كيف يمكن لتقنية المساعدات الصوتية تغيير طريقتنا في التسوق؟

7 دقائق

يعمل الذكاء الاصطناعي على زعزعة كل القطاعات، ويؤدي إلى ابتكار نماذج أعمال جديدة، وتحول رقمي إضافي، ومستقبل من التكنولوجيا المدمجة في بيئتنا الطبيعية. وتعتبر سماعات تكبير الصوت الذكية أسرع التكنولوجيات الاستهلاكية نمواً منذ الهواتف الذكية، وهي مهيأة لإحداث ثورة في الطريقة التي نتفاعل بها مع التكنولوجيا. يمكن للحواسيب الآن التحدث بلغتنا.

والسؤال الرئيس الذي يواجهه قادة الأعمال الآن هو: كيف ستؤثر حركة المساعد الصوتي في طريقة تسوق زبائنك، وكيف ستحتاج أنت في المقابل إلى التكيف من حيث طريقة تسويق خدماتك ومنتجاتك وبيعها؟

تفاخرت شركة "أمازون" بأن استخدام الزبائن لـ"أليكسا" (Alexa) في التسوق تجاوز 3 أضعاف خلال موسم الأعياد في عام 2018 مقارنة بعام 2017. ويتوقع مستشارون استراتيجيون بشركة "أو سي آند سي" (OC&C) أن التسوق عبر الأوامر الصوتية سينمو إلى أكثر من 40 مليار دولار في عام 2022، وهو ارتفاع من 2 مليار دولار حالياً في الولايات المتحدة والمملكة المتحدة. ويتوقع البعض نمواً أسرع من ذلك، حيث تتوقع شركة "جونيبر" (Juniper) أن يصل ذلك الرقم إلى 80 مليار دولار بحلول عام 2023.

وبينما تبدو الأرقام الأولى واعدة، فإنه يتعين عليك النظر إليها بتحفظ شديد. لم تصرّح أمازون بأي أرقام موثوقة عن التسوق عبر الأوامر الصوتية، ولكن ثمة تقارير صادرة عن شركة "ذي إنفورميشن" (The Information) أشارت في بداية العام إلى أن 2% فقط من مالكي "أمازون إيكو" (Amazon Echo) سبق لهم أن جرّبوا التسوق عبر الأوامر الصوتية.

يعتمد كل ذلك حقاً على الطريقة التي تُعرّف بها "التسوق". في عام 2018، وجدت شركة "فويس بوت" (Voicebot) أن 1 من أصل كل 5 بالغين في الولايات المتحدة استعمل التعبير الصوتي في إطار رحلة التسوق الخاصة به، وقد يكون ذلك في أي مرحلة على مسار الشراء، ولكن ليس الصفقة نفسها. وفي 2019، وجدت الشركة أيضاً أن أكثر من 40% من مستعملي سماعات تكبير الصوت الذكية في الولايات المتحدة سبق أن بحثوا عن منتج ما على سماعة تكبير صوت ذكية.

وثمة توافق عام على أن أنشطة التسوق عبر الأوامر الصوتية في ازدياد، لكن ما الذي يجعل التسوق الصوتي جذاباً في حد ذاته؟

يوجد بعض الأسباب الرئيسة حول سبب امتلاك التسوق عبر الأوامر الصوتية لإمكانات هائلة. إذا كنا نستطيع فهم هذه الأسباب، يمكننا تشكيل استراتيجية تطابق توقعات الزبائن أو تفوقها، حيث يزيد استعمال المستهلكين لتقنيات المساعدات الصوتية في شراء السلع والخدمات:

إنها أسرع. يمكننا التحدث بسرعة أكبر من استعمال لوحة المفاتيح، لذا فإن استعمال الصوت أسرع في العادة من أي وسيلة أخرى. وعلى سبيل المثال، في عام 2018 أطلقت شركة "فيرجن ترينز" (Virgin Trains) في المملكة المتحدة مهارة أليكسا تسمح للزبائن بحجز تذاكر القطارات من خلال أليكسا. وهي تقلص متوسط وقت الحجز من 7 دقائق على الإنترنت إلى دقيقتين عبر الصوت. إمكانية توفير الوقت هي شيء دائماً ما يجذب الزبائن.

إنها سلِسة. بغض النظر عن مدى سهولة استعمال موقعك الإلكتروني أو تطبيقك، وبغض النظر عن مستوى عملك على معدل التحويل، فأنت دائماً تصارع الاحتكاك المتأصل المبني في الجهاز نفسه. ولتحصل على تطبيق محسّن بشكل مذهل، خذ بعين الاعتبار أن على المستخدم:

  1. إخراج هاتفه.
  2. فتح القفل.
  3. التمرير لإيجاد تطبيقك.
  4. النقر لفتح التطبيق.
  5. الانتظار حتى يكتمل تحميل التطبيق.

عندها فقط يمكنك البدء في تجربة مُبهجة قد أعددتها له. ومن خلال الصوت، يكون كل شيء على بُعد حرف تنطق به. يوجد ببساطة عدد أقل من العوائق التي تحتاج للتغلب عليها لبدء تجربة التسوق.

يمكنها تحويل العملاء المحتملين إلى عملاء فعليين. لا تقتصر العوامل الدافعة لنمو التسوق عبر الأوامر الصوتية على الوصول والسرعة. فأولاً وقبل كل شيء، يحوّل الصوت العملاء المحتملين إلى عملاء فعليين. فعلى سبيل المثال، تطبيقات "إنفوكد آبس" (Invoked Apps) من مهارات أليكسا، التي تسمح للمستخدمين بتشغيل أصوات تساعدهم في الراحة والاسترخاء. وتوجد بعض أكثر "مهارات أليكسا" (Alexa Skills) شعبية في "متجر المهارات" (Skills Store)، حيث تجذب أكثر من 150 ألف مستخدم يومياً. وأخبرني مؤسس الحزمة نيك شواب أنه عند قيام أمازون بإصدار "المشتريات داخل المهارات" (In-Skill Purchases) لأليكسا في عام 2018، بمنح المطورين القدرة على بيع سلع رقمية من خلال مهارات أليكسا، قدم شواب نسخة منه تحتوي على مهاراته الخاصة. ومنح ذلك المستخدمين القدرة على الدفع بميزات إضافية مثل تشغيل صوتين مريحين في الوقت ذاته.

وعند سؤاله عن معدل تحويل المستخدمين الذين يُجرون الترقية إلى أصوات مدفوعة، ردّ شواب قائلاً: "بشكل عام، أرى تحويلاً للمستخدمين يصل إلى حوالي 3%... ثم إن معدل التحويل من التجربة إلى الدفع يبدو بنسبة 90%، وهو أمر مذهل".

لا يساعد الصوت في تحفيز مبيعات السلع الرقمية فحسب، مثل منح محاولة إضافية واحدة في الألعاب الإلكترونية والاشتراكات بمحتوى مميز، إذ يمكن أن يؤدي إلى زيادة في المبيعات المادية، مثل تذاكر القطارات ووسلع البقالة، ويستعمل أيضاً داخل المحال التجارية لبيع المنتجات.

والمثال الآخر على كيفية زيادة الصوت للتحويل يأتي من "ذي مارس إيجنسي" (The Mars Agency). فهي تضطلع بتجربة مساعد صوتي داخل المتجر اسمه "سمارت آيل" (SmartAisle) مع إحدى شركات المشروبات لمساعدة الزبائن في اختيار نوع المشروبات التي يشترونها. وفيما يلي بيان كيف يحدث الأمر: جهاز أمازون إيكو مثبّت على وحدة رفوف مضيئة داخل متجر المشروبات. يقف الزبائن أمام جهاز إيكو ويتحدثون بصوت عالٍ إلى مهارة سمارت آيل. وفي المقابل، يستجيب الجهاز بالمعلومات حول أنواع محددة من المشروبات، ويوجّه الزبون على مدار عملية الاختيار. تمتلك وحدة الرفوف أضواء تحت كل زجاجة، وتنطفئ الأضواء تحت الزجاجات المستثناة مع تقدم المحادثة وبدء المساعد الصوتي بتقليص دائرة الاختيارات. وفي نهاية التجربة، يبقى لدى الزبون زجاجة واحدة مضاءة على الرف. قال لي بري غليسر، مدير الابتكار في ذي مارس إيجنسي: "لا يرغب الناس دائماً في الأخذ برأي العامل في المتجر".

