ملخص: في هذا المقال الذي يكمل ما تناوله مقال "إعادة صقل المهارات في عصر الذكاء الاصطناعي" (Reskilling in the Age of AI) الحائز عدة جوائز، يقدم المؤلفون نتائج استقصاء حول صقل المهارات شمل رؤساء تنفيذيين للموارد البشرية من نحو 1,200 مؤسسة في الولايات المتحدة بالإضافة إلى قادة نحو 200 شركة. تتلخص النتيجة الرئيسية التي توصلوا إليها في أن ممارسات صقل المهارات ستصبح تياراً سائداً، لكن لا يزال أمام الشركات الكثير من العمل الذي يتعين عليها إنجازه. بالإضافة إلى مناقشة نتائج الاستقصاء، يسلط المؤلفون الضوء على المعوقات المحتملة لصقل المهارات والمجالات الرئيسية للتقدم به، ويقدمون أسئلة رئيسية يجب على الشركات طرحها على نفسها عند تصميم برامج صقل المهارات وتنفيذها.
في أكتوبر/تشرين الأول عام 2023، استضفنا اجتماعاً ضم أكثر من 70 خبيراً في صقل المهارات وتحسينها في كلية هارفارد للأعمال، وسرعان ما أجمعوا جميعهم على فكرة واحدة، وهي أن صقل المهارات أصبح اليوم ضرورة استراتيجية.
لم يعد السؤال المطروح "هل يجب" أو "لماذا يجب" علينا صقل المهارات، بل أصبح الآن "كيف" نفعل ذلك؟
قبل المؤتمر بفترة وجيزة، كنا قد تناولنا هذا السؤال من خلال دراسة استقصائية حول أفضل الممارسات التي تستخدمها الشركات الرائدة في صقل المهارات، وفي مقالنا في هارفارد بزنس ريفيو "إعادة صقل المهارات في عصر الذكاء الاصطناعي" (Reskilling in the Age of AI)، وصفنا نتائجنا. أثار المقال اهتماماً كبيراً، ما دفعنا إلى طرح سؤال جديد: ما هي درجة انتشار هذه الممارسات بين الشركات الأخرى؟
وللإجابة عن هذا السؤال، استقصينا مؤخراً آراء رؤساء تنفيذيين للموارد البشرية من نحو 1,200 مؤسسة في الولايات المتحدة، إلى جانب قادة نحو 200 شركة، وكانت النتائج مشجعة: ستصبح ممارسة صقل المهارات تياراً سائداً؛ فقد أفاد 56% من الذين شملهم الاستقصاء بأن مؤسساتهم تنفذ الآن مبادرات لصقل المهارات، وغالباً بالتزامن مع توظيف مواهب جديدة من سوق العمل الخارجية واستخدام استراتيجيات أخرى لتوفير المهارات، وقال 82% ممن تبنوا هذه المبادرات إنهم حريصون على الاستمرار في تنفيذها.
مثلما كان متوقعاً، أفاد المشاركون بأنهم يواجهون تحديات كبيرة وأوضحوا لنا أنه لا يزال أمامهم الكثير من العمل. سنستعرض في هذه المقالة مستندين إلى نتائج استقصائنا طريقة إدارة الشركات للتحولات النموذجية الفكرية الخمسة التي عرضناها في مقالنا السابق، واستناداً إلى الأبحاث الإضافية التي أجريناها منذ نشر ذلك المقال سنضيف تحولاً سادساً: قياس أثر هذه المبادرات وتقييمه، وهو إجراء ضروري لنجاح الاستثمارات في صقل المهارات. لكن البيانات كشفت أيضاً عن معوقات محتملة ومجالات مهمة يمكن تحقيق المزيد من التقدم فيها. سنناقش في هذا المقال بإيجاز كل نموذج من النماذج الستة الحالية ونطرح الأسئلة الرئيسية التي يجب أخذها بالاعتبار عند تصميم برامج صقل المهارات وتنفيذها.
1. صقل المهارات ضرورة استراتيجية
تدرك غالبية المؤسسات ذلك بالفعل؛ فقد برزت ممارسات صقل المهارات بصفتها استراتيجية أساسية للشركات التي تهدف إلى تأمين ميزة تنافسية من خلال تنمية المواهب الفريدة ومعالجة النقص الحاد في المهارات، وقد أسهمت تحولات عديدة في سوق العمل في هذا التوجه الجديد، مثل شيخوخة القوى العاملة واستحداث أدوار جديدة والطلب المتزايد على مهارات محددة خاصة بكل مؤسسة. يظهر استقصاؤنا أن الشركات كلها تقريباً تنخرط في تخطيط القوى العاملة، وأن 70% منها تجريه سنوياً. بالإضافة إلى ذلك، تسترشد الشركات التي تضع صقل المهارات في أولوياتها بمجموعة من أهداف التطوير على صعيدي الأعمال والمواهب. فقد أفاد نحو 60% من المؤسسات بأن تبنّي التكنولوجيا الجديدة هو أحد أهدافها النهائية، كما ذكرت نسبة تتراوح بين 60% و70% منها أنها تعتبر برامج صقل المهارات عنصراً ضرورياً لجذب أصحاب المواهب وتعزيز مشاركتهم في العمل والاحتفاظ بهم. وأشار الكثير من هذه المؤسسات إلى أن إيجاد طرق لتعزيز عرض القيمة الأساسي المقدّم للموظفين، بما في ذلك جهود تحفيز مشاركتهم واستبقائهم وتعزيز ثقافة التعلم، يحظى بالأولوية بين أهداف تطوير المواهب.
الأسئلة الرئيسية التي يجب على المهنيين الممارسين طرحها: هل أهداف تطوير الأعمال والمواهب التي نتوقع تحقيقها من استثماراتنا في برامج صقل المهارات واضحة ومتوافقة مع استراتيجية الشركة؟ هل لدينا رؤية واضحة حول المهارات الأساسية اللازمة لتحقيق هذه الأهداف الاستراتيجية؟ هل ندمج مبادرات صقل المهارات بفعالية في أنشطة الأعمال (بدءاً من اختيار المشاركين وصولاً إلى تعيينهم بعد انتهاء البرنامج)؟
2. برامج صقل المهارات هي مسؤولية القادة والمدراء جميعهم
يبقى قسم الموارد البشرية في معظم المؤسسات مسؤولاً عن وضع خطة صقل المهارات، بدءاً من وضع الإطار الأولي مروراً بإنهاء التنفيذ وصولاً إلى المراجعة بعد التنفيذ. هذا هو المتعارف عليه، لكن أبحاثنا تؤكد أن نجاح هذه المبادرات لا يتطلب التزاماً عميقاً من الموارد البشرية فحسب، بل تقديراً واسعاً لقيمتها الاستراتيجية على مستوى المؤسسة كلها أيضاً، وهذه المشاركة الشاملة بالغة الأهمية لحشد الجهود المكثفة والمستدامة المطلوبة لنجاح هذه البرامج. ولكن استقصاءنا يشير إلى فجوة هنا؛ فعلى الرغم من أن نحو 56% فقط من المؤسسات لا تزال ترى أن صقل المهارات مجالٌ تختص به الموارد البشرية في المقام الأول، لا يشارك كبار المدراء الآخرين في تصميم البرامج وتنفيذها إلا في 13% من المؤسسات المتبقية. وعلاوة على ذلك، بالنسبة لمراجعة مؤشرات الأداء الرئيسية المتعلقة بصقل المهارات، يتولى مدراء الموارد البشرية مسؤوليتها غالباً في حين تبلغ نسبة مشاركة أصحاب المناصب التنفيذية العليا الآخرين 48% فقط. بالإضافة إلى ذلك، أدرجت 34% فقط من المؤسسات صقل المهارات ضمن مؤشرات الأداء الرئيسية للمناصب الإدارية. تشير هذه الفجوة إلى أن هناك فرصة كبيرة لتطوير نهج أكثر تكاملاً حيث لا تكون برامج صقل المهارات مسؤولية الموارد البشرية فقط، بل أولوية استراتيجية يتبناها أصحاب المناصب التنفيذية العليا جميعهم.
الأسئلة الرئيسية التي يجب على المهنيين الممارسين طرحها: هل لدينا داعم قوي ومؤثر لمبادرات صقل المهارات خارج إدارة الموارد البشرية؟ كيف يمكننا ضمان اهتمام قادتنا فعلاً بنجاح مبادرات صقل المهارات؟ هل أشركنا القادة والمدراء المناسبين في تصميم برامج صقل المهارات وتنفيذها ومراقبتها؟
3. برامج صقل المهارات هي مبادرة لإدارة التغيير
تتجاوز عملية صقل المهارات مجرد التدريب، فهي تتطلب من المؤسسات تبني ثقافة التعلّم المستمر والإدارة التي تركز على المهارات، إلى جانب توفير الدعم للأفراد قبل التدريب وخلاله وبعد انتهائه. تشير نتائجنا إلى تباين في فعالية تنفيذ هذه العناصر بين المؤسسات.
التغييرات داخل المؤسسة:
في سياق صقل المهارات، يبدو أن المؤسسات تتجه نحو نهج يركز على المهارات في إدارة المواهب؛ إذ تستخدم نسبة تقارب 60% من الشركات تقييمات المهارات أو المعارف الموجودة سابقاً لتحديد المرشحين لبرامج صقل المهارات، وفي الوقت نفسه تحفز مدراء الإدارة الوسطى على تنفيذ برامج صقل المهارات وتوفر لهم عناصر التمكين اللازمة. تتمتع الإدارة الوسطى بأهمية بالغة في هذه المنظومة؛ إذ تقدم 70% من المبادرات تدريباً متخصصاً للمدراء الذين يشرفون على الموظفين المنخرطين في برامج صقل المهارات بهدف تعزيز بيئة داعمة والتصدي لمشكلة اكتناز المواهب. بالإضافة إلى ذلك، يدمج نصف المؤسسات التي شملها الاستقصاء حوافز مالية لتحفيز مشاركة المدراء بدرجة أكبر.
التغييرات بالنسبة للمتدربين:
تتبع نسبة 92% من برامج صقل المهارات اليوم نهج التدريب في أثناء العمل، حيث تتبنى 43% من المؤسسات استراتيجية "وظّف ودرب" التي تؤكد أهمية التعلم في بيئة العمل الفعلية. مع ذلك، تضمن 17% فقط من هذه البرامج الحصول على وظيفة عند الانتهاء من التدريب، ما يبرز ضرورة العمل على توفير مزيد من الأمان الوظيفي للمشاركين الذين يتركون وظائفهم التقليدية. تكتسب هذه الفجوة أهمية خاصة بالنظر إلى الاستثمارات والمخاطر الكبيرة التي يتحملها المتعلمون في جهود صقل المهارات. فيما يتعلق بتسهيل دمج الموظفين الذين خضعوا إلى برامج صقل المهارات في أدوار جديدة، تقدم الشركات كلها تقريباً أحد أشكال الدعم، فيوفر أكثر من 60% منها فرص التوجيه والإرشاد وتقدم نسبة مماثلة فرص الملازمة الوظيفية لتسهيل هذا الانتقال.
يُبرز هذا النهج الشامل لصقل المهارات، الذي يشمل توقع العرض والطلب وتقديم الحوافز للمتدربين والمدراء، والتعلم في أثناء العمل والدمج بعد التدريب، مدى تعقيد جهود الشركات لمواءمة نتائج صقل المهارات مع أهداف المؤسسة.
الأسئلة الرئيسية التي يجب على المهنيين الممارسين طرحها: كيف يمكننا تطبيق أساليب إدارة المواهب القائمة على المهارات لتحديد المشاركين المناسبين في البرنامج بناءً على قدراتهم ودافعيتهم؟ هل نقدم الحوافز والدعم المناسبين للمدراء في أثناء عملهم على دمج الموظفين الذين خضعوا إلى برامج صقل المهارات؟ هل ندرك بوضوح رحلة التغيير التي يمر بها المشاركون، وهل عناك عوامل تمكين منهجية لدعم عملية الانتقال؟
4. يتحمس الموظفون للمشاركة في برامج صقل المهارات إذا كانت جذابة
أفاد نحو 40% من المشاركين في الاستقصاء بأنهم يواجهون صعوبة في العثور على المرشحين المناسبين لبرامج صقل المهارات. لتعزيز المشاركة في هذه البرامج، من الضروري أن تنظر المؤسسات إلى الموظفين بصفتهم شركاء أساسيين في هذه العملية، وقد بدأ العديد من المؤسسات إدراك هذه الحقيقة.
ولتحقيق ذلك، يتعين على هذه المؤسسات تطوير برامج متعاطفة وقائمة على النتائج تعطي الأولوية لسهولة الوصول والفوائد الملموسة، مع تخصيص ما يكفي من الوقت والموارد لتسهيل التعلم الفعال من أجل تحقيق نقلة مهنية. وتبرز أهمية هذا النهج في ضوء النتائج التي تشير إلى أن نحو 32% من المؤسسات تواجه تحديات في إقناع الموظفين المؤهلين بالتقدم إلى برامج صقل المهارات ثم إتمامها. وبالفعل، تشير التقارير إلى أن التحديات الأساسية تشمل اختيار المشاركين وتسجيلهم وربط البرنامج بالتقدم المهني وضمان اكتساب المشاركين للمهارات المطلوبة فعلياً.
ثمة جانب إيجابي يتمثل في أن 78% من المؤسسات تقدم برامج صقل المهارات بصفتها خياراً وليس شرطاً إلزامياً، ما يجسد موقفاً تعاونياً مع قوتها العاملة، كما أن قرابة 77% من الشركات تعمل بصورة استباقية على إبراز مزايا برامج صقل المهارات وتؤكد القيمة المشتركة التي تحققها.
ومن الجوانب الحاسمة الأخرى في تعزيز المشاركة ضمان اهتمام الموظفين بالتدريب خلال ساعات العمل، حيث تحدد نسبة 64% تقريباً من المؤسسات كامل وقت التدريب خلال ساعات العمل المدفوعة الأجر، ما يقضي فعلياً على عقبة رئيسية أمام المشاركة. لا يعترف هذا التركيز على التدريب المدفوع الأجر بقيمة وقت الموظفين فحسب، بل يدل أيضاً على التزام المؤسسة بنموهم المهني، وبالتالي ضمان مواءمة استراتيجيات تطوير الموظفين مع الأهداف المؤسسية الأوسع نطاقاً.
الأسئلة الرئيسية التي يجب على المهنيين الممارسين طرحها: هل نفهم وجهات نظر المشاركين في برامجنا واحتياجاتهم بدقة؟ هل أزلنا العقبات الرئيسية التي يمكن أن تعوق موظفينا عن المشاركة؟ هل شرحنا المزايا بوضوح للمشاركين المحتملين، وهل لدينا الحوافز المناسبة إذا لزم الأمر؟
5. يتطلب نجاح برامج صقل المهارات تعاون الجميع
في السابق، كان تنفيذ برامج صقل المهارات مسألة داخلية تخص كل شركة على حدة، أما الآن، فهي مجهود تعاوني ضمن منظومة أوسع. حيث تتعاون مؤسسات عديدة مع مجموعة متنوعة من أصحاب المصلحة لتمويل برامجها وتصميمها وتنفيذها.
وقد أثبتت هذه الجهود المشتركة أنها أكثر فعالية في نجاح مبادرات صقل المهارات مقارنة بالإجراءات الفردية للشركات. وتشير نتائج الاستقصاء إلى أن غالبية المؤسسات تعمل على تشكيل شراكات مع مسهمين رئيسيين في المنظومة لتسهيل برامج صقل المهارات. فقد استعانت نسبة 61% تقريباً من الشركات التي شملها الاستقصاء بخبرة مدربين خارجيين لتصميم البرامج وتنفيذها. وبالمثل، استفادت نسبة كبيرة تبلغ 61% من الشركات من الخطط والحوافز الحكومية القائمة، في حين دمجت 43% منها دعم الجمعيات الحكومية أو جمعيات القطاع في تصميم برامج صقل المهارات. في موازاة ذلك، جاءت نسبة 55% من تمويل البرامج من الشركات نفسها، في حين سعت نسبة أصغر من الشركات إلى الحصول على سبل تمويل بديلة، مثل الإعانات الحكومية (بنسبة 14%)، والمساهمات الفردية (بنسبة 14%)، والدعم النقابي (بنسبة 12%). عموماً، برزت الشراكات في استقصائنا بصفتها محفزاً رئيسياً لنجاح البرامج.
الأسئلة الرئيسية التي يجب على المهنيين الممارسين طرحها: هل نفهم المنظومة الكاملة التي يمكن أن تعزز أثر جهودنا في صقل المهارات، علماً أنها تشمل الهيئات الحكومية والمؤسسات غير الحكومية والأوساط الأكاديمية ومقدمي التدريب؟ هل نستفيد من المصادر الخارجية للخبرات أو التمويل أو القدرات كلما أمكن ذلك؟
6. يتطلب نجاح برامج صقل المهارات تحليل فائدة إجراءاتك الداخلية واستثماراتك وقياسهما
يجب على أي مؤسسة تنفذ برامج صقل المهارات معرفة إذا ما كانت هذه البرامج تحقق نتائج أم لا. أبلغت نسبة 86% من المؤسسات بالفعل عن إجراء برامج تجريبية أولية، لكن ذلك لا يشكل سوى خطوة أولية نحو نهج أدق لتجربة برامج صقل المهارات وقياسها.
أشارت غالبية المؤسسات التي شملها الاستقصاء إلى أنها تتابع بعض مؤشرات الأداء الرئيسة المتعلقة ببرنامج صقل المهارات، حيث تجري مراجعة ربع سنوية لهذه المؤشرات. كما ركزت مؤسسات كثيرة على نتائج التدريب الفورية، مثل عدد المشاركين الذين أنهوا البرنامج في 57% منها، والتغيرات في مجموعة المهارات في 56% منها، وإجمالي ساعات التدريب المنجزة في 51% منها. لكن عدداً قليلاً فقط من المؤسسات يتجاوز تفاصيل التدريب هذه، إذ تقيس نسبة 33% أثر برامجها على الأعمال أو النتائج المتعلقة بالموارد البشرية، وتقارن نسبة 21% منها تكلفة الأساليب البديلة وفوائدها، مثل مقارنة صافي العائد من صقل المهارات بالتوظيف الخارجي. وفي حين أشارت نسبة 42% من المؤسسات المشاركة إلى تحقيق عائد إيجابي على الاستثمار، فإن نسبة 56% منها لم تحسب العائد على الاستثمار من مبادرات صقل المهارات أو لم تتمكن من ذلك. تسلط هذه الفجوة في المساءلة والقياس الضوء على إهمال أوسع نطاقاً في التنفيذ الاستراتيجي لبرامج صقل المهارات، وهي تمثل مجالاً جاهزاً لإعادة التقييم. فدون تتبع مؤشرات الأداء الرئيسية ذات الصلة كلها وتقييمها بتواتر مناسب، سيصعب تحسين الإجراءات التدخلية أو معرفة إذا ما كانت الاستثمارات في صقل المهارات قد حققت أهدافها الاستراتيجية.
الأسئلة الرئيسية التي يجب على المهنيين الممارسين طرحها: هل أعددنا برامج تجريبية لصقل المهارات قبل توسيع نطاقها لاختبار خيارات تصميم البرنامج وتنفيذه الاستراتيجية؟ هل لدينا مجموعة قوية من مؤشرات الأداء الرئيسية العملية والاستراتيجية التي تتيح لنا قياس أثر المبادرة؟ هل يعمل أصحاب المصلحة المناسبون على مراجعة مؤشرات الأداء الرئيسية بوتيرة مناسبة لإجراء التعديلات اللازمة على البرنامج عند الضرورة؟ هل نتبع نظام قياس محكماً لمساعدتنا على تقييم الآثار الفعلية لبرامج صقل المهارات في اكتساب الموظفين للمهارات الجديدة وإنتاجيتهم؟
في مشهد العمل السريع التغير الذي نعيشه اليوم، ستصبح القدرة على صقل المهارات ضرورة مُلحة للحفاظ على القدرة التنافسية. من خلال جعل صقل المهارات أولوية استراتيجية وإشراك القادة جميعهم فيه وتبني أساليب إدارة التغيير وتصميم برامج جذابة وتعزيز التعاون وقياس الأثر بدقة، ستتمكن المؤسسات من التغلب على نقص المهارات وتعزز جاذبيتها عموماً للموظفين الحاليين أو المرشحين المحتملين في سوق العمل التنافسية. ومن خلال تطوير هذه البرامج ودمجها مبكراً وتنفيذها بفعالية ستتمكن الشركات من مواكبة التطورات في سوق العمل واستخدام برامج صقل المهارات بفعالية لسد فجوات المهارات المتزايدة. إذا نفّذت الشركات برامج صقل المهارات بطريقة صحيحة، فستصبح هذه البرامج عنصراً أساسياً من استراتيجية رأس المال البشري، ما يعزز الميزة التنافسية المستدامة.