كيف تمكنت السعودية من صناعة تجربة رائدة في منظومة تقويم المطابقة وسلامة المنتجات؟

2 دقائق
البنية التحتية للجودة
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

تُعتبر منظومة البنية التحتية الوطنية للجودة، واحدة من أهم المرتكزات لتمكين الصناعة، وتعزيز التنافسية، والارتقاء بجودة المنتجات والخدمات في أي بلد حول العالم. كما يعد تطوير هذه المنظومة أحد الأسباب المحورية في ريادة اقتصادات الدول.

وقد مهّدت رؤية 2030 الطريق لتطوير منظومة البنية التحتية للجودة في المملكة العربية السعودية لتكون أحد ممكّنات التطور الاقتصادي وتعزيز تنافسية الصناعات والمنتجات والخدمات السعودية. وتتكون هذه المنظومة من عدة عناصر أهمها: المواصفات القياسية، القياس والمعايرة، الاعتماد، تقويم المطابقة، تدعمها الضوابط الرقابية على الأسواق والسياسات التشريعية والتنظيمية التي من شأنها رفع كفاءة السوق، مدعومة بالمحفزات والممكّنات الاقتصادية الأخرى.

كما تسهم هذه المنظومة في بناء الثقة بالسوق الوطنية وحماية المستهلك، وتُحسّن فرص الوصول إلى الأسواق، وتدعم المشاركة في سلاسل التوريد العالمية، وتمكين التجارة العادلة. وتتسابق الهيئات والمؤسسات المعنيّة بمنظومة البنية التحتية للجودة حول العالم إلى وضع أسس راسخة وقوية لهذه النشاطات بهدف الوصول إلى قاعدة قوية وصلبة للممارسات الصناعية والاقتصادية في كافة الأسواق المحلية والإقليمية والدولية.

من هذا المنطلق، نجحت المملكة العربية السعودية في تنفيذ تجربة رائدة في منظومة تقويم المطابقة وسلامة المنتجات، عبر إطلاقها البرنامج السعودي لسلامة المنتجات ضمن برامج رؤية 2030، وهي التجربة التي قادتها الهيئة السعودية للمواصفات والمقاييس والجودة بالتعاون مع الجهات السعودية المعنيّة، ونتج عنها الارتقاء بمستويات مطابقة المنتجات في السوق السعودية من 57% في عام 2016 إلى 82% في 2022.

كانت هذه القفزة النوعيّة في مستويات مطابقة المنتجات بالسوق السعودية نتيجة مباشرة لإجراءات وإصلاحات متواصلة، شملت تطويراً شاملاً للمنظومة التشريعية ذات الصلة بسلامة المنتجات وتقويم المطابقة، وإصدار أكثر من 50 لائحة فنية تمثل المرجع التنظيمي الأهم في المتطلبات الفنية للمنتجات المندرجة ضمن نطاق تلك اللوائح، إذ عالجت تلك اللوائح القضايا الفنية المرتبطة بسلامة المنتجات وجودتها وفقاً لمعايير فنيّة محكمة بحسب درجات خطورة تلك المنتجات وأثرها على سلامة المستهلك وحماية البيئة. كما تضمنت هذه الإصلاحات أيضاً تركيزاً على تحسين تجربة الموردين والمصنّعين من خلال أتمتة جميع عمليات إصدار شهادات المطابقة والإرسالية عبر منصة سابر الإلكترونية، إذ تجاوز عدد المنتجات المسجلة في هذه المنصة حتى الآن 5 ملايين منتج، وأُصدرت 3 ملايين شهادة مطابقة وإرسالية للمنتجات المتداولة في السوق السعودية.

وتأكيداً على مبدأ التكامل بين الجهات الحكومية والخاصة، نجحت الجهود الحكومية السعودية في الربط الرقمي الكامل بين منصة سابر وأكثر من 13 منصة حكومية أخرى لتحسين تجربة المستفيدين وإيجاد حلول متكاملة للموردين والمصنعين. ولم تقف التجربة السعودية عند هذا الحد، بل انطلقت عبر نشاط مدروس لعدد من الإجراءات التي تضمن تحسين كفاءة جهات تقويم المطابقة وموثوقيتها، التي تفوّضها هيئة المواصفات لتنفيذ بعض إجراءات المطابقة وعلامات الجودة وغيرها للمنتجات قبل دخولها إلى السوق السعودية، إذ وصل عدد الجهات المفوضة لدى المواصفات السعودية إلى أكثر من 500 جهة من دول العالم.

واستمراراً لجهود المواصفات السعودية في تعزيز حماية المستهلك والحفاظ على سلامته، أنشأت الهيئة مركزاً متخصصاً للرصد والإنذار عن المنتجات غير الآمنة، وقد وصل عدد المنتجات غير الآمنة المُنذر عنها عبر هذا المركز منذ إنشائه إلى أكثر من 172 منتجاً استهلاكياً.

أسهمت كل هذه النشاطات في تطوير تجربة سعودية رائدة ومميزة، أصبحت محلَّ اهتمام وتركيز من قبل الهيئات والمنظمات المتخصصة في مختلف دول العالم، ونتطلع لأن تكون هذه التجربة أحد الأمثلة المرجعية في تطوير البُنى التحتية للجودة وتعزيز النمو الاقتصادي المستدام.

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .