تفاصيل عن الطريقة التي تعاملت بها تويتر مع أزمة “كوفيد-19”

7 دقائق
الطريقة التي تعاملت بها تويتر مع أزمة "كوفيد-19"
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

أصدرت إدارة “تويتر” منذ ما يقرب من سبعة أشهر قراراً يُلزم موظفيها البالغ عددهم حوالي 5,000 موظف بالعمل عن بُعد. يعتبر هذا التغير المفاجئ بإقرار مبدأ العمل عن بُعد على نطاق واسع مسألة مألوفة الآن، لكن لا تزال عواقب هذا التحول، وما يعنيه بالنسبة لمستقبل العمل والعاملين وأماكن العمل، موضع شك كبير.

في هذا المقال سوف نتحدث عن الطريقة التي تعاملت بها تويتر مع أزمة “كوفيد-19” وكيف أنها استثمرت في أسلوب العمل عن بعد لتحقيق النجاح.

أجريت مكالمة هاتفية في أواخر شهر يوليو/تموز مع جينيفر كريستي، الرئيسة التنفيذية لقسم الموارد البشرية في “تويتر”، تحدثت خلالها عن ملابسات قيادة الموظفين (الذين تطلق عليهم كريستي وآخرون في “تويتر” على سبيل الدعابة “المغردين”) خلال هذا التحول السريع. تحدثت معي كريستي عن تحديات العمل من المنزل وأبرز ملامحه غير المتوقعة، وكيف تدعم الشركة قوة العمل التابعة لها عن بُعد، والتغييرات التي تتوقع أن تستمر لفترة طويلة بعد انتهاء الجائحة.

الطريقة التي تعاملت بها تويتر مع أزمة “كوفيد-19”

شهدنا ربيعاً وصيفاً تاريخيين بكل ما للكلمة من معنى، وقد قلت إن “تويتر” لن تعود أبداً كما كان من قبل، فماذا تعنين بذلك؟

يطبق الموظفون قواعد روتينية جديدة، وهذا ليس شيئاً يحدث لمدة أسبوع أو أسبوعين وانتهى الأمر، أليس كذلك؟ لقد بدأ الموظفون يفهمون حقاً حدود قدراتهم وإمكانية نجاحها في العمل عن بعد، وبات المدراء يشعرون براحة أكبر في إدارة موظفيهم الذين يعملون على بُعد مسافات منهم، لذا، عندما نخرج بسلام من هذه الأزمة، فسيكون “الوضع الجديد” أياً كان شكله مختلفاً تماماً عن الوضع السابق. لا تنسحب هذه القاعدة على “تويتر” وحدها بطبيعة الحال، بل تنطبق على الجميع.

كيف كان هذا الانتقال إلى العمل عن بُعد بالنسبة لك كرئيسة تنفيذية للموارد البشرية في “تويتر”؟ هل تفكرين في منصبك ومسؤولياتك بطريقة جديدة؟

غدت الموارد البشرية أكثر امتزاجاً بالحياة الشخصية لموظفينا مقارنة بأي وقت مضى، ومن واجبنا أن ندعمهم على كل المستويات: الجسدية والعاطفية والعقلية. ونقيم حالياً “معسكراً” افتراضياً هذا الصيف لأولياء الأمور العاملين في “تويتر” لمساعدتهم على منح أطفالهم عدداً من الخيارات للبقاء على تواصل معهم.. أشياء ربما لم نفكر فيها من قبل فيما يتعلق بكيفية إسهامنا في حياة موظفينا. إنه مستوى جديد تماماً من الارتباط والمسؤولية.

لا أعتقد أن المرء سيتراجع عن هذا التوجه بعد خروجه من هذه الأزمة. إننا الآن بصدد استكشاف طرق يمكننا من خلالها تقديم المزيد من الدعم الشامل لحياة موظفينا على المستويين الشخصي والمهني.

كيف جرت استعدادات “تويتر” التي أفضت إلى قرار العمل عن بُعد في مارس/آذار؟

كنا نستعد للعمل عن بعد منذ عامين تقريباً، ولكننا لم نتوقع وقوع جائحة عالمية كهذه. كنا نستعد من أجل تحقيق مزيد من المرونة، لكننا أدركنا أن العمل من المنزل يمثل اتجاهاً متنامياً في السوق. وطلبات الموظفين لا تتوقف: فهم يريدون العمل في شركة ذات غرض محدد، يريدون شركة تعاملهم جيداً، ويريدون مكاناً يتمتعون فيه بالمرونة حتى لا يضطروا إلى إجراء العديد من المفاضلات الشخصية للحصول على هذا النوع من الوظائف التي يريدون الحصول عليها.

ما أكبر التغييرات المؤسسية التي تعيّن عليكم إجراؤها استجابة لتفشي جائحة “كوفيد-19″؟

عندك أولاً عملية التعيين المعتمدة لدينا والتي كانت تقوم بصورة كبيرة على إجراء المقابلات الشخصية في مقار العمل الرسمية قبل تفشي جائحة “كوفيد-19”. كنا نطلب من المرشحين الحضور إلينا بالطائرة لإجراء سلسلة من المقابلات الشخصية، ويرجع ذلك جزئياً إلى أننا شركة تركز بشدة على الأشخاص وتمثل مقار العمل الرسمية بيئات اجتماعية للغاية. واستلزم التحول إلى التعيين الافتراضي بالكامل الكثير من العمل فيما يتعلق بالتأكد من جاهزية مدراء التعيين وفرق التوظيف لدينا لهذا التحول الجذري. الأهم من ذلك كله أنه كان علينا التأكد من جودة تجربة المرشحين: من حيث مشاركة مقاطع الفيديو الخاصة بالمكاتب والتأكد من شعورهم بدرجة الانخراط نفسها التي كانوا ليشعروا بها لو أُجريت المقابلة في مقر العمل الرسمي وتلقي هدية والترحيب بهم عبر الإنترنت ومنحهم الدعم الفني إذا لزم الأمر والشعور بأنهم محط اهتمام حقيقي.

أما ثاني أهم المجالات التي تعرضت للتغيير فهي عملية إعداد الموظفين الجدد. فقد اعتدنا أن نأتي بالموظفين إلى سان فرانسيسكو في الولايات المتحدة الأميركية لمدة أسبوع للتعرف على “تويتر”.. ثقافتنا وآلية العمل المتبعة لدينا وما يعنيه أن تكون “مغرداً” وأن تكون جزءاً من “تويتر”. كانت لدينا مجموعة من الأشخاص كانوا في طريقهم إلى سان فرانسيسكو للخضوع لعملية إعداد الموظفين الجدد التي اضطررنا لإيقافها في نهاية شهر فبراير/شباط وسرعان ما توصلنا إلى حلول لتوفير تجربة أردناها أن تكون تجربة رائعة لإعداد الموظفين الجدد عن بُعد.

بالنظر إلى مدى أهمية التجربة داخل مقر العمل في ثقافة “تويتر”، كيف أثر العمل عن بُعد على هذه الثقافة؟ ما الذي افتقدتموه وما الذي اكتسبتموه في هذا الانتقال؟

سأعطيك مثالاً على شيء سار على أحسن ما يرام. كنا قد دأبنا على عقد اجتماعات “#فريق_واحد” (#OneTeam) شهرياً بحضور ممثلين من كل أفرع الشركة، وكنا قلقين بشأن عقد هذه الاجتماعات بشكل افتراضي. كانت هذه الاجتماعات تعقد في السابق في سان فرانسيسكو أو في أي من مواقع العمل الرسمية الأخرى ويتم بثها إلى مقار العمل الأخرى.

ولكن اتضح لنا أن اجتماعات “#فريق_واحد” الافتراضية بالكامل أكثر جاذبية لدرجة أنني لا أعتقد أننا سنعود إلى تلك الاجتماعات بصورتها التقليدية عندما ينتهي كل هذا. تعمل قنوات “سلاك” لدينا طوال الوقت، لذلك يقوم المشاركون بإبداء التعليقات وطرح الأسئلة في الوقت الفعلي، وهو ما يزيد من مستوى تحمّل المسؤولية والشفافية من قِبَل مقدمي العروض. ولأن الجميع بعيدون، فإن كل شخص لديه التجربة نفسها بالضبط. بهذه الطريقة صارت التجربة أكثر تعبيراً عن الأبعاد الشخصية وأكثر قدرة على التقريب بين الجميع، فلم نعد نعاني هذا الإحساس بالفارق بين “المقربين” و”المنبوذين” عند رؤية أشخاص في الغرفة وآخرين غير موجودين فيها.

ونعتقد أن بعض هذه التغييرات ستستمر. نحن نتحدث عن تحفيز الجميع على المشاركة حتى في الاجتماعات الصغيرة على أجهزة الكمبيوتر الخاصة بهم، حتى لو كانوا جالسين في مقر العمل.

ماذا عن التحديات الماثلة أمامكم؟

حسناً، هناك الإنهاك الشديد، فقد أجرينا الكثير من الاستقصاءات لموظفينا، وآخر خُصِّص للآباء والأمهات العاملين. ولكم أحزننا سماع أن الموظفين يجدون صعوبة حقيقية في تحديد جداول مواعيدهم، لذلك كنا نراقب هذه المسألة، وبدأنا نلاحظ أشياء مثل ضغط الاجتماعات، فما كان في السابق محادثة سريعة في الردهة بات الآن اجتماعاً مدته 30 دقيقة، وأصبح الموظفون مثقلين بالكثير من الضغوط.

عملنا من هذا المنطلق على تحديث المبادئ التوجيهية لاجتماعاتنا: إذا كنت ستستضيف اجتماعاً، فيجب أن يكون لديك جدول أعمال محدد، كما شجعنا الموظفين على الدعوة لعقد اجتماعات عبر الهاتف، وشجعنا إبرام اتفاقيات على مستوى الفرق تنص على مشاركة الأعضاء في حال اتصالهم بالإنترنت وفي وضع عدم الاتصال (بالإنترنت). ووجد الموظفون أن مشاركة هذه المعلومات ساعدت على تخفيف بعض الضغط المتولد عن ضرورة وجودهم على الإنترنت بصورة دائمة.

بالحديث عن الأعباء الزائدة على الحد، كيف تدعمون الفرق التي تتعامل مع سيل الأخبار التي تتوالى دون توقف في الوقت الحالي؟

لهذا السبب طرحنا أداة جديدة هذا العام استجابة لجائحة “كوفيد-19” وأسميناها “تبادل المغردين” (Tweep Exchange)، حيث يمكن للفرق المثقلة بالأعباء أن تتحد مع الفرق التي لديها بعض الطاقة أو القدرة العقلية اللازمة للتعامل مع الموقف، كما عمل المدراء على تكثيف برامج التدريب السريع، ووضعنا آلية لتعبير الموظفين عن اعتراضهم وتدريبهم على نوع آخر من العمل خلال فترة زمنية محددة حتى يتمكنوا من المساعدة في التعامل مع شلالات الأخبار ودعم مجالات العمل الأخرى.

يعمل لدى “تويتر” أكثر من 5,000 موظف في جميع أنحاء العالم. فكيف تقدمون الدعم للموظفين على مستوى صحتهم الجسدية والعقلية؟

لدينا أخصائية نفسية إكلينيكية تدير برنامج الرفاهة العالمي، وتحرص على توفير الشركة لساعات عمل والعديد من الفرص للتفاعل مع الموظفين. وتقدم مزايانا الصحية عدة جلسات استشارية لجميع موظفينا، ونحرص على تعريفهم بهذا المورد.

وبالنسبة للآباء والأمهات العاملين في “تويتر”، فلدينا “مجموعة موارد الأعمال للآباء والأمهات العاملين في تويتر” (TwitterParents Business Resource Group) والتي تلعب دوراً رائعاً في الإبلاغ عن المشكلات القائمة في شركاتنا. وقد أجرينا استقصاء معهم وعقدنا بعض جلسات الاستماع لفهم بعض التحديات التي يواجهها الموظفون، خاصة أن المدارس بدأت تغلق أبوابها وطلب من أطفالهم مواصلة الدراسة من المنزل. لذلك قدمنا المزيد من المزايا حول دعم الرعاية النهارية وساعات العمل المرنة، وعملنا مع المدراء للتأكد من امتلاكهم أكبر قدر ممكن من المرونة مع الآباء والأمهات العاملين.

هل قمت بإدخال تعديلات على عمليات تقييم الأداء؟

أجل. فقد أوقفنا تقييمات الأداء هذا العام تعبيراً عن حرصنا على إعطاء موظفينا الأولوية لصحتهم ورفاهتهم وتقديمهما على كل ما عداهما، بقدر حرصنا على عملهم بجد وعلى الرغم من شعورهم بالتوتر.

شهد هذا الصيف أيضاً لحظة تاريخية من الاحتجاجات والحراك حول العدالة العرقية في الولايات المتحدة. فكيف تعاملتم مع هذا الموقف؟

استطعنا في النهاية استغلال هذه اللحظة كفرصة للتأكد من حصولنا على الطاقة والسرعة المناسبتين لكل الأعمال الجاري تنفيذها فعلياً. وعقدنا اجتماعاً شاملاً لإطلاع العاملين على التطورات ركزنا فيه على الشمول والتنوع للحديث عن كافة الأعمال التي نضطلع بتنفيذها حالياً والأعمال المدرجة على خارطة الطريق الخاصة بنا، بحيث يتعرف الموظفون بوضوح على المواضع التي قد نعاني فيها ثغرات وخططنا لسد تلك الثغرات.

عقدنا أيضاً عدة جلسات استماع مع كافة “المغردين” للاستماع إلى تجاربهم والتأكد من فهمنا التام لتجاربهم المتعددة. وأجرينا استقصاء للمساعدة على التوصل إلى فهم أفضل: هل يشعر موظفونا بأنهم جزء من المنظومة العامة؟ هل لدينا ثغرات، وأين تكمن؟ ستكون هذه رحلة مستمرة، ولن نشعر أبداً بأننا قد أنجزنا كل ما نريد تحقيقه.

أشرتِ إلى المدراء عدة مرات. فكيف تنظرين إلى دور المدراء، وما الموارد التي قدمتموها لهم؟

كان أحد أهم الدروس التي تعلمناها هو مدى أهمية مدراء الخطوط الأمامية لنجاح أي تحول رئيسي من أي نوع. لا تقتصر المسألة على قدرتهم على إدارة الموظفين عن بُعد فحسب، بل تتعداها إلى قدرتهم على استشعار أي من المشكلات التي تعترض طريق موظفيهم. فهم يمثلون خط الدفاع الأول لمساعدتنا على فهم ما يحدث وما هو مطلوب.

ومن هذا المنطلق أجرينا تدريباً موجهاً بدرجة كبيرة وأتحنا لمدرائنا بعض الموارد الإلكترونية حول إدارة الفرق التي تعمل من مناطق مختلفة، وأيضاً حول كيفية المشاركة والاستفادة من كافة الموارد والمزايا التي توفرها “تويتر”، وكيفية التفكير في جداول مواعيدهم المرنة لفرقهم، وكيفية إجراء لقاءات المراجعة الشهرية للتأكد من إدارتهم لأعباء العمل بالصورة المناسبة مع موظفيهم.

ما مستقبل الحيز المكتبي في “تويتر”؟

نعكف حالياً على دراسة أفضل الأساليب لإعادة تصميم حيز العمل الخاص بنا، ليس فقط لأغراض التباعد الاجتماعي، ولكن أيضاً من أجل تهيئتها لاستخدامها من قبل موظفينا بطرق جديدة ومختلفة.

وقد أتحنا أمام موظفينا خيار البقاء “بعيداً إلى الأبد”، إن جاز التعبير، قبل تفشي الجائحة. ويقتصر دورنا في هذه الآونة على التأكد من فهمهم التام أن بإمكانهم اختيار هذه الميزة على الدوام. وقد لاحظنا من واقع الدراسات الاستقصائية التي أجريناها والمعلومات التي حصلنا عليها من موظفينا رغبتهم المتزايدة في العمل عن بُعد بدوام كامل. وهكذا ستعتمد البنية الهيكلية لمقر العمل في النهاية على النسبة المئوية للموظفين الراغبين في العودة فعلاً والنسبة المئوية للموظفين الذين يفضلون المزج بين العمل من المنزل والعمل من المقر الرسمي للشركة. لكنها ستتغير جذرياً بكل تأكيد. ويجدر بنا أن نفترض أن المجموعة الأكبر من “المغردين” لن تعود إلى مقر العمل بدوام كامل بمجرد إعادة فتحه.

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .