هل ينبغي تقديم خيارات الأسهم كجزء من تعويضات الرئيس التنفيذي؟

5 دقائق
تعويضات الرؤساء التنفيذيين

ملخص: تستخدم خيارات الأسهم على نطاق واسع، لكنها تثير كثيراً من الأسئلة أيضاً. يبين البحث أن هذا النوع من تعويضات الرؤساء التنفيذيين ليس حلاً شاملاً، وثمة مواقف يكون استخدامه فيها مؤذياً على عكس حوافز خيارات الأسهم. وبالفعل، بعد أن أثبتت أعمال المحاسبة أن خيارات الأسهم تشكل تكلفة حقيقية تتكبدها الشركة، تبين أنه يجب ألا تُدفع هذه النفقات إلا إذا كانت ستولد إيرادات حقيقية للمساهمين. لكن على عكس الانتقادات واسعة النطاق، عندما تزداد احتمالات أن يقوم الرئيس التنفيذي بممارسات انتهازية فمن الممكن أن تفيد خيارات الأسهم في مواءمة مصالحه مع مصالح رؤسائه، أي مساهمي الشركة. لذلك، بدلاً من اعتبار خيارات الأسهم حلاً لجميع المشكلات، تقترح هذه الدراسة عدم تقديمها للرؤساء التنفيذيين إلا في حالات معينة.

 

عندما أقيل دينيس مولينبرغ الرئيس التنفيذي لشركة "بوينغ" على إثر سوء إدارته لأزمة طائرة "737 ماكس"، غادر الشركة مع خيارات أسهم تصل قيمتها الصافية إلى 18.5 مليون دولار على الأقل. في نفس الوقت تضرر المساهمون بدرجة كبيرة مع تراجع قيمة سهم الشركة بنسبة 25%. بعبارة أخرى، غادر مولينبرغ الشركة مع تعويض كبير من خيارات الأسهم على الرغم من أن أداء الشركة السابق بقيادته كان رديئاً. للأسف فإن هذا التناقض بين أداء الشركة وتعويض الرئيس التنفيذي شائع جداً، وهو ناتج بنسبة كبيرة عن الاستخدام العشوائي للتعويضات المتمثلة في خيارات الأسهم وغيرها من الحوافز.

من المفترض أن تمثل خيارات الأسهم ضماناً لتحقيق الرئيس التنفيذي إيرادات كبيرة للمساهمين، لكنها غالباً لا تكون كذلك. ومع ذلك، تستمر الشركات باستخدامها على هذا النحو. في عام 2019، وهو آخر عام تتوفر لدينا أرقامه، ازداد متوسط تعويضات الرئيس التنفيذي ومنها قيمة خيارات الأسهم الممنوحة (سواء تمت ممارستها أم لا) بنسبة 14% ليصل إلى 21.3 مليون دولار، متابعاً سيره وفق نمط مستمر. فضلاً عن ذلك فإن مجالس الإدارة كانت تبرر قراراتها بمنح خيارات الأسهم للرئيس التنفيذي بأنها تعويضات لا ضرورة لتسجيلها كبند نفقات في تقارير الشركة المالية. لكن فقد هذا التفسير المنطقي بريقه ما أن أصدر مجلس معايير المحاسبة المالية حكمه لعام 2004 الذي يلزم الشركات بالتعامل مع خيارات الأسهم على اعتبارها مثل أي نوع آخر من النفقات.

وبناء على هذا السجل المشوب، طرحنا السؤال التالي:

هل ينبغي للشركات إصدار خيارات الأسهم أساساً؟

استناداً إلى بحث سابق وباستخدام بيانات مالية من الفترة ما بين عامي 2010 و2015، أجرينا تحليلاً على 7,750 حالة من 1,815 شركة مساهمة عامة في 341 قطاعاً تمثل مجمل الاقتصاد الأميركي. سعينا لاختبار فرضيتنا التي تقول إن خيارات الأسهم وغيرها من التدخلات لا تفيد أداء الشركة إلا عندما يكون من المحتمل أن يسيء المدراء استخدام مواردها من خلال الممارسات "الانتهازية". يمكن تعريف الممارسات الانتهازية بأنها "السعي لتحقيق المصلحة الشخصية بدهاء" وهي تشمل استخدام المدراء لموارد الشركة من أجل تحقيق منافع شخصية بدلاً من مساعدة المساهمين في تحقيق نسب أعلى من العائد على الاستثمار. إذا كانت الشركة عرضة لهذه الممارسات فينبغي لخيارات الأسهم أن تقلل من إساءة تخصيص الأموال، أما إذا لم تكن الشركة عرضة لهذه الممارسات فخيارات الأسهم ستكون هدراً مكلفاً للمال.

من أجل اختبار هذه الفرضية، أدخلنا في بحثنا العوامل الداخلية والخارجية المستخدمة كثيراً في الأبحاث التجارية التي تشير إلى الشركات صاحبة الاحتمالات الكبيرة أو الاحتمالات الضئيلة لقيام كبار مدرائها بممارسات انتهازية. أولاً، فيما يخص أداء الشركة قمنا بحساب نسبة "توبين كيو" (Tobin’s Q) التي تقيس نمو الشركة على المدى الطويل. ثانياً، قمنا بقياس احتمالات القيام بالممارسات الانتهازية عن طريق تقييم مستوى السلطة التقديرية المتاحة للمدراء فيما يتعلق بتخصيص موارد الشركة ومقدار ما يمكنهم توجيهه منها لخدمة مصالحهم الشخصية. واستخدمنا في ذلك 3 معايير: 1) مجموع فائض التكاليف المحمّل مضروباً في مستوى السلطة التقديرية للإدارة؛ 2) مجموع فائض التكاليف المحمّل مضروباً في ما إذا كان الرئيس التنفيذي ضمن فريق مجلس الإدارة؛ 3) نسبة دين الشركة.

نقطة البيانات الأولى التي فحصناها هي فائض التكاليف المحمّل في الشركة، وهو مقياس لتكاليفها الزائدة المتاحة للإدارة. يعرف المدراء مكان الموارد بالطبع، لكن المساهمين الخارجيين غير قادرين على وضع أيديهم على أماكن تخصيص هذه الموارد (على الرغم من معرفتهم أن الشركة قادرة على العمل بكفاءة أكبر نظرياً). وبالنتيجة يمثل فائض التكاليف المحمّل مجموعة أموال يمكن للرئيس التنفيذي تخصيصها عشوائياً وبعيداً نسبياً عن رقابة المساهمين.

وعندما يتمتع الرئيس التنفيذي بسلطة تقديرية أكبر (وهي نقطة البيانات الثانية) يكون بإمكانه إساءة استخدام هذه الموارد وإنفاقها على أنشطة تصب في مصلحته الشخصية بدلاً من أن تصب في مصلحة المساهمين. لذلك عندما ترتفع نسبة فائض التكاليف المحمّل والسلطة التقديرية الإدارية معاً ينبغي للمساهمين التنبه للممارسات الانتهازية.

كانت نقطة البيانات الثالثة هي ما إذا كان الرئيس التنفيذي عضواً في مجلس إدارة الشركة. بينت الأبحاث أن الرئيس التنفيذي الذي يعمل في مجلس الإدارة يتمتع بقوة أكبر. فأعضاء مجلس الإدارة ينتقدون الرئيس التنفيذي الذي يكون موظفاً لديهم ببساطة أكثر من انتقادهم للرئيس التنفيذي الذي يجلس معهم في الغرفة بوصفه عضواً في المجلس مثلهم. وبما أن مجلس الإدارة يقوم رسمياً بالإشراف على الرئيس التنفيذي، فعضوية الرئيس التنفيذي في المجلس تخفف عنه وطأة الرقابة. تماماً كما هو الحال بالنسبة للسلطة التقديرية الإدارية، فالرئيس التنفيذي الذي يتمتع بسلطة أكبر وتتاح له نسبة أكبر من فائض التكاليف المحمّل قادر على ارتكاب الممارسات الانتهازية. لكن إذا كانت سلطة الرئيس التنفيذي أقل، أي أنه لا يعمل في مجلس الإدارة، أو إذا لم تكن موارد الشركة متاحة له ليسيء استخدامها، فلن تكون الممارسات الانتهازية مصدراً للقلق.

نقطة البيانات الأخيرة التي عملنا على فحصها هي ديون الشركة. إذ تقيّد الديون الكبيرة احتمال لجوء الرئيس التنفيذي للممارسات الانتهازية بثلاث طرق. فهي أولاً تقلص الموارد المتاحة بما أنه من الضروري تخصيص بعضها لإعادة سداد الفوائد والديون؛ ثانياً، غالباً ما تترافق الأموال المقترضة مع تعهدات القرض التي تقيّد مجال تحرك الرئيس التنفيذي؛ ثالثاً، تستدعي الديون الكبيرة تدقيقاً أشدّ من الجهة المقرضة على قرارات الرئيس التنفيذي وسلوكه.

لاحظنا أنه عندما كان احتمال أن تتعرض الشركة للممارسات الانتهازية أو عندما كان أحد هذه المعايير الثلاثة مرتفعاً كانت خيارات الأسهم مترافقة بالفعل مع عائدات أكبر للمساهمين. لكن عندما كان احتمال لجوء المدراء إلى الممارسات الانتهازية ضئيلاً كانت خيارات الأسهم تضرّ بالأداء فعلياً.

وباستخدام بياناتنا عن الشركات التي أجرينا عليها الدراسة وهي من مجموعة "فورتشن 500"، استطعنا تحديد الشركات التي لديها احتمالات كبيرة للتعرض للممارسات الانتهازية والشركات التي كانت هذه الاحتمالات لديها ضئيلة. مثلاً، كانت احتمالات تعرض شركات "يونايتد هيلث" و"كروغر" و"سيتي غروب" و"كومكاست"، و"بوينغ" أيضاً للممارسات الانتهازية ضئيلة، وبالتالي كان عليها الامتناع عن إصدار خيارات الأسهم. في المقابل كانت احتمالات تعرض مجموعة "ألفابت" (المالكة لشركة جوجل) وشركة "فيسبوك" و"بروكتر آند غامبل" و"نايكي" للممارسات الانتهازية كبيرة، وبالتالي كان ينبغي لها استخدام خيارات الأسهم في جزء كبير من حزمة تعويضات الرئيس التنفيذي.

خيارات الأسهم تشكل أداة فعّالة

الخلاصة هي أن خيارات الأسهم تشكل أداة فعّالة إذا استخدمت عند الحاجة، لكن يجب ألا يتم إصدارها في جميع الحالات. تشير نتائجنا إلى أنه على المدراء الإداريين القيام بما يلي عند اتخاذ القرار بشأن إصدار خيارات الأسهم:

  • التحقق مما إذا كانت خطورة تعرض الشركة للممارسات الانتهازية كبيرة. تكون هذه الخطورة كبيرة في الشركات التي تكون السلطة التقديرية الإدارية فيها كبيرة مع ارتفاع نسبة فائض التكاليف المحمّل، أو يكون رئيسها التنفيذي عضواً في مجلس إدارتها مع ارتفاع نسبة فائض التكاليف المحمّل، أو تكون نسبة ديونها منخفضة.
  • عدم إصدار خيارات الأسهم إلا عندما تكون نسبة فائض التكاليف المحمّل مرتفعة ومترافقة مع سلطة تقديرية إدارية كبيرة أو مع عمل الرئيس التنفيذي في مجلس الإدارة.
  • عدم إصدار خيارات الأسهم إذا كانت نسبة دين الشركة منخفضة.
  • عدم تفادي خيارات الأسهم لأنها مكلفة فقط، (فقد تكون جديرة بكلفتها أحياناً).
  • عدم إصدار خيارات الأسهم لأنها شائعة فقط، (فقد تكون هدراً مكلفاً ومؤذياً للمال).
  • الحرص على التحقق بصورة دورية من تغير نسبة خطورة الممارسات الانتهازية من بعد قرارات خيارات الأسهم الأخيرة (إذ إن العوامل المتمثلة في فائض التكاليف والسلطة التقديرية ودين الشركة وعضوية مجلس الإدارة كلها عرضة للتغيير).

يبين بحثنا أن هذا النوع من تعويضات الرؤساء التنفيذيين ليس حلاً شاملاً، وثمة مواقف يكون استخدامه فيها مؤذياً على عكس حوافز خيارات الأسهم. وبالفعل، بعد أن أثبتت أعمال المحاسبة أن خيارات الأسهم تشكل تكلفة حقيقية تتكبدها الشركة، تبين أنه يجب ألا تُدفع هذه النفقات إلا إذا كانت ستولد إيرادات حقيقية للمساهمين. لكن على عكس الانتقادات واسعة النطاق، عندما تزداد احتمالات أن يقوم الرئيس التنفيذي بممارسات انتهازية فمن الممكن أن تفيد خيارات الأسهم في مواءمة مصالحه مع مصالح رؤسائه، أي مساهمي الشركة. لذلك، بدلاً من اعتبار خيارات الأسهم حلاً لجميع المشكلات، تقترح هذه الدراسة عدم تقديمها للرؤساء التنفيذيين إلا في حالات معينة.

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .

المحتوى محمي