يعتبر كبار السن من العمال، ولا سيما الأشخاص الذين يقتربون من عمر التقاعد التقليدي وهو 65 عاماً، أكبر شريحة ضمن القوى العاملة نمواً، وهي واحدة من أسرع المجموعات نمواً ضمن عموم السكان. ففي الولايات المتحدة الأميركية، سيزداد عدد الأفراد البالغين من العمر 65 عاماً أو أكثر بنسبة 66% ما بين الآن والعام 2035.
هذه المعطيات الديموغرافية المتغيّرة سوف تؤدي إلى تحولات كبيرة في سوق العمل في الولايات المتحدة وفي المجتمع الأميركي برمته. وليس بوسع أي صاحب عمل يرغب في أن تكون لديه قوى عاملة ماهرة ومنضبطة ونشطة تجاهل هذه الفئة المهمة من العمال، بل عليه العمل على تحفيز الموظفين الكبار في السن بشكل جدّي.
ومع ذلك، فإن هؤلاء العمال يخضعون للتجاهل إلى حد ما. أعرب حوالي ثلاثة أرباع الأفراد الذين يقتربون من سن التقاعد عن رغبتهم بمواصلة العمل بشكل من الأشكال، بينما عملياً ربعهم فقط يواصلون العمل فعلاً.
فلماذا لا نرى المزيد من العمال كبار السن ضمن صفوف القوى العاملة؟ يعتبر التمييز بالتأكيد واحداً من أهم الأسباب. فالبراهين المتوفرة تشير إلى أننا أكثر انحيازاً في آرائنا تجاه الأفراد الأكبر سناً مقارنة مع آرائنا تجاه الأقليات والنساء.
أما التحدي الثاني، فهو الخوف. غالباً ما يشعر المشرفون الأصغر سناً بالخشية من إدارة موظفين أكبر عمراً، لأن هؤلاء الموظفين المسنّين لديهم خبرة تفوق خبرتهم هم كشباب. وقد يطرح المدراء الأقل خبرة السؤال التالي: "كيف بوسعي أن أقول: "أفعل هذا لأنني أعرف تماماً ما هو المطلوب" في الوقت الذي لا أعرف فيه غالباً ما هو المطلوب تماماً". كما أن العمّال الأكبر سناً قد يواجهون صعوبة في بادئ الأمر نتيجة خضوعهم لإدارة مشرفين أحدث سناً منهم، ولا سيما إذا كانت الخبرة العملية لدى هؤلاء الشباب أقل بكثير من خبرتهم. لكن المشرفين هم من تقع على عاتقهم مسؤولية صياغة العلاقة بدءاً من اللقاء الأول معهم، من خلال الإيضاح إلى العمال الأكبر سناً كيف سيستفيدون من خبرتهم، مع التأكيد على أن مسؤوليتهم في الإشراف تكمن في وضع الأهداف ومساءلة الناس عن أعمالهم.
اقرأ أيضاً: النزهات القصيرة المدهشة قد تعزز الصحة النفسية لدى كبار السن.
ليست القضية مجرد مسألة ثقة. فقد يكتشف المشرفون الأصغر سناً أن ما ينفع مع معظم موظفيهم قد لا يكون مفيداً مع الموظفين الأكبر سناً. فهؤلاء الموظفون ليس لديهم المخاوف نفسها من أن يُطردوا من عملهم (فهم أصلاً على وشك التقاعد) وهم أقل اهتماماً بالترقيات أو الحصول على رواتب عالية مستقبلاً. وبالتالي، السؤال المطروح هنا هو كيف تجعل العامل الأكبر سناً متحفزاً دوماً؟ تكمن البداية في الاعتراف بخبرة هذا العامل والاستفادة منها. وهذا الأمر يصح بكل تأكيد على كل الفئات العمرية: كل الناس يرغبون بأن يكون هناك من يعترف بخبرتهم، ولا سيما مديرهم في العمل. ولكن في حالة العاملين الأكبر سناً، هذا أمر يكتسب أهمية إضافية، لأنهم عادة يكونون أشخاصاً ذوي خبرة كبيرة جداً – لذلك، فإن تجاهل هذه الخبرة يكون مزعجاً جداً لهم. كما أن العمال الأكبر عمراً قد يكونون أكثر حساسية وأسرع غضباً عندما يديرهم شخص يقلّهم معرفة وخبرة.
وفي مكان العمل، من المفيد التدقيق مع العمال الأكبر سناً كل على حدة وسؤالهم حول المشاكل التي يتوقعون حصولها عند تنفيذ مهمة محددة ("هذا ما نحتاج إلى إنجازه"). وإذا لم تأخذ بأي نصيحة يقدّمونها إليك، قد يكون من المفيد أن توضح لهم سبب تصرفك ذلك ("أعلم أن مهلة إنجاز المهمة قريبة جداً، ولكن من المهم أن ننهيها قبل أن يتولى المدير الجديد منصبه").
وزبدة القول إن الشركات الساعية إلى زيادة تفاعل موظفيها وتحسين أدائهم وإخلاصهم لها، بحاجة إلى بذل جهد أكبر في تحفيز الموظفين الكبار في السن كونهم ينتمون إلى شريحة متنامية وقيّمة من القوى العاملة. وبالنسبة لأصحاب العمل الذين يقولون بأنهم يريدون قوى عاملة تملأ الدنيا نشاطاً وعملاً، ولا تحتاج إلى تدريب أو إلى زمن طويل لمعرفة ما الذي يجب فعله، وتعمل بضمير وتعرف كيف تنسجم مع الآخرين، العمال الأكبر سناً هو كل ما يحتاجونه.
اقرأ أيضاً: أسئلة القراء: كيف أحفز مرؤوسيني كبار السن؟