أسفرت أزمة "كوفيد-19" عن تعرض مدراء الإدارة الوسطى لضغوط رهيبة، فقد بات عليك قبول الأمر الواقع بخفض الأجور وتسريح الموظفين ونقل الأخبار السيئة إلى رؤسائك ومرؤوسيك في الشركة، كما أنك تعمل من المنزل منذ أسابيع وتشعر بالتوتر لأنك لا ترى ضوءاً في نهاية النفق، فما الذي يمكنك فعله للحفاظ على تركيزك وتفاؤلك خلال هذه الحقبة المشوبة بالغموض؟ كيف تتعلم إعادة صياغة الموقف الذي تواجهه؟ من الشخص الذي يمكن أن تلجأ إليه خلال هذه الأزمة لتبثه همومك وأحزانك؟ وما الذي يمكنك فعله لتجديد حيويتك ونشاطك في وقت سُدت فيه معظم المنافذ المعتادة؟
ماذا يقول الخبراء؟
يقول جاكوب هيرش، الأستاذ المساعد في "جامعة تورنتو"، إن الأوضاع الصحية الطارئة التي نمر بها حالياً تؤثر سلباً على نفسية المدراء، حيث يؤكد قائلاً: "إنها فترة ملبدة بسُحُب الغموض الكثيفة، ولم تعد متأكداً كمدير مما يفترض بك فعله وكيف يفترض بك فعله". يقول ريتش فيرنانديز، الرئيس التنفيذي "لمعهد ابحث داخل ذاتك للقيادة" (Search Inside Yourself Leadership Institute) وهو منظمة غير ربحية تقدم برامج اليقظة الذهنية والذكاء العاطفي، إن اجتياز الأزمة الحالية بنجاح يكمن في قدرتك على إدارة تلك المشاعر، إذ تعتمد جودة قيادتك في مثل هذه الفترات على "تصوراتك الإدراكية للضغوط ومدى قدرتك على التكيف مع الشدائد والتغلب عليها". وفيما يلي بعض التوصيات لكيفية تعامل المدراء مع هذا الموقف حالياً.
اختر التعاطف الذاتي
وفقاً لفرنانديز فإن أهم قرار قيادي يمكنك اتخاذه في أثناء الأزمات هو اختيار التعاطف الذاتي، ولكنه يحذر قائلاً: "هذا لا يعني المبالغة في التهاون مع نفسك أو اختلاق الأعذار أو ادعاء الرضا عن أفعالك وسلوكياتك دون وجه حق"، بل يعني "التعامل مع نفسك" بطريقة أكثر لطفاً وتعاطفاً، اسأل نفسك: "لو لجأت إلى أحد أصدقائي القدامى أو موجه يتمنى لي كل الخير، فكيف سيطمئنني ويدعمني؟" ويضيف أن هذا النهج التعاطفي "ينمي عقلية اللطف وحسن النية تجاه كل سلوكياتك". إذ يوجّه معظم المدراء نقداً لاذعاً لأنفسهم على كل خطأ بسيط يرتكبونه وكل "قرار دون المستوى الأمثل" يتخذونه، لكن التنمر الذاتي يضر بصحتك العقلية والنفسية، ولا يفيد المحيطين بك أيضاً، وهو ما عبر عنه بقوله: "من الصعب المضي قدماً عندما تجلد نفسك".
فكر في الغرض المطلوب تحقيقه
يقول هيرش إن مرض "كوفيد-19" مؤلم للغاية على المستوى الشخصي، وأحد أسباب ذلك هو أن "غرضنا في الحياة مرتبط بالمستقبل"، ولكن المستقبل مشوب بالغموض في الوقت الحاضر، ربما كنت تخطط لطلب ترقية لبعض أعضاء فريقك أو ربما كنت تستعد لبدء مشروع جديد وجريء أو حتى محاولة تغيير مسارك المهني، "ومع تبدد آمالك في تنفيذ هذه الخطط من السهل أن يضيع الإحساس بهويتك وتفقد بوصلة مستقبلك المهني، فتشعر حينها أنك تائه" على حد وصف هيرش، ولاستجماع أفكارك ينصح "بالتفكير في قيمك" و"التركيز على الجوانب المهمة بحق في حياتك العملية والشخصية"، فخصص وقتاً للتفكير "فيما يثير فيك الحماس ويلهمك"، واسأل نفسك: "ما الذي يهمني بحق؟ ما الذي يستحق أن أفرض عليه حمايتي؟ ما الذي يستحق التمسك به؟" ثم يجب أن تعمل بكل همة ونشاط من أجل "الحفاظ على توهج إحساسك بالغرض". قد تضطر إلى الإقلاع مؤقتاً عن السعي وراء تحقيق أهدافك وأهداف فريقك، "لكن حاول ألا تغفل عن الصورة الكبيرة"، وذكّر نفسك بدلاً من ذلك "بالأسباب التي تدعوك أنت وفريقك إلى محاولة تحقيق هذا الهدف في المقام الأول" ثم فكر في كيفية إعادة التكيف مع ظروفك الحالية.
أعد صياغة الموقف
إذا نظرت إلى التحديات التي يطرحها "كوفيد-19" من خلال عدسة "الإحباط والقلق، فستكون هذه تجربة صعبة بالنسبة لك" على حد قول هيرش، ولكن إذا حاولت رؤيتها باعتبارها "فرصة أو نوعاً من التحدي الإبداعي المبتكر"، فسوف ترتقي إلى مستوى الحدث على الأرجح، لنفترض، على سبيل المثال، أنك تعتز بقيمة التوجيه وتوطيد العلاقات مع الأشخاص الذين تعمل معهم، قد توسوس لك روح التشاؤم بأنك لا تستطيع رؤية زملائك وجهاً لوجه بسبب التباعد الاجتماعي، ولكن يجب أن تنصت إلى روح التفاؤل التي "تفكر بشكل ملموس" في الطرق الجديدة للتفاعل مع موظفيك. يقول هيرش: "هناك حاجة أكبر إلى التوجيه لأن الناس في أمس الحاجة إلى من يرشدهم في هذه الظروف، وقد ازداد الطلب كثيراً، فكيف يمكنك إذاً توسيع نطاق انتشارك ومعالجة زيادة الاحتياجات؟"، حيث يتمثل هدفك في رؤية "المشهد" من زاوية مختلفة بعينين جديدتين ومتفائلتين.
أرغم نفسك على التفكير بشكل إيجابي
يقول فرنانديز: "من الصعب امتلاك عقلية متفائلة" خلال جائحة عالمية، لكن هذه إحدى أهم الفترات في حياتك المهنية والشخصية التي يجب أن ترغم نفسك فيها على التفكير بشكل إيجابي"، فكر في "كيفية شرح التحدي الحالي لنفسك"، هل تنظر إلى فيروس كورونا كخطر دائم وواسع الانتشار؟ أم أنك ترى أن هذه الظروف الصعبة مؤقتة ولن تلبث أن تنتهي؟ هل تعتبرها محنة شخصية؟ أم تدرك أن الجميع في القارب نفسه؟ إذا كنت في المعسكر الذي يعتبر الأمر كارثة محققة، فتوخّ أقصى درجات الحذر "لئلا تقع في جحر الأرانب المفعم بالسلبية" على حد وصفه، "إذ تنتقل إليك العدوى العاطفية عندما تفكر في هذا المكان وتتواصل من خلاله" وسيعاني فريقك على الأرجح نتيجة لذلك، ولمحاربة الميول التشاؤمية، يُنصَح بأخذ "استراحات بينية" من العمل والأخبار. يقول فرنانديز: "جد طرقاً لتجديد نشاطك وحيويتك، استنشق إن استطعت بعض الهواء النقي وتنزه في جو مفتوح"، تناول الغداء مع شريك حياتك أو خذ استراحة افتراضية لاحتساء القهوة مع صديق. يقول هيرش ابذل كل ما بوسعك "لإيجاد بصيص من الأمل والتعرف على الاحتمالات القائمة".
