تتميز الفرق العابرة للحدود بالقدرة على بناء التعاون بين الفريق المختلف ومساعدة المؤسسات في الوصول إلى الأسواق الجديدة وتوفير تجربة سهلة للعملاء حول العالم. ولكن حتى تنجح هذه الفرق في عملها، يجب على قادتها أن يتأكدوا من أنّ جميع أعضاء الفريق يشعرون بالارتباط والانخراط فيما بينهم، بغض النظر عن ثقافتهم أو المكان الذي يعيشون فيه. وجدت أثناء عملي كمرشد للفرق العالمية أنّ ردة الفعل النفسية والعاطفية التي يشعر بها الأفراد عند المشاركة في هذه الفرق قد تؤدي إلى تدني فعاليتها.
ليست بالضرورة أن تكون الحياة ضمن فريق عابر للحدود حياة منصفة. إذ أنّ الموظف البعيد عن مقر العمل الرئيسي غالباً ما يكون أقل وصولاً إلى قائد الفريق. نتيجة لذلك، قد يواجه هذا النوع من الموظفين صعوبة أكثر من غيره في ملاحظة الأشياء التي يعاني منها والاهتمام بها. كما أنّ الموظفين الأكثر بعداً عن المركز يُجبرون عادة على التكلم بلغة غير لغتهم والتواصل بأسلوب غير معتادين عليه. على سبيل المثال، قد تتّبع الثقافة التي ينتمي إليها هؤلاء الموظفون أسلوب تبادل الأدوار بطريقة مهذبة عند المحادثة، في حين أنّ باقي الفريق يستخدم أسلوباً أكثر حزماً، فيُسيطر على المناقشة. قد يتم تجاهل وجهات نظرهم، ما يؤدي إلى ضعف في عملية صنع القرار.
اقرأ أيضاً: كيف تتنبّأ بحالات ترك العمل في فريق مبيعاتك؟
منطقياً، يجب على أفراد الفريق الأكثر بعداً أن يجعلوا جدول أعمالهم يتناسب مع ما هو طبيعي ومريح للموظفين الموجودين في مقر العمل. على سبيل المثال، كنت أتكلم في أحد الأيام مع واحدة من أعضاء فريق عابر للحدود تعيش في سنغافورة، والتي، بعد مكالمتنا الهاتفية (التي أُجريت الساعة الثامنة مساء بتوقيت بلدها) قامت بإجراء مكالمتين إضافيتين انتهت بحلول الساعة 11:00 مساء بتوقيت بلدها. بالنسبة إليها، كان هذا أمراً معتاداً إلى حد ما.
قد تؤدي هذه التحديات التي يواجهها أعضاء الفريق، لا سيما الأفراد الذين يعيشون في مناطق بعيدة كثيراً أو في المناطق النائية، إلى شعورهم بأنه لا يتم الاستفادة منهم كما يجب، وأنهم لا يجارون باقي الموظفين، ولا يتم احترامهم، ويتم تجاهلهم، وأيضاً قد يؤدي إلى شعورهم بالوحدة. لا يمتلك عادة هؤلاء الأشخاص منفساً للتعبير عن هذه المشاعر أو علاجها. ويمكن لخيبات كهذه أن تؤذي أداء الفريق بأكمله.
كيفية بناء التعاون بين الفريق المختلف
ما الذي يمكنك فعله كقائد لفريق عابر للحدود من أجل إصلاح هذا الوضع؟ هذه بعض النصائح التي يمكنك اتباعها لمساعدة أعضاء الفريق العابر للحدود الأكثر بعداً أو الموجودين خارج محيط مقر العمل على الشعور بمزيد من بالارتباط والانخراط.
اقرأ أيضاً: كيف تدفع فريقك لخوض التجارب والمخاطر؟
قم بتحقيق التكافؤ بين الموظفين
تأكد من عدم تحمل شخص واحد من أعضاء الفريق (أو مجموعة من الأعضاء) معظم الأعباء المتعلقة باختلاف المسافة والوقت وتوافق عوامل عدة. على سبيل المثال، يمكنك تغيير موعد المكالمات الهاتفية الأسبوعية بشكل مستمر للتأكد من تحمل جميع أعضاء الفريق بالتساوي لعدم توافق الوقت بينهم. أو على الأقل، ابحث عن الوقت الأقل معاكسة حتى يشارك معظم أعضاء الفريق الذين يعانون من البعد في هذه المكالمة الأسبوعية. حتى المجاملات الصغيرة، مثل تدوين مواعيد جميع الاجتماعات وفقاً للمناطق الزمنية العديدة التي يعيش فيها أعضاء الفريق، قد تساعد كثيراً أعضاء فريقك البعيدين، والذين يعانون من أكبر قدر من عدم الملاءمة، على الشعور بأنه يتم ملاحظتهم.
ضع في اعتبارك فرصاً أخرى لتحقيق التكافؤ. على سبيل المثال، يمكنك جدولة اجتماعات دورية خارج موقع الشركة من أجل تقوية الارتباط والتعاون، وإذا كانت ميزانيتك تسمح بذلك، ابذل جهدك لتجعل هذه الاجتماعات تجري في مواقع مختلفة حول العالم. في هذه الاجتماعات، من المهم بوجه خاص أن تدمج بين خطوة تنفيذ الأعمال وخطوة جمع الموظفين معاً، وذلك من أجل أن تخلق فرص التواصل المباشر. قد يستحوذ الشعور بالوحدة على الموظفين البعيدين، وكأنه لا يوجد أي اتصال شخصي بينهم وبين الفريق، وأنّ الأشخاص الآخرين لا يعرفونهم كشخص بل كموظف يؤدي عمله. إنّ معرفة الصفات الشخصية للفرد هو أمر مهم جداً لبناء الروابط واكتشاف نقاط الاتصال والتشابه بين الفرد وباقي أعضاء الفريق. فقد يخفف بناء هذه الأواصر في اجتماعات خارج الموقع من شعور فريقك بأنهم منفصلون ومعزولون نفسياً بمجرد عودة الجميع إلى مواقعهم المعتادة.
اجعل تواصلك الافتراضي تواصلاً مهماً
قم بتفقد بعض الأحوال الشخصية لأعضاء الفريق وحثهم على مشاركتها فيما بينكم أثناء عمليات التواصل والمكالمات الجماعية، وذلك من أجل الحفاظ على التفاعل بين أعضاء فريقك الأكثر بعداً، واستخدم الاتصال من خلال الفيديو إذا أمكن. إذ يوفر اتصال الفيديو تجربة شخصية أغنى لأفراد الفريق، ويمكن أيضاً أن تصبح هذه التجربة طريقة رائعة لخلق جو من الترابط والزمالة، إذا اقترنت مع الاجتماعات الدورية خارج موقع العمل.
إضافة إلى ذلك، قم بخلق معايير وأساليب تزيد من فرص مشاركة كل عضو من أعضاء الفريق، خاصة إذا كانت لغة الموظف الذي يعيش بعيداً مختلفة عن لغتك الأصلية. أو إذا كان الموظف ينتمي إلى الثقافات التي تراعي آراء ورغبات الآخرين في عملية التواصل، أو الثقافات التي تقوم بالتواصل غير المباشر، حيث قد يكون مشاركة المخاوف مع الفريق أو أمام القائد أمراً غير مناسب. قد يتبع الفريق أيضاً فكرة الصراحة في تقديم التقييمات والتعليقات (سواء، على سبيل المثال، كانوا يفضلون التعليقات المباشرة أو غير المباشرة)، وفي تعبيرهم عن سبب تقدير هذا الفريق بالتحديد لهذا الأسلوب بالتحديد. تتجلّى الفكرة العامة هنا في تطوير مجموعة واضحة من المعايير المتفق عليها والتي تشد أواصر الفريق وتعزز التعاون الفعال بين جميع أعضاء الفريق.
اقرأ أيضاً: كيف تدفع فريقك لتحقيق ما وعدك به خلال الاجتماعات؟
اذهب في رحلة لمواقع أعضاء الفريق
بالطبع، يمكن للقادة أن يساعدوا أعضاء الفريق الأكثر بعداً على الشعور بأنه مرحب بهم وأنهم جزء من الفريق، وذلك من خلال زيارتهم. ببساطة، يمكن للجهد المبذول للقيام بذلك أن يرسل وحده رسالة قوية تعبّر عن أهميتهم بالنسبة لك وللفريق. إضافة إلى ذلك، عندما ترى ظروف العمل في موقع معين بشكل مباشر أو ترى كيف يبدو الأمر عند إجراء مكالمة جماعية الساعة 10 مساء، قد تدرك أنّ الهموم التي اعتبرت أنها بسيطة هي عبارة عن مشاكل منطقية عليك معالجتها. كما يمكنك من خلال زيارتهم أن تقوم بتقدير الجهد الذي يبذلونه وشكرهم على مساهماتهم بشكل مباشر.
قيّم نفسك
أخيراً، تحقق من الانحياز الثقافي الموجود في أعمالك القيادية. كيف تكون المشاركة "الجيدة" بحسب افتراضاتك؟ على سبيل المثال، كيف تتوقع من الأشخاص أن يقدموا تقييماتهم وتعليقاتهم؟ ما هو مستوى الحزم المناسب والمتوقع من قبل أعضاء فريقك؟ هل ترى أية علامات تشير إلى أنّ طريقتك قد تكون، (من دون قصد)، في مصلحة فريق معين، أو أنك ربما تستثني مجموعة معينة أو تقوم باستبعادها؟ هل يمكن أن يكون أعضاء فريقك قد تواصلوا معك، ولكنك لم تسمع أفكارهم لأنهم لم يوصلوها إليك بالطريقة التي اعتدت أن تسمعها؟ هذه مهمتك أنت، يجب عليك أن تكون شديد الحذر بشأن الطرق التي قد تؤثر فيها تحيّزاتك الثقافية بشكل سلبي على مهمتك القيادية وتقلل من فاعلية الفريق. يمكن للمدرب الموثوق أن يكون فعالاً في مساعدتك على فهم وجهات النظر الثقافية وتعزيز طرق إدارتك للفرق العالمية.
اقرأ أيضاً: كيف تحافظ على الروح المعنوية العالية للفريق عقب مغادرة أحد أفراده المفضلين؟
إنّ إدارة فريق يتألف من أشخاص يتوزعون في جميع أنحاء العالم ليس بأمر سهل. ولكن، إذا استثمرت الوقت والجهد في اتباع النصائح الملخصة هنا، فسوف تتمكن من تحفيز طاقة جميع أعضاء الفريق والتزامهم ووجهات نظرهم، ومن خلال القيام بذلك، سوف تدرك فوائد عولمة الفريق بشكل أفضل بسبب بناء التعاون بين الفريق المختلف.
اقرأ أيضاً: كيف تحل مشكلة الأداء المتواضع لفريقك؟