دراسة: الزبائن يفضلون المنتجات التي أُنتجت صدفة

3 دقائق

تحدث الأخطاء عادة أكثر مما نرغب. وبشكل عام، عندما تحدث، فإننا لا نظهرها للآخرين. ولكن هذا المنطق يختلف مع الشركات، حيث يمكنها الاستفادة من هذه الأخطاء، إذا عمدت إلى اطلاع المستهلكين عليها في وقت حدوثها في أثناء تصنيع منتج ما. فينظر المستهلكون إلى هذه المنتجات كحالات فريدة، لأنهم يعتقدون أن حدوث أخطاء خلال صنع المنتج أمر نادر، وتزيد وجهة النظر في ندرة الأخطاء هذه من قيمة المنتج.

لذلك، سعينا إلى معرفة نسبة تفضيل المستهلكين للمنتجات التي شابها أخطاء أثناء الصنع، عبر خلال إجراء سلسلة من التجارب والدراسات، ومن ثم فحص بيانات مبيعات السوق. في دراستنا الأولى، خيّرنا المستهلكين بين تذوق نهكة جديدة من الشوكولاتة، أو الحصول على مبلغ إضافي من المال. وقبل اتخاذهم القرار، أُحيط المستهلكون علماً أن الطاهي نسي - عن طريق الخطأ - قطعة الشوكولاتة في الفرن لبضع دقائق أكثر من المعتاد، مما خلق نكهة جديدة. فكان المستهلكون أكثر ميلاً إلى اختيار الشوكولاتة على المال الإضافي عندما علموا أن الأولى قد صُنعت بهذه الطريقة عن طريق الخطأ، ولم يكن حدوث ذلك أمراً متعمداً.

ولكن، هل اختار المستهلكون الشوكولاتة التي صُنعت عن طريق الخطأ لأن النتيجة كانت شيئاً جيداً، أي حالة فريدة من محالفة الحظ أو كانت صدفة سعيدة؟ ماذا لو أدى الخطأ إلى جعل المنتج أسوأ؟ ولاختبار ذلك، قدّمنا للزبائن عملاً فنياً يتخلله عيب ينتقص من جاذبيته. عندما قُدّم العمل الفني على أنه يحوي خطأ غير متعمد (وهو أن ريشة الفنان سقطت بشكل عرضي على اللوحة، فأحدثت فيها عيباً)، ثم قُدم مرة أخرى على أن هذا الخطأ متعمد (أن الفنان قرر إضافة ريشته بهذا الشكل عن قصد)، كان الزبائن أكثر ميلاً إلى شراء اللوحة التي شابها خطأ غير متعمد، وكانوا على استعداد لدفع مبالغ أكثر عندما اعتمدوا شراءها. ومن هذه التجارب، أدركنا أن انجذاب الزبون للمنتج الذي ظهر صدفة ليس محصوراً في الحالات التي حسّن فيها الخطأ من المنتج.

وهنا يخطر لنا السؤال التالي: لماذا يطلب الزبائن المنتجات التي صُنعت عن طريق الخطأ؟ افترضنا أن هذه الأخطاء المتعمدة جعلت المنتجات أشياءً لا نظير لها بالنسبة للزبائن. لأن الناس يسلّمون بداية أن الصانع يعمل ما يجب عليه عمله، ولهذا يُعد انحراف الأمور عن مسارها أو وقوع الأخطاء أمراً بعيد الاحتمال.

ولاختبار طريقة التفكير الضمنية هذه، نوّعنا من درجة تفرّد المنتج. ففي هذه الدراسة، كان جميع الأشخاص يستمعون إلى أغنية الهيب هوب نفسها. وقبيل الاستماع إلى الأغنية، أخبرناهم أن صوت نَفَس المنتِج مُسجّل إما بطريقة عرضية أو كان مقصوداً، ثم أصبح جزءاً من الأغنية. فوجدنا أن الأشخاص لديهم استعداد لشراء الأغنية التي كان سبب العيب فيها عرضياً بمبلغ أكبر، من الأغنية ذات الخطأ المقصود.

وتجدر الإشارة إلى أنه في حالة ثالثة، أخبرنا الأشخاص أنفسهم، أن الأغنية صدرت وفيها خطأ غير مقصود، ولكن هذا الخطأ لم يجعل العمل فريداً (إذ إن الكثير من المنتجين يسجلون أصوات أنفاسهم في مجموعة الأغاني). وحينها، لم يُرد الأشخاص دفع المزيد من المال مقابل هذه الأغنية. وهذا يُظهر لنا أن الزبائن تفضل المنتج الذي صُنع بوجود خطأ، بشرط أن يكون هذا الخطأ فريداً ولا نظير له.

وأخيراً أمعنا النظر في مبيعات المزاد العلني لصور أصلية عتيقة، منها ما تضمن عيباً بطريقة متعمدة، ومنها ما هو غير ذلك، من قبل البائع نفسه على موقع "إيباي" (eBay) للخدمات. ونشأت العيوب من عدة أسباب، سواء تداخل الصورة، أو تشويشها، أو ظهور إصبع المصور في الصورة. وتمت الإشارة بوضوح إلى هذه العيوب في توصيف الموقع للصور التي بيعت. وأردنا معرفة ما إذا كانت الصور ذات الخصائص السلبية (مثل التشويش أو ظهور إصبع المصور فيها) تتلقى مبلغاً أعلى من غيرها. وهذا ما حدث فعلاً، إذ دفع الزبائن مقابل الصور التي تتضمن أخطاءً في إنتاجها أكثر من تلك التي لا تحتوي على أخطاء.

غالباً ما تتجنب الشركات ورواد الأعمال كشف الأخطاء أثناء تصنيع منتجاتهم، لأنهم يخشون أن يتلقى الناس المنتج بشكل سلبي. ولكن بحثنا يرى أن هذه السياسة ليست مبرَّرة، فإبراز الخطأ أثناء تصنيع المنتج يمكن أن يثير الكثير من اهتمام الزبائن، ويدفعهم لشرائه. وفي النهاية، عندما نتحدث عن صناعة المنتجات، يمكننا القول إن وقوع الأخطاء ليس أمراً بشرياً فحسب، ولكن يمكن أن يصبح مربحاً أيضاً.

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .

المحتوى محمي