كيف تنتقل من القيادة بالسيطرة إلى القيادة بالمبادرة؟

7 دقيقة
القيادة بالتأثير
مصدر الصورة: توماس بارويك/غيتي إميدجيز

في الكتاب الجديد: "القيادة بالتأثير: تفعيل روح القيادة وقلبها وعقلها" (Leading Through: Activating the Soul, Heart, and Mind of Leadership)، الصادر عن مؤسسة هارفارد بزنس ريفيو برس، يدعو المؤلفون، وهم العميد السابق لكلية هارفارد للأعمال، كيم كلارك، وابنه أستاذ الإدارة في جامعة تكساس بمدينة سان أنتونيو، جوناثان، وابنته مستشارة الإدارة، إرين، إلى إنهاء العمل بنموذج القيادة الذي يركز على السيطرة، واعتماد نهج جديد: نموذج "القيادة بالتأثير". يتعمد نموذج القيادة الجديد هذا السعي إلى فعل الخير وجعل كل شيء أفضل، والاعتناء بالأفراد ومساعدتهم على تحقيق النجاح، كما يحشدهم لحل المشاكل الصعبة. يذهب المؤلفون إلى أن هذا يعتمد على 3 عناصر، وهي روح القيادة وقلبها وعقلها، ويتطلب تفعيلها الاهتمام الدقيق بالأبعاد الشخصية والتنظيمية للقيادة. ونقدم فيما يلي مقتطفاً من كتابهم بعد إضفاء بعض التعديلات الطفيفة عليه.

نحن نعيش في عصر مذهل. ويمكننا أن نخلق قيمة استثنائية حقاً، مع ضمان الازدهار للأفراد والمجتمعات المحلية، عندما نتعلم كيفية الجمع بين القدرات الإنتاجية للتكنولوجيا والتنظيم وطاقاتنا البشرية إلى جانب إحساسنا العميق بامتلاك الغاية.

ونحن نؤمن بأن تحقيق هذه الإمكانات على أكمل وجه يتطلب إعادة النظر في مؤسساتنا بطريقة مختلفة جذرياً عما عرفناه سابقاً، وقد رأينا لمحات من هذه الإنجازات الموعودة في السنوات الأخيرة.

فخلال الأشهر الأولى من تفشي جائحة كوفيد-19، شهدنا إثباتات عملية رائعة على قدرة الروح البشرية، بصورة متناغمة مع التكنولوجيا والغايات المرجوة، على دفع عجلة الابتكار غير المسبوق وحتى النمو.

وقد حدث هذا على الرغم من الأزمة التي أثّرت في كل جانب من جوانب حياتنا؛ أزمة لم تستثنِ أحداً منا وسببت خسائر طالتنا جميعاً. لقد أظهرت هذه الأزمة أفضل الجوانب الإنسانية التي لدينا، وفي الوقت نفسه، شهدنا اتساع الهوة التي تفصل بيننا وعمقها، على نحو تجاوز النطاقين العالمي والجيوسياسي.

وقد تغلبت الهوة الواسعة الناجمة عن السخط بين القوى العاملة داخل المؤسسات بسرعة على روح الوحدة والابتكار.

كانت ظاهرة الاستقالة الكبرى بمثابة نذير أولي، كما أن المستويات غير المسبوقة من الاستياء وانعدام الثقة في المؤسسات التي أوردتها التقارير على نطاق واسع، يجب أن تجعلنا ندرك حجم الأزمة المشتعلة التي نواجهها. لا يمكننا أن نتحمل الاستسلام للضغوط المألوفة لمضاعفة النفوذ والسيطرة وإعطاء الأولوية لخفض التكاليف بسرعة على حساب الموظفين والغايات والمكاسب الحقيقية في الإنتاجية. التكاليف الحقيقية كبيرة للغاية، ونحن نراها متجسدة في الانتشار المتزايد للاحتراق الوظيفي وحوادث التنمر والمضايقات في مكان العمل، ونراها في الارتفاع الحاد في أعداد البالغين الذين يشتكون من أعراض شديدة للقلق أو الاكتئاب، ونراها في الاستياء العام الذي يظهر في استطلاعات الرأي السنوية التي تشمل القوى العاملة في العديد من المؤسسات والقطاعات حول المشاركة والتفاعل في العمل.

وعلى الأرجح، فإننا جميعاً -إلى حد ما- نشعر بذلك بأنفسنا؛ لقد وصلنا إلى مرحلة غير مسبوقة من التقدم التكنولوجي، وحالتنا بائسة.