ابحث عن شعور بالإنجاز
تتعامل أنت وفريقك مع "الإحباط الناشئ عن التحديات المستعصية على الحل في يوم أو أسبوع أو حتى شهر" على حد قول هيرش، وللتعامل مع هذه المعضلة ينصح بالبحث عن "مهمات محدودة ومضمونة" تستطيع أنت وموظفوك إنجازها بشكل معقول خلال يوم واحد أو أسبوع على الأكثر، "فالتركيز على الانتصارات الصغيرة التي تحققها أنت وفريقك يسهم في توفير أسس يمكن البناء عليها وبوصلة للاسترشاد بها" وتعزيز تقدير الذات الذي نحتاج إليه بشدة، ابحث أيضاً عن منافذ خارج إطار وظيفتك تتيح "الإحساس بالإنجاز والجدارة"، وإذا كانت لديك فسحة من الوقت وكنت تمتلك الدافع، ففكر في اكتساب مهارة جديدة كدراسة لغة أجنبية، على سبيل المثال، أو تعلم البرمجة، فحينما تشعر بانحراف المزاج وينمو لديك الإحساس "بالحاجة إلى الإتقان دون تلبيتها"، فمن المفيد أن تخصص جانباً من حياتك تشعر فيه "بالثقة بالنفس والتمكن" وبأنك "تتحسن" في شيء ما.
تقبل طبيعتك البشرية
يجب على مدراء الخطوط الأمامية تحقيق التوازن بين هويتين متناقضتين حتى في أوقات الرخاء الاقتصادي، وهو ما يقول عنه هيرش: "أنت تريد من جهة أن تكون نموذجاً يحتذى به للقوة والثقة ورباطة الجأش"، ولكن من جهة أخرى لا بد "أن تكون إنساناً"، وإذا أبديت انفتاحك بشأن "التحديات التي تواجهها"، فسيقدر موظفوك صراحتك وسيشعرون بواجب "التضامن" معك على حد قول هيرش، قد يقولون لأنفسهم: "قائدي يشبهني كثيراً، وهو قادر على الاستمرار"، ويتفق فرنانديز مع هذا الرأي لكنه يقدم تحذيراً مهماً، إذ يقول: "كل مدير لديه مكبر صوت: وكل شيء تقوله يتعرض للتضخيم"، لذا ينصح المدراء بالتحدث بصدق عن مخاوفهم، ولكن مع "الإفصاح أيضاً عن جهودهم المبذولة للنهوض من جديد" حتى لا يوجهوا مرؤوسيهم نحو المشاعر السلبية دون قصد، فيجدر بك التواصل مع الفريق بلغة تشجّع أعضاءه على "التحلي بروح المرونة والقدرة على التحمل إن لم يكن التفاؤل التام" على حد وصف فرنانديز الذي أضاف: "كل هذا من صميم وظيفتك".
ابحث عن الدعم الخارجي
يجب بالطبع ألا تختص أعضاء فريقك وحدهم بكل مخاوفك الشخصية. يقول فرنانديز: "يجب أن تبحث أكثر من أي وقت مضى عن سبل أخرى للتواصل مع محيطك الاجتماعي لمساعدتك على التأقلم مع الأوضاع القائمة"، وينصح بالتواصل مع شخص محل ثقة من الأسرة أو صديق أو موجه أو زميل، وحبذا لو كان يعمل في مؤسسة مختلفة. يقول فرنانديز: "اتصل بصديقك من أيام الجامعة"، فهذا أنسب وقت للتواصل مع الأصدقاء لأن معظم الناس قابعون في المنازل ويحاولون التأقلم مع الوضع مثلك تماماً، يوافقه هيرش الرأي، إذ يقول: "الكل يحتاج إلى من يستمع إلى معاناته"، ولست مضطراً إلى خوض هذه التجربة القاسية وحدك، فإذا كبتّ مشاعرك وحاولت القيام بالعمل كالمعتاد، فإن "مشاكلك ستظل ملازمة لك" على حد قوله. أما إذا استعنت بشخص من خارج دائرتك المألوفة فيمكن أن تساعدك تصوراته ورؤاه "على حلها".
اعتن بنفسك جيداً
يقول هيرش: "من السهل أن تترك صحتك تتداعى" عندما يكون العمل شاقاً، لذا يجب أن تحرص على تخصيص الوقت لممارسة الرياضة والتأمل بالإضافة إلى الحصول على قسط كافٍ من النوم وتناول طعام صحي، "فهي توفر الحماية من الإنهاك الشديد وتحدث فرقاً في كيفية استجابة جسمك وذهنك للتوتر"، وإياك واعتبار الاهتمام بصحتك البدنية والعاطفية نوعاً من "الأنانية أو الترف"، بل هو مسألة حياة أو موت، فالهوايات ووسائل الإلهاء تساعدك في مثل هذه الأوقات على الاسترخاء والانتعاش. يقول فرنانديز: كن مبدعاً، "اسأل نفسك: ما هي الخيارات المتاحة أمامي الآن؟" انفض الغبار عن الآلة الموسيقية القابعة في خزانتك أو تحدّ نفسك لطهي وجبة شهية أو ارسم خطة لتنفيذ مشروعك الذي تعتزم تنفيذه على طريقة "افعلها بنفسك" أو اقرأ كتاباً شائقاً. ويردف: "انغمس في شيء ما" حتى تتمكن من "إيقاف عجلة عقلك من الدوران".
مبادئ يجب ألا تغيب عن بالك
ما يجب عليك فعله:
- فكر في الأشياء المهمة في حياتك العملية والشخصية، وخصّص بعض الوقت لتأمل الأشياء التي تحفزك وتلهمك.
- غيّر عقليتك والطريقة التي تتبعها أنت وفريقك في تحقيق أهدافك. قد تكون بعض النوافذ موصدة، ولكن البعض الآخر لا يزال مفتوحاً.
- اقضِ بعض الوقت في المهمات التي تمنحك شعوراً بالإتقان والإنجاز، فأنت تحتاج إلى هذا الشعور بالثقة والقدرة والتحكم في حياتك.
احذر أن:
- تحمّل نفسك ما لا تطيق. عامل نفسك باللطف والتعاطف اللذين تعامل بهما أصدقاءك المقربين.
- تخجل من انكشاف ضعفك البشري. كن منفتحاً مع فريقك حول كيفية تصديك للتحديات التي تواجهها شخصياً.
- تهمل رفاهيتك البدنية والعاطفية. ضع العناية بالذات على رأس أولوياتك وابحث عن طرق لتخفيف الضغط وتجديد نشاطك وحيويتك.
نصائح من واقع الممارسات العملية
دراسة حالة رقم 1: حاول أن تنظر إلى الموقف من زاوية جديدة، وجد طرقاً جديدة للشعور بالإنتاجية
يعمل جاي غادي مديراً هندسياً في شركة "سوب بوكس" (SoapBox) المتخصصة في برمجيات الإدارة ومقرها تورنتو، يعترف جاي بأن هذه الفترة كانت "فترة صعبة" على فريقه وشركته.
فقد عمدت الشركة إلى تسريح نصف موظفيها خلال الأسبوع الأول من الحجر الصحي، وهكذا تلقت المعنويات ضربة قاتلة، وهو ما أعرب عنه جاي قائلاً: "لقد فقدنا بعض الزملاء الممتازين، وخيم الشعور بالتوتر على الجميع".
يتذكر أنه كان يسأل نفسه طوال الوقت: "كيف لي أن أتأكد من أن كل فرد في فريقي على خير ما يرام، بينما أعتني بنفسي أيضاً؟"
لكن جاي مصمم على محاولة التفكير في الوضع بشكل إيجابي قدر الإمكان، حيث يؤكد: "نحن في أزمة وهي أزمة صعبة بمعنى الكلمة، لكني أريد التفكير في الأمر بشكل مختلف: ربما تكون هذه أكبر فرصة سأحظى بها في حياتي المهنية لتحقيق النمو، فإذا تمكنت من التعامل مع هذه الأزمة وأخذت بيد فريقي لتجاوز هذه العاصفة، فسنخرج منها جميعاً بسلام [وأفضل حالاً]".
تحقيقاً لهذه الغاية، يستغل جاي هذا الوقت لإنجاز المهمات المهنية التي لطالما أجلها في السابق، ومن ذلك أنه يعكف حالياً على تعلم لغة برمجة جديدة، كما يركز أيضاً على سبل التعامل مع أعضاء فريقه وأساليب تحفيزهم، فعمل على زيادة اجتماعاته الفردية مع مرؤوسيه المباشرين ويبذل جهوداً كبيرة للتواصل معهم بصورة تعكس البعد الشخصي بدرجة أكبر، وهو ما علق عليه قائلاً: "هذه الأزمة مثيرة للقلق وأريد أن أبدي روح التعاطف، فأسأل أعضاء فريقي باستمرار: كيف حالكم؟ ولا أخجل من إظهار ضعفي البشري من خلