4 خطوات تساعدك في التحول من عقلية إبداء الملاحظات إلى عقلية الإرشاد

5 دقائق
تقديم الملاحظات
ستيفن سوينتك/غيتي إميدجيز

ملخص: من بين جميع صيغ التواصل، قد تكون الملاحظات هي الأصعب في تقديمها وتلقيها. إذ يضطر مقدم الملاحظات إلى انتقاد متلقيها، ما قد يؤذي مشاعره، لذلك يتجنب المقدم إجراء المحادثة من الأساس. وإذا أُجريت المحادثة، فمن المرجح أن يشعر المتلقي بالخزي عند سماعه عبارات من قبيل "لست جيداً بما يكفي وبحاجة إلى إجراء تغيير". وإن لم يساعد تقديم الملاحظات الأشخاص على تحسين أدائهم، فما الذي سيساعدهم على ذلك؟ يقدم المؤلفان في هذه المقالة 4 خطوات للانتقال من ثقافة قائمة على تقديم الملاحظات إلى ثقافة تستند إلى التوجيه والإرشاد.

 

واجه عميلنا، وهو قسم تكنولوجيا المعلومات المكون من 2,000 موظف في أحد البنوك الاستثمارية، مشكلة: كان الموظفون يغادرون القسم بمعدلات مثيرة للقلق. وما سمعناه مراراً وتكراراً من الأشخاص الذين أجرينا مقابلات معهم: "التحدث مع صائد مواهب عن مساري المهني أسهل من التحدث في الأمر نفسه مع مديري".

لذلك أطلق القسم حملة لتقديم الملاحظات، ودفع أكثر من مليون دولار لشركة استشارية لوضع نماذج كفاءة صارمة ومخصصة، ودرّب المدراء على تقييم أداء الموظفين (بناءً على العشرات من الكفاءات ذات الصلة) وإعطاء الموظفين ملاحظات حول الفجوات والفرص التنموية.

ولكن لم يساعد أي منها في حل المشكلة؛ فبعد ذلك بعامين، ما زال 50% من المدراء لا يكملون مراجعات الأداء، وحتى المراجعات التي تم إكمالها كان لها تأثير ضئيل على الأداء، وظل معدل دوران الموظفين مرتفعاً بشكل غير مستحب. كان كل ذلك متوقعاً تماماً؛ لأن تقديم الملاحظات نادراً ما يحقق الأهداف المرجوة منه، إن حققها أساساً.

ما الجدوى من تقديم الملاحظات ؟

على مدار الثلاثين عاماً الماضية، ركزت الشركات بشدة على غرس ثقافة تقديم الملاحظات ، لدرجة أننا نسينا سبب قيامنا بذلك من الأساس.

الهدف من تقديم الملاحظات هو مساعدة الموظفين على تحسين أدائهم؛ فنحن نريد من الموظفين أن يرفعوا مستوى أدائهم، وأن يستغلوا إمكاناتهم، وأن يسهموا بقوة في فرقهم، وأن يتفاعلوا بفعالية مع زملائهم. كما نريد أن تصبح مؤسساتنا أماكن يمكن للموظفين فيها التواصل بمهارة وصراحة بعضهم مع بعض ليتمكنوا من النمو وتحسين أدائهم. وهذه جميعها أهداف نبيلة.

لكن المشكلة هي أن إخبار الموظفين أنهم أخفقوا ليس مماثلاً لمساعدتهم على تحقيق النجاح.

في الواقع غالباً ما يأتي ذلك بنتائج عكسية. فقد وجد ريتشارد بوياتزيس وفريقه أن الملاحظات السلبية (مثل "هذا هو ما تفعله بشكل خاطئ") تقلل التفاعل في المحادثات التي يتم فيها تقييم الأداء بطريقة 360 درجة، وتقمع استكشاف الأهداف والرغبات المستقبلية.

ووصفها "بالبنّاءة" لا يخدع أحداً؛ فقد جمع ماركوس بكنغهام وآشلي غودال في مقالتهما التي نُشرت في "هارفارد بزنس ريفيو" في عام 2019 بعنوان "أفكار مغلوطة حول الملاحظات" أدلة دامغة على أن التركيز على أوجه القصور والضعف لا يساعد متلقي الملاحظات في تحسين أدائه،وهو ما يبدو منطقياً تماماً عندما تفكر فيه. من بين جميع صيغ التواصل، قد تكون الملاحظات هي الأصعب في تقديمها وتلقيها. إذ يضطر مقدم الملاحظات إلى انتقاد متلقيها، ما قد يؤذي مشاعره، لذلك يتجنب المقدم إجراء المحادثة من الأساس. وإذا أُجريت المحادثة، فمن المرجح أن يشعر المتلقي بالخزي عند سماعه عبارات من قبيل "لست جيداً بما يكفي وبحاجة إلى إجراء تغيير".

سيفعل الأشخاص أي شيء لتجنب الشعور بالخزي، بما في ذلك إنكار المشكلة (لا مشكلة = لا خجل) أو إلقاء اللوم على شخص آخر (ليس خطئي = لا شعور بالخزي). حتى عندما يبدو أن شخصاً ما يستجيب بشكل إيجابي و"ناضج" للملاحظات، فإنه غالباً ما يكون داخلياً في وضع الكر والفر.

ولكن ماذا عن الملاحظات الإيجابية التي تسلط الضوء على ما فعله بشكل جيد؟ إنها شكل من أشكال النقد لأنها تحمل معنى: بما أنه يمكنني الموافقة على سلوكك في هذا الجانب، فيمكنني أيضاً استنكار سلوكك في جانب آخر. علاوة على ذلك، التركيز على الإيجابيات لن يعالج بالضرورة أوجه الضعف التي تعرقل الأداء.

وإن لم تساعد الملاحظات الأشخاص على تحسين أدائهم، فما الذي سيساعدهم على ذلك؟ في كتابنا "يمكنك تغيير الآخرين" (You Can Change Other People) شاركنا عملية من 4 خطوات.

كيف تبني ثقافة الأداء الرفيع؟

الخطوة الأولى: تحول من ناقد إلى داعم.

لا أحد يريد التحدث مع الناقد، ولكن الجميع يريد التحدث مع الداعم. عندما تكون داعماً لشخص ما، يجب أن تُظهر اهتمامك وثقتك به والتزامك تجاهه. وبذلك في وجودك لا يشعر هذا الشخص بالخزي ولا يتخذ موقفاً دفاعياً، وبدلاً من ذلك سيركز على تحسين أدائه.

إذاً، كيف يمكنك التعبير بوضوح عن أنك داعم لا ناقد؟ إليك وصفة من 3 خطوات:

  • تعاطَف: إذا كانوا يجدون صعوبة في القيام بشيء ما، فاعترف بمدى الصعوبة أو الإحباط أو الإزعاج أو الألم الذي يكتنف هذا الشيء.
  • أعرب عن ثقتك. دعهم يعرفون أنك تؤمن بقدرتهم على التعامل مع التحدي الذي يواجهونه.
  • استأذِن. اسألهم عما إذا كانوا على استعداد للتفكير معك في هذا الموقف.

تخيل أن أحد الزملاء يواجه صعوبات كقائد للفريق ويتفاعل بشكل سيئ مع أحد الأعضاء المزعجين في الفريق. يمكن أن يكون بدء المحادثة "كداعم" بسيطاً كما هو موضح فيما يلي: "يبدو هذا محبطاً حقاً، وأنا أعلم أنه يمكنك التعامل مع هذا الأمر. هل تود أن نفكر فيه معاً؟".

الخطوة الثانية: حدد نتيجة محفّزة.

بمجرد أن يقول "نعم"، من المغري العودة إلى المشكلة (أي الماضي المحبِط): ("لنتحدث عن عضو الفريق المزعج هذا")، لكن لا تفعل ذلك، فهذا ليس الوقت المناسب.

بدلاً من ذلك، ركز على المستقبل المحفّز الذي يريدون خلقه؛ المستقبل الأكبر من مشكلتهم. واسألهم: "ما هي النتيجة التي تسعى إلى تحقيقها؟". اسمح لهم بالتعبير عما يحاولون تحقيقه، لأنفسهم وللمؤسسة: ("أرغب في بناء فريق عالي الأداء، فريق نتواصل فيه ونتعاون، وحتى يختلف بعضنا مع بعض على نحو مثمر"). ساعدهم على الوصول إلى نتيجة إيجابية وواضحة وذات مغزى.

الخطوة الثالثة: اكتشف فرصة خفية.

عندما يكون كل منكما واضحاً بشأن النتيجة التي يريدها، حينها يمكنك العودة إلى مناقشة المشكلة. لكن هذه المرة، بدلاً من محاولة "حلها"، اسألهم: "كيف يمكن أن تساعدنا هذه المشكلة على تحقيق النتيجة المحفّزة؟". كيف يمكن أن تكون شيئاً جيداً؟ أو فرصة لممارسة سلوك جديد لخلق قيمة مهمة أو تحقيق هدف مهم؟ أو فرصة لمعالجة قضية أكبر تكمن وراء هذه المشكلة؟

في حالة قائد فريقنا الذي يواجه صعوبات، قد تكتشف بعد تبادل الأفكار أن الشخص الذي وُصف بأنه "مزعج" هو في الواقع الشخص الوحيد في الفريق الذي على استعداد للدخول في صراعات لإثارة قضايا مهمة. ولولاه لظلت المشكلات الكبيرة التي يتم تجاهلها دون معالجة. بعبارة أخرى، مع القليل من التوجيه بشأن الأسلوب، يمكن أن يكون الشخص المزعج هو السبيل إلى تحسين أداء الفريق.

الخطوة الرابعة: ضع خطة "المستوى 10".

في هذه الخطوة، ستوجههم إلى التفكير في طرق للاستفادة من تلك الفرصة واختيار خطة عمل والالتزام بها وتنفيذها. يعني مصطلح خطة "المستوى 10" أنه عندما نسأل هذا السؤال "على مقياس من 1 إلى 10، ما مدى ثقتك بأنك ستنفذ هذه الخطة؟"، سيجيبون بـ 10 بكل ثقة.

خطة "المستوى 10" لقائدنا الذي يواجه صعوبات يمكن أن تتمثل في جدولة محادثة مع عضو الفريق المزعج، كداعم له، من أجل مساعدته على الإسهام بشكل إيجابي في الفريق.

نجاح هذه الخطة ليس هو المهم، بل الالتزام باتخاذ إجراء جديد وتقييم النتائج ومواصلة التحرك إلى الأمام.

برهن عميلنا، البنك الاستثماري، على فعالية هذه العملية. فقد انخفض معدل دوران الموظفين غير المحبذ إلى 3%، وهو ما كان هدفه من البداية. فمع تغيير المدراء لأسلوب حديثهم والجوانب التي يركزون عليها في محادثاتهم، ارتفع معدل إنجاز مراجعات الأداء من 50% إلى 95%. وتم الحفاظ على هذه النتائج لمدة 15 عاماً (عندما توقفنا عن المتابعة). ويرجع ذلك إلى تحول الثقافة؛ فقد أصبح الموظفون والمدراء يشاركون في محادثات إيجابية ومثمرة لتحسين الأداء.

إذا قُدمت الملاحظات بمهارة، فإنها يمكن أن تكون أداة لمساعدة الأشخاص على اكتشاف الأمور البعيدة عن رؤيتهم وفرص النمو. ولكن لن يحدث ذلك إلا عندما تكون جزءاً لا يتجزأ من عملية حقيقية للنمو والتطور

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .

المحتوى محمي