لكن بصيص الأمل الذي رأيناه في بدايات أزمة كوفيد-19 يجب أن يمنحنا الأمل؛ فعندما نخفف تركيزنا على تعزيز السلطة والسيطرة، ونوسع تركيزنا القصير النظر على التكاليف القصيرة الأمد (بحيث نمنح الأولوية للناس والغايات والإنتاجية الحقيقية) فقد يحدث شيء رائع، بل أقرب إلى المعجزة. هذا هو الدرس المستفاد من السنوات القليلة الأخيرة، وهو ليس درساً جديداً.

لكننا على الرغم من ذلك، وفي كل مكان تقريباً، نلجأ إلى التركيز على السلطة والسيطرة بذريعة الأوقات التي نحتاج فيها إلى حلول سريعة. ومن خلال ذلك، فإننا نواصل تبنّي نموذج قديم مدفوع بالسعي إلى ممارسة السلطة على الآخرين والحفاظ عليها، وتبقى الرواية التي نحاول أن نقنع أنفسنا بها –والتي نعتبرها جديرة بالاستحسان- أن القيادة الجيدة تكون على هذا النحو.

لكن الحقيقة هي أن هذا النموذج الذي نسميه نموذج "القيادة بالسيطرة" (Power-Over) هو السبب الحقيقي لشعور المسؤولين التنفيذيين بالإحباط من عدم الحصول على النتائج التي يتوقعون من مرؤوسيهم ومؤسساتهم تحقيقها.

هذه مفارقة نموذج القيادة بالسيطرة؛ فنحن نميل إلى اعتماده في تفكيرنا وسلوكنا وتنظيمنا على الرغم من أنه يحد من قدرتنا على تحسين الأمور.

لذلك نحن بحاجة إلى نموذج جديد للقيادة نطلق عليه اسم نموذج "القيادة بالتأثير" (Leading Through)، كي نتغلب على نزعتنا. تهدف القيادة بالتأثير إلى تفعيل قوة الإنسانية لدينا، المتمثلة في الروح والقلب والعقل، لبناء مؤسسات مزدهرة. إنها القوة القادرة على خلق قيمة مذهلة للمؤسسات، وتحسين حياة الأفراد، ومعالجة الانقسامات وردم الفجوات القائمة بيننا. وهذه هي القوة التي نأمل أن نتمكن من تفعيلها، ويمكن تحقيقها من خلال الآخرين.

لقد ارتأى مركز كليفلاند كلينيك (The Cleveland Clinic) الطبي أنه ثمة حاجة إلى هذا النوع من التحول في نموذج القيادة عندما بدأ رحلة تهدف إلى جعل التعاطف والتجربة الشاملة للمريض من السمات المميزة للمؤسسة. كان المسؤولون التنفيذيون في المؤسسة قد توصلوا إلى قناعة بضرورة إجراء تغيير جذري على تجربة المريض وأن تمس مبادرة التعاطف كل جوانب العمل وتُشرك الجميع في السعي نحو التحسين والابتكار. وهذا ما حدث؛ إذ شمل نطاق المبادرة كل ما يخص المركز الطبي ابتداءً من أهدافه ومعاييره وصولاً إلى استراتيجيته وبنيته التنظيمية، حتى حولته إلى مكان "يتخيل موظفوه ما يمر به الآخرون، ويعملون على تخفيف معاناتهم، ويخلقون جواً من البهجة حيثما أمكن".

كانت النتائج مذهلة، فبين عامي 2007 و2019، ارتفع مستوى رضا المرضى عن فريق التمريض بمقدار 5 أضعاف مقارنة بالمستوى المتوسط الوطني، في حين ازداد مستوى الرضا عن فريق الأطباء بمقدار 11 ضعفاً مقارنة بالمستوى المتوسط الوطني. وخلال الفترة نفسها، ازدادت نسبة الموظفين الذين وصل الرضا عندهم إلى أعلى المستويات من 55% إلى 92%. وفي الوقت نفسه، استمر المركز في تعزيز سجله الحافل بالابتكار الطبي والنتائج الطبية المتميزة في علاج المرضى. وربما من الطبيعي أن يشهد المركز الطبي أيضاً نمواً كبيراً خلال هذه الفترة، ما أدى إلى تحقيق إيرادات غير مسبوقة.

ولكي تتمكن المؤسسات من تجربة هذا النوع من التحول في نموذج القيادة والانتقال من القيادة بالسيطرة إلى القيادة بالتأثير، فإنها تحتاج إلى تبنّي نهج قيادي يعزز قدرتها على ما يلي:

تعزيز القيم الأخلاقية في المؤسسة

من وجهة نظرنا، فإن القيادة عمل أخلاقي على الدوام وفي كل مكان، وهي تنبع من لحظات التأثير، وما يفعله أي شخص يتمتع بقدرات قيادية بهذا التأثير سيؤثر في الأشخاص المعنيين إيجاباً أو سلباً، وهذا يجعل القيادة قضية أخلاقية، ونحن نؤمن بأن القادة الفعالين يسعون دائماً إلى فعل الخير وتحسين الأمور على المدى البعيد. وهذا ما نسميه بـ "روح القيادة" (Soul of Leadership)، وهي تتطلب من القادة ومرؤوسيهم السعي نحو فعل الصواب، لأنه الصواب، حتى عندما يكون ذلك صعباً، وهذا يعني أن العمل في حد ذاته والأشخاص الذين يؤدونه يحتاجون إلى سياق أخلاقي، وهو إطار مشترك من القيم والمعتقدات الأخلاقية التي ترشد العمل وتوجهه في المؤسسة.

تتطلب هذه الروح أن يتغلب عمل القيادة على ما نسميه "الظلمة المؤسسية" (Organizational Darkness)؛ أي المواقف والسلوكيات والممارسات التي تزيد صعوبة رؤية الطريق الصحيحة للمضي قدماً. تنجم هذه الظلمة عن عوامل مثل الغرور والصراعات الداخلية والإساءة والتنمر والغدر والاستغلال والمضايقات والتمييز والفساد والاحتيال وإهدار المواهب ورأس المال، والكثير من العوامل الأخرى. وعلى حد قول الدكتور مارتن لوثر كينغ الابن: "لا يمكن إزالة الظلمة بالظلمة، فالنور وحده قادر على إزالتها"، والقيم الأخلاقية هي النور المؤسسي الذي سيبدد الظلمة؛ ولهذا، فإن العمل الأهم في روح القيادة هو أن تغرس القيم الأخلاقية في المؤسسة كي تبث النور في كل مكان فيها.

ينبع النور المؤسسي من المواقف والسلوكيات والممارسات التي تزيد سهولة فعل الصواب، وهو يرشد الناس ويمدهم بالطاقة، وثمة سلوكيات تعزز قوته مثل اللطف والكرم والاحترام والحب ونمو الفرد وهدفه من الحياة، والغاية المشتركة والمجتمع النابض بالحياة والصدق والشفافية والمعايير العالية للتميز والاستخدام السليم والمنتج للكفاءات ورأس المال، إضافة إلى أشياء كثيرة أخرى. وعلى غرار الضوء الفيزيائي، يمثّل النور المؤسسي مصدراً للرؤية والطاقة يخلق الظروف المناسبة للنمو وتعزيز القوة في حياة الأفراد وسمعتهم ومكامن قوتهم، بل في المؤسسة نفسها أيضاً.

تسخير القوة الكامنة داخل الأفراد

يتطلب بناء المؤسسات المزدهرة والحفاظ عليها أفراداً يتمتعون بحياة مزدهرة، ويدرك القادة العظماء أن خلق البيئة المناسبة لازدهار الأفراد أمر بالغ الأهمية لاستمرارية المؤسسة وحيويتها. فالإنسان الذي يتمتع بحياة مزدهرة يشكل مصدراً رائعاً للقوة، مع قدرة كبيرة على الفعل. ولهذا السبب يضع القادة العظماء الأفراد ونموهم الشخصي في المقام الأول، وهذا يعني الاهتمام بالأفراد ورعايتهم بما يتجاوز نطاق المهام الوظيفية أو نتائج العمل. هذا ما نسميه بجوهر القيادة أو "قلب القيادة" (The Heart of Leadership)؛ أي تعزيز ازدهار الإنسان.

تشكّل العلاقات قلب القيادة، ويجب أن يبني القادة علاقات تعتمد على الالتزام والرعاية المتبادلين مع مرؤوسيهم حتى يتمكنوا من التواصل معهم وتحفيزهم والإشراف عليهم وتعليمهم وتوجيههم وإرشادهم والتعلم منهم وإلهامهم وتعزيز قدراتهم بفعالية. ومن خلال علاقات الرعاية والثقة والمعايير العالية وتحمل المسؤولية يستطيع القادة أن يساعدوا الأفراد على الازدهار.

نحن نجسد قلب القيادة من خلال إطار نطلق عليه اسم "لايف" (LIVE)، وهو اختصار يمثل 4 عوامل محركة تساعد الأفراد على المشاركة والازدهار، وهي الحب (Love) والإلهام (Inspiration) والحيوية (Vitality) والتعبير (Expression). يمنح هذا الإطار القادة طريقة لبناء صلة بين العمل الذي يؤديه الناس يومياً واحتياجاتهم العميقة، وهو يتمحور فعلياً حول القلب؛ أي الاهتمام بالآخرين والتعرف إليهم (الحب)، وإلهامهم برؤية لمستقبل أفضل ورؤية لقدراتهم الكامنة الخاصة (الإلهام)، وإنشاء أنماط لخلق الطاقة في حياتهم (الحيوية)، ومنحهم إمكانية التعبير عن أنفسهم وإفساح المجال للإبداع (التعبير). يمثّل إطار لايف أداة لإطلاق العنان للقوة والإمكانات الكامنة في الأفراد بالفعل، وتحويل قلب القيادة إلى أمر حقيقي.

التحفيز على العمل والتعلم والتغيير

يولّد كل من روح القيادة وقلبها الالتزام والطاقة، لكن إطلاق العنان لهما بطريقة هادفة يتطلب أكثر من ذلك. هنا يبادر القادة الفعالون إلى حشد الأفراد وتحفيزهم على العمل والتعلم والتغيير بهدف حل المشاكل الصعبة والسعي إلى اغتنام الفرص الهادفة. هذا ما نسميه "عقل القيادة" (Mind of Leadership)؛ أي تعزيز النزعة إلى العمل والتعلم والتغيير من أجل تحقيق أهداف واضحة.

نجسد عقل القيادة فيما نسميه "عملية القيادة" التي تعكس أنماطاً محددة شائعة ومفيدة وفعالة في كل موقف يستوجب العمل والتعلم والتغيير، إنه مجال تقييم المشاكل والفرص وإنشاء رؤية للعمل وتحديد الاتجاهات، وهو المجال الذي يبني فيه القادة الفِرق ويضعون الخطط ويشركون الأفراد في العمل. ومن خلال هذه العملية يعمل القادة على إطلاق العنان للطاقة الكامنة لدى الأفراد والفرق ويساعدونهم في الحفاظ على الانتباه والتركيز على نحو منظم.

تشكل عملية القيادة إطاراً فعالاً ومرناً في الوقت نفسه لبدء التغيير وحشد الأفراد وتمكينهم، ويمكن استخدام هذا الإطار مع فرد واحد أو فريق صغير أو مشروع كبير أو عملية استحواذ، أو أي موقف آخر يستوجب الفعل والتعلم والتغيير. وهو يتطلب من القادة وفرقهم التفكير بوضوح وعلى نحو خلاق واستراتيجي؛ إنه يتطلب عقلية القيادة.

في نموذج القيادة بالتأثير تمثل روح القيادة وقلبها وعقلها 3 أبعاد تشكّل معاً منظومة متكاملة؛ من دون الروح والقلب قد ينجذب العقل نحو نموذج القيادة بالسيطرة. تمثل هذه الصور المجازية التي تضم الروح والقلب والعقل 3 خصائص للقيادة الفعالة لا يمكن الفصل بينها. فمن يريد ممارسة القيادة وإتقانها عليه أن يهتم بروحه وقلبه وعقله، ويتعلم كيفية القيادة بالاعتماد على هذه الأبعاد الثلاثة. يحتاج القائد الناجح إلى التركيز على فعل الخير ورعاية الناس والتفكير الابتكاري والإبداعي لدفعهم إلى العمل والتعلم والتغيير بطرق تجعل الأمور أفضل مما هي عليه.

إن نموذج القيادة بالتأثير مصمم لتفعيل هذا النوع من القيادة عبر مفاصل المؤسسة كلها، بدءاً من المناصب التنفيذية العليا وصولاً إلى الخطوط الأمامية. إنه نموذج يساعد المؤسسات على الازدهار من خلال إطلاق العنان للقوة والإمكانات الكامنة لدى العاملين فيها. لا بد من العمل لتحقيق ذلك، وهو عمل من اختصاص القيادة. نحن ندرك أن عملاً كهذا قد يكون صعباً، فتعبئة الناس ليست سهلة، كما أن المسار نحو حل المشاكل الصعبة قد يكون مليئاً بالمعوقات والعثرات، ولكن هذا تحديداً ما يجعل القيادة عملاً عظيماً. القيادة هي عمل هادف وقائم على الإنجازات لأنه يتطلب المبادرة والقدرة على الإبداع، ويشمل القادة والفِرق في الوقت نفسه.

لكننا ندرك أيضاً أن هذا العمل لا يخلو من البهجة التي تنبع من التعاون على تحسين الأمور، ورؤية الآخرين وهم ينمون ويتعلمون، وتغيير المؤسسة بحيث تصبح أكثر إنتاجية وقدرة على تحقيق الأهداف المرجوة. تفتح القيادة الفعالة المجال أمام الفرص، وتمنح الأفراد معنى لحياتهم وتعزز بيئة المؤسسة وطاقتها وحيويتها. إن الوعد بتحسين الأمور يمثّل محور التركيز في نموذج القيادة بالتأثير.

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .

المحتوى محمي