ملخص: بدأت شركة “جينينتيك” منذ عام 2007 ببذل جهود موحدة لزيادة تمثيل المرأة في المناصب القيادية العليا، وحققت تقدماً عظيماً. أما الدروس الأربعة من نجاحها، فهي: 1) البيانات هي التي تقود العملية، 2) الجميع مسؤولون، 3) الإجراءات الصغيرة توقع أثراً، 4) إذا لم تتمكن من إثبات أمر ما، فهو لم يحدث. إن إحداث تغيير كبير يتطلب إجراء تغييرات في السلوكات ووجهات النظر والعمليات، وذلك يستغرق وقتاً.

في عام 2007 كان عدد الرجال في المناصب القيادية بشركة “جينينتيك” (Genentech) يساوي 5 أضعاف عدد النساء، وكانت المديرات الإداريات (أي المستوى الأدنى) يغادرن بمعدل يساوي ضعف معدل مغادرة نظرائهن من الرجال. لتحقيق التمثيل العادل بين الرجال والنساء في المناصب القيادية ووقف تسرب المواهب أعدنا النظر في عمليات التوظيف والتطوير المهني وتخطيط تعاقب الموظفين ومراجعتها. اليوم، وبفضل هذه الجهود والالتزام بالتغيير من القمة إلى القاعدة أصبح تمثيل الرجال والنساء متساوياً تقريباً في إجمالي عدد الموظفين وبين القادة ومدراء الإدارة.

بدأت الرحلة في عام 2007 في اجتماع عام حيث لفت آرت ليفنسون، الرئيس التنفيذي لشركة “جينينتيك” آنذاك الانتباه إلى النقص في عدد النساء اللاتي يتسلمن المناصب القيادية أو انخفاض تمثيل المرأة في المناصب القيادية لدينا. وعرض جدولاً يوضح أنه على الرغم من أن نسب النساء والرجال في صفوف موظفي شركة “جينينتيك” عموماً كانت متساوية تقريباً، فإن النساء كنّ يشكلن 44% من المدراء والمشرفين و41% من المدراء الإداريين و16% فقط من القادة. وقال للموظفين: “هل ترون ما المشكلة في هذا الجدول؟ هل يمكن لأي أحد في هذه الغرفة أن يقول إن هذا الوضع جيد؟ لأنه ليس كذلك”.

بإلهام من ملاحظة آرت وإصراره على أن نحسّن الوضع حددنا هدفاً للمؤسسة: تحديد العوائق التي تحول دون تمثيل المرأة في المناصب القيادية العليا وإزالتها، وزيادة نسبة النساء المؤهلات لهذه المناصب بنسبة 50%.

في السنوات التي تلت ذلك بذلنا جهوداً جادة وموحدة ومتسقة لضمان المساواة في تمثيل الرجال والنساء في صفوف موظفي شركة “جينينتيك” عموماً وفي الأدوار القيادية تحديداً. وعلى مدى هذه الأعوام تعلمنا 4 دروس:

1. البيانات هي التي تقود العملية

تعدّ شركة “جينينتيك” من الداعمين القدامى لجمعية “سيدات الأعمال في قطاع الرعاية الصحية” (HBA). في عام 2010 أصدرت هذه المنظمة غير الربحية تقريرها المرجعي المميز “التعزيز والتنوع والنمو والتفوق في دراسة القدرات القيادية” (E.D.G.E. in Leadership Study)، الذي أوجز أفضل الممارسات المتبعة في توظيف النساء وتقدمهن واستبقائهن في شركات الصناعات الدوائية والتكنولوجيا الحيوية. وبناء على ما كشفته دراسة جمعية سيدات الأعمال في قطاع الرعاية الصحية، أجرينا بحثنا الخاص لتحديد العقبات التي تعترض طريق النساء لتحقيق النجاح في شركتنا “جينينتيك”.

طبقنا نفس الدقة وأساليب التحليل التي نتبعها في البحث العلمي على هذه العملية، وجمعنا البيانات الشخصية (من خلال الاستطلاعات ومجموعات المناقشة) والبيانات الموضوعية (من خلال النظر في عوامل مثل الاختلافات بين عدد النساء اللاتي تقدمن إلى أدوار شاغرة ودعين إلى إجراء المقابلة الشخصية وعدد النساء اللاتي تلقين العروض وقبلنها). اكتشفنا أن النساء شعرن أن فرصهن أقل من فرص الرجال لتولي مهمات بارزة وصعبة، وأنهن لا يتلقين ملاحظات مفيدة وتقييمات عادلة لأدائهن. علمنا أيضاً أنهن شعرن بأن القيادة لا تستمع إلى آرائهن ولا تقدّرها، وأنهن لا يحظين بفرص كثيرة للمشاركة في شبكات التعارف غير الرسمية التي تعتبر مصادر أساسية للمعلومات حول ما يجري في المؤسسة.

أكدت نتائج بحثنا ما اكتشفته جمعية “سيدات الأعمال في قطاع الرعاية الصحية”: تحتاج زيادة تمثيل النساء إلى نهج ذي شقين لتمييز المواهب المتوفرة وتنميتها وتحسين مسار اﺳﺘﻘﻄﺎب أصحاب المواهب في الشركة.

تمييز المواهب المتوفرة وتنميتها

كان لدينا الكثير من النساء الموهوبات اللاتي يتمتعن بمؤهلات عليا مستعدات للتقدم إلى مناصب قيادية في “جينينتيك”، لكننا لم نكن قادرين على تمييزهن. ومن أجل إبرازهن قمنا بتحميل القادة مسؤولية البحث ضمن فرقهم عن النساء اللاتي أصبحن مستعدات للانتقال إلى المستوى التالي في حياتهن المهنية، ثم مناصرتهن في مناقشات مراجعة المواهب حيث يمكن لفريق أكبر من القادة إلقاء نظرة معمقة على إمكاناتهن. وبالنتيجة أتيحت لهنّ فرص للمشاركة في المهمات المتناوبة وقيادة مشاريع خاصة والعمل نيابة عن زملائهن الأعلى رتبة الغائبين في إجازة، وبالتالي استطعنا بناء خطط مدروسة أكثر لتطوير القدرات القيادية والتعاقب المهني.

لمساعدة النساء على توسيع شبكات الدعم الشخصية والمهنية أنشأنا مجموعة موارد الموظفات المهنيات في “جينينتيك”، التي نظّمت مناسبات للتطوير الوظيفي وأنشطة لشبكات التعارف غير الرسمية، كما أطلقنا برنامجاً لتقديم الرعاية لهنّ. كان الرعاة في البرنامج هم كبار القادة الذين يشكلون مجموعات لاختبار الأفكار ويناصرون النساء اللاتي يشاركنهم ويقدمون لهن المشورة المهنية ويسهلون تواصلهن مع القادة الآخرين وصنّاع القرار في جميع أنحاء الشركة.

تحسين مسار اﺳﺘﻘﻄﺎب أصحاب المواهب في الشركة

لتحسين مسار اﺳﺘﻘﻄﺎب أصحاب المواهب أعدنا توجيه تركيز جهودنا للبحث عن المصادر الخارجية نحو اكتشاف المرشحات وجذبهن وإشراكهن، وطورنا استراتيجيات للتسويق الموجه ورعاية المؤتمرات التي تهتم بالنساء في العلوم وحضورها، وانضممنا إلى جمعيات مهنية نسائية على غرار جمعية “سيدات الأعمال في قطاع الرعاية الصحية”.

كما عملنا على إعادة تصميم عملية المقابلات الشخصية مع المرشحين للوظائف، إذ قام فريق استجلاب المواهب لدينا بجمع عدد من النساء اللواتي تطوعن للانضمام إلى لجان المقابلات الشخصية مع المرشحين لأدوار خارج وظائفهن. أدى ضمّ امرأة واحدة على الأقل في لجان المقابلات إلى تزويد المرشحين بمجموعة متنوعة من وجهات النظر حول تجربة الموظف في شركة “جينينتيك”، كما ساعدنا ضمّ محاوِر من خارج فريق التوظيف في ضمان تقييم المرشحين من حيث توافقهم مع قيم الشركة ومؤهلاتهم الأساسية والتزامات القيادة وكذلك المهارات والخبرات الفنية التي يضيفونها إلى الوظيفة. وللحدّ من مخاطر الانجراف في التفكير الجماعي ضمن عملية استخلاص المعلومات استخدمنا أداة تقييم عبر الإنترنت تطلب من المحاورين إرسال ملاحظاتهم إلى مدير التوظيف ووكيل التوظيف قبل اجتماع اللجنة لمناقشة المرشح. ساعدت هذه التغييرات على تقليل التحيز في قرارات التوظيف بإجبارنا على تقييم المرشحين بناءً على قدراتهم بدلاً من عناوين سيرهم الذاتية وافتراضات المحاورين وتفضيلاتهم.

2. الجميع مسؤولون

عندما أطلقنا مبادرتنا للتنوع بين الجنسين أسسنا نقطة مرجعية تتيح لنا قياس عمليتنا عاماً بعد عام. إذ كنا في السابق نقدم تقريراً عن التقدم السنوي المحرز لمجلس الإدارة، لكن في عام 2019 بدأنا بمشاركة البيانات مع موظفينا، وفي عام 2021 نشرنا تقرير التنوع والشمول الاجتماعي الافتتاحي كي يتمكن كلّ من الموظفين والشركات النظيرة والمرشحين من محاسبتنا أيضاً.

كما أصبح تحمّل المسؤولية الآن عنصراً أساسياً من عملية مراجعة الأداء، فالقادة مطالبون بوضع خطط التعاقب الوظيفي لأفراد فرقهم الأفضل أداءً. وإذا لم تضم قائمة القائد نساءً فهو مطالب بتوضيح السبب لكلّ من المدراء وشركات الموارد البشرية الشريكة والمدربين التنفيذيين وفريق التطوير المؤسسي في شركتنا. أثبت هذا النوع من النقاشات التي لم تحدث من قبل فائدته الكبيرة في رفع الوعي حول الموضوع ومساعدة القادة في رأب التفاوت بين الجنسين ضمن فرقهم. حرصنا في رحلتنا بأكملها على عدم المساومة على معايير شركة “جينينتيك” العالية في سعينا لرأب هذا التفاوت، وإنما واجهنا التحيزات وغيرنا السلوكات.

3. الإجراءات الصغيرة توقع أثراً

المهام الروتينية التي نؤديها يوماً بعد يوم هي في النهاية ما يؤدي إلى العلم والابتكار، فالخطوات الصغيرة قد تولد تغييراً كبيراً، وكان دمج رسالة أهمية التنوع بين الجنسين في نسيج رواية شركتنا خطوة صغيرة أحدثت أثراً كبيراً.

على الرغم من أن آرت ليفنسون كان البطل الأول في جهود شركتنا لتحقيق التنوع بين الجنسين، فقد شارك القادة في جميع أنحاء شركتنا بدرجة مساوية في تحقيق هدفنا، إذ كانوا يعملون في الاجتماعات العامة واجتماعات الأقسام والاجتماعات الفردية على تعزيز التزامنا بتساوي التمثيل وتقديم أحدث بيانات التقدم المحرز. أدى تكرار الخطوات إلى حفظها وبالتالي أصبحت عادة، وسرعان ما أصبح قادة شركة “جينينتيك” مشاركين نشطين في العملية.

4. إذا لم تتمكن من إثبات أمر ما، فهو لم يحدث

كما هو موضح في الشكل التوضيحي أدناه، فإن معالجة التفاوت في التنوع بين الجنسين في شركة “جينينتيك” لم تحدث بين ليلة وضحاها، فإجراء تغيير كبير يتطلب إجراء تغييرات في السلوكات ووجهات النظر والعمليات، وذلك يستغرق وقتاً.

رأب التفاوت بين الجنسين ضمن الأدوار القيادية العليا

تمكنا منذ عام 2007 من تحقيق زيادة في النسبة المئوية للنساء في المناصب القيادية في الشركة إلى أكثر من الضعف، وبحلول عام 2017 حققنا هدفنا في زيادة مجموعة النساء المؤهلات لاستلام المناصب القيادية العليا بنسبة 50%.

لم ينته عملنا بعد

على الرغم من أن التقدم الذي أحرزناه حتى الآن في مبادرة التنوع بين الجنسين يعتبر كبيراً، فلا يزال أمامنا الكثير من العمل لإنشاء مكان عمل يتسم بالشمول الاجتماعي والمساواة والتنوع بصورة تامة. واليوم، يتم تقسيم إجمالي عدد موظفي شركة “جينينتيك” بالتساوي بين أصحاب البشرة الداكنة وأصحاب البشرة البيضاء، لكن الفجوة تتسع في الأدوار القيادية تماماً كما اتسعت بين النساء والرجال في عام 2007. لذلك وسّعنا جهود التنوع والشمول التي نبذلها للمساعدة على ضمان أن تعكس قوتنا العاملة عالمنا الذي يزداد تنوعاً.

من المرجح أن تتمكن المؤسسات التي تشجع على تنوع البيئات الثقافية التي يأتي منها الموظفون ووجهات نظرهم وخبراتهم من اكتشاف رؤى جديدة وأساليب فريدة لمواجهة التحدي. والتنوع على وجه الخصوص له أهمية حيوية في شركة “جينينتيك”؛ فمجموعة وجهات النظر والمهارات المختلفة الواسعة تعزز قدرتنا على اكتشاف الأدوية وتطويرها لمعالجة المرضى الذين يعانون من بعض أخطر الأمراض في العالم. لذلك، فإن جذب القوة العاملة المتنوعة والاحتفاظ بها ومنح جميع الموظفين فيها الفرصة للتقدم إلى المناصب القيادية العليا ليس مجرد واجب أدبي وأخلاقي، بل هو من الأولويات الحيوية في الشركة أيضاً. وبالتالي فإن تمثيل المرأة في المناصب القيادية العليا واجب على جميع الشركات لزيادة حيويتها.

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .