دراسة: ما هو الوقت المثالي لتعيين رئيس تنفيذي جديد؟

4 دقيقة
التوافق الزمني
فريق عمل هارفارد بزنس ريفيو/كاربونيرو ستوك/إماجينيما/رستم غورلر/غيتي إميدجيز

تدرك مجالس الإدارة أهمية التخطيط الدقيق والمدروس للتعاقب الوظيفي. ومن المعروف أن انتقال دفة القيادة إلى رئيس تنفيذي جديد بطريقة منظمة ومدروسة وسلسة يحقق فوائد جمة، لكن فشل عملية التعاقب الوظيفي قد يتسبب بخسائر ضخمة تصل إلى مليارات الدولارات من القيمة السهمية للشركة، ويؤدي إلى تشتيت الموظفين وإرباكهم وزعزعة بيئة العمل، كما يسبب فقدان أصحاب المواهب والكفاءات. في دراسة جديدة، توصلنا إلى أن تعيين القادة الجدد في بداية السنة الميلادية أو المالية يمكن أن يساعد مجالس الإدارة في تعزيز قدرة هؤلاء القادة على تحقيق قيمة أكبر.

في بحث جديد نشرته مجلة الإدارة، درسنا مفهوم "التوافق الزمني للتعيين" -أي مزامنة تعيين الرئيس التنفيذي الجديد (الدورة الإدارية السنوية للشركة) مع بداية دورة سنوية رئيسية (الدورة الزمنية السائدة مثل السنة الميلادية أو المالية)- لقياس أثره في أداء الشركة بعد عملية التعاقب الوظيفي. شملت عينة الدراسة التي أجريناها 690 عملية تعاقب وظيفي للرؤساء التنفيذيين في شركات مدرجة في مؤشر إس آند بي 500 بين عامي 2005 و2019.

عملنا على مقارنة تواريخ تعيين الرؤساء التنفيذيين الجدد مع عوائد الشركات على الأصول على مدار 12 ربعاً بعد عملية التعاقب الوظيفي؛ إذ أظهرت الأبحاث السابقة أن الأثر الكامل لتعيين قائد جديد يظهر بعد 3 سنوات. بينت النتائج أن الشركات التي تولى فيها الرؤساء التنفيذيون مناصبهم خلال فترة لا تتجاوز 10 أيام من بداية السنة الميلادية أو السنة المالية (وهو ما يمثل نحو 25% من عمليات التعاقب الوظيفي التي شملتها عينة الدراسة)، حققت عائداً على الأصول أعلى بمعدل 0.4% مقارنة بالشركات التي بدأ فيها الرؤساء التنفيذيون الجدد مهامهم في فترات أخرى من السنة. قد يبدو هذا التأثير ضئيلاً لكنه يمثل زيادة في العائد على الأصول بنسبة 31% تقريباً مقارنة بمتوسط العائد على الأصول في عينة الدراسة، ويبدأ هذا الأثر بالتلاشي تدريجياً بعد أول 10 أيام. أظهرت النتائج أن التوافق الزمني أدى إلى ارتفاع متوسط الدخل الصافي لهذه الشركات خلال الفترة نفسها بعد عملية التعاقب الوظيفي، وكانت التأثيرات أوضح في حالات تعيين الرؤساء التنفيذيين من خارج الشركة، أو الذين لم يتجاوزا سن الـ 46 عاماً، أو النساء، أو الأشخاص الذين ينتمون إلى أقليات عرقية.

أهمية التوافق الزمني

بعد تحليل البيانات وإجراء مقابلات واستطلاعات إضافية مع الرؤساء التنفيذيين الحاليين والسابقين والرؤساء التنفيذيين لشؤون الموارد البشرية وأعضاء مجالس الإدارة وغيرهم من أصحاب المصلحة، اكتشفنا أن تعيين رئيس تنفيذي جديد مع بداية السنة المالية أو الميلادية يحقق فوائد بسبب 3 عوامل رئيسية:

توافق الأهداف والغايات

تمثل نهاية السنة الميلادية أو المالية موعداً متوقعاً لتحقيق النتائج، في حين تخصص بداية السنة لوضع أهداف وخطط جديدة. يسمح تعيين رئيس تنفيذي جديد في بداية السنة الجديدة بتحديد أهداف الشركة وغاياتها وفقاً لرؤيته الشخصية وتصوره حول مستقبل الشركة. كما تسهم مواءمة جهود أفراد المؤسسة زمنياً مع أهداف الرئيس التنفيذي الجديد وغاياته في تعزيز التعاون والعمل بطريقة منظمة لتحقيق الأهداف المرجوة.

الحد من الزعزعة والاضطرابات في بيئة العمل

يمكن أن يؤدي تعيين رئيس تنفيذي جديد إلى زعزعة استقرار أي شركة بغض النظر عن سبب التغيير. وتمثل بداية السنة المالية أو الميلادية فرصة طبيعية لإعادة ضبط مسار العمل وتنظيم جهود أعضاء المؤسسة. يتيح تعيين رئيس تنفيذي جديد مع بداية السنة الميلادية أو المالية وقتاً كافياً لأعضاء المؤسسة لاستعادة تركيزهم وإعادة توجيه انتباههم نحو المهام والمشاريع قبل الموعد المحدد لتقديم النتائج، ما يقلل التأثيرات السلبية والاضطرابات المرتبطة بعملية التعاقب الوظيفي وتغيير الرئيس التنفيذي.

تخفيف الضغط الزمني

يتعرض الرئيس التنفيذي الجديد دائماً لضغوط كبيرة لتحقيق أداء مميز، لكن هذه الضغوط تصبح أشد وأكبر مع اقتراب نهاية السنة الميلادية أو المالية، وهي الفترة التي تخضع فيها نتائج الشركة للرقابة والتدقيق، كما يخضع الموظفون في هذه الفترة لمراجعات الأداء. على سبيل المثال، من المرجح أن يشعر الرؤساء التنفيذيون الذين يباشرون أداء مهامهم في بداية السنة الميلادية أو المالية بضغوط أكبر لإدارة الإيرادات، ما قد يؤثر سلباً في قدرتهم على صناعة القرارات. وبالتالي، فإن تعيين الرؤساء التنفيذيين في بداية السنة الميلادية أو المالية يمكن أن يخفف الضغوط الزمنية، ما يعزز عملية صناعة القرار ويحسن الأداء التشغيلي في نهاية المطاف.

بالإضافة إلى ذلك، يشعر الموظفون أيضاً بالضغوط في نهاية العام لإثبات نجاحهم في تحقيق الأهداف من خلال الأرقام والنتائج الملموسة. في حال تحديد أهداف أو توجهات جديدة في منتصف العام، فإن الموظفين لا يحصلون على الوقت الكافي لتحقيقها قبل حلول موعد التقييم، الأمر الذي يمكن أن يؤدي إلى شعورهم بالإحباط ويؤثر سلباً في مستوى تفاعلهم والتزامهم بالعمل.

لماذا تكون التأثيرات أكبر وأوضح لدى الرؤساء التنفيذيين غير النمطيين؟

على الرغم من أن تحليلاتنا أظهرت أن الشركات تحقق مكاسب على صعيد تحسين الأداء التشغيلي بغض النظر عن هوية الرئيس التنفيذي الجديد، فإننا لاحظنا أن هذه التأثيرات تكون أوضح وأكبر عندما يكون الرئيس التنفيذي الجديد "غير نمطي"؛ أي أنه يتمتع بخصائص غير شائعة في أوساط الرؤساء التنفيذيين. صنفنا الرئيس التنفيذي على أنه غير نمطي في حال كان من خارج الشركة، أو إذا كان من فئة الشباب دون سن الـ 46 عاماً، أو من النساء، أو إذا كان ينتمي إلى أقليات عرقية.

لا تمثل السنة الميلادية أو المالية الجديدة مجرد مؤشر زمني، بل تحمل دلالات عميقة بالنسبة للأشخاص؛ إذ تمنحهم شعوراً ببداية جديدة وفرصة للانطلاق. في بداية هذه الدورات، يكون الموظفون أكثر انفتاحاً واستعداداً لتعلم مهارات جديدة أو تبني أفكار مبتكرة، وقد أظهرت الأبحاث السابقة أن الرؤساء التنفيذيين غير النمطيين يستطيعون قيادة تحولات استراتيجية كبيرة؛ ونعتقد أن توافق الدورات الإدارية في الشركة مع هذه الفترات التي تتسم بزيادة الانفتاح يعزز فرص قبول المبادرات الاستراتيجية التي يقدمها هؤلاء الرؤساء أو تنفيذها. ونعتقد أن هذا العامل يسهم في تفسير أداء الشركات القوي والفعال عندما تتزامن تواريخ تعيين الرؤساء التنفيذيين غير النمطيين مع الدورات الإدارية في الشركة.

بعض التحذيرات

نحن ندرك أن تعيين رئيس تنفيذي جديد في بداية السنة الميلادية أو المالية قد لا يكون خياراً ممكناً دائماً بالنسبة للشركات. في بعض الأحيان، تضطر الشركات إلى إقالة رؤسائها التنفيذيين وتعيين بدلاء جدد بسرعة، أو قد يضطر الرئيس التنفيذي إلى تقديم استقالته فجأة لأسباب صحية أو شخصية، ما يعوق اختيار التوقيت المثالي للتعيين. وعلى الرغم من ذلك، فإننا نعتقد أن الشركات التي تضطر لإجراء تغييرات مفاجئة قد تستفيد من نتائج دراستنا؛ على سبيل المثال، من خلال تقديم التعاقب الوظيفي على أنه فرصة مثالية لبداية جديدة أو تعديل مواعيد تقييم أداء الموظفين لمنحهم مزيداً من الوقت لتنفيذ الرؤية الجديدة وتحقيق الأهداف المرجوة.

بالإضافة إلى ذلك، استندت دراستنا إلى مناسبات وأحداث في التقويم الميلادي ذات أهمية وصلة بالمجتمعات الغربية (مثل بداية السنة الجديدة في الأول من شهر يناير/كانون الثاني وفقاً للتقويم الغريغوري)، ولكن هذه التواريخ قد لا تحمل الأهمية أو الدلالات نفسها في الدول الأخرى غير الغربية، لذلك، يجب على مجالس الإدارة تقييم الأوقات والفترات المناسبة وفق بيئتها الثقافية وظروفها الاجتماعية.

بعد عمليات بحث طويلة وشاقة في كثير من الأحيان، تسعى مجالس الإدارة إلى بذل كل ما بوسعها لضمان نجاح الرئيس التنفيذي الجديد في منصبه. تقدم دراستنا دليلاً قاطعاً على أن التوافق الزمني يمثل آلية مهمة يمكن لمجالس الإدارة استخدامها لمنح الرئيس التنفيذي الجديد ميزة تنافسية، ما يعزز توافق الرؤى مع الموظفين ويؤدي إلى تحسين الأداء التشغيلي.

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2025.

المحتوى محمي