9 توجهات ستغيّر طبيعة العمل في عام 2024 وما بعده

11 دقيقة
اتجاهات
الرسم التوضيحي: بابلو كاراكول
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

ملخص: استمرت المؤسسات في عام 2023 في مواجهة تحديات كبيرة شملت التضخم والاضطرابات الجيوسياسية والخلافات حول سياسات التنوع والمساواة والشمول وسياسات العودة إلى العمل، ومن المتوقع أن يحمل عام 2024 المزيد من الزعزعة. حدد الباحثون في مؤسسة غارتنر 9 اتجاهات رئيسية ستؤثر في العمل في العام الحالي، تتراوح من مزايا الموظفين المبتكرة إلى انهيار المسارات الوظيفية التقليدية. ستتمكن الشركات التي تتعامل مع هذه الاتجاهات بفعالية من استبقاء المواهب واكتساب ميزة تنافسية.

واجه قادة الأعمال والمؤسسات خلال عام 2023 تحولات رئيسية أثرت في مكان العمل، شملت ضغوط التضخم على ميزانيات الشركات والموظفين وظهور الذكاء الاصطناعي التوليدي والاضطرابات الجيوسياسية وموجة من الإضرابات العمالية البارزة وتصاعد الخلاف حول تفويضات العودة إلى المقرات المكتبية وتطور الأطر القانونية والمجتمعية لمبادرات التنوع والمساواة والشمول والتأثير المتزايد للتغير المناخي، وغير ذلك.

نتوقع أن تستمر هذه الأحداث المزعزعة مع دخولنا عام 2024. في هذا الصدد، حددت أبحاث شركة غارتنر (Gartner) 9 اتجاهات رئيسية ستحدد ملامح عالم العمل في العام الجديد. سيكون بمقدور القادة الذين يبادرون مقدماً إلى وضع استراتيجيات واضحة للأعمال والمواهب للتعامل مع هذه التحديات منح مؤسساتهم ميزة تنافسية من حيث نتائج المواهب وتحقيق أهدافها الاستراتيجية.

1. ستبدأ المؤسسات تقديم مزايا مبتكرة لمعالجة تكاليف العمل.

لقد جرّب الموظفون الذين انتقلوا إلى ترتيبات العمل عن بُعد أو الهجينة مزايا عدم الاضطرار إلى تحمل التكاليف (المالية والوقت والجهد) المرتبطة بالحضور اليومي إلى المكتب. وفقاً لبحثنا، يعتقد 60% من الموظفين أن تكلفة الذهاب إلى المكتب تفوق الفائدة التي يحققونها من وجودهم فيه، ويشعر 67% منهم أن الذهاب إلى المكتب يتطلب جهداً أكبر مما كان عليه قبل الجائحة، ويرى 73% أن التكلفة الإجمالية للذهاب إلى المكتب قد زادت. لم يكن مستغرباً أن يقول 48% من الموظفين إن تفويضات قرارات العودة إلى المكتب تعطي الأولوية لتفضيلات القادة على احتياجات الموظفين لأداء عملهم بفعالية.

لم يعد الافتراض التقليدي القائل بأن على الموظفين أن يتحملوا تكاليف معينة للعمل عندما يوافقون على شغل وظيفة ما جانباً غير قابل للنقاش، خاصةً مع الأخذ في الاعتبار عدم وجود علاقة قطعية بين موقع العمل والأداء. فقد كشف البحث الذي أجرته شركة غارتنر عن أن متطلبات الحضور الإلزامي إلى المكتب لا تؤثر، سلبياً أو إيجابياً، إلى حد كبير من الناحية الإحصائية في أداء الموظفين.

لن تكتفي المؤسسات التي تسعى إلى جذب المواهب واستبقائها بمحاولة بلورة استراتيجية العمل الهجين المثالية فحسب، بل ستحاول أيضاً معالجة جانب التكاليف المرتبطة بالعمل مباشرة، ويمكنها تحقيق ذلك من خلال تقاسم التكاليف الملموسة وغير الملموسة المرتبطة بالعودة إلى المكتب واستكشاف طرق لتخفيض إجمالي هذه التكاليف.

تستكشف الشركات الرائدة مزايا أكثر جدوى وإبداعاً لموظفيها تشمل:

  • تقديم إعانات السكن: قد تسعى المؤسسات إلى تقديم إعانات مالية للموظفين الذين يطلب منهم العمل من المكتب لمساعدتهم على تحمل تكاليف السكن القريب. ويمكن أن يكون البديل توفير الشقق القريبة التي تملكها المؤسسة للموظفين، ما يقلل من تكلفة الزيارات القصيرة إلى المقر الرئيسي عليهم.
  • دعم مقدمي الرعاية: لقد زادت الجائحة من وعي العديد من العائلات بمدى أهمية توفير الرعاية الموثوقة والمرنة (للأطفال وكبار السن والحيوانات الأليفة) للحفاظ على قوة عمل صحية. وقد بدأت المؤسسات الرائدة في تلبية هذه الاحتياجات من خلال تقديم مزايا مستهدفة، مثل رعاية الأطفال في مكان العمل أو رعاية الأطفال المشتركة للموظفين، وتوصيات لمقدمي رعاية الحيوانات الأليفة المعتمدين مسبقاً، والوصول عند الطلب إلى مقدمي الرعاية المحترفين لمعالجة الاحتياجات غير المُلباة في رعاية كبار السن.
  • برامج الرفاهة المالية: كشف بحثنا عن انخفاض نسبة الموظفين الذين يقيّمون رفاهتهم المالية في ضوء إيجابي في عام 2023 إلى 24% بعد أن كانت 27% قبل عامين، ما يزيد من التكلفة المُتصورة للعمل بين الموظفين. سيبدأ المزيد من المؤسسات تقديم خدمات التخطيط المالي الشخصي والخدمات التعليمية لمساعدة الموظفين على تحقيق أقصى استفادة من مواردهم المالية.
  • سداد قروض الطلاب: لا يزال أكثر من 43 مليون أميركي يتحملون عبء سداد القروض الطلابية الفيدرالية، إذ يبلغ إجمالي القروض أكثر من 1.7 تريليون دولار. يسمح قانون الضرائب الأميركي الآن للمؤسسات بالإسهام في سداد ديون قروض الطلاب لموظفيها كما هي الحال بالنسبة للمساعدة على تسديد الرسوم الدراسية، ما يتيح للشركات الفرصة للتخفيف من أحد أكبر الضغوط المالية التي تواجهها قوة عملها.

2. سيخلق الذكاء الاصطناعي فرصاً للقوى العاملة ولن يقلل منها.

كشف استقصاء غارتنر لعام 2023 عن أن 22% من الموظفين يتوقعون أن يتولى الذكاء الاصطناعي وظائفهم خلال السنوات الخمس المقبلة. وعلى الرغم من هذه المخاوف، فمن غير المتوقع أن يحل الذكاء الاصطناعي التوليدي محل العديد من الوظائف على المدى القصير إلى المتوسط على أقل تقدير، ولكنه سيؤدي إلى إعادة تصميم الوظائف لتشمل مسؤوليات جديدة، مثل التفاعل مع أدوات الذكاء الاصطناعي التوليدي. وتتوقع شركة غارتنر أن يؤدي الذكاء الاصطناعي التوليدي دوراً في 70% من المهام التي تتطلب التعامل مع النصوص والبيانات الكثيفة بحلول عام 2025، وهي زيادة كبيرة من أقل من 10% في عام 2023.

ننصح المسؤولين التنفيذيين هذا العام بأن يكونوا مستعدين لتحسين خططهم وتوقعاتهم للذكاء الاصطناعي التوليدي وتكييفها مع تطور الأدوات وتحسّن كفاءة الموظفين. ويجب أن يتعاون قادة الأعمال مع قسم الموارد البشرية لتقييم كيفية تأثير الاستثمار في الذكاء الاصطناعي التوليدي في أدوار الفريق وسير العمل، وتحديد المرشحين الداخليين المحتملين للأدوار التي أُعيد تصميمها حديثاً. كما يجب على الموارد البشرية تقييم تأثير الذكاء الاصطناعي التوليدي في استراتيجيات التوظيف، وتحديد المتطلبات والتقييمات الفنية التي لم تعد هناك حاجة إليها للأدوار الشاغرة والمستقبلية، وتحديد كيفية تقييم المواهب بناءً على أي مهارات جديدة مطلوبة.

3. سيتحول أسبوع العمل لأربعة أيام في الأسبوع من فكرة غير تقليدية إلى ممارسة نموذجية.

بعد أن كان يُنظر إليه في السابق على أنه تحول جذري عن جدول العمل التقليدي، طُرح أسبوع العمل لأربعة أيام في المفاوضات النقابية وأصبح خياراً مفضلاً لدى العديد من الموظفين. لقد كشف استقصاء شركة غارتنر لعام 2023 عن أن 63% من مرشحي الوظائف صنفوا “أسبوع العمل لأربعة أيام عمل مقابل الأجر نفسه” بأنه أفضل ميزة جديدة ومبتكرة من شأنها أن تجذبهم إلى الوظيفة. وقد أشارت نتائج التجارب الحديثة في بعض المؤسسات لأسبوع العمل لأربعة أيام إلى فوائد عدة لهذا النهج فيما يتعلق بالإنتاجية ورفاهة الموظفين.

في مواجهة النقص في المواهب الذي يزيد من حدة التحدي المتمثل في جذب الموظفين والاحتفاظ بهم، ستستغل المؤسسات في عام 2024 أسبوع العمل لأربعة أيام لتحسين نتائج المواهب، مثل مشاركة الموظفين وأدائهم ورفاهتهم، ولتحسين نتائج الأعمال، بما في ذلك القضاء على أوجه القصور وجذب المواهب واستبقاؤها واكتساب ميزة تنافسية.

سيتطلب تبنّي نظام العمل لأربعة أيام في الأسبوع من المؤسسات بالطبع إعادة تقييم إيقاع عملها، ما يعني أن تكون أكثر تحديداً بشأن جدولة وقت العمل المركّز أو وقت عقد جلسات العمل التعاوني والعصف الذهني وتقديم الملاحظات ومكانها. لا يُسهّل هذه النهج المدروس لإدارة الوقت تطبيق أسبوع العمل لأربعة أيام فحسب، بل يتيح للمؤسسات أيضاً الاستفادة من التوقعات المشتركة المتعلقة بمواعيد إنجاز مختلف أنواع المهام، وبالتالي تقليل العبء الواقع على المدراء والموظفين في تحديد هذه التوقعات.

4. ستصبح مهارة حل النزاعات بين الموظفين أساسية للمدراء.

من المتوقع أن تصل النزاعات بين الموظفين هذا العام إلى مستوى غير مسبوق بسبب مجموعة متنوعة من الأزمات، بما في ذلك القضايا الجيوسياسية والإضرابات العمالية والتغير المناخي ومقاومة جهود مبادرات التنوع والمساواة والشمول والانتخابات القادمة في مختلف أنحاء العالم. تؤدي النزاعات بين الموظفين على جميع المستويات إلى تقويض الأداء الفردي والأداء الجماعي على حد سواء، ما يجعل مكان العمل غير آمن بالنسبة للكثيرين.

كشف استقصاء مؤسسة غارتنر لعام 2023 عن أن 57% من المدراء يعتقدون أنهم يتحملون المسؤولية الكاملة عن إدارة النزاعات داخل فرقهم وحلها. سيكون للمدراء الذين يستطيعون التعامل مع النزاعات الشخصية بين الموظفين وإدارتها بفعالية تأثير إيجابي كبير في مؤسساتهم، ولكن السؤال الذي يطرح نفسه هنا هو كم عدد المدراء الذين يشعرون بالفعل بأنهم مدربون ومستعدون للتعامل مع هذه المهمة؟ قد تبدأ المؤسسات التي حاولت إبعاد المواضيع الخلافية عن مكان العمل هذه العملية متأخرة عن الآخرين، خاصة أن حل النزاعات ليس مهارة بديهية.

يجب على المؤسسات أن تعمل على تحسين مهارات المدراء الحاليين والمحتملين في حل النزاعات من خلال تنفيذ دورات تدريبية مخصصة وإتاحة الفرصة للمدراء الجدد لملازمة المدراء الأكثر خبرة أو تلقي التدريب الإرشادي. ستجد المؤسسات الرائدة أيضاً طرقاً لتقدير مهارة حل النزاعات بفعالية على جميع مستويات المؤسسة، بما في ذلك النظر في مهارات إدارة النزاعات في أثناء المراجعات الدورية للأداء واتخاذ قرارات الترقية.

5. ستكشف تجارب الذكاء الاصطناعي التوليدي عن دروس قيّمة وستؤدي إلى تكاليف مؤلمة.

يدفع الحماس والضجيج الإعلامي والخوف الشديد من التخلف عن الركب المسؤولين التنفيذيين إلى تشجيع تبني الذكاء الاصطناعي التوليدي داخل فرقهم ومؤسساتهم. لكن المخطط البياني لدورة الضجيج للتكنولوجيات الناشئة الذي تبرزه شركة غارتنر في تقريرها لعام 2023 يُظهر أن الذكاء الاصطناعي التوليدي قد وصل بالفعل إلى ذروة التوقعات المتضخمة وأنه على وشك الانحدار إلى “قاع خيبة الأمل”، وهي فترة تتراوح بين عامين إلى خمسة أعوام لن يرقى خلالها إلى مستوى التوقعات المبالغ بها.

لا يعني ذلك أن الذكاء الاصطناعي التوليدي لن يقدم فوائد كبيرة أو يعالج مشكلات الأعمال، بل يعني أنه سيتعين على الشركات إدارة التوقعات وكذلك المخاطر المرتبطة بتطبيقه بفعالية.

تُقدم الآن أدوات الذكاء الاصطناعي التوليدي مع وعود بتحقيق عوائد إنتاجية مذهلة إذا طبقتها المؤسسات على بياناتها ووثائقها الداخلية، لكن معظم المؤسسات في الواقع لا تهتم بسياسات الوصول وسرية البيانات إلا بالحد الأدنى، إن لم تكن أهملتها كلياً. على سبيل المثال، عندما تطبق المؤسسات أدوات المساعدة القائمة على الذكاء الاصطناعي التوليدي على البيانات الداخلية التي تفتقر إلى ضوابط الوصول المناسبة، يمكن للموظف أن يطرح أسئلة حساسة ويتلقى إجابات عنها، مثل معرفة من تقدم بشكاوى أخلاقية العام الماضي أو الاطلاع على رواتب المناصب التنفيذية العليا ومكافآتهم.

وبالإضافة إلى الحوكمة، فإن مخرجات الذكاء الاصطناعي التوليدي لن تكون خالية من العيوب، ما يخلق حاجة قوية لمراقبة الجودة والقدرة على التمييز للموظفين. لا تفوق هذه المخاطر الفوائد المحتملة للذكاء الاصطناعي التوليدي على أي حال، لكنها تفرض على المؤسسات تدريب الموظفين بفعالية على تطوير قدرتهم على التمييز فيما يتعلق بصحة المعلومات والاستخدام المناسب لهذه التكنولوجيا الجديدة.

6. ستتفوق متطلبات المهارات على متطلبات الشهادات الجامعية مع انهيار الحواجز التي يواجهها الموظفون الذين لا يحملون شهادات.

في حين أن الشهادات الجامعية كانت شرطاً أساسياً في الوصف الوظيفي في الماضي، فإنها لن تحظى بالأهمية نفسها في المستقبل. تبذل المؤسسات في الوقت الحاضر جهوداً لإزالة الحواجز التي يواجهها الموظفون الذين لا يحملون شهادات جامعية وتعتمد التوظيف القائم على المهارات، حتى بالنسبة لبعض وظائف الشركات التي كانت تعتبر تقليدياً أنها تتطلب شهادات جامعية.

لقد ألغت شركات بارزة، مثل جوجل ودلتا للطيران (Delta Airlines) وأكسنتشر (Accenture) وزوهو (Zoho)، العديد من الشروط المسبّقة للشهادات من إعلانات الوظائف الشاغرة لجذب المواهب المؤهلة دون قيود غير ضرورية. كما تتبنى حكومات الولايات والحكومات المحلية في جميع أنحاء العالم هذا النهج. يمكّن هذا النهج المؤسسات من التوظيف من مجموعة أوسع من المواهب تشمل المواهب المُطورة داخل المؤسسة، بالإضافة إلى الموظفين المهرة الذين اكتسبوا المهارات عبر الطرق البديلة -المحاربين القدامى والمواهب الممثلة تمثيلاً ناقصاً وغيرهم من الموظفين المهرة غير الحاصلين على شهادات جامعية- الذين يمثلون جزءاً كبيراً من قوة العمل العالمية، من ضمنهم أكثر من 70 مليون عامل في الولايات المتحدة وحدها.

يتيح هذا التحول للشركات النظر في طرق جديدة لاكتشاف المواهب التي تحتاج إليها أو تطويرها. في الواقع، تروّج مؤسسات رائدة مثل تارغت (Target) وأمازون (Amazon) وإرنست آند يونغ (EY) على نحو متزايد لجامعاتها الداخلية وكلياتها لإدارة الأعمال –وتوسيع برامج التلمذة الصناعية– بصفتها برامج اعتماد مصممة بوجه خاص لتجهيز المواهب بالمهارات المحددة التي يحتاجون إليها للتقدم.

7. ستصبح الحماية من التغير المناخي ميزة جديد للموظفين.

لقد سلط العام الماضي بما حمله من عواصف شديدة ودرجات حرارة قياسية وحرائق غابات ضخمة أثرت في جودة الهواء الضوء على رؤية جديدة لتأثير التغير المناخي على القوى العاملة في جميع أنحاء العالم. تعمل المؤسسات حالياً، مع تحول هذه الظواهر من أحداث محلية ونادرة إلى أحداث أكثر شيوعاً واستمرارية، على جعل خطط الاستجابة لكوارث التغير المناخي جزءاً أوضح وأكثر شفافية في عرض القيمة الذي تقدمه للموظفين.

ستبدأ المؤسسات ابتداءً من عام 2024 تسليط الضوء على الحماية المباشرة من آثار التغير المناخي والترويج لها بصفتها عنصراً أساسياً في حزمة المزايا التي تقدمها. يمكن أن تشمل العروض المحتملة ما يلي:

  • الالتزام الصريح بضمان السلامة الجسدية للموظفين: قد تضع المؤسسات خططاً استباقية لتوفير المأوى والطاقة والمؤن عند وقوع الكوارث الطبيعية وإبلاغ قوة العمل بفعالية قدراتها على الاستجابة للكوارث.
  • تعويض الموظفين المتأثرين: يمكن للمؤسسات أيضاً تقديم إجازات مدفوعة أو مزايا مالية مخصصة للموظفين الذين يعانون صعوبات بسبب الأحداث المرتبطة بالمناخ. قد تصبح مزايا مثل إعانات السكن المؤقت أو المساعدة في الانتقال أو الإجازات المتعلقة بالكوارث أو الدعم المالي لتوفير معدات السلامة المتخصصة عناصر أكثر بروزاً في حزم المزايا التي تقدمها المؤسسات.
  • دعم الصحة النفسية: وسّع العديد من المؤسسات بالفعل نطاق عروض الرفاهة النفسية خلال السنوات القليلة الماضية، ولكن قد تبدأ بعض المؤسسات توفير إمكانية الوصول إلى المستشارين النفسيين لمساعدة موظفيها على مستوى العالم على التعامل مع آثار الأحداث المناخية.

وستكون هذه المزايا مفيدة خصوصاً للمؤسسات التي لديها عمليات محلية أو عدد محدود من المواقع، حيث سيتوقف معظم عملياتها، إن لم يكن كلها، في حالة وقوع كارثة.

8. لن تختفي مبادرات التنوع والمساواة والشمول، بل ستصبح أكثر تجذراً في طريقة عملنا.

بعد أن حظيت باهتمام كبير من الشركات في عام 2020، كانت هناك خيبة أمل متزايدة تجاه مبادرة التنوع والمساواة والشمول، بل بعض المقاومة المباشرة في بعض المجالات أيضاً. لا تزال مبادرات التنوع والمساواة والشمول تواجه تحديات في العديد من المؤسسات، إذ غالباً ما تكون معزولة ولا يتحمل قادة الأعمال مسؤولية نجاحها بجدية، بالإضافة إلى محدودية سلطة اتخاذ القرار لتحقيق النتائج وضعف الجهود والتنسيق بين أجزاء المؤسسة المختلفة في هذا الصدد. عندما تطالب الشركات بتحقيق نتائج تشمل المؤسسة بأكملها دون ضمان السيطرة والمساءلة على مستوى المؤسسة، سيؤدي ذلك إلى توقعات غير واقعية لبرامج مبادرة التنوع والمساواة والشمول وخيبة أمل من نتائجها.

لكن الحاجة الماسة إلى التنوع والمساواة والشمول في القوى العاملة تبقى قائمة، ما يترك المؤسسات غير متأكدة بشأن خطواتها التالية.

ستبدأ الشركات في عام 2024 التحول إلى تضمين مبادرة التنوع والمساواة والشمول في جميع أنحاء المؤسسة، وسيؤدي هذا النهج إلى تغيير طريقة تفاعل قادة الأعمال معها، بحيث لا يعتبرونها إحدى المهام التي يجب تنفيذها فحسب، بل ستصبح جزءاً أساسياً من عملية تحقيق أداء عالٍ في أهدافهم الرئيسية. سيشهد هذا النموذج الجديد في نهاية المطاف تحول مبادرة التنوع والمساواة والشمول إلى نهج عمل مشترك، حيث تدمج المؤسسات قيم المبادرة بالكامل في أهداف الأعمال والعمليات اليومية والثقافة.

9. ستنهار الصور النمطية التقليدية للمسارات الوظيفية في مواجهة التغييرات في قوة العمل.

المسارات الوظيفية التقليدية، حيث يرتقي الموظفون المراتب الوظيفية ويتقاعدون في ذروة حياتهم المهنية، في طريقها إلى الزوال. لن يتقاعد بعض الموظفين مطلقاً أو قد يتقاعدون بعد فترة انتقالية أو توقف مهني قد ينطوي على الانخراط في أعمال مختلفة أو أقل ربحية. على سبيل المثال، كشف بحث أجراه مركز بي إي دبليو للأبحاث عن أن 19% من الأميركيين الذين تبلغ أعمارهم 65 عاماً فأكثر كانوا يعملون في عام 2023، وهي تقريباً ضعف نسبة الأشخاص من الشريحة العمرية نفسها التي كانت تعمل قبل 35 عاماً. سيغادر المزيد من الموظفين قوة العمل في منتصف حياتهم المهنية، أو سيتنقلون عبر قطاعات مختلفة أو يتبنون العمل في وظائف مؤقتة وغيرها من نماذج التوظيف غير التقليدية في مرحلة ما من حياتهم المهنية. وقد وجد استقصاء أجراه موقع لينكد إن عام 2022 شمل 23 ألف موظف أن 62% منهم أخذوا بالفعل استراحة مهنية و35% يفكرون في ذلك في المستقبل. كما سيواجه الموظفون انقطاعات وظيفية غير طوعية في حياتهم المهنية بسبب الدورات الاقتصادية وتحملهم مسؤوليات تقديم الرعاية والنزوح في أثناء النزاعات والكوارث الطبيعية وتحول المسؤوليات مع تطور التكنولوجيا ونماذج الأعمال.

ومع شيوع المسارات الوظيفية غير التقليدية، ستشكل غالبية الصور النمطية الراسخة التي يعتمد عليها معظم استراتيجيات إدارة المواهب عائقاً أكبر أمام استقطاب المواهب واستبقائها، لذلك يجب على المؤسسات التكيف مع هذه التغييرات بثلاث طرق رئيسية:

  • تسهيل استبقاء المواهب أو عودتها إلى المؤسسة. تبتعد الشركات عن الصورة النمطية للاستمرارية الوظيفية من خلال توفير خيارات عمل أكثر مرونة مثل تقاسم العمل أو إتاحة العمل المستقل أو ساعات العمل المخفضة. كما أن إعادة الموظفين المتقاعدين بصفتهم موظفين مستقلين أو مرشدين أو تسهيل الخروج المؤقت للقوى العاملة من خلال برامج إجازات منتصف الحياة المهنية والعودة إلى العمل تمكّن الموظفين من تحقيق توازن أفضل بين عملهم وحياتهم الشخصية. في هذا السياق، توفر مؤسسات مثل يونايتد تكنولوجيز وغولدمان ساكس وجونسون آند جونسون برامج العودة إلى العمل أو برامج التناوب لمقدمي الرعاية الذين يسعون الآن للعودة إلى القوى العاملة.
  • استفد من الخبرات حيثما وجدت، بغض النظر عن مدة تولي الوظيفة. تبتعد المؤسسات عن المسار الوظيفي التقليدي المتدرج خطوة بخطوة من خلال تمكين الموظفين الأصغر سناً من تولي أدوار بناءً على خبراتهم أو كفاءتهم في مجالات متخصصة. لم يعد تعيين مدراء تنفيذيين من الشباب بالإدارة العليا يقتصر على الشركات الناشئة، إذ بتنا نرى شركات تعيّن مسؤولين تنفيذيين من شبكات المرشحين الذين لا يزالون في بدايات حياتهم المهنية ممن يتمتعون بخبرة محدودة في التعامل بنجاح مع الأولويات الناشئة في قطاعهم، مثل تخفيف نقاط الضعف في الأمن السيبراني لأطراف خارجية في مجال الخدمات المالية وتجربة استخدام الكاتب الرقمي المحيطي في مجال الرعاية الصحية (تقنية تعتمد على الذكاء الاصطناعي لتسجيل المحادثة الطبيعية بين الطبيب والمريض في أثناء الزيارة) واستخدام أنظمة الدفع الذكية في مجال البيع بالتجزئة وتحسين عمليات الإنتاج باستخدام التوائم الرقمية في مجال التصنيع.
  • الاستعداد للتقاعد الوشيك لعدد كبير من الموظفين ذوي الخبرة. تعمل المؤسسات على إعادة تصميم العمل لتسهيل برامج التناوب الداخلية، وتزيل القيود العمرية للتلمذة الصناعية للسماح لأي موظف بالتدرب في مجالات جديدة، وتخلق فرص ملازمة الموظفين الأكثر خبرة للزملاء في بداية حياتهم المهنية ومنتصفها لمساعدتهم على تطوير خبراتهم. على سبيل المثال، تستخدم شركة تترا باك (Tetra Pak) برنامجاً للتناوب يتيح تبديل نحو نصف فريق كل منتج كل 18 شهراً، ويُشجع الموظفون على اختيار ثلاثة تفضيلات للتناوب بناءً على المجالات أو المهارات الجديدة التي يرغبون في تعلمها حتى لو كانت خبرتهم قليلة أو معدومة.

يوفر تدريب الموظفين في مجالات متعددة فوائد عدة على المدى الطويل، فالموظفون الذين يتمتعون بالبراعة في مجالات متعددة لديهم فرصة أفضل للنجاح في المستقبل مع تكيّف الأدوار الوظيفية مع التقنيات ونماذج الأعمال الجديدة. سيكون هذا النهج مفيداً خصوصاً للمؤسسات التي تواجه خطر فقدان عقود من المعرفة المؤسساتية والخبرات المتخصصة.

ستشكل هذه الاتجاهات التسعة مستقبل العمل خلال عام 2024 وما بعده. يجب على المسؤولين التنفيذيين تقييم أي من هذه الاتجاهات يجب تحديد أولوياتها وتجربتها بناءً على معايير تشمل:

  • ما الاتجاهات التي سيكون لها تأثير غير متناسب في مؤسستك؟
  • ما الاتجاهات التي يمكن أن تمنح مؤسستك ميزة نسبية إذا تصرفت بناءً عليها؟
  • ما الاتجاهات التي تشكل تهديداً لأهدافك الاستراتيجية إذا لم تتصرف بناءً عليها؟

لا يمكن لمعظم المؤسسات الاستجابة لجميع هذه الاتجاهات، لكن المؤسسات التي تفشل في تحديد الأولويات واتخاذ إجراء بشأن بعضها ستجد نفسها في موقف لا تُحسد عليه من حيث استبقاء المواهب واستقطابها وقدرتها على تحقيق أهدافها الاستراتيجية.

أسهم في هذا البحث أيضاً كل من بنجامين آشلي وبينغ تشِن وبِن كوك وأمريتا بونياني وسي في فيفريتو.

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .