على الرغم من الاستثمارات الضخمة للشركات في البرامج الرامية إلى النهوض بالقيادات النسائية، فإن عدد النساء في المناصب التنفيذية لم يتغير طوال العقد الماضي بسبب تقييمات الأداء المبهمة. حتى إن كان تمثيل النساء يتم بمستوى جيد في الإدارة الوسطى، فإننا نلمس انخفاضاً لأعداد النساء عندما نقفز إلى مستوى النواب التنفيذيين للرئيس. ولكن لماذا لا تترقى النساء إلى صفوف المناصب التنفيذية؟
يتمثل أحد الأسباب في التقييمات التي يتلقاها كل من الرجال والنساء طوال مسيرتهم المهنية. إذ أظهرت أبحاثنا التضاؤل المنهجي لفرص النساء بالحصول على تقييم محدد ومرتبط بالنتائج، سواء عند تلقي الثناء أو عند تلقي تقييمات التطوير. بعبارة أخرى، يتلقى الرجال صورةً أوضح للمهام التي يبرعون في تنفيذها، إضافةً إلى الإرشادات المحددة عن الأمور المطلوب تغطيتها للترقي إلى المستوى التالي.
تقييمات أداء النساء والرجال
عند تحليلنا لعينة من تقييمات الأداء الخاصة بالرجال والنساء في 3 شركات متخصصة بالتكنولوجيا الفائقة وشركة متخصصة بالخدمات المهنية، وجدنا أن النساء يتلقين باستمرار تقييمات مرتبطة بنتائج الأعمال أقل من الرجال. حيث تتيح تلك التقييمات المبهمة للنساء معرفة الصورة العامة عن أدائهن المقبول، ولكنها لا تحدد بدقة أي الإجراءات تم تقييمها أو الآثار الإيجابية لإنجازاتهن. كما علمنا أن التقييمات المبهمة ترتبط بانخفاض معدلات مراجعات الأداء الخاصة بالنساء وهذا لا ينطبق على الرجال. بعبارة أخرى، قد تؤدي التقييمات المبهمة إلى عرقلة مسيرة النساء المهنية على وجه الخصوص.
كما تشير أبحاثنا إلى أن هذه الاتجاهات قد تكون نتيجة للانحياز اللاإرادي. والصورة النمطية لمؤهلات النساء تؤثر في المراجعين وتجعلهم أقل ميلاً لربط إسهامات النساء بنتائج العمل أو الاعتراف بخبراتهن الفنية. وقد تعزز الصورة النمطية لقدرة النساء على تقديم الرعاية اعتقاد المراجعين بأن إنجازات النساء سببها جهود العمل الجماعي وليس قيادة الفريق.
إضافة إلى ذلك، أظهرت تحليلاتنا المتعمقة التي طُبقَت على أكثر من 200 مراجعة أداء لإحدى شركات التكنولوجيا الكبرى، تضمن المراجعات الخاصة بالنساء على الثناء المبهم أكثر من نظرائهن الرجال بنسبة (57% و43% على التوالي). لقد زخرت المراجعات الموجهة للنساء بتعليقات مثل "لقد كان أداؤك رائعاً هذا العام". وعلى النقيض من ذلك، خلص تحليلنا إلى أن تقييمات التطوير الموجهة للرجال أكثر ارتباطاً بنتائج الأعمال بنسبة (60% للرجال مقابل 40% للنساء).
علاوة على ذلك، نرى أن النساء عندما يتلقين تقييمات التطوير المحددة، فإنهن يملن إلى التركيز المفرط على أسلوب تواصلهن. وفي حين أن القدرة على التواصل هي إحدى المهارات المهمة التي يجب أن يتمتع بها القادة، فمن الجدير بالذكر أن معظم التقييمات السلبية التي تتلقاها النساء تدور حول أساليب التواصل. فبعض التعليقات مثل "أسلوبها وطريقتها في التحدث قد ينفّر بعض الأشخاص أحياناً" قد تعبر عن مخاوف أحد المدراء، ولكن هذا النوع من التعليقات لا يقدم أي اقتراح لتحسين تلك السلوكيات تحديداً. وهذه هي أنماط التقييمات السائدة في المراجعات الموجهة للنساء. في الواقع تبلغ نسبة الإشارات، مثل "حادة الطبع"، 6% في مراجعات النساء، مقابل 24% عند الرجال.
وفي المقابل، يزداد احتمال تلقي الرجال لتقييمات التطوير المتعلقة بالجوانب الفنية، على سبيل المثال: "تحتاج إلى تعميق معرفتك في مجال كذا.." وبمجرد أن تغطي هذه النقطة، ستتمكن من المساهمة في قرارات التصميم التي تؤثر مباشرة على العميل". حيث تعد تنمية المهارات الفنية اللازمة أمراً أساسياً ليتم اعتبارك قائداً في مؤسسة تكنولوجية.
ومن الواضح أن هذه الديناميكيات قد تؤدي إلى حرمان النساء من الترقية. فمع عدم توفر الإنجازات الموثقة والمحددة، سيصعب على المدير تحديد مبررات الترقية. وفي المقابل، في حال إغفال إنجاز أي من أهداف العمل، سيؤدي غياب التقييم الصريح للنساء إلى حرمانهن من فرصة النجاح في نيل الترقية.
وإذا لم يحدد المراجعون المجالات التي تتميز فيها النساء، والمجالات التي عليهن تطويرها، والمشاريع التقنية التي يجب عليهن استهدافها في المرحلة المقبلة، فستتعرض النساء لحرمان جائر من الترقية. وسيؤدي النقص العام في رعايتهن إلى انسحابهن أو انتقالهن إلى شركة جديدة. كما قد تؤدي الفرص الضائعة في تنمية المهارات الحاسمة إلى "حصر" النساء في وظائف الدعم التي تصنف نمطياً على أنها وظائف نسائية ذات مسار مهني محدود لا ترقى إلى مستوى وظائف الإدارة العليا.
قد يصعب على المدير تقديم التقييمات المهمة والضرورية للجميع، ولكن وفقاً للأستاذة ستاسي بلاك بيرد، فإن تقديم التقييمات لطرف مختلف من ناحية النوع أو العرق أو العمر، على سبيل المثال، يعد أمراً مربكاً للغاية. فعند تقديم التقييم النقدي للنساء، قد يشعر المدراء الذكور بالقلق إزاء كيفية تلقي هذا التقييم. حيث يشكل "التردد الوقائي"، وهو الفشل في تقديم التقييم خوفاً من رد الفعل السلبي للمتلقي، عائقاً كبيراً أمام إجراء المحادثات الضرورية لتطوير المسار المهني للنساء.
كيفية التخلص من تقييمات الأداء المبهمة
النبأ السار هنا، هو أن الاستثمار في جودة التقييمات المقدمة يمكن أن يؤتي ثماره. ففي البرنامج التدريبي "ستيب أب" (Step Up)، الذي تم تنفيذه في شركة "مايكروسوفت" للتكنولوجيا، صاغت رائدة التكنولوجيا لورين أنتونوف، العملية السنوية لتنمية المهارات القيادية القائمة على تقديم التقييمات الواضحة القابلة للتنفيذ. وكان الهدف من هذه العملية التعرف على جوانب القوة لدى القادة والجوانب التي تحتاج إلى التطوير، مع تقديم التوصيات المحددة لتحقيق التنمية، إضافة إلى تقديمها للنتائج الواضحة. ومن بين 17 امرأة شاركن في السنة الأولى، تمت ترقية 6 منهن لمناصب قيادية.
بالتالي، يمكن للمدراء تحسين جودة التقييمات المقدمة وتمهيد الطريق بشكل عادل أمام الفريق عبر اتباع الخطوات البسيطة التالية:
قبل البدء بعملية التقييم
سواء أكان التقييم شفهياً أم كتابياً، حدد بإيجاز المعايير المستخدمة في عملية تقييم الموظفين. وقم بصياغة النتائج أو السلوكيات المحددة التي تُعبر عن الإتقان. وعليك أيضاً توحيد المعايير المستخدمة لتقييم جميع الموظفين في هذه المرحلة.
اجعل مناقشة ثلاثة نتائج عمل محددة مع جميع الموظفين على حد سواء هدفاً لك خلال عملية التقييم
وإذا عجزت عن تحديد النتائج التي يجب مناقشتها مع أحد الموظفين، فيجب عليك التعمق في البحث أو أن الطلب من ذلك الموظف أو من زملائه التوسع في تقديم تفاصيل.
قم بربط التقييم بانتظام بنتائج العمل وأهدافه
سواء أكان هذا التقييم إيجابياً أو متعلق بالتطوير. وإذا وجدت أنك تقدم التقييمات دون ربطها بالنتائج (على سبيل المثال: "الناس يحبون العمل معك")، فتساءل عن إمكانية ربط تلك التقييمات بنتائج محددة مثل: "أنت عضو فاعل في تعزيز نتائج الفريق. لقد نجحت في حل مشكلة الانقسام القائمة بين فريق الهندسة وفريق المنتج، وقد انعكس ذلك في إبراز الأولويات خلال دورة الإنتاج الأخيرة، ما أدى إلى نجاح عملية شحن المنتج في الوقت المحدد".
وعند تقييم الموظفين العاملين في الأدوار الوظيفية المتشابهة
عليك تقديم الإشارة إلى الإنجازات والإمكانات الفنية لكل منهم بإنصاف. يجب أن تتنبه لأي شح في التفاصيل المذكورة عن أي موظف، وابذل جهوداً إضافية لحصر جميع التفاصيل والتأكد من عدم إغفال أي مهارة أو حاجة تنموية.
اسع لتوحيد حجم جميع المراجعات المقدمة للموظفين
فهذا سيساعد على ضمان توحيد مستوى التفاصيل وبالتالي التفاصيل المقدمة لجميع الموظفين.
في الواقع تقدم لنا هذه المكاسب الصغيرة، أو ما نسميه إجراءات الرعاية المتناهية في الصغر، السبل اللازمة لتحقيق المساواة في فرص الوصول إلى عالم القيادة بعيداً عن تقييمات الأداء المبهمة.