لا تقوم مهارة سمارت آيل بإشراك الزبائن داخل المتجر فحسب، بل إنها تعمل قبل ذلك على تحويل المتفرجين إلى مشترين. وذكر كل من المتاجر التي اختبرت المساعد الصوتي، وبروك هوكنز، وهي كبيرة المصممين لـ"واجهة المستخدم الصوتية في ذي مارس إيجنسي" (Voice User Interface Designer at The Mars Agency): "نحن نشهد باستمرار ارتفاعاً في المبيعات في المتاجر التي يجري تشغيل سمارت آيل فيها".

مركز تسوق المستقبل

يمكن للنمو الذي تشهده سماعات تكبير الصوت الذكية ذات الشاشات أن يفتح الأبواب للتسوق عبر الأوامر الصوتية ليحتل المكانة المتوقعة له. وتعتبر الأجهزة مثل "إيكو شو" (Echo Show) و"جوجل هوم هب" (Google Home Hub) بمثابة البداية لتجربة الصوت متعدد الوسائط، حيث يمكنك رؤية شاشة والتحكم فيها عبر صوتك. وبدمج ذلك في "فاير ستيك تي في" (Fire Stick TV) مع أليكسا، يمكن للتلفزيون أن يصبح مركز تسوق المستقبل بكل سهولة.

ويمكن أيضاً دمج الصوت في الويب من خلال شركات مثل "فويسيس" (Voysis). وبدلاً من إهدار الوقت على التصفية والبحث في المواقع الإلكترونية لمتاجر التجزئة، يمكن للزبائن الذين يستعملون تقنية فويسيس سؤالها عن "زوج من الأحذية الحمراء للرجال من ماركة نايكي وبسعر لا يتجاوز 100 دولار وبمقاس 9"، وستضطلع شركة فويسيس بتصفية وفرز النتائج بدلاً منهم.

ثم هناك حالة الاستعمال الناشئة للسيارة. قدرتك على التسوق في محالّ البقالة أو طلب وجبة سريعة من السيارة تخلق بيئة جديدة تماماً يمكن للأشخاص التسوق فيها. مع قيام معظم شركات تصنيع السيارات الرئيسة، بما فيها "مرسيدس" و"بي إم دبليو" و"تيسلا" و"فورد"، بشحن محركات جديدة بمساعدات صوتية مدمجة، وأجهزة مثل "أمازون أليكسا إيكو أوتو" (Amazon Alexa Echo Auto) تزود السيارات الأقدم بمساعد صوتي، ستتمكن قريباً من طلب تلك الورود التي نسيت إحضارها في مناسبة عيد الأم، أو وضع رهان على لعبة كبيرة، أو التسرع في شراء كتاب صوتي للاستماع إليه في طريق عودتك إلى المنزل، كل ذلك من خلال سيارتك دون أن تلتفت ببصرك بعيداً عن الطريق.

وسواء صدقت المبالغة في الأرقام المتوقعة أم لا، يوجد ببساطة كثير من الجاذبية والإمكانات المتعلقة بالتسوق عبر الأوامر الصوتية حتى لا تكون شيئاً يمكن أن يؤثر في أعمالك على نحو خطِر. ومن هذا المنطلق، فإنها لا تأتي دون تحديات خاصة.

أولاً: توجد تحديات لبائعي التجزئة، من بينها:

  • ملكية البيانات. إذا اخترت استعمال إحدى المنصتين الأفضل، أليكسا أو "مساعد جوجل" (Google Assistant)، فسيكون بإمكانهما الاطلاع على جميع نشاطات المهارات أو الإجراءات الخاصة بك، بما في ذلك ما يطلبه مستخدمو خدماتك ويشترونه. وهذا ذكاء تنافسي جذاب إلى حد كبير.
  • العمولة. للحصول على تجربة جيدة حقاً، تحتاج إلى استعمال خدمة دفع خاصة، مثل "أمازون باي" (Amazon Pay) أو "جوجل باي" (Google Pay). ويوجد رسوم على ذلك.
  • المنافسة. تهدف شركة أمازون إلى أن تكون المكان الذي يمكن للعملاء من خلاله شراء أي شيء عبر الإنترنت. وهو ما يعني أن شركة أمازون قد تكون منافساً لأي متجر في يوم من الأيام. كما أخبرني جوشوا مونتغمري، الرئيس التنفيذي لشركة "مايكروفت" (Mycroft): "إذا كنت تمارس عملاً تجارياً ما، فثمة احتمال بأنك ستنافس أمازون في يوم ما". ومن هذا المنطلق، سنرى كيف تتعامل أمازون مع المنتجات المنافسة على أليكسا.

وثانياً: توجد تحديات للزبائن، من بينها:

  • صعوبة التصفح. على الرغم من أننا نتحدث أسرع مما نكتب، فإن الاطلاع على قائمة نتائج البحث أسرع من الاستماع إلى هذه النتائج عند قراءتها بصوت مسموع. وهذا يعني أن التصفح العام، وهو سلوك عام للبحث عن المنتجات، يمثل تحدياً بالنسبة إلى الصوت.
  • صعوبة اكتشاف الإمكانات. يُعد اكتشاف التطبيقات الصوتية أحد التحديات. إذاً يمكن أن يكون التعرف على مرافق التسوق المتوافرة صوتياً وفهم كيفية الوصول إليها صعباً على البعض.
  • العبء المعرفي. يوجد أيضاً عبء معرفي يقع على عاتق المستخدم كي يستفيد من تجربة الأطراف الأخرى. على سبيل المثال، قولك "يا أليكسا، اطلبي من [العلامة التجارية] أن [تفعل شيئاً ما]" يعتمد على معرفة المستخدم بـ: أ) أن العلامة التجارية موجودة على المنصة، ب) أن العلامة التجارية توفر لك خيار فعل ذلك الشيء.

إذاً كيف يتعين على الشركات الاستعداد للتسوق عبر الأوامر الصوتية؟ عند إعداد استراتيجية صوتية، فأول شيء يجب عليك فهمه هو أن الصوت أكبر من مجرد منصتين كبيرتين: أليكسا ومساعد جوجل. يعمل الصوت بمثابة الواجهة البينية للتكنولوجيا. ومن ثَم، يتعين أن يكون هدفك النهائي لواجهة صوتية أن تغطي جميع نقاط التواصل مع زبونك، من سماعات تكبير الصوت الذكية ومساعدات صوتية على الموقع الإلكتروني وتطبيقاتك وهاتفك المحمول، وحتى في التجارب داخل المتجر. ولهذا، سيكون عليك تطوير مهاراتك وفهمك لممارسات تصميم واجهة المستخدم الصوتية (VUI) حتى تستطيع مطابقة سياق المستخدم واحتياجاته مع الحل الذي تقدمه.

وفي حالة كان ذلك موقعاً إلكترونياً أو تطبيقاً، فإن الواجهة الأمامية قلّما تكون مفيدة إلا لو كانت مرتبطة بنهاية خلفية ذكية، وهذا هو ما يبرع فيه الصوت. في إطار استراتيجيتك الصوتية، يتعين دمج الواجهة الأمامية مع خطك الحالي من أنظمة الأعمال للاستفادة من الذكاء الذي تملكه بالفعل. وسيسمح لك بإظهار المنتجات والأسعار ومستويات المخزون وعمليات الشراء السابقة، ويوفر لك أساساً لمعالجة المعاملات المالية والإجابة عن الأسئلة ذات العلاقة بالمنتج.

ومن خلال دمج الصوت مع أنظمة الأعمال لديك، يصبح الصوت شيئاً يستطيع الدفع بعملك إلى الأمام، بدلاً من أن يكون مجرد وسيلة لامعة وجديدة للخداع. وبمجرد وضعك لأساسيات طلب المنتج والبحث، ستكون في مركز يسمح لك بالبحث بشكل أعمق في الأشياء، مثل إضافة طابع شخصي واقتراحات واستعمال البيانات التي جمعتها لتحسين خطوط الإنتاج أو إنشاء خطوط إنتاج جديدة أو محتوى معتمد على ما يطلبه الزبائن منك باستمرار.

إن جعل الصوت جزءاً لا يتجزأ من عملك لن يحدث بين عشية وضحاها، ولكن الأعمال التجارية التي تجري تحضيراتها الآن يمكنها أن تكون جاهزة في غضون عام. ولكن قبل كل شيء، عليك أن تنهي وضع لبنات البناء الأولى.

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .

المحتوى محمي