كيف يمكن للقادة تلقي التعليقات الصادقة والمنتجة؟

4 دقائق

أعمل كمدربة تنفيذية مع العديد من القادة الناجحين الراغبين في أن يصبحوا أكثر كفاءة. وسألت إحدى العميلات لدي مؤخراً عن نوع التعليقات التي كانت تتلقاها لمساعدتها على أن تكون قائدة أفضل، وأجابت: "كانت آخر مراجعة لأدائي إيجابية حقاً، إذ أخبرني مديري أنني أقوم بعمل رائع وعليّ الاستمرار فيما أقوم به".

أنا متأكدة أنّ ذلك أطرب سمعها، إلا أنه لم يكن مفيداً في الوقت ذاته لتطورها ونموها.

فوفقاً لبحث جرى حول التعلم الفعال، يحتاج الأشخاص إلى ثلاثة أشياء لتحسين أدائهم:

  • هدف واضح.
  • رغبة حقيقية في تحقيق هذا الهدف.
  • تعليقات توضح الأمور التي يقومون بها بشكل جيد وتلك التي يقصّرون فيها.

ولسوء الحظ، لا تكون التعليقات التي يتلقاها العديد من القادة مفيدة، وغالباً ما تكون محدودة أو غامضة أو غير مرتبطة بسلوك معين، ما يجعل القادة أقل سعياً للحصول على التعليقات. ولن تقدم التعليقات منخفضة الجودة أي فائدة، إذ يتم التقليل من قيمة التعليقات الإيجابية، في حين قد تتسبب التعليقات السلبية المقدمة بشكل فظ في ألم جسدي.

لن يكون سهلاً على القادة النمو والتحسن من دون أهداف أداء واضحة وبيانات تقيس مدى قربهم أو بُعدهم عن تحقيقها. إلا أنه وعندما تُقدم التعليقات بطريقة مدروسة، يمكنها أن تزود القادة ببيانات يمكنهم العمل عليها وتساهم في جعلهم أكثر كفاءة.

ويمكنك اتخاذ الخطوات التالية إذا كنت ترغب في تلقي التعليقات الكفيلة بتحسين قيادتك.

إنشاء بيئة آمنة نفسياً والمحافظة عليها. عادة ما يكون تقديم التعليقات أمراً محفوفاً بالمخاطر فيما يتعلق بالعلاقات بين الناس. بالتالي عليك أن تُظهر لزملائك أنه لن يكون هناك أي تداعيات سلبية لتعليقاتهم الصادقة إن أردت أن تزيد احتمالية قيامهم بتلك المخاطرة. ويمكنك القيام بذلك قبل طلب تعليقاتهم من خلال إظهار نفسك كشخص صاحب فضول، ومكافأتهم على صراحتهم وعرضهم لأوجه القصور لديك. ويمكن إظهار ذاك الفضول عبر عرض العقلية الصحيحة والإيمان بأنّ لديهم أموراً مفيدة يمكنك التعلم منها. ويتم التعبير عن ذلك من خلال طرح أسئلة مفتوحة على زملائك في الفريق لا تعرف فعلياً إجاباتها على غرار: "ما الخطأ الذي يمكن أن يحدث في حال جربنا هذا؟" وعندما تستمع إلى وجهات نظر زملائك المختلفة بصدق، حتى إن كانت صعبة التقبّل، فأنت تكافئ صراحتهم حتى لو لم تتفق معهم بالرأي حيال ما قالوه. ويمثل الإقرار المستمر بنقاط ضعفك أو أخطائك طريقة رائعة لتظهر بمظهر القائد المنفتح والمتواضع.

اطلب التعليقات بشكل حذق. من النادر أن يجلب لك قول "ما تعليقاتك تجاهي؟" نتائج مفيدة. وعليك أن تتطرق بدلاً من ذلك إلى أحداث معينة ("ماذا سمعت عندما عرضت عليكم استراتيجيتي؟")، وأنماط مقلقة ("كم مرة أقاطع الناس في الاجتماعات؟")، وتأثيرك الشخصي ("كيف شعرتم عندما أرسلت إليكم تلك الرسالة الإلكترونية؟")، وأخيراً، توصيات ("ماذا يمكنني أن أفعل للمساعدة في بناء علاقتي مع باسم؟").

اطلب البيانات السلبية والإيجابية. يخبرني عملائي طوال الوقت برغبتهم فقط في سماع "التعليقات السلبية"، إلا أن نظرتهم تلك تعتبر نظرة قاصرة نظراً لأن التعليقات الإيجابية حيال سلوك معين هي أيضاً أمر مفيد. فعلى التعليقات أن تخبرك عن الأمور الواجب عليك تجنبها وأيضاً تلك الواجب عليك القيام بها أكثر. وللتوضيح، تختلف ردود الفعل الإيجابية عن الثناء، حيث يُعتبر الثناء هو قول الشخص لنا إنه سعيد معنا ويعتقد أننا نؤدي بشكل جيد كقوله مثلاً: "عمل جيد!"؛ أو "كنت رائعاً في الاجتماع"؛ أو "عرض تقديمي مميز جداً!" ولا يمنح الثناء، على الرغم من تقديمه لشعور جيد، معلومات كافية لفهم ما نقوم به بشكل فعال لكي نتمكن من تكراره.

عند تلقي التعليقات، امنح انتباهك الكامل واستمع بعناية. حاول إزالة كل الأمور التي قد تشتت انتباهك من أمامك، مثل الهاتف والحاسب المحمول، وركز بشكل كامل على الشخص مقدّم التعليقات، إذ يؤثر وجود هاتفك بجانبك، حتى لو لم تكن تنظر إليه، سلباً على العلاقات ويقلل من قدرتك على التواصل مع الآخرين. استمع بعناية إلى ما يقوله الشخص الآخر، وقم بمقاومة الدافع لتقييم دقة الرسالة.

لا تناقش أو تتصرف بدفاعية. إذا وجدت نفسك غير موافق على بعض التعليقات، مارس الوعي الذاتي ولاحظ رد فعلك، ولا تحاول معارضة زميلك أو تحديه نظراً لأن قيامك بالمناقشة سيجعلك تبدو دفاعياً وغير منفتح على التعليقات، كما قد تقلل من احتمال قيام هذا الشخص بتقديم التعليقات مستقبلاً. أنت لا تريد أن يحصل ذلك، بالتالي لا تتصرف بتلك الطريقة.

تمالك نفسك. قد يُشعرك ما تسمعه بالسعادة أو الغضب أو الارتباك أو الإحباط، وعليك هنا أن تدرك أن ردود أفعالك متصلة بك وليس بالشخص الآخر. فإذا طلبت تلقي التعليقات وكان أحد الأشخاص شجاعاً وكريماً بما يكفي لتقديمها إليك، سيتوجب عليك تمالك نفسك وملاحظة ردود فعلك ومحاولة التعرّف على نفسك بدل إيجاد الأخطاء في الشخص الذي أمامك. اسأل نفسك: من أين ينبع هذا الغضب حقاً؟ هل لكون هذا مربكاً؟ أي جزء من الرسالة ينطبق عليّ حقاً حتى لو لم أرغب في الاعتراف به؟

أظهر الامتنان. عبّر عن شكرك بطريقة تُظهر تقديرك الصادق لما حصل. فإذا كنت قد سمعت شيئاً مفيداً، فمن المحتمل أن الشخص الذي يطرح التعليقات أمضى وقتاً طويلاً يفكر بشكل ملي في أدائك وكيفية مناقشة ذلك معك. لقد خاطر ذاك الشخص بأن يكون صريحاً، لذا أظهر له مدى تقديرك لجهده وشجاعته.

قم بالتأمل والتقييم. وبعدما حصلت الآن على بعض البيانات الجديدة، فكر فيما سمعته حتى لو لم تكن من محبي التأمل، إذ يمكنك التعلم من تلك التعليقات والنظر في الأجزاء التي يجب عليك العمل عليها والأجزاء التي يجب عليك تجاهلها والأجزاء التي تتطلب فهماً أعمق من التعليقات التي تلقيتها وآثار ذلك عليك. وللقيام بذلك، من المفيد التفكير في المجالات التي ستساعدك على التطور ومعرفة قيمة منظور ذاك الشخص بالنسبة لك، وأيضاً معرفة الأمور التي سمعتها من أشخاص آخرين. ويعتبر هنا الوقت مناسباً للعودة إلى الأمور التي لا توافق عليها، لكن عليك أن تسأل نفسك عما إذا كانت العودة إلى ذاك الشخص و"تصحيح" المعلومات تستحق فعلاً الضرر المحتمل نظراً إلى أن هدفك هو معرفة وجهات نظر الآخرين عنك. ولن ترى الأمر يستحق التصحيح في العادة.  

صغ خطة ونفذّها. تجهزك جميع الخطوات السابقة للوصول إلى تلك النقطة التي تصوغ فيها خطة وتضعها موضع التنفيذ. اختر قدرة أو اثنتين ترغب في تحسينها، وفكر بالفعل كيف يبدو عليه "التحسين"، ثم ضع في اعتبارك الخطوات اللازمة لتعلم هذا السلوك الجديد وتبنيه. ويعتبر تطوير خطة ووضعها موضع التنفيذ أمراً هاماً لتعلمك وتطورك من ناحية، ومن ناحية أخرى يرسل أيضاً إشارة إلى أولئك الذين قدموا تعليقاتهم مفادها أنك جاد في التحسن وأنك تقدّر ما قدموه لك.

حافظ على التقدم وشاركهم آخر التطورات. تحتاج إلى تكرار السلوكيات الجديدة لمدة شهرين على الأقل لكي تصبح عادات جديدة. إذا عدت إلى من قدموا تعليقاتهم وأخبرتهم بما تفعله بشكل مختلف، ستوفر لهم حافزاً لتغيير وجهات نظرهم، وستبرهن لهم بأنك أخذت ما قالوا بعين الاعتبار، ما سيمنحهم الفرصة لرؤيتك كشخص ملتزم بتطوير نفسك مهنياً.

إنّ القادة الكبار متعلمون رائعون، إذ يدفعهم سعيهم المستمر إلى المعلومات للتحسن المستمر، وهو ما يميزهم عن البقية. لا يعد الحصول على التعليقات والتعلم منها أمراً سهلاً دائماً، ولكنه ضروري إذا أردنا أن نصبح أفضل. ويندر أن يقدم لنا زملاؤنا التعليقات اللازمة لنا لكي نتطور، ومن النادر أيضاً أن نستجيب بطريقة تكافئ جهودهم وتساعدنا على التحسن. لكن يجدر بنا بناء المهارات اللازمة للقيام بذلك بشكل جيد إذا أردنا الاستفادة من كامل إمكاناتنا.

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .

المحتوى محمي