ما الذي يفضله العملاء الأوفياء: مكافآت نقدية أم نقاط ولاء؟

4 دقيقة
نقاط الولاء
فريق عمل هارفارد بزنس ريفيو/ جوناثان كيتشين/ غيتي إميدجيز

ملخص: هل يتعامل المستهلكون مع نقاط الولاء بالطريقة نفسها التي يتعاملون بها مع النقود التقليدية؟ وما هي العوامل التي تؤثر في اختيارهم استخدام نقاط الولاء بدلاً من النقود أو العكس؟ يقدم مؤلفو هذا المقال نتائج بحثهم من خلال تحليل بيانات أكثر من 29,000 عملية فريدة تتعلق بكسب نقاط الولاء واستخدامها نفذها 500 مستهلك مشترك في برنامج الولاء لإحدى شركات الطيران خلال العامين الماضيين. وجد المؤلفون أن مستخدمي النقاط ينقسمون إلى 4 فئات مختلفة: 1) أنصار النقود، الذين يفضلون النقود بدلاً من نقاط الولاء، حتى عندما تكون قيمتهما متطابقة من حيث القوة الشرائية؛ 2) الأشخاص المحايدون، الذين ينظرون إلى نقاط الولاء والنقود على أنهما متماثلان ويمكن استخدامهما بالطريقة نفسها، ويقدرونهما بالتساوي بناءً على قيمتهما المالية؛ 3) مستثمرو النقاط، الذين يبحثون بنشاط عن أفضل الفرص لاستبدال النقاط، ويفضّلون استخدامها ولا سيما عندما تفوق قيمتها قيمة النقود بكثير؛ 4) عشاق النقاط، الذين يقدّرون النقاط أكثر من النقود حتى إن كانت قوتهما الشرائية متماثلة أو كانت قيمة النقاط أقل من قيمة النقود. يستكشف هذا المقال الآثار الاستراتيجية لهذه النتائج على الشركات التي تدير برامج الولاء.

منذ أن سلطت مجلة ذي إيكونومست (The Economist)، الضوء في عام 2005 على أهمية نقاط الولاء وحجم انتشارها المذهل، ولا سيما برامج المسافر الدائم (أميال المسافر الدائم)، بوصفها عملة عالمية محتملة تنافس النقود التقليدية، شهدت نقاط الولاء نمواً سريعاً من حيث الحجم ونطاق الاستخدام. على سبيل المثال، تضاعف عدد أميال برنامج الولاء المستخدمة في شركة ساوث ويست أيرلاينز (Southwest Airlines) من 5.4 ملايين ميل في عام 2013 (ما يمثل 9.5% من إجمالي الأميال المدفوعة) إلى 10.9 ملايين ميل في عام 2023 (ما يمثل 16.3% من إجمالي الأميال المدفوعة).

يستخدم الناس نقاط الولاء بصورة روتينية بدلاً من النقود في كثير من المجالات، مثل السفر الجوي والإقامة في الفنادق. يطرح هذا التوسع الكبير في استخدام نقاط الولاء بعض الأسئلة المهمة: هل يتعامل المستهلكون مع نقاط الولاء بالطريقة نفسها التي يتعاملون بها مع النقود التقليدية؟ وما هي العوامل التي تؤثر في اختيارهم استخدام نقاط الولاء بدلاً من النقود أو العكس؟

اتضح أن المستهلكين لديهم آراء مختلفة جداً حول نقاط الولاء والنقود. في دراسة حديثة حللنا بيانات أكثر من 29,000 عملية فريدة تتعلق بكسب نقاط الولاء (استحقاق النقاط) وإنفاقها (استبدال النقاط)، نفذها 500 مستهلك مشترك في برنامج الولاء لإحدى شركات الطيران خلال العامين الماضيين، ووجدنا أن مستخدمي النقاط ينقسمون إلى 4 فئات مختلفة:

  • أنصار النقود، الذين يفضلون الاحتفاظ بالنقود بدلاً من نقاط الولاء، حتى عندما تكون قيمتهما متطابقة من حيث القوة الشرائية. عندما يواجه هؤلاء الأشخاص خيار إنفاق نقاط بقيمة 100 درهم أو إنفاق 100 درهم نقداً، فإنهم يفضلون إنفاق النقاط لأنهم يشعرون بأن إنفاق النقاط له عبء نفسي أقل مقارنة بإنفاق النقود الحقيقية. يؤدي هذا التفضيل إلى تمسك أنصار النقود بها وجعلها أهم القيم في حياتهم.
  • الأشخاص المحايدون، الذين ينظرون إلى نقاط الولاء والنقود على أنهما متماثلان ويمكن استخدامهما بالطريقة نفسها، ويقدرونهما بالتساوي بناءً على قيمتهما المالية. بالنسبة لهؤلاء الأفراد، فإن نقاط الولاء تشبه النقود؛ إذ يرون أنها عملة أخرى فعلياً.
  • مستثمرو نقاط الولاء، الذين يبحثون باستمرار عن أفضل الفرص لاستبدال النقاط، ويفضّلون إنفاق النقاط ولا سيما عندما تفوق قيمتها قيمة النقود بكثير. يشعر هؤلاء الأشخاص بالسعادة وتحقيق الفائدة عندما يجدون عروضاً جيدة تتيح لهم استبدال نقاط الولاء التي يمتلكونها. بالنسبة لهؤلاء الأشخاص، تمثل النقاط تحدياً ممتعاً.
  • عشاق نقاط الولاء، الذين يقدّرون النقاط أكثر من النقود حتى إن كانت قوتهما الشرائية متماثلة أو كانت قيمة النقاط أقل من قيمة النقود.

ينعكس هذا التقسيم في المناقشات على منصات التواصل الاجتماعي مثل فلاير توك (Flyer Talk)، حيث يناقش المشاركون قيمة نقاط الولاء وكيفية اتخاذ قرار بشأن الدفع بها أو بالنقود. يؤيد بعض الأشخاص استبدال نقاط الولاء فقط عندما تكون قيمة الاستبدال مواتية للغاية، في حين يفضل آخرون استخدامها في أي فرصة سانحة، ما يعكس شكوكاً أوسع وعدم ثقة في قيمتها المالية.

ينطبق هذا التباين الواضح في التفضيلات والآراء حول النقاط على برامج الولاء المختلفة وقد يمثل ذلك فرصة سوقية قيّمة للشركات.

على سبيل المثال، تقدم شركات الطيران أحياناً عروضاً ترويجية تتضمن تخفيضات على أسعار التذاكر التي يمكن شراؤها باستخدام نقاط الولاء. من الأمثلة على ذلك شركة ساوث ويست أيرلاينز (Southwest Airlines) التي قدمت في شهر سبتمبر/ أيلول عام 2023 خصماً ثابتاً على أسعار التذاكر مقابل الدفع بالنقاط للمستهلكين كافة بهدف زيادة الطلب على رحلاتها الجوية. عادةً، يكون مستوى الخصم في حملات مثل هذه ثابتاً وموحداً للمستهلكين جميعهم، لكن إذا تمكنت الشركات من تصميم حملات ترويجية بحيث تستفيد من الاختلافات في مواقف المستهلكين تجاه قيمة نقاط الولاء فمن الممكن أن تحقق نتائج أفضل وتزيد من تأثير هذه الحملات وفعاليتها.

في حالة شركة ساوث ويست، كان من الممكن تخصيص خصومات مختلفة على النقاط في العرض الترويجي بناءً على نوع المستهلكين وتوجهاتهم، وذلك من خلال تقديم خصومات أقل لمن يفضلون استخدام النقاط، ومنح خصومات أكبر للفئات الأخرى التي لا تهتم بالنقاط كثيراً. من خلال تقديم خصومات موجهة بهذه الطريقة، من الممكن تحقيق أهداف الإيرادات نفسها التي تسعى الشركة إلى تحقيقها بتكلفة إجمالية أصغر.

إعادة صياغة استراتيجيات الولاء

يساعد الفهم الدقيق لكيفية تقسيم المستهلكين بناءً على مواقفهم تجاه نقاط الولاء على إنشاء تجارب وعروض مخصصة تتوافق مع القيم والسلوكيات الفريدة لكل مجموعة:

  • بالنسبة لأنصار النقود، من الضروري تقديم تفسيرات واضحة لكيفية تحويل النقاط إلى نقود وتقديم فوائد مالية ملموسة، مثل استرداد النقود، ما يسلّط الضوء على المكاسب العملية المرتبطة بالمشاركة في البرنامج.
  • في المقابل، يفضّل الأشخاص المحايدون البساطة والشفافية ويقدّرون إمكانية استخدام النقاط بسلاسة مثل النقود في العمليات التجارية. يتوافق هذا النهج مع تصورهم لتساوي نقاط الولاء والنقود من حيث القيمة. على سبيل المثال، من الممكن تصميم نظام دفع يسمح للعملاء باختيار الدفع نقداً أو بالنقاط بسلاسة.
  • ينجذب مستثمرو نقاط الولاء إلى التشويق المتمثل في البحث عن القيمة، لذلك، فإن تقديم صفقات منتظمة ومتجددة تجعل كسب النقاط واستبدالها مهمة ممتعة تلبي شغفهم بالتحديات الاستراتيجية وتعزز قيمة النقاط.
  • يفضّل عشاق نقاط الولاء استخدام النقاط بطرق تحقق الرضا العاطفي، مثل التجارب الحصرية أو التبرع للأعمال الخيرية، لذلك، فإن تقديم فرص تتيح استخدام النقاط بهذه الطرق يعكس فهماً عميقاً لارتباطهم العاطفي بها أكثر من ارتباطهم بالنقود الحقيقية.

يشير ظهور فئات المستهلكين المختلفة إلى اتجاه أوسع نحو تخصيص القيمة وتوسيع نطاق استخدام نقاط الولاء بوصفها عملة، بالإضافة إلى أن تقسيم المستهلكين إلى فئات يعكس الطبيعة المعقدة لتصوراتهم عن القيمة ويشير إلى التحول نحو أساليب مخصصة وفردية بدرجة أكبر لجذب المستهلكين وحثّهم على المشاركة.

مع زيادة خبرة الشركات في استخدام برامج ولاء العملاء، فإنها ستكتشف طرقاً جديدة للتفاعل مع العملاء وتخصيص العروض لهم، وفي نهاية المطاف تحويل نقاط الولاء من مجرد أدوات لإجراء العمليات التجارية إلى أصول استراتيجية تعزز ولاء العملاء ومشاركتهم ونموهم. في هذه البيئة الحيوية والمتجددة، يتحول التركيز من التساؤل عمّا إذا كان المستهلكون يتعاملون مع نقاط الولاء على أنها مكافئة للنقود وينتقل إلى استكشاف كيفية استفادة الشركات من هذه التغيرات لبناء علاقات عميقة ومفيدة ومربحة مع عملائها.

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .

المحتوى محمي