ملخص: ازدادت أهمية البيع عبر المكالمات الواردة إلى مراكز الاتصالات، وبات يشكل هذا النوع من البيع مصدراً أساسياً لإيرادات الشركات، خاصة بعد فرض قيود مشددة على الزيارات المباشرة للعملاء خلال جائحة فيروس كورونا المستجد. وقد أُجري مؤخراً بحث تناول ملايين المكالمات المسجلة في هذه المراكز، وتم فيه تحليل الطريقة التي يدير بها مندوبو المبيعات محادثاتهم مع العملاء للوقوف على نتائج هذه المكالمات وللتعرف على جدواها في إتمام صفقات البيع. وخلصت نتائج هذا التحليل إلى وجود 4 سلوكيات تعمل على تعزيز المبيعات الواردة وتتحكم في تحويل المتصلين إلى مشترين: استبعاد المتصلين الذين ينبغي ألا يتعاملوا مع مندوب المبيعات، وتقديم حل لمشكلة العميل، وبحث الاعتراضات بالجدية اللازمة، وإزالة مخاطر الشراء حتى لا يترك المتصلون الهاتف من أجل "التفكير في الأمر". يُشار إلى أن 1% فقط من المكالمات شهد هذه السلوكيات الأربع كلها، إلا أن ذلك أدى إلى إتمام صفقات البيع في 70% من المكالمات.
لطالما كانت مراكز الاتصالات الواردة قناة مهمة لإيرادات الشركات التجارية الموجهة للمستهلك في قطاعات مثل الخدمات المالية والتأمين والخدمات المنزلية والسفر وتجارة التجزئة، على سبيل المثال لا الحصر. وفي حين أن السعي لرفع معدلات تحويل المكالمات الواردة إلى مبيعات ليس بالأمر الجديد بالنسبة لهذه المؤسسات، فقد ازدادت أهمية هذه الجهود وغدت أكثر إلحاحاً خلال الجائحة في ظل تطلع الشركات إلى تعويض التراجع الحاد في التفاعل الشخصي مع عملائها.
وقد أعدّ فريقنا البحثي في شركة "تيذر" (Tethr) المختصة بتحليل المحادثات في أوستن نموذجاً تنبؤياً للمبيعات يحتوي على أكثر من 8,300 متغير مستقل جرى اختباره بالقياس إلى قاعدة بيانات تضم ما يقرب من 2.5 مليون مكالمة مبيعات في عشرات الشركات. وتوصلت نتائج التحليل إلى بعض الاكتشافات المفاجئة والتي قد تبدو منافية للمنطق حول دواعي نجاح أفضل الشركات والوكلاء في رفع معدلات تحويل المكالمات الواردة إلى مبيعات وتحقيق مبيعات أكثر من مثيلاتها.
الدرس الأول: الجرأة في الاستبعاد
حتى إذا نظرت على وجه التحديد إلى المكالمات التي ينتهي بها المطاف في قائمة انتظار مبيعات الشركة، فستلاحظ أن نسبة كبيرة من هذه المكالمات تأتي من عملاء غير مهتمين بشراء أي شيء أو ليست لديهم نية الشراء في الأساس. بعبارة أخرى، هؤلاء هم العملاء الذين يريدون خدمات معينة، ولكن ينتهي بهم المطاف لسبب أو لآخر في قائمة انتظار المبيعات. وقد وجدنا أن هذه المكالمات الموجهة بشكل خاطئ تُجرى لأسباب عديدة: فبعض المتصلين يتصلون بالشركة بطريق الخطأ، بينما يختار البعض الآخر قائمة انتظار المبيعات لأنهم يعلمون أن الشركة ترد على مكالمات المبيعات بشكل أسرع من المكالمات الخدمية. وأياً كان سبب الاتصال، فإن هؤلاء المتصلين يشكّلون عبئاً ثقيلاً في نهاية المطاف على إنتاجية مؤسسات المبيعات الواردة.
وتوصلت دراستنا إلى أن ما يقرب من ثلث مكالمات "المبيعات" كانت في الواقع استفسارات خدمية. تؤدي هذه المكالمات الواردة إلى أدنى معدلات تحويل المكالمات الواردة إلى مبيعات بنسبة 16%، لأي من أنواع المكالمات التي شملتها دراستنا. ولا يقتصر الأمر على عجز وكلاء المبيعات عن تحقيق نسبة كبيرة من المبيعات للعملاء الذين لا يريدون سوى حل المشكلات، ولكن المكالمات نفسها تستهلك جزءاً كبيراً من وقت الوكلاء، على الرغم من قصرها مقارنة بمكالمات المبيعات (يبلغ متوسط كل منهما 7.5 دقيقة). وبالتالي، فإن هذا يمثل فرصة هائلة لتوفير وقت البائع وإعادة توزيع موارد الشركات الكبيرة التي تتعامل مع ملايين مكالمات المبيعات سنوياً.
ومن أهم السمات المميزة لمندوبي المبيعات المختصين بالتعامل التجاري بين الشركات أنهم لا "يطاردون شاحنات القمامة"، خاصة أولئك المندوبين المتميزين الذين يبيعون الحلول المعقدة. فهم لا يترددون في استبعاد الفرص غير المناسبة من قوائمهم من أجل توفير الوقت للتركيز على المعاملات التي تملك فرصاً حقيقية للتحول إلى مبيعات. وتشير البيانات إلى أن مندوبي المبيعات المتميزين في بيئات المبيعات القائمة على مراكز الاتصالات ينظرون أيضاً إلى وقتهم باعتباره مورداً شحيحاً. وغالباً ما ينجح هؤلاء الوكلاء خلال دقيقة واحدة على الأكثر في استنتاج أنه يجدر بهم تحويل المتصل إلى أحد ممثلي خدمة العملاء للتعامل مع مشكلته بصورة أفضل، وبذلك يتفرغون لإجراء المكالمة التالية على قائمة الانتظار، وحبذا لو كانت مكالمة مع مشترٍ محتمل.
وعلى النقيض من زملائهم المتميزين، فإن وكلاء المبيعات متوسطي المستوى يضيعون وقتاً طويلاً في محاولة مساعدة العملاء الذين يريدون حل مشكلات خدمية. وفي حين أنهم يخلصون في عملهم بكل تأكيد، فإن التحليل يشير إلى أنه كان يجدر بهم التركيز على المبيعات وتحويل المكالمات الخدمية إلى القسم المناسب. وقد لوحظ أن النسبة المئوية للوقت الذي يلتزم فيه مندوبو المبيعات الصمت خلال المكالمات الخدمية أعلى بكثير مما نراه منهم عندما يتعاملون مع استفسارات المبيعات، وهو مؤشر على شعور المندوبين بالحيرة إزاء طلب العميل وجهلهم بكيفية التعامل معه.
الدرس الثاني: دفع قرار العميل عن طريق وصف الحل، وليس تشخيص المشكلة
يعرف أصحاب الأداء المتميز أن تلقي الطلبات من العملاء المستعدين للشراء أمر سهل، ولكن ما يميزهم عن أقرانهم هو قدرتهم على تحويل "المتسوقين" الأكثر تردداً إلى مشترين خلال مكالمة قصيرة المدة.
وقد توصلت دراستنا إلى أن المتسوقين شكّلوا 40% من أفراد العينة البحثية، وهي الشريحة الأكبر بين كافة المجموعات، وكانت معدلات تحويل مكالماتهم الواردة إلى مبيعات أقل بكثير (22%) مقارنة بالمشترين المستعدين للشراء (36%). لنا أن نقول إذاً بكل بساطة إن تحويل المتسوقين إلى مشترين هو النقطة التي يجري عندها إما الفوز بالمبيعات الواردة أو خسارتها. يمثل هذا السلوك إحدى أهم النقاط التي يمكن استغلالها من جانب مؤسسات المبيعات لتعزيز الأداء.
ويوضح تحليلنا أن وكلاء المبيعات المتميزين لا يركزون كثيراً على تشخيص احتياجات العملاء ويوجّهون كل تركيزهم إلى وصف الحلول للعملاء، على غرار ما توصلت إليه نتائج بحثنا حيال سلوك أفضل مندوبي المبيعات في مجال التعامل التجاري بين الشركات، وعلى عكس المناهج التعليمية التقليدية المتبعة في التدريب على المبيعات. وكان لتقديم إرشادات مخصصة وإلزامية للعملاء (كأن يقول، مثلاً: "شخصياً، سأختار هذه الباقة" أو "لو كنتُ مكانك، لاخترت هذه الخطة") أكبر الآثار الإيجابية على معدلات تحويل المكالمات الواردة إلى مبيعات، من بين كل سلوكيات وكلاء المبيعات التي استعرضناها في تحليلنا. فعلى سبيل المثال، تطلب إحدى شركات التأمين التي نعمل معها من وكلاء مبيعاتها أن يتعاملوا مع المتصلين بوصفهم "مستشارين للمخاطر"، وليسوا مجرد متلقين لأوامر الشراء. وتشير البيانات إلى أن هذا النهج منطقي للغاية.
وربما كان أكثر ما يثير الاهتمام هو أننا وجدنا أن نوعية الأسئلة الاستقصائية وتشخيص الاحتياجات التي يتم تدريسها اليوم في دورات التدريب على المبيعات (مثل طرح أي من السؤالين التاليين على العميل: "ما الذي دفعك إلى شراء وثيقة تأمين على السيارة اليوم؟" أو "ما مقدار المبلغ الشهري الذي تدفعه حالياً لشركة خدمات الاتصال اللاسلكي؟") ليست مجرد أسئلة غير بنّاءة فحسب عند البيع للمتسوقين، ولكنها تؤدي في الواقع إلى نتائج عكسية. وسيتفاجأ العديد من قادة المبيعات المخضرمين إذا علموا أن هذه الأساليب تؤثر سلباً على معدلات تحويل المكالمات الواردة إلى مبيعات. لكن أصحاب الأداء المتميز يعرفون السبب، وهو أن المتسوقين باتوا يُقْدمون اليوم على البحث عبر الإنترنت قبل الاتصال بهم في أغلب الأحوال. ومن ثم، فإن آخر ما يريدونه أو يحتاجون إليه أن يعيدهم مندوب المبيعات إلى المربع الأول عن طريق طرح سلسلة من الأسئلة المكررة. وقد ثبت أن تفضيلات المتسوقين تماثل تفضيلات مندوبي المبيعات الذين يخبرونهم بما يحتاجون إليه، ولا يسألونهم عما يريدون شراءه، على غرار البحث السابق الذي أثبت أن العملاء يرغبون في التفاعل مع ممثلي خدمة "وحدة التحكم" عند حل المشكلات المعقدة.
الدرس الثالث: بحث الاعتراضات بالجدية اللازمة
يدرك أصحاب الأداء المتميز أنهم إذا سمحوا للعميل بإنهاء المكالمة مع وعد بأنه "سيتصل لاحقاً" فسيكونون كمن يحكم على المبيعات الواردة بالإعدام لأن العميل نادراً ما يعاود الاتصال، إن اتصل أساساً. إذ تُشير بياناتنا في الواقع إلى أن عبارات مثل: "سأفكر في الأمر" و"أريد التحدث إلى شريكي أولاً" هي أكثر الاعتراضات شيوعاً في صفقات البيع المفقودة. ويعرف هؤلاء المندوبون أن أمامهم بضع دقائق فقط لتحويل فرصة محتملة إلى عملية بيع ناجحة في عالم مبيعات المستهلكين الذي يتصف بسرعة الإيقاع.
وفي حين أن مندوبي المبيعات متوسطي الأداء يودون تجنب مناقشة المخاوف والاعتراضات خوفاً من أن تدمر الأخبار السيئة فرصهم في إتمام عملية البيع، فإن مندوبي المبيعات المتميزين يعملون بكل ما أوتوا من قوة لخوض تفاعل إيجابي مع العملاء لإظهار اعتراضاتهم الخفية وإخراجها إلى السطح حتى يتمكنوا من معالجة هذه المخاوف بصورة مباشرة والتغلب عليها. وإذا ما نجح مندوبو المبيعات المتميزون في إخراج مخاوف العملاء إلى السطح ومعالجتها، فستبدو المحادثة معهم وكأنها مباراة سجالية. يقتضي الفكر السائد في المبيعات إلزام مندوبي المبيعات بالتحدث أقل من العميل، وأن يتحاشوا رفع صوتهم عليه وألا يقاطعوا العميل أبداً عندما يتحدث. ولكن من المدهش أن هذه هي السلوكيات ذاتها التي وجدنا أنها من أهم عوامل إتمام الصفقات وإنهائها بإيجابية. والعكس صحيح بالنسبة لمدة صمت مندوب المبيعات والتي ثبت أنها أحد أهم العوامل التي تنبئ بخسارة البيع.
وهذا لا يعني بحال من الأحوال أن مقاطعة البائع للعملاء ومحاولة إسكاتهم ستجعلهم يشترون، كل ما هنالك أنه يجب ألا يخشى مندوب المبيعات إبداء اختلافه مع العميل صراحة، والإشارة إلى سوء الفهم والتخلص من كل المخاوف التي ليس لها أي داع. وعندما استعرضنا أمثلة من هذه السلوكيات في المكالمات الفعلية، وجدنا أنها تتصف بالاحترام ولكنها لا تخلو في الوقت ذاته من الحزم. فقد تدخل مندوب المبيعات في إحدى المكالمات، على سبيل المثال، قائلاً: "أنا آسف للمقاطعة، ولكني أريد أن أتأكد من أنك تفهم أن هذا أدنى سعر محدد لمدة عامين، وليس لعام واحد فقط". وسارع أحد المندوبين في مكالمة أخرى إلى لفت انتباه العميل إلى أنه يقارن التفاح بالبرتقال عند طرح عرض شركة منافسة تبدو أسعارها أرخص: "اعذرني على المقاطعة، ولكنك محق في أن أسعار خدمتنا أعلى من أسعار الشركة المنافسة، ولكن تذكر أن خطتنا شاملة سعر التركيب". وهكذا، يدرك أصحاب الأداء المتميز أن الاعتراض غير المعلن هو اعتراض سيواصل التفاقم ويؤدي إلى التردد وإعادة النظر.
الدرس الرابع: إزالة المخاطر عن قرار الشراء
حتى عندما يقدم مندوبو المبيعات عرضاً مثالياً للعميل ويتعاملون مع مخاوفه واعتراضاته بصورة مباشرة، فكثيراً ما يجدون أن العميل لا يزال بحاجة إلى دفعة لحمله على الالتزام بالشراء قبل نهاية المكالمة، خاصة عندما تبدأ المكالمة مع تعبير العميل عن تردده في الشراء وباستعداده المسبق لعدم الالتزام في الوقت الحالي ويستغرق بدلاً من ذلك وقتاً أطول في التفكير في العرض المقدم له.
وقد خلُص تحليلنا إلى أن أفضل المندوبين هم من يمنحون العميل دفعة عن طريق إزالة المخاطر التي تقف حائلاً دون اتخاذه قراراً بالشراء الفوري. وبالنسبة للعملاء الذين يبدؤون المكالمة وهم عازمون على الشراء، ولكنهم لا يلبثون أن ينأوا بأنفسهم عن قرار الشراء، فإن مندوب المبيعات الماهر سيحاول بكل ما أوتي من جهد أن يزيل المخاطر عن قرار الشراء من خلال خلق إحساس بالندرة والاستعجال ("لا يمكنني أن أضمن لك توافر المنتج بهذا السعر غداً... فإذا كنت تريد الشراء، فيجب أن تحجزه بالسعر الحالي). وبالنسبة إلى المتسوقين الأكثر تردداً، فقد يتطلع أصحاب الأداء المتميز إلى إزالة المخاطر عن قرار الشراء من خلال توفير شبكة أمان ("تذكر أن لديك فترة سماح لمدة 30 يوماً لإلغاء الطلب. لذا، إذا تحدثت إلى شريكك بعد إنهاء المكالمة وقررتما عدم حاجتكما إلى خدماتنا، فيمكنك الاتصال بنا لإلغاء طلب الشراء بكل سهولة"). يؤدي هذا السلوك إلى إشعار المتسوقين بالثقة التي يبحثون عنها قبل اتخاذ قرار الشراء.
وعلى النقيض من ذلك، فقد توصل تحليلنا أيضاً إلى أن مندوبي المبيعات متوسطي الأداء لا يخلقون أي إحساس باستعجال إتمام عملية البيع، بل كانوا شديدي الاطمئنان لدرجة أنهم تركوا العميل ينهي المكالمة حتى يفكّر في العرض على مهل.
فهم أسلوبنا في البيع... وما نبيعه على نحو أفضل
أثبت بحثنا أن هذه المهارات الأربع، ممثلة في استبعاد الفرص الضعيفة وتحفيز قرارات العملاء وبحث الاعتراضات بالجدية اللازمة وإزالة المخاطرة عن قرار الشراء، تشكل مؤشراً ممتازاً على إمكانية إتمام عملية البيع في بيئة البيع المباشر للعملاء من خلال المكالمات الواردة.
تبدو فرص تحسين المبيعات باستخدام هذه التقنيات مقنعة إلى حدٍ كبير. ولكننا قلما نشهد هذه الأساليب في مكالمات البيع الحقيقية، نظراً لعدم تدريسها في المناهج التعليمية التقليدية للتدريب على المبيعات، بل وتناقضها في بعض الأحيان مع ما يتم تدريسه في هذه المناهج، حتى إن 16% من المكالمات التي تناولتها دراستنا لم تشهد أياً من هذه الممارسات المتبعة من قِبَل مندوبي المبيعات المتميزين. وكانت معدلات تحويل المكالمات الواردة إلى مبيعات في تلك الحالات سيئة للغاية، حتى إنها لم تتجاوز نسبة 5% من إجمالي المكالمات الواردة. لكن عند استخدام كل هذه الأساليب، والتي لم نشهدها في دراستنا سوى بنسبة 1% فقط من كل المكالمات، فقد ارتفعت معدلات تحويل المكالمات الواردة إلى مبيعات بنسبة 70%. وبالنسبة لمعظم شركات البيع المباشر للعملاء، فإن مجرد العثور على مندوبي مبيعات يستخدمون هذه الأساليب بانتظام يمكن أن يترجم إلى تحسن كبير في الإيرادات المتحققة.
وعلى الرغم من غرابة هذه النتائج، فإن الأغرب من ذلك هو المنهج المستخدم في العثور على هؤلاء المندوبين. فقد اضطر قادة المبيعات لسنوات عديدة إلى تخمين المهارات والسلوكيات الصحيحة التي يجب عليهم تطويرها داخل فرق المبيعات بشركاتهم. لكن التقدم في التقنيات مثل التعرف الآلي على الكلام ومعالجة اللغة الطبيعية وتعلم الآلة أتاح الآن إمكانية دراسة عينات ضخمة من بيانات مكالمات المبيعات غير المنظمة والتعرف بدقة وبقناعة تامتين على التقنيات التي يجب على قادة المبيعات استثمارها في فرق المبيعات العاملة في شركاتهم.
بيد أن الرؤى الثاقبة المستمدة من هذا المصدر الجديد غير المستغل نسبياً للبيانات لا تقتصر على مهارات البيع. فقد وجدت الشركات الرائدة أن هذه البيانات غير المنظمة توفر مصدراً لرؤى العملاء حول أشياء مثل المنتجات وعروض التسويق وتحديد المكانة التنافسية بصورة أفضل من جمع البيانات بالطرق التقليدية مثل استقصاءات الرأي. فعلى سبيل المثال، وجدت إحدى شركات التأمين التي نعمل معها أن نسبة كبيرة من العملاء الموجودين على قوائم الانتظار كانوا يتصلون للاستعلام عن منتجات لا تقدمها الشركة أساساً (مثل تأمين عربات الكرفان والدراجات النارية) ولكن منافسيها يقدمونها. وفي مثال آخر، كانت إحدى الشركات الوطنية للخدمات المنزلية في سبيلها إلى طرح عروض خدمية جديدة، واستفادت من بيانات مكالمات المبيعات الواردة إلى مركز الاتصالات التابع لها لفهم عروض الشركات المنافسة التي استشهد بها العملاء في أغلب الأحيان حتى يتمكن فريق التسويق التابع لها من تعزيز مكانتها التنافسية والترويج للعروض الجديدة.
لقد ولّى عصر التخمين إلى غير رجعة. وبات التقدم التكنولوجي يتيح الآن لقادة المبيعات اكتساب رؤى أعمق حول مستويات الأداء، سواءً فيما يتعلق بكيفية البيع بشكل أكثر فاعلية أو كيفية تحسين فاعلية عروضهم أكثر من أي وقت مضى.