ملخص: إذا كنت موظفاً صاحب خبرة طويلة قرر تغيير مساره المهني، فكيف ستتنافس في مجال جديد مع منافس أصغر سناً؟ هل سترفض الشركات تعيينك على الفور لأنك مؤهَّل أكثر من اللازم؟ تقدم المؤلفة 4 استراتيجيات لاستخدامها إذا كنت تستعد لتغيير مسارك المهني في مرحلة متأخرة من حياتك المهنية: 1) تحدّث بحماس عما أنجزته على مدار تاريخك المهني، 2) استفِد من شبكة علاقاتك، 3) استعد لمضاعفة ما يتطلبه تحقيق أهدافك، 4) تدرَّب على إجاباتك عن الأسئلة الصعبة.
بصفتي مدربة مهنية غيّرت مسارها المهني، أعتقد أنه لا يفت الأوان أبداً لتغيير المسار المهني. ومع ذلك، إذا كانت لديك عقود من الخبرة، فقد يكون من المخيف التفكير في البدء من جديد.
بدأت قبل عامين تقديم تدريب إرشادي لواحدة من كبار المسؤولين التنفيذيين كانت تنتقل من العمل في مجال خدمة العملاء إلى مجال التصميم. كانت عميلتي مبتهجة بطموحاتها المهنية الجديدة، بينما كان نظراؤها مقتنعين أنها تمُر بأزمة منتصف العمر. فقد تركت مكتباً فخماً في شركة عملاقة للعودة إلى الدراسة لتصبح مصممة تجربة مستخدم، ولم يكن زملاؤها السابقون يعتقدون أنها ستتمكن من فِعل ذلك.
تحدثت في مجموعة دروس بعنوان "كيف تغيّر مسارك المهني" (How to Change Careers)، ضمن سلسلة أوديبل أوريجينال (Audible Original)، بشفافية عن مخاطر وضع افتراضات بشأن ما يمكنك (أو لا يمكنك) فعله بناءً على خبرتك. يمكن أن يؤثر التحيز ضد كبار السن علينا جميعاً، في كل مرحلة من مراحل حياتنا المهنية. ولكن يمكن أن تكون التداعيات أكثر حدة عندما نتجاوز منتصف العمر. وعلى الرغم من أن التحيز ضد أي عامل في سن الأربعين أو أكبر فيما يتعلق بالتوظيف تصرف غير قانوني، فإنه لا يحول دون حدوثه. في استقصاء أجراه موقع ريزومي بيلدر (Resume Builder) مؤخراً، اعترف 38% من مدراء التوظيف أنهم يراجعون السيرة الذاتية لمقدم الطلب مع التحيز ضده على أساس سنه.
إذا كنت موظفاً كبيراً قرر تغيير مساره المهني، فكيف ستتنافس في مجال جديد مع منافس أصغر سناً؟ هل سترفض الشركات تعيينك على الفور لأنك مؤهَّل أكثر من اللازم؟
إذا كنت تستعد لتغيير مسارك المهني في مرحلة متأخرة من حياتك المهنية، فإليك 4 نُهج أوصي بها لمساعدتك على اجتياز هذا الانتقال.
1. تحدّث بحماس عما أنجزته على مدار تاريخك المهني
السن هي أحد الأصول. كن مستعداً لدعم نفسك وتقدير قيمة خبراتك ومنظوراتك بالكامل. تتمثل إحدى طرق إظهار ذلك في إعداد عرض موجز للتغيير المهني الذي ستجريه بحيث يربط بين خبرتك ومهاراتك الملائمة لأكثر من مجال وما يمكنك تقديمه في المرحلة التالية من حياتك المهنية.
إذا لم تكن متأكداً من أين يجب أن تبدأ، يمكنك تكييف هذا الهيكل المكون من 3 أجزاء: أولاً، صِف تاريخك المهني بإيجاز وأوضِح خطوتك المقبلة. بعد ذلك، تحدث عن نقطتين أو 3 نقاط تثبت التقدم الذي تحرزه في تحقيق هدفك المهني. أخيراً، حدد الخطوة التالية التي تعمل من أجلها أو الفرصة التي تسعى إلى الحصول عليها. أوضح لك فيما يلي كيف صاغت عميلتي هذا الهيكل:
بعد أن اكتسبت خبرة كبيرة في إدارة تجربة العملاء، أبني الآن مساراً مهنياً في تصميم تجربة المستخدم. أنجزت أكثر من 12 مشروعاً حراً في تصميم تجربة المستخدم، بالإضافة إلى سعيي إلى الحصول على شهادة في هذا المجال. وأبحث حالياً عن دور بدوام كامل في قطاع الضيافة أو الترفيه للاستفادة من مهاراتي في إجراء تحليلات معمّقة للعملاء.
كن مستعداً للتحدث عما يثير اهتمامك في المسار المهني الجديد، وعن إنجازاتك، وما تود تحقيقه في دورك التالي. فعندما تؤمن بنفسك وتتحمس لرحلتك، تنتقل هذه المشاعر إلى الآخرين من حولك، ويصبح شغفك بمسارك المهني الجديد ملموساً ومتجسداً في حديثك وتصرفاتك.
2. استفِد من شبكة علاقاتك
احرص على بناء شبكة علاقات تضم العاملين في مجال عملك الجديد الذين في بداية حياتهم المهنية أو منتصفها، مع تنميتها، واستفِد أيضاً من شبكة علاقاتك الحالية.
عندما تبدأ العمل في مجال جديد، ستستفيد من كل ما يتيح لك دخول القطاع الجديد المستهدف. ستكون لدى هؤلاء العاملين رؤى ذات قيمة حول ما يلزم لدخول القطاع والنمو. يمكن أن يساعدك الإرشاد العكسي على سد الثغرات في معرفتك، والتعرف على توجهات التوظيف والتطورات في القطاع ووجهات نظر بشأن مكان العمل، ما يمكن أن يوجّه خطواتك المقبلة.
عندما تبدأ العمل في مجال جديد، قد تشعر أنك لا تعرف أي شخص على الإطلاق. ولكن مع قدرات التكنولوجيا، يمكنك بناء علاقات مع أشخاص من مختلَف الأجيال بسهولة وسرعة. تابع حسابات وسائل التواصل الاجتماعي التي تجمع مجموعات من المتخصصين في مجالك الجديد.
إذا كنت تتطلع إلى بناء علاقات على أرض الواقع، يمكنك الانضمام إلى الرابطات المهنية المحلية أو حضور فعاليات ومؤتمرات ذات صلة بمجالك الجديد. هناك طريقة أخرى يمكنك استكشافها: التواصل مع أعضاء مجلس إدارة رابطات الخريجين في الجامعة التي درست فيها؛ فقد يتمكنون من تعريفك بالخريجين الآخرين الذين سلكوا المسار الوظيفي الذي تسعى إليه.
3. استعد لمضاعفة ما يتطلبه تحقيق أهدافك
يدعو المؤلف غرانت كاردون، في كتابه الأكثر مبيعاً "قاعدة العشرة أضعاف" (The 10X Rule)، إلى تحديد أهداف أكبر بعشر مرات مما توقعته في البداية. يتطلب هذا النهج أن تفعل ما هو أكثر بـ 10 مرات مما تفترض أن تحقيق تلك الأهداف قد يتطلبه.
لتطبيق ذلك على سياق البحث عن وظيفة، إذا كنت ترى أنك ستحتاج إلى التقدم لـ 20 وظيفة للحصول على فرصة لإجراء مقابلة، فإن قاعدة العشرة أضعاف تتطلب أن تكون مستعداً للتقدم إلى 200 وظيفة على الأقل. أطبّق قاعدة غرانت كاردون عند البحث عن وظيفة في مجال جديد.
وسِّع نطاق كل خطوة، بداية من التعارف وبناء العلاقات إلى تعميق المعرفة بالقطاع وإجراء مقابلات استشارية. حدد كاردون في الكتاب 4 مستويات من الخطوات للاختيار من بينها: الخيار الأول هو "عدم فِعل أي شيء"، والثاني هو "التراجع"، والثالث هو "اتخاذ خطوات عادية"، والرابع هو "اتخاذ خطوات كبيرة". بصفتي مدربة، أوجّه الأشخاص الذين يرغبون في تغيير مسارهم المهني للتفكير بعمق أكبر من خلال استكشاف الخطوات الكبيرة بدلاً من الخطوات العادية.
يمكن أن يكون هذا أبسط مما تعتقد. عندما أعمل مع شخص يستعد للبحث عن وظيفة، فإن أحد الأسئلة الرئيسية التي أطرحها عليه هو: "مَن الذي تخطط لإعلامه أنك تبحث عن وظيفة ليساعدك على إيجاد فرص؟". عندما يسرد عملائي الأسماء، أحصيها ثم أنصحهم بوضع هدف يتمثل في التواصل مع 10 أضعافهم على الأقل.
غالباً ما يفزع عملائي من هذا بعض الشيء، ويخبرونني بأنه ليس لديهم الكثير من الأشخاص المقربين الذين يمكنهم التحدث معهم حول خططهم المهنية. أتفهّم ذلك، ولكن يمكنك مضاعفة بحثك بمقدار 10 أضعاف من خلال تطبيق ما يلي:
انظر إلى قائمة الأشخاص الذين تخطط للتحدث معهم. إذا كانت لديك قائمة تضم 5 معارف، فإن أحد الأسئلة التي يمكنك طرحها على كل شخص هو: "هل يمكنك التوصية بشخصين أو 3 أشخاص يجب أن أتحدث معهم أيضاً؟". وبذلك يمكن أن تتسع هذه القائمة الأولية المكونة من 5 معارف لتصبح قائمة تضم 20 شخصاً. ثم تطلب الشيء نفسه من المعارف الجدد الـ 15 الذين أضفتهم إلى القائمة، وإذا كان بإمكانهم التوصية بشخصين أو 3، فأنت بذلك تحرز تقدماً جيداً. وستنتقل إلى الخطوات الكبيرة سريعاً.
4. تدرَّب على إجاباتك عن الأسئلة الصعبة
في أثناء التحضير لمقابلات العمل، فكّر في الأسئلة الصعبة التي قد تُطرَح عليك وكن مستعداً لشرح التغيير المهني بثقة.
أوصي بشدة بالبدء بأصعب سؤال. إذا كنت قلقاً بشأن التحيز المحتمل ضدك بسبب سنك، فقد يكون هذا السؤال كالتالي: "لاحظت أن لديك خبرة محدودة في _____، فهل يمكن أن تخبرني كيف تتوافق مجموعة مهاراتك السابقة وخلفيتك مع هذا الدور المحدد؟".
إذا كان هذا السؤال من الأسئلة التي تُشعرك بالتوتر، فابدأ التحضير للإجابة عنه من خلال تدوين أفكارك. يمكن أن تدوّن المهارات الملائمة لأكثر من مجال والمتصلة بالمهارة الأساسية التي تبحث عنها الشركة، أو أي فرص تطوير مهني أو تعليم تسعى إليها، أو مواقف من مسارك المهني السابق اكتسبت فيها مهارات جديدة بنجاح في بيئة غير مألوفة.
تدرَّب على إجابتك، وسجِّل صوتك وأنت تجيب عن أصعب الأسئلة. أوصي بتسجيل مقاطع فيديو، لأن ذلك سيساعدك على ملاحظة لغة جسدك، بالإضافة إلى الاستماع إلى كيفية إجابتك عن السؤال. إذ سيتيح لك ذلك تحديد إذا ما كنت تبدو واثقاً أم متوتراً، وأيضاً إذا ما كنت تتحدث بوضوح وإيجاز أم أن حديثك غير مترابط.
تذكّر أن الهدف من المقابلة ليس تقييم مجموعة مهاراتك الحالية فحسب، إنما تقييم قدرتك على النمو والتكيف أيضاً. وغالباً ما تقدّر الشركات المرشحين المتفائلين والإيجابيين الذين لديهم استعداد للتعلم وقدرة على خوض تحديات جديدة.
توقَّع مواجهة عوائق غير متوقعة خلال عملية التوظيف. على سبيل المثال، كشف تقرير حديث عن تجربة المرشّحين أعدّته شركة برمجيات التوظيف، غرين هاوس (Greenhouse)، أن 67% من الباحثين عن عمل تعرضوا للتجاهل في أثناء رحلة بحثهم عن وظيفة. إذا كنت ترغب في اتخاذ خطوات كبيرة، فلن يجعلك عائقاً واحداً تنحرف عن مسارك.
إذا كنت قلقاً من مقابلة مقبلة، فتذكّر ما يلي: لن يأخذ مدير التوظيف جزءاً من وقته لإجراء مقابلة مع شخص غير قادر "ظاهرياً" على أداء الدور الذي يسعى إلى شغله. إذا سألك شخص ما أسئلة مفصلة حول نقطة ضعف ملحوظة في سيرتك الذاتية، فلا تنظر إلى الأمر على أنه انتقاد، بل اعتبره فرصة لتقديم تفاصيل أوفى. لا تقلل من قيمة تاريخك المهني، وافتخر بكل خطوة اتخذتها. يمكن أن يستوفي عدد قليل جداً من المرشحين جميع ما ذُكر في الوصف الوظيفي، وصدقني ستكون هناك متطلبات وسمات ومهارات تقدّرها الشركة أكثر من غيرها.
تجربتك في مجملها هي أحد الأصول، فثق بقدرتك على بناء مسار مهني جديد سيستمر في التوسع والتطور.