تعرض دراسات الحالة التي تصيغها هارفارد بزنس ريفيو على هيئة قصص خيالية لمشاكل يواجهها القادة في الشركات الحقيقية وتقدّم الحلول التي يراها الخبراء. تستند هذه الحالة إلى دراسة جرت في جامعة فيرجينيا بعنوان: "المراقبة الشاملة" من تأليف ديفيد دانكس، ومارلي هاريل.
لم يكن حارس الأمن قادراً على سماع صوت بيث ويليامز في خضم الضجيج الصاخب الصادر عن جهاز الإنذار. كانت الأنوار التحذيرية تومض وتلمع على الجدران الوردية والسماوية لحضانة "كاب هاوس". تحرّك الحارس معترضاً سبيل ماريا سانشيز التي كانت مندفعة باتجاه أحد الصفوف لإحضار ابنتها. مد ذراعه صوبها محاولاً منعها من الدخول. بدت ماريا في حالة من الرعب الشديد، في حين كانت بيث مؤسِسة "كاب هاوس" ومديرتها مرتاعة هي الأخرى. اندفعت باتجاه الحارس وهمست في أذنه مباشرة قائلة "هي في وضع سليم!". ثم أخرجت هاتفها وأدخلت بعض الأرقام فتوقف صوت الإنذار واختفت الأضواء.
عاد صوت البيانو ليصدح من جديد بأغنية أطفال مشهورة كانت تُعزف في أحد الصفوف في نهاية الممر.
"آسفة جداً"، قالت بيث واضعة يدها على كتف ماريا.1 "نحن نختبر نظام التعرف على الوجوه الذي نستخدمه لحفظ الأمن. وهذا نظام غبي يُفعّل تلقائياً دون سبب طوال الوقت".
نظام معطوب
في وقت لاحق من ذلك اليوم، وبعد أن كان جميع الأطفال وأولياء أمورهم قد غادروا المبنى، طلبت بيث من تشارلز ريفرز، مدير قسم التكنولوجيا لديها، وأنطوني مايكلز، مدير الأمن، الانضمام إليها في غرفة المدرسين. كان الرجلان يعملان في حضانة "كاب هاوس" التي لا تتوخى الربح منذ عام 2010، عندما أسستها بيث في مدينة دايتون التي تنحدر منها في ولاية أوهايو الأميركية.
كانت هذه الحضانة المنشأة الأكبر من نوعها في الولاية، حيث ضمّت مساحات واسعة للأنشطة التعليمية والترفيهية المخصصة للأطفال الذين تقل أعمارهم عن خمس سنوات، وكانت مصممة بحيث يمكن لأولياء أمور الأطفال استعمالها بمنتهى المرونة. كان بعض الأطفال يداومون يومياً؛ في حين كان آخرون يرتادونها مرة في الشهر. لكن جميع الأطفال والبالغين المعنين بإحضارهم إلى الحضانة واستلامهم عند انتهاء الدوام كانوا يجب أن يخضعوا للتسجيل، وكان على البالغين إبراز هوياتهم الشخصية وتزويد الحضانة بأرقام سياراتهم إلى جانب أسمائهم.
قبل ثلاثة أشهر، وبينما كان موظف الاستقبال وحارس الأمن بعيدين عن مكتب الاستقبال، دخلت امرأة لديها مشاكل نفسية وتجوّلت في المنشأة متسببة بالخوف بين أوساط الصغار وبحالة من الذعر لدى أهاليهم. كان تشارلز وأنطوني قد اقترحا على بيث تركيب نظام أمني يعتمد على تكنولوجيا التعرف على الوجوه. كان النظام يستخدم الكاميرات لتصوير وجه كل زائر، ويعتمد على برنامج حاسوبي لتحليل الأبعاد الهندسية للوجه، بحيث تتلقى كل صورة بعد ذلك رقماً خاصاً بها يرتبط باسم معيّن وبأذون دخول محددة. فإذا دخل المبنى شخص ما غير معروف في النظام أو ذي وجه مغطى وغير واضح المعالم، أو في حال دخل زائر مسجل إلى مكان لا يسمح له الدخول إليه، مثل حمّامات الأطفال أو أحد المكاتب الإدارية، فإن النظام سيطلق صوتاً تحذيرياً.
كان أنطوني قد قال إن وضع "كاب هاوس" كمؤسسة لا تتوخى الربح جعل البائع يعرض إعفاءهم من التكاليف الأولية لتركيب النظام، وإن استكمال تركيب المشروع لن يستغرق إلا بضعة أسابيع فقط. وكان تشارلز قد وافقه الرأي قائلاً: "سنستطيع تدبر جميع التفاصيل المالية للمشروع الذي سيكون سليماً من الناحية التكنولوجية، وهو سيريح بال الجميع".
لكن بيث كانت من المشككين. فهل سيلجؤون حقاً إلى إيكال مهمة ضمان أمن الأطفال والزوار التي تحظى بأهمية قصوى إلى نظام آلي؟ بدت تكنولوجيا التعرف على الوجوه مخيفة بنظرها وليست من النوع الذي يمكن استخدامه في مؤسسة تُعنى بالأطفال. ومع ذلك، فقد أصر زميلاها على استعمال النظام، فلم تجد مناصاً من الموافقة على اختباره تجريبياً وبشكل غير رسمي بالتعاون مع الموظفين على مدار ثلاثة أيام خلال عطلة كان المركز خلالها مغلقاً في وجه الزوار، وقد سارت الأمور التكنولوجية خلالها على ما يُرام. وعندما أرسلت مساعد أحد الأساتذة وهو شخص لا يحظى بحق المرور الكامل إلى منطقة مقيدة، انطلقت صفارات الإنذار. وعندما اندفعت متجاوزة منطقة الاستقبال وهي تغطي وجهها بيديها، انطلق صوت تحذيري مرتفع من الجهاز. التقط التطبيق الأمني المثبّت على هاتف بيث صورة لوجه الشخص المتعدي، وكان بمقدورها إدخال رمز لإيقاف جهاز الإنذار عن العمل. أجرت بيث عشرات التجارب غير الرسمية المشابهة، وكان تجاوب النظام خالياً من أي عيوب. وهكذا تبددت جميع مخاوف بيث.
ولكن في صباح اليوم الذي وُضِعَ النظام فيه قيد التشغيل، وقعت الكارثة على الفور. فقد صدح صوت جهاز الإنذار عالياً في خمس مناسبات لم يكن أي منها يمثّل خرقاً أمنياً. وفي كل مرة، كان يُرعِب الموظفين، والأطفال، وأولياء الأمور الموجودين في المنشأة. كانت الحادثة الخامسة هي تلك التي شملت ماريا سانشيز. "أشعر بالقلق"، قالت بيث لتشارلز وأنطوني بعد ظهر ذلك اليوم. "تلقينا الكثير من الشكاوى حتى الآن. ويبدو أننا مقبلون على خطر كبير يتهدد علاقاتنا مع المجتمع المحلي وقد يؤدي إلى عدم رضا الزوار عنّا".
فما كان من تشارلز إلا أن رد على كلامها معترضاً وقال: "هذه مجرّد حالات خلل تحصل في اليوم الأول. فنحن نعلم أن النظام يعمل على ما يُرام، والبائع طمأننا إلى أن عدداً من المستشفيات والمدارس كانت قد جرّبته أصلاً.2 نستطيع إخبار الأهالي وأولياء الأمور أن هذه الإجراءات التي نتخذها تهدف برمّتها إلى حماية أطفالهم. وعندما يرى الناس أننا نُعطي الأولوية للأمن والأمان، فإنهم سيميلون على الأرجح إلى القدوم إلى هنا. فإذا ما تمكنا من الحيلولة دون وقوع حتى حادثة واحدة قد يتضرر فيها أحدهم، فإن هذا المشروع سيكون قد أعطى النتيجة المرجوة منه". غير أن أنطوني قاطعه معترضاً بالقول: "لكنني أعتقد أننا نواجه مشكلة".
"هل صدف ولاحظتما أي أوجه تشابه بين الأشخاص الذين تسببوا بانطلاق صفارات الإنذار؟" نظرت بيث وتشارلز إلى بعضهما البعض وفي وجهيهما شيء من اللامبالاة.
"كان الأشخاص الخمسة جميعهم سيدات من ذوات البشرة الداكنة"3، قال أنطوني. "فأنظمة التعرف على الوجوه حالها حال أي تكنولوجيا مؤتمتة أخرى تعتمد على البيانات المستعملة لتصميمها: فإذا ما كانت الوجوه المستعملة بمجملها لذكور من ذوي البشرة البيضاء، وهي السمة التي يتصف بها معظم الأشخاص الذين يبرمجون هذه الأشياء، فإن النظام سيرتكب عدداً أكبر من الأخطاء عند تقييم وجوه الأشخاص ذوي البشرة السوداء، أو الداكنة، أو الوجوه النسائية. وبوسعنا معالجة هذه المشكلة جزئياً بطرق تقنية، أليس كذلك يا تشارلز؟" هز تشارلز رأسه موافقاً. "ولكن هل تضمن أن نكون قادرين على حلها بالكامل؟" هنا شعرت بيث بالرعب الشديد مجدداً. فإذا ما كانت الإنذارات الكاذبة تطال وبصورة غير متناسبة السيدات والأشخاص ذوي البشرة الملونة، وهي السمة التي تتصف بها غالبية من يأتون إلى المركز كل يوم، فإن ذلك لن يؤدي فقط إلى زعزعة كبيرة ودائمة، وإلى مخاطر تهدد السمعة، بل وحتى احتمال تعرّض المركز للمسؤولية القانونية، وإنما سيكون هذا أيضاً منافياً لجميع القيم والمبادئ التي حاولت تلقينها للأطفال بخصوص الإنصاف والتعاطف. ومع ذلك، ونظراً لعدد حوادث إطلاق النار في مدارس4 الولايات المتحدة، والنسب العالية للجرائم في دايتون، والتهديد الذي تمثله المرأة التي لديها مشاكل نفسية، فإن المحافظة على سلامة "كاب هاوس" كانت دون أي شك الأولوية القصوى بالنسبة لها ولعملائها.
"دعونا نوقف النظام عن العمل في الوقت الحاضر"، قالت بيث. "سأمنحكما أنتما والبائع بضعة أسابيع للعمل على إصلاح مشكلة الإنذارات الكاذبة".
العواقب القانونية
اجتمعت بيث مع تانيا مارشال لتناول الغداء في اليوم التالي في مقهى في وسط مدينة دايتون. كانت السيدتان على علاقة صداقة منذ أن كانتا طالبتين في جامعة ولاية أوهايو. كانت تانيا الآن أول شريكة سوداء البشرة في أكبر مكتب للمحاماة في المدينة. وسبق لتانيا أن كانت قد شجعت بيث على بناء حضانة "كاب هاوس" عندما لم تكن أكثر من مجرد مجموعة من شرائح العرض على برنامج باوربوينت. كان طفلاها من الذين يترددون دائماً على المركز، وهي كانت إحدى أنشط عضوات مجلس إدارة "كاب هاوس" ومتبّرعة دائمة له.
"أردت سماع رأيك بخصوص أمر معيّن"، قالت تانيا بعد أن طلبت السيدتان الطعام. لقد وضعت ماريا سانشيز منشوراً على صفحة أولياء الأمور الخاصة بمركز "كاب هاوس" على فيسبوك قالت فيه إنها هي وسيدتان أخريان من أصل أميركي لاتيني تعرّضن للإيقاف من نظام الإنذار عندما دخلن المركز".
"كان عددهن خمس سيدات"، قالت بيث.
"خمس سيدات؟"
"نعم، لقد رن جهاز الإنذار خمس مرّات عند دخول سيدات ذوات بشرة ملونة". أخبرت بيث تانيا عن السيدة التي لديها مشاكل نفسية، والبرنامج الحاسوبي الخاص بتكنولوجيا التعرف على الوجوه، والعيوب التي يعاني منها. "النظام يخضع للتحسين حالياً"، قالت بيث.
"الأفضل ألا تعيدوا تشغيله"، قالت تانيا. "على الأقل ليس الآن. فأنتم قد تعرّضون المركز للمقاضاة في المحاكم إذا سنت ولاية أوهايو قوانين جديدة للخصوصية". ثم ذكرت لها مجموعة من القضايا القانونية والتسويات التي حصلت مؤخراً في ولاية إيلينوي وتشمل فيسبوك، وجوجل، وشركة "كليفير فيو أيه آي" (Clearview AI) للذكاء الاصطناعي.
"معظم الناس يشعرون بعدم الارتياح5 تجاه استعمال الشركات لهذا النوع من التكنولوجيا"، قالت تانيا. "لا أعلم إذا كان الوضع سيكون مختلفاً في حالة "كاب هاوس"". فسألتها بيث: "حتى لو كانت هذه التكنولوجيا تهدف إلى زيادة درجة الأمان لدينا؟". "ماذا لو توقّفنا عن استعمال النظام وحصل خرق آخر كان بوسعنا الحيلولة دون وقوعه؟ لنفترض لا سمح الله أن شخصاً دخل المنشأة مسلحاً ببندقية! كيف سأشرح هذا الوضع للأهالي، وكيف سأقول لهم إنه كانت لدينا تكنولوجيا لحماية الأطفال لكننا لم نستعملها؟ ألن يعرّضنا هذا أيضاً لاحتمال مقاضاتنا؟"6
التزمت تانيا الصمت لبرهة ثم قالت: "انظري يا عزيزتي! أنا لا أقول إنكم لا يجب أن تستعملوا برنامجاً للتعرف على الوجوه. لكنكم يجب أن تدرسوا الأمر ملياً من الناحيتين القانونية والأخلاقية ويجب أن تضمنوا تغطية جميع الجوانب لكي تكونوا في مأمن. فإذا ما بدأت النساء ذوات البشرة الملونة يتعرضن للتحرش من حرّاس الأمن، فساعتها على "كاب هاوس" السلام".
هل هو جاهز للاستعمال؟
عمل تشارلز خلال الشهر التالي مع البائع من أجل تحسين مستوى دقة النظام الأمني. نصبوا ثلاث كاميرات ذات دقة عالية عند مكتب الاستقبال ليستعملوها في التقاط الصور من زوايا مختلفة لجميع من يدخلون المبنى ويخرجون منه. وضعوا عند مكتب الاستقبال لافتة كبيرة كتبوا عليها العبارة التالية: "نحن نصوّركم لأغراض أمنية". أعطى برنامج التعرف على الوجوه لكل صورة رقماً خاصاً بها يرتبط باسم الزائر وأذون الدخول الممنوحة له. وكلما كان عدد الصور المرفقة بكل ملف يكبر، كانت دقة النظام في التعرف على الوجوه تزداد. ومن أجل حل المشاكل المتعلقة بوجوه النساء وأصحاب البشرة الداكنة بشكل مباشر، منحت بيث الإذن بتركيب أنوار ساطعة عند مكتب الاستقبال لتمكين الكاميرات من التقاط تفاصيل الوجوه بدقة أعلى.
ورغبة من تشارلز في قياس مدى براعة النظام في العمل ضمن ظروف حقيقية، استعمله أثناء الحفلة الصيفية عندما كان معظم الأطفال وأولياء أمورهم في "كاب هاوس" يصغون إلى أطفال في الخامسة من عمرهم ينشدون الأغاني المعروفة. وقد عطّل تشارلز جهاز إطلاق الإنذارات وأبقى على الإشعارات بحيث يتلقى تحذيراً كلما سُجّل خرق. وفي ذلك المساء تلقى إشعارين. حصل الإنذار الأول عندما دخل أحد الأهالي غير المسجلين إلى المركز دون التوقف عند مكتب الاستقبال. أما الإنذار الثاني فحصل عندما أخذ أحد الآباء ابنه الرضيع إلى حمّام الأطفال ليغيّر له حفاضه.
صباح اليوم التالي، أحضر تشارلز معه قطعاً من حلوى الدونات، وناقش هو وبيث وأنطوني النتائج على إحدى الموائد المخصصة للنزهات في الحديقة الخلفية في "كاب هاوس". قال تشارلز إنه واثق أن النظام قد تحسّن وأن الإنذارات الكاذبة، وإن كانت حتمية، لن تتكرر بكثرة. أوصى بتخفيض صوت الإنذار قليلاً لكي لا تتسبب أصوات الإنذار الصادرة بإثارة رعب كبير. كما كتب مسودة رسالة يشرح فيها للمجتمع المحلي تفاصيل النظام والأسباب المحتملة للإنذارات الكاذبة طالباً من الأهالي مسامحته سلفاً على أي إزعاج قد يحصل.
كان أنطوني راضياً عن الخطة. ففي أسوأ الأحوال، سيكون النظام مصدراً للإزعاج. وفي أحسن الأحوال، سيحمي النظام الأطفال ويوفّر بعض الدعم لموظفي الأمن لديه.
كانت بيث ما تزال تشعر بالقلق لأن شهراً من الإصلاحات وليلة من التجريب ليسا كافيين برأيها لضمان دقة النظام. لا شك في أن تخفيض صوت الإنذار فكرة جيدة، ولكن ما فائدة نظام الإنذار إذا لم يكن بمقدور جميع الناس سماع الصوت عندما يدوّي؟ هل ستساعد هذه التكنولوجيا حقاً على زيادة درجة الأمان في "كاب هاوس"؟ أم أنها ستتسبب بمتاعب إضافية لمؤسسة بيث؟
ملاحظات على دراسة الحالة
- هل أحسنت بيث وحارس الأمن التعامل مع هذا الوضع؟ ما الشيء المختلف الذي كان بوسعهما فعله؟
- اختبر مستشفى مارتن لوثر كينغ المجتمعي في لوس أنجلوس برنامجاً حاسوبياً أمنياً للتعرف على الوجوه لمدة خمسة أشهر، وقد كانت درجة الموثوقية بالنظام 100%، ولم يصبه أي خلل على الإطلاق.
- أجرى معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا (إم آي تي) ومايكروسوفت تجربة لتبيّن مدى فاعلية برنامج حاسوبي أمني للتعرف على الوجوه في تحديد جنس الأشخاص من وجوههم. وقد أصاب البرنامج في أكثر من 99% من الحالات عندما كان الأشخاص المختبرون رجالاً من ذوي البشرة الفاتحة، لكن نسبة الدقة لم تزد على 66% في حالات السيدات ذوات البشرة الداكنة.
- حتى مايو/ أيار 2022، بلغ عدد حوادث إطلاق النار في المدارس الأميركية 27 حادثة، الأمر الذي أسفر عن الكثير من الإصابات والوفيات في الولايات المتحدة الأميركية.
- توصّل مركز بيو للأبحاث إلى أن 36% من الناس فقط يقولون إنهم يثقون بأن شركات التكنولوجيا تستعمل تقنية التعرف على الوجوه بمسؤولية.
- هل تعتقدون أن هذه التكنولوجيا هي الطريقة الأكثر فاعلية لضمان الأمن في "كاب هاوس"؟ وإذا كانت كذلك، ما هي التعديلات التقنية واستراتيجيات التواصل التي يجب اتّباعها؟
رأي الخبراء
هل يجب على بيث استعمال برنامج التعرف على الوجوه في "كاب هاوس"؟
جوزيف ستاينبيرغ (Joseph Steinberg): رئيس تنفيذي سابق لمؤسستي "سيكيور ماي سوشال" (SecureMySocial) و"غرين آرمور سولوشنز" (Green Armor Solutions) ومؤلف كتاب "تبسيط الأمن السيبراني لغير المختصين" (Cyber Security for Dummies).
سأطرح على بيث ثلاثة أسئلة:
هل تحل التكنولوجيا المشكلة التي تحاولون حلها؟ إذا كانت الإجابة هي نعم، هل هي الطريقة الفضلى لحل مشكلتكم؟ وهل تحل المشكلة دون التسبب بمشاكل جديدة؟ الإجابة عن جميع هذه الأسئلة الثلاث هي لا.
لا تحتاج بيث إلى تكنولوجيا التعرف على الوجوه، ولا يجب أن تستخدمها كآلية أساسية لضمان أمن "كاب هاوس" ومنع دخول الأشخاص غير المخولين بالدخول. وثمة طرق أفضل لتحقيق أهدافها، عدا عن أن هذه الطرق ستكفل الأمن بطريقة أفضل مقارنة بتكنولوجيا التعرف على الوجوه، ولن تخلف الكثير من الآثار الجانبية غير المرغوبة.
بوسع بيث مثلاً إصدار بطاقات قابلة للمسح بواسطة الأجهزة تمنحها للأشخاص الذين يحق لهم الدخول. وبمقدور حارس الأمن مسح بطاقة هوية أي شخص يحاول دخول "كاب هاوس" ومقارنة مظهر الشخص الراغب بالدخول مع الصور التي تظهر على شاشة الكمبيوتر. (ولا شك في أن الحارس سيكون قادراً على التعرف على الأشخاص الذين يفدون إلى المكان كل يوم). وبمقدور بيث إقفال أبواب "كاب هاوس" من الخارج، ووضع أجهزة إنذار عليها باستثناء البوابة الأمامية مع إعطاء الحارس إمكانية استعراض كاميرات تكشف جميع الأبواب. وبوسعها أيضاً تركيب مجموعتين من الأبواب الدوارة عند المدخل.
قد تكون الطريقة التقليدية أقل إبهاراً مقارنة بتكنولوجيا التعرف على الوجوه، لكنها يجب أن تكون أكثر فاعلية. فاعتماداً على الطريقة التي تبرمج بها تكنولوجيا التعرف على الوجوه، فإنها على الأرجح إما ستطلق عدداً أكبر من الإنذارات الكاذبة، أو ستسمح بدخول عدد أكبر من الأشخاص غير المخولين بالدخول إلى "كاب هاوس" بالمقارنة مع حارس الأمن. كما أن النظام الأمني، وخلافاً لما هو عليه الحال بوجود الحارس، لا يمكن أن يمنع دخول شخص من المحتمل أن يطلق النار أو غيره من الأشخاص غير المفوضين بالدخول إذا ما شقوا طريقهم بالقوة. خلاصة القول هي أن "كاب هاوس" سيكون أقل أماناً على الأغلب إذا ما استعملت بيث نظام التعرف على الوجوه مقارنة مع استعمالها لمنهجية بديلة أثبتت نجاحها مع مرور الزمن.
سيدريك آلكسندر (Cedric L. Alexander): مؤلف كتابي "دفاعاً عن وظائف الخدمة العامة" (In Defense of Public Service) و"الأوصياء الجدد" (The New Guardians).
تكنولوجيا التعرف على الوجوه مفيدة جداً
نحن نستعملها كل يوم لنفتح هواتفنا، وعندما نسافر، وللأغراض الأمنية. ولكن ليس بوسعكم اختبار منتج جديد للتعرف على الوجوه والترويج له باستعمال قاعدة بيانات تخص الأشخاص البيض فقط، ولا يمكن تجريبه لليلة واحدة فقط أثناء حفلة موسيقية، وهذا ما فعله فريق بيث. فقبل أن تطبّق النظام في "كاب هاوس" حيث تعتبرُ مسؤولة عن أمن الأطفال، كان ينبغي لها أن تتحدث إلى بائعين آخرين وأشخاص آخرين من أصحاب الخبرة في أنظمة التعرف على الوجوه. لا بد من وجود بيانات موثوقة تدعم قدرة النظام على التجاوب بدقة. لا شك في أن تركيب "كاب هاوس" للأنوار الكاشفة ولنظام أفضل للكاميرات كان خطوة مفيدة، لكن الشركة التي اشترت بيث التكنولوجيا منها يجب أن تعرض عليها بيانات إضافية لتثبت لها دقة النظام. ويتعين عليها أن تطرح على البائع سؤالاً مباشراً: "هل يتعرض هذا المنتج للاختبار على مجموعة واسعة من الناس؟" بعدها يجب أن تعمل مع البائع على تزويد موظفيها بالتدريب المناسب، ويجب أن تشترط على الموظفين الذين يستعملون النظام امتلاك مؤهلات أو شهادات معيّنة.
لو كنت مكانها لواجهت أولياء أمور الأطفال مباشرة ولما كنت اكتفيت برسالة من تشارلز. فقد كان بمقدور بيث التحدث إليهم وجهاً لوجه أو ضمن مجموعات. وكان بمقدورها أن تشرح لهم كل شيء: "هذه هي التكنولوجيا التي سوف نستعملها للمحافظة على أمن أطفالكم. وهذه هي الشركة التي ننوي شراء التكنولوجيا منها. وإليكم الطريقة التي ستقلل بها هذه التكنولوجيا من احتمال دخول شخص إلى هنا لإلحاق الأذى بأطفالكم". عندما تخبر الناس أنك في صدد استعمال تكنولوجيا جديدة، ستتاح لهم الفرصة للاقتناع بها أو التعبير عن مخاوفهم إن وجدت. غالباً ما يكون الناس مستعدين للمشاركة في شيء جديد ومبتكر، وخاصة إذا ما اعتبروه منصفاً وعادلاً ويحقق النتائج المرجوة. أما إذا لم تتحدث بيث إلى أولياء الأمور وحصلت مشكلة معيّنة، فإنها ستواجه عواقب سلبية أكبر، حتى لو كان تشارلز قد أرسل الرسالة أصلاً. في غضون السنوات العشر إلى الخمس عشرة المقبلة، ستصبح أنظمة التعرف على الوجوه جزءاً طبيعياً من الطريقة التي نضمن بها أمننا. لكنها يجب أن تُحسّن وينبغي لنا أن نبذل جهداً أكبر في تثقيف الناس حول أهمية هذه التكنولوجيا.