هل تميل لتفادي الصراعات في العمل؟ إليك كيفية إجراء المحادثات الصعبة

4 دقيقة
النزاعات
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

تقول إيمي غالو، في دليل هارفارد بزنس ريفيو لإدارة النزاعات في العمل: “متجنبو الصراعات عموماً هم أفراد يثمّنون قيمة التناغم في مكان العمل. وعندما يشعر أحدهم بأنه على وشك الدخول في خلاف، فسيحاول في الغالب تهدئة الطرف الآخر أو تغيير موضوع النقاش. ليس هذا سلوكاً سلبياً مستكيناً بل مبادرة إيجابية تمنع تفاقم الخلافات وتحولها إلى صراع”.

فماذا تفعل إن كنت بطبيعتك تتجنب النزاعات في حين ينطوي جزء كبير من مهام وظيفتك على تقديم ملاحظات صريحة على الأداء؟ وعندما ينتابك القلق من أن تتسبب في سخط زملائك، فكيف تزود مرؤوسيك المباشرين بالمعلومات والمعطيات الضرورية ليتعلموا ويتحسن أداؤهم؟

ابدأ بمصارحة نفسك أنك من النوع الذي يتجنب النزاعات؛ هل انتبهت خلال الأشهر الستة الماضية إلى تفوهك بأي من العبارات التالية؟

  • “أؤمن بمنح الأفراد فرصاً وبالاستثمار فيهم، لذا أود تخصيص مزيد من الوقت لهذا الأمر”.
  • “لا أرغب في أن أحبط الموظف الذي يبذل جهداً كبيراً في عمله بالفعل. لا أريد أن أثبّط حافزه”.
  • “أميل بطبعي إلى التعاون. وأفضل أن أبادر بمد يد العون إلى موظف يجد صعوبة في أداء عمله”.
  • “هذا الموظف صعب المراس، فهو عدواني ويتخذ موقفاً دفاعياً دائماً. وأنا أمقت صراعاً كهذا”.

إن كنت حدّثت نفسك بعبارات كهذه، فاعلم أنك تتجنب المواجهة. ولا يعني هذا أن عليك تغيير قيمك الجوهرية، فالحفاظ على انسجام علاقات العمل ركيزة مهمة في أي وظيفة، ولكن عليك تغيير نظرتك إلى مهمة تقديم الملاحظات الصعبة. ولا تعتبر ذلك خيانةً لقيمك، بل فرصة لتطبيقها عملياً. وأورد فيما يلي بعض النصائح التي تمكّنك من ذلك:

لا تتأخر فيتدهور الوضع

سيريحك تأجيل محادثة صعبة مؤقتاً، إلا أن المشكلة ستستمر بصمت، فتتفاقم إلى الأسوأ وتختل وتيرة العمل في المشاريع، وربما تفشل. وهكذا، تؤول بك الحال إلى المخاطرة بسير العمل أو العلاقات بين الموظفين، وقد تضطر إلى اتخاذ إجراءات أشد قسوة مما كنت ستتخذه لو تصرفت منذ البداية. عندما تجد في نفسك تردداً في التصريح بملاحظاتك، اسأل نفسك: ما سياق العمل؟ هل يستدعي قراراً سريعاً؟ وانتبه ألا يؤدي حرصك على مشاعر موظف إلى إضعاف معنويات موظفين آخرين.

أو ربما ترى بوادر مشكلة ولكنك تتراجع عن معالجتها لأنك لا تثق بحدسك تمام الثقة، لذلك فكر فيما يعزز ثقتك في قدرتك على تحديد الوقت المناسب لتقديم ملاحظات صارمة على الأداء. ما المعلومات الإضافية التي قد تجمعها؟ ما الأهداف النهائية المعرضة للمخاطر؟ والأهم أن تعرف حجم خسائر عدم المبادرة بتقديم ملاحظاتك الآن.

كن واضحاً صريحاً

من الجيد أن سلوكك الحسن يمنعك تماماً من أن تطرح ملاحظاتك بطريقة فيها استهانة واستخفاف، فلا داعي إلى أن تقلق من توخي الوضوح والصراحة. وكي لا تبدو انتقاداتك شخصية، ابدأ حديثك بتعريف الموظف إلى السياق الأوسع للعمل من أجل توضيح أهمية الملاحظات على الأداء، وطمئنه بأنك تدرك أن نواياه حسنة ولكنك تود إطلاعه على ملاحظات حول تأثير أفعاله في سير العمل. اطرح رأيك في أدائه الحالي وما يلزم تغييره، وتحدّث عن أثره الحالي والأثر المرجو منه، وافسح له مجالاً لاستيعاب ما سمعه من معلومات واسأله عن رأيه. هل تلقى ملاحظاتك صدىً في نفسه؟ وما رأيه في هذه المسألة؟ وما الصعوبات التي يواجهها؟

ولكن لا تتوقف عند هذا الحد، بل احرص على أن توضح له دون أي التباس التغيير الذي ترغب في أن تراه (في المهارات وفي التنفيذ على حدٍ سواء)، وحدد لهذا التغيير إطاراً زمنياً صارماً، واطرح أمثلة على الطريقة الأنسب للتعامل مع الموقف بفعالية أكبر. فلك أن تقول له مثلاً: “أريد أن أجد في تقارير الأداء الشهرية أنك قد أصبحت سبّاقاً إلى التصرف ومبادراً بالفعل”، أو أن تقول: “عندما تنبهني إلى مشكلة ما أرجو أن تقترح حلولاً لها كي تثبت أنك أجريت البحث اللازم بشأنها”.

في سعينا إلى تجنب نزاع أو خلاف، قد تؤدي محاولة تلطيف ملاحظاتنا أو تجميلها إلى راحة آنية، ولكن إن لم نقل صراحةً ما يجب أن يقال فلن يحدث أي تغيير حقيقي.

تقبّل إثارة مشاعر مزعجة

قد تفضي ملاحظاتك إلى خلاف أو إيذاء للمشاعر أو إثارة ردود فعل دفاعية، لذلك، استعد مسبّقاً لجولة نقاش صعبة، من خلال استحضار السيناريوهات المحتملة حتى تتأهب لما قد يحدث.

وإن لاحظت خلال الحوار أن نبرتك أو نبرة من تناقشه قد أصبحت دفاعية أو مشحونة بالعواطف، فاعترف بالتوتر الذي ساد الحوار واطلب أخذ استراحة: “إنني أتفهم صعوبة هذا الموقف، فما الذي تحتاج إليه عند هذه النقطة من النقاش؟” أو “هذا موقف صعب على كلينا. لذلك أريد أن نتوقف عند هذا الحد، ومن ثم نستأنف النقاش في وقت لاحق اليوم”. واحرص على ألا تتراجع وألا تغير محتوى كلامك حين تتوتر أجواء المحادثة، أملاً في تهدئة هذا التوتر. كما عليك ألا تفرط في الكلام لمجرد أن تملأ فترات الصمت أو لمواصلة الحوار بلا طائل. امنح الموظف وقته الكافي لاستيعاب ما تقوله.

وإن قدم لك معلومات جديدة فخذها بعين الاعتبار، وإذا لم تغير تقييمك وما تقترحه عليه من خطوات فالتزم برسالتك، أما إذا وجدت أن المعلومات الجديدة كفيلة بتغيير رأيك، فالأفضل أن تتمهل وتعيد التقييم. وهنا، يمكنك أن تقول له: “أقدّر لك تقديم هذه المعلومات، لم يكن لديّ علم بها وأود أن تمهلني حتى أدرسها. يمكننا أن نجتمع مجدداً في غضون أيام، بعد أن أدرس الموضوع أكثر”.

تابع الموضوع

لا بأس في أن توضّح للموظف أنك ترحب بأي نقاش معه في أي وقت وصولاً إلى تسوية منصفة للمشكلة، حتى لو سار الحوار الأول على نحو مرضٍ، كرر النقاش معه ضماناً للوصول إلى نتيجة مثالية مع الثبات على رسالتك والحفاظ على علاقتك به.

تقتضي القيادة الفعالة خروجك من منطقة الراحة إلى حدٍ ما، والتزاماً بالتحسين المستمر لمهارات التواصل لديك. وقد يمثل ميلك إلى الحفاظ على التناغم والانسجام في بيئة العمل قيمةً للشركة ولفريق العمل في الظروف المواتية؛ ولكن عليك أن تتوخى الحذر حتى لا يؤدي إلى نتائج عكسية. ما زال تشجيع موظفيك ورفع معنوياتهم أحد سبل تعزيز علاقاتك الإيجابية بهم، ولكن قدرتك على تحديد التوقيت المناسب لتقديم ملاحظاتك السلبية على أدائهم تضمن لك ألا يدخر موظفوك جهداً في سبيل تقديم أفضل أداء لديهم. ففي توصيلك لرسالتك المنشودة بوضوح واحترام تجسيد لصدقك مع نفسك، وربما يدهشك أن تعرف أن احتمالات نشوب الخلافات تتضاءل للغاية عندما يوجه قائد ملاحظاته وانتقاداته بصدق إلى أفراد فريق متميز عالي الأداء.

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .