دراسة حالة: هل يمكنني اقتراح تغيير منهجية إدارة المشاريع في شركة عريقة؟

11 دقيقة

تعرض دراسات الحالة التي تصيغها هارفارد بزنس ريفيو على هيئة قصص خيالية لمشكلات يواجهها القادة في الشركات الحقيقية وتقدّم الحلول من وجهة نظر الخبراء. وفيما يلي إحدى الحالات التي درّسها أستاذ كرسي كيم كلارك لإدارة الأعمال في كلية هارفارد للأعمال، نيين ها شياه.

أرادت سينثيا راموس أخذ سلطة المعكرونة من الثلاجة المشتركة وتناول الطعام على مكتبها وحسب، ولكن بدلاً من ذلك تورطت في حوار آخر مع جيم ميلر؛ فمنذ انضمامها إلى شركة مين فريم (MainFrame) بوظيفة مطورة برمجيات قبل 6 أشهر، تدور كل محادثة تخوضها مع جيم حول العوائق التي يشكّلها نظام إدارة المشاريع في الشركة. في يومها الأول وهي في غرفة مليئة بزملاء جدد، سألها إذا كانت الشركة التي عملت لديها سابقاً تستخدم منهجية سكرم التعاونية.1 وعندما أجابت بالنفي ضحك جيم ضحكة مكتومة وقال: "قد تندمين على الاستقالة من عملك السابق والانضمام إلينا".

صاح جيم هذه المرة ملقياً عليها التحية وقال لها: "مرحباً سينثيا، كيف تسير الدورات السريعة معك؟"، ثم ضحك بشدة هو وزميلاه الجالسان إلى الطاولة معه، عدنان بيرسود وواي كوان، فردت: "على ما يرام"، وعندما غادرت الغرفة سمعت جيم يهمس: "أعرف أنها تكره منهجية سكرم بقدر ما أكرهها".

لم تكن سينثيا تحب منهجية سكرم لكنها استمتعت بالعمل في شركة مين فريم؛ ركزت الشركة الناشئة التي عملت فيها سابقاً، آمبيشس كومبيوتنغ (Ambitious Computing)، على الذكاء الاصطناعي وكانت أكثر تقدماً من الناحية التكنولوجية، كما كان زملاؤها هناك أسعد، لكن شركة مين فريم كانت واحدة من الشركات الرائدة الثلاث على مستوى العالم في مجال العتاد والبرمجيات. فالشركة تعمل في هذا المجال منذ 40 عاماً وقد دفعت لها راتباً أعلى بنحو %50 من راتبها في شركة آمبيشس كومبيوتنغ.

كان التغيير الأصعب هو الانتقال من العمل بطريقة سريعة ومرنة جداً إلى طريقة عمل مين فريم الممنهجة والمدروسة الأبطأ والتكيف معها. ضم فريق سينثيا المكون من تسعة أفراد مطورين في الهند وأستراليا والمملكة المتحدة والولايات المتحدة، وعملوا وفقاً لنموذج "اتباع حركة الشمس" (Follow-the-Sun Model) الذي أدى إلى زيادة الإنتاجية إلى الحد الأقصى من خلال ضمان استمرار العمل، حيث يسلّم أعضاء الفريق في منطقة زمنية معيّنة العمل إلى زملائهم في منطقة زمنية أخرى كل يوم، وكان التواصل الواضح بين أعضاء الفريق ضرورياً.

باتباع منهجية سكرم التعاونية2، قُسم عمل كل فريق برمجيات في مين فريم إلى دورات سريعة (سبرينت) مدة كل منها أسبوعان مع إصدار رمز (كود) برمجي رئيسي كل 3 أشهر. يخضع الرمز البرمجي إلى الاختبار ويُدمج في أنظمة التشغيل الحرجة في الوقت الفعلي لدى العملاء، مثل أنظمة المعدات العسكرية والأقمار الصناعية والمركبات الذاتية القيادة والأجهزة الطبية التي يجب أن تعمل دون أي أعطال.

ترسل سينثيا في نهاية كل دورة سريعة مجموعة من الرموز البرمجية إلى فريق اختبار وتجمع فريقها الخاص للنظر في سير الأمور وفيما يريدون تغييره في الدورة التالية،3 كما تراجع الأعمال المتراكمة؛ وهي قائمة من المشاريع ذات الأولوية التي حددها فريق الاختبار ليعمل عليها فريقها بعد ذلك، مثل الميزات التي يجب دعمها أو الأخطاء التي يجب إصلاحها. يحمل فريق إداري أعلى سلطة من سينثيا مسؤولية إنشاء القائمة والخريطة التوجيهية للمنتج المرتبطة بها والموافقة عليها، ويُكمل فريق سينثيا عادةً 10 قصص (أو مهمات) خلال كل دورة سريعة، لكن شركة مين فريم أرادت من كل فرد أن يكمل 12 مهمة على الأقل. وعلى الرغم من تأفف جيم ميلر، فهو الوحيد الذي تمكّن من تحقيق ذلك.

كانت سينثيا وجيم وعدنان وواي وغيرهم من "خبراء سكرم" يتبعون المديرة المسؤولة عن جمع متطلبات المستخدم التفصيلية من الجانب التجاري ونقلها إلى فرق البرمجيات، إيما بيرغر، وهي بدورها تتبع مدير التصنيع كريس باتريك، الذي يشرف على 34 موظفاً، منهم مدراء المشاريع الفنية ومهندسو تطوير البرمجيات ومدراء الإصدارات في الولايات المتحدة وحول العالم.

استمتعت سينثيا بالعمل تحت إدارة إيما، وأرادت أن تسهل الأمور على نفسها لا أن تصعبها، لكنها كانت تتفق مع جيم في أن العمليات في شركة مين ستريم مرهِقة للغاية، ولهذا السبب، عندما تبعها جيم خارج المقصف إلى مكتبها وطلب منها مساعدته في تغيير الأمور. استمعت إليه ووافقت في النهاية على مقابلته لاحقاً لمناقشة الخطة.

طلب جيم

قال لها جيم: "لطالما انتظرت انضمام شخص مثلك إلى مين فريم، الإدارة ستستمع إليكِ".

قالت سينثيا: "ما الذي تريد مني فعله؟"، فأجابها: "إذا بقينا نعمل في مجموعات صغيرة وفق هذا الإيقاع الذي تفرضه الإدارة والذي يقيّد صلاحياتنا ويحددها، فلن نحقق الإنتاجية المرغوبة". "يستغرق إصدار أصغر تحديث برمجي وقتاً طويلاً، نحن بحاجة إلى منظومة مختلفة، هل سبق لكِ أن جربتِ منهجية فلو (Flow)؟ ابنتي مطورة برمجيات أيضاً، وفريقها يتبع هذه المنهجية".

استخدمت سينثيا سابقاً الأدوات التحليلية والتقنيات التي تضمها منهجية فلو حينما كانت تعمل في شركة آمبيشس كومبيوتنغ، وليس هذا فحسب بل إنها حاصلة أيضاً على دبلوم في هذه المنهجية. لم تكن ترغب حقاً في الالتحاق بالدورة، لكن رئيستها ومرشدتها في ذلك الوقت أصرت على ذلك، وقالت لها: "القطاع ذاهب بهذا الاتجاه".

قالت سينثيا لجيم: "استخدمتُ منهجية فلو حينما كنت أعمل في شركة آمبيشس كومبيوتنغ".

قال جيم: "إذاً أنت تعلمين أنها أفضل. باستخدام هذه المنهجية لن يكون هناك بدء وإيقاف مستمران دون ضرورة، ولن ينعزل مسار عمل كل فريق عن بقية الفرق، وستتوافر حرية أكبر،4 ولن تُعقد اجتماعات الوقوف السريعة اليومية في الساعة 9 صباحاً التي يضطر أفراد فريقي في مدينة مومباي الانضمام إليها في الساعة 6:30 مساء بحسب توقيتهم. كما يمكننا تحديد تاريخ الإصدار، وزيادة فعالية التحليلات التنبؤية باستخدام الذكاء الاصطناعي بدلاً من المطالبة بمهل تنفيذ طويلة".

اتفقت سينثيا مع جيم على هذه النقاط، لكنها تعي أيضاً أن منهجية فلو ليست مرغوبة للجميع، فعلى سبيل المثال

كانت أدوات الذكاء الاصطناعي التي أشار إليها جيم رائعة للتنبؤ بالأخطاء والعوائق التي تحول دون سير العمل بسلاسة، ولكن هذا فقط لأن العمل بأكمله يخضع للمراقبة والإدارة بشفافية وبصورة آنية. يمكن للفرق التي تعمل وفق منهجية فلو ومدرائها رؤية عملية التطوير على الشاشات الرقمية في مكاتبهم، ولعله أمر رائع لناحية التعاون بين الفرق الموزعة، لكنه قد يرهق أعصاب المطورين الأقل ثقة بأنفسهم.5

علاوة على ذلك، كانت مين فريم شركة تكنولوجية قوية، وهي من أوائل الشركات التي أنتجت برمجيات تجارية على الإطلاق. لم تكن سينثيا متأكدة من أنه بعد 6 أشهر فقط من عملها في شركة حققت نجاحاً على مدار 40 عاماً، يمكنها أن تطلب من قادتها تغيير الطريقة التي يمارسون بها العمل.

سألت سينثيا: "كيف يمكنني مساعدتك في هذه المسألة؟".

أجاب جيم: "أريدك أن تعرضي منهجية فلو للمسؤولين الكبار".6

مشروع تجريبي

وافقت سينثيا على حضور اجتماع مع إيما وجيم، على الرغم من أنها لم تكن مقتنعة بالأمر. تولى جيم معظم الحديث، فأوضح رؤيته عن البرنامج التجريبي، وأنه يعتقد أن بإمكان سينثيا عرضه لكريس باتريك في المراجعة السنوية لتحسين العمليات.

لكن إيما كانت متشككة، وقالت: "ما رأيك سينثيا؟".

قالت سينثيا: "كانت منهجية فلو فعالة جداً في شركة آمبيشس كومبيوتنغ، ولستُ واثقة بأنها ما نحتاج إليه هنا، لكن تسعدني المساعدة في تجربتها".

سألت إيما: "هل ترغبين في عرض النتائج أمام المجلس؟". رفعت سينثيا كتفيها.

قال جيم: "تحمل سينثيا شهادة من إحدى جامعات رابطة اللبلاب (Ivy League)، وعملت مع شركة مرشحة لأن تصبح شركة أحادية القرن (Unicorn) مستقبلاً، كما أنها حاصلة على دبلوم في منهجية فلو، ومن ثم فإنها الأقدر على توضيح أهمية هذا التغيير لكريس".

فوجئت سينثيا بمدى معرفة جيم بالمنهجية ولكنها كانت أيضاً مسرورة بهذا التقدير. عملت سينثيا منذ انضمامها إلى مين فريم على تجنب المتاعب وبذلت قصارى جهدها للوفاء بالمواعيد النهائية غير الواقعية التي حددها لها المشرفون عليها. ربما حان الوقت لتتجرأ وتعبّر عن رأيها.

قالت إيما: "حسناً، ما دمتم تؤدون واجباتكم فلا تهمني الطريقة، لكن إذا كانت هناك أي علامات على وجود مشاكل فسوف أوقف العملية".

على مدى الأشهر القليلة التالية، راجعت سينثيا الأوراق البحثية الأكاديمية والتقارير الاستشارية لمقارنة التقنيات والتحديات التي تتضمنها منهجية فلو مع تلك التي تتضمنها منهجية سكرم التعاونية، والطرق الأخرى لتطوير البرمجيات، مثل البرمجة القصوى Extreme Programming (XP) وتطوير البرمجيات القائم على الميزات (Feature-Driven Development)، وقرأت مرة أخرى كتاب "توقف عن البدء وابدأ في الإنهاء" (Stop Starting, Start Finishing)، وكتباً مشابهة. ثم أخبرت إيما بأنها مستعدة للعمل مع أحد المورّدين لطرح مشروع تجريبي على برمجية فلو مدعومة بالذكاء الاصطناعي التي توجد بها، على عكس نظامهم الحالي، وظيفة لوحة كانبان (Kan-ban Board) الرقمية لتحسين التواصل بين الفِرق ويمكنها إنشاء المقاييس تلقائياً، مثل زمن الدورة ومهلة التسليم، في حين أن العمل بمنهجية سكرم التعاونية يتطلب من الفِرق تسجيل هذه المقاييس وتتبعها بنفسها.

في اجتماعات التخطيط للدورات السريعة التي جُدولت على مدار نصف يوم بدلاً من ضغطها في ساعة واحدة، ناقش فريق سينثيا تراكم المنتجات وقسّم المشاريع إلى مهام، وخطط للدورات السريعة المستقبلية لتحقيق المتطلبات ذات الأولوية. في بعض الحالات، كان على سينثيا ابتكار مزيج من تقنيات منهجية سكرم التعاونية ومنهجية فلو خاصة في بداية المشاريع؛7 فقد كان أسلوب التسليم المتكرر للدورات السريعة التي مدتها أسبوعان أحد متطلبات شركة مين فريم، ولا يمكن تغيير هذه القاعدة إلى أن يعمل الجميع بمنهجية فلو.

كان البرنامج التجريبي موضوع النقاش الرئيسي في المقصف، ويوم أعلنت سينثيا أن فريقها سيختبر تنسيق العمل باستخدام منهجية فلو، تحدث إليها واي مباشرة لأول مرة، فقال: "شكراً لكِ على فعل هذا، أتشوق إلى رؤية الجميع يعمل بهذه الطريقة".

بعد مرور عام

بعد تشغيل البرنامج التجريبي لمدة عام، كانت سينثيا فخورة بالنتائج، فقد حافظ فريقها على إنجاز 10 مهمات في كل دورة سريعة، ولكنه الآن ينشر الرموز البرمجية باستمرار دون أي أخطاء فادحة، وتحسّنت معنويات الفريق، وكان جيم يشجعها على الدوام.

قال لها: "لقد نجحتِ، صار الذكاء الاصطناعي يختار مشاريعك ويرتبها بحسب الأولوية، بدلاً من الاستعانة بموظف لا يفقه شيئاً في البرمجة. الذكاء الاصطناعي يكتشف العيوب والمعوقات أسرع من البشر، وبوسع رؤساء العمل أن يروا بالضبط أين وصل الفريق في مشاريعه، والوقت القليل الذي يمنحونه لك".8

لكن سرعان ما حطمت إيما آمالهما، إذ قالت لهما خلال مكالمة فيديو من لندن، حيث سافرت لحضور اجتماع تخطيط رفيع المستوى:

"لقد راجعت عملنا بناءً على طلب كريس، ودخلنا في جدال كبير، إذ لم يسبق له استخدام منهجية فلو. أول ما سأل عنه هو عدد المهام التي أنجزها فريق سينثيا في كل دورة سريعة، وحينما أخبرته بأن الإنتاجية بقيت كما هي، ظهرت على وجهه علامات الانزعاج".

قالت سينثيا: "هل هذا كل شيء؟ هل ما زلنا سنعرض المنهجية لمجلس تحسين العمليات؟ أيمكننا الاستمرار في البرنامج التجريبي؟".

"قال كريس إن هذا قرارنا، لكنه واثق بأن اللجنة ستهاجمنا وخاصة الأعضاء الأكبر سناً الذين ليست لديهم خلفية برمجية. بصراحة، سينثيا، لديك الخبرة وقد شغّلتِ البرنامج التجريبي، لذا فالخيار يعود لكِ، هل تؤمنين بأن هذه العملية ستحسّن إنتاجيتنا على المدى الطويل؟ وهل أنتِ مقتنعة بذلك بما فيه الكفاية للوقوف أمام أعضاء المجلس وقوله لهم؟".

اتجهت سينثيا في تلك الليلة إلى المقصف وهي تهم بالمغادرة لتأخذ علبة طعامها التي لم تفتحها، فهي لم تشعر بالجوع وقت الغداء لأن معدتها كانت متشنجة. كان واي وعدنان وجيم يهمّون بمغادرة المكتب لحضور فعاليات الساعة السعيدة، وسألوها إن كانت مستعدة لعرض منهجية فلو، فقالت إنها ليست متفائلة.

قال جيم: "لا تقلقي سينثيا ستبلين بلاء حسناً".

ملاحظات على دراسة الحالة

  1. طُرح مصطلح

منهجية سكرم التعاونية Scrum (في سياق تطوير المنتجات)، في هارفارد بزنس ريفيو بمقالة "اللعبة الجديدة لتطوير المنتجات الجديدة"

(The New Product Development Game)، المنشورة في يناير/كانون الثاني 1986.

  1. صُممت منهجية سكرم التعاونية في الأساس لمطوري البرمجيات الذين يعملون ضمن فرق متعددة الوظائف لتقديم منتجات وخدمات في دورات تطوير قصيرة، وكانت الأهداف هي تقديم الملاحظات بسرعة وتسريع الابتكار والتحسين المستمر، وغيرها من الفوائد.
  2. تُُستمد كل من منهجية سكرم التعاونية ومنهجية فلو من المنهجية المطروحة في بيان أجايل (The Agile Manifesto)، الذي نشره 17 مطور برمجيات في فبراير/شباط 2001 بعد أن كتبوه خلال عطلة تزلج.
  3. عمليات منهجية سكرم التعاونية، التي يستمر معظمها من أسبوعين إلى أربعة أسابيع، لها تواريخ بداية وانتهاء واضحة، في حين يجري العمل على مشاريع منهجية فلو حتى إنهائها. ما الإيجابيات والسلبيات في كل نهج؟
  4. ما جوانب منهجية سكرم التعاونية أو منهجية فلو التي ستستخدمها في مكان عملك؟ وما الجوانب التي لن تستخدمها؟ ولماذا؟
  5. هل ينبغي لسينثيا أن تثق بمقاصد جيم؟ لماذا؟7. قيم منهجية سكرم التعاونية الخمس هي: الالتزام والتركيز والانفتاح والاحترام والشجاعة، أي من هذه القيم أظهرت سينثيا؟
  6. كيف سيغير استخدام منهجية فلو الطريقة التي يتفاعل بها الموظفون والمدراء فيما بينهم؟

رأي الخبراء

هل ينبغي لسينثيا عرض منهجية فلو لمجلس تحسين العمليات؟

سونالي راوت: من كبار علماء البيانات في شركة ميونخ ري أتوميشن سولوشنز (Munich RE Automation Solutions).

يجب على سينثيا التروي قبل عرض منهجية فلو أمام لجنة تحسين العمليات.

عليها أولاً أن تصوغ بدقة عرضاً يحدد الأساس المنطقي لهذه المبادرة، مثل البيانات المدروسة بعناية والحجج القائمة على الأدلة، فهذا من شأنه أن يحسّن احتمالات التنفيذ الناجح للمنهجية.

كان خطأ سينثيا الأكبر هو أنها لم تُدخل كريس في مشروع فلو منذ بدايته، فشركة مين فريم لها سجل حافل بالنجاحات، ومن ثم فإنها لن تستخدم نظاماً جديداً لإدارة المشاريع دون دعم منه.

من المؤكد أن إضافة منهجية فلو إلى عمليات الشركة ستؤدي إلى تحسين بُنى المشاريع والقدرة على التكيف والكفاءة ونفقات الإدارة العامة والإنتاجية. تقع على عاتق سينثيا مسؤولية تدعيم عرضها بالبيانات ونتائج الأبحاث ودراسات الحالة الملائمة.

الآن بعد أن عرف كريس ما تفعله سينثيا وإيما، فعليهما إطلاعه على كل ما أنجزه الفريق، فالمقياس الرئيسي لديه هو عدد المهام المنجزة في كل دورة سريعة وقد فشل فريق سينثيا في تحسين هذه الناحية خلال البرنامج التجريبي، ومن ثم فعليها تسليط الضوء على الشفافية التي توفرها لوحة كانبان الرقمية، وعلى تحسّن العمل الجماعي، وارتفاع الروح المعنوية.

على سينثيا أن تؤكد أن عدم تغير عدد المهام المنجزة في كل دورة سريعة هو مؤشر إيجابي، إذ تمكن فريقها من الحفاظ على إنتاجيته خلال البرنامج التجريبي على الرغم من الانتقال إلى دمج الرموز البرمجية ونشرها باستمرار والعمل على تحسين الإشراف، والاهتمام بسعادة المطورين، وحينما تزداد مهارة الفريق في النظام الجديد ستزداد السرعة والكفاءة.

يجب على سينثيا أن تسعى جاهدة إلى أن توضّح لكريس أن المقاييس الأخرى مهمة أيضاً، مثل ميزات المنتج المحسّنة وتكاليف التطوير المنخفضة، ربما يمكنها تقديم مثال على تحسين أُجري خلال البرنامج التجريبي وأسعد العملاء، أو خطأ اكتشفه المطورون وكان من الممكن أن يفوتهم لو لم يستخدموا منهجية فلو. ويجب عليها أيضاً أن تعرض لكريس دراسات حالة من الشركات الأخرى التي انتقلت إلى منهجية فلو وأن توضح له كيف استخدمتها الشركة التي عملت فيها سابقاً.

وأخيراً، سيتعين عليها طرح دراسة جدوى مفصّلة للانتقال إلى منهجية فلو، هل تعرف تكلفة الانتقال؟ هل في ذهنها ميزانية محددة لهذا المشروع؟ كم تستغرق عملية الانتقال؟ ما مقدار ما ستجنيه الشركة أو توفره من خلال تحسين الإنتاجية والتعاون والشفافية؟ أي كم سيكون العائد على الاستثمار؟

لا يمكنها أن تلقي عرضها التقديمي أمام مجلس تحسين العمليات إلا بعد أن تتفق مع كريس وتسوي هذه المشكلات معه ومع إيما، أنا واثقة بقدرة سينثيا على إقناع شركة مين فريم بالانتقال من منهجية سكرم إلى منهجية فلو، لكنها ليست مستعدة لإثبات فكرتها بعد.

يكوّن الناس آراءً عنك في المحادثات غير الرسمية وفي الحفلات وفي مقابلات العمل، وأنت تعلن بتفاعلك معهم عن نفسك، سواء بوعي منك أو بدون وعي.

أليكس إيستيفام: مدير برنامج تقني في شركة ماستركارد.

سينثيا جاهزة لعرض منهجية فلو.

الشجاعة هي إحدى القيم الخمس الرئيسية لمنهجية سكرم التعاونية. يقول دليل المنهجية، الذي كتبه واضعو إطار عمل سكرم وعدّلوه، إن الأفراد الذين يستخدمون أساليبها يجب أن يشعروا بقدر كافٍ من الراحة كي يحدّثوا زملاءهم عما يؤمنون به، وهو ما يجب على سينثيا فعله.

لديها أسباب وجيهة لرغبتها في إدخال عمليات منهجية فلو إلى شركة مين فريم، فأساليب سكرم تتطلب نهجاً تنازلياً، إذ تختار الإدارة العليا المشاريع التي سيعمل عليها المطورون وتفرض عليهم مهلة إنجاز العمل، وهم لا يفضلون ذلك. وفي المقابل تتيح منهجية فلو للمطورين إطلاع الإدارة على الأخطاء التي تتطلب الإصلاح ومتى يجب إصلاحها، كما أن العديد من زملائها يريدون العمل بمنهجية فلو ويبدو أن سينثيا تريد ذلك أيضاً، لذلك يجب أن تعرض المنهجية أمام المجلس.

بطبيعة الحال، بغض النظر عن مدى فعالية عرضها لمنهجية فلو أمام المجلس، فبعض المدراء وحتى بعض المطورين سوف يقاومونها. أعرف بعض المطورين الذين يكرهون الاجتماعات اليومية في منهجية سكرم التعاونية، إذ يعتبرونها مضيعة للوقت ويعتقدون أن المدراء يعقدونها فقط لأنه يتعين عليهم ذلك، لكن آخرين يعتقدون أنها ضرورية لأنها تسمح للجميع بالاستعداد معاً لليوم التالي.

ومع ذلك، تعلم سينثيا أن الانتقال إلى منهجية فلو هو الخطوة الصحيحة الطويلة الأمد لشركة مين فريم، ولهذا فمن الضروري أن تعرض المنهجية على المجلس، ويعتمد نجاحها غالباً على براعتها في

تثقيف أعضاء المجلس حول المنهجية. لقد أثبتت بالفعل أن فريقها يمكنه الحفاظ على الإنتاجية، وطرح رموز برمجية جديدة باستمرار دون أي أخطاء كبيرة، وهذا إنجاز حقيقي.

عليها أيضاً أن تجد مبرراً مالياً للانتقال إلى منهجية فلو، يجب أن توضح أن بإمكانها توسيع

البرنامج التجريبي والبدء بجمع البيانات لإظهار أن العمليات تحسّنت وأن هذه التحسينات ستوفر على مين فريم في النهاية الكثير من المال.

إذا لم تكن لدى أي فرد الشجاعة الكافية لعرض منهجية فلو، فقد لا تتعلم الإدارة ما يكفي عنها لفهم جدواها. زميل سينثيا محق، فهي أنسب شخص لإقناع المتشككين مثل كريس.

نقطة أخرى أود الإشارة إليها، يقول دليل منهجية سكرم التعاونية إن على الطرفين التحلي بالشجاعة، وهذا يعني أنه إذا كانت سينثيا  شجاعة بما يكفي لعرض منهجية فلو أمام المجلس، فيجب أن يتمتع كريس بالشجاعة للاستماع إلى حجتها، وأن يعترف، إن كانت هذه الحجة متماسكة، بأنه كان مخطئاً بشأن منهجية فلو.

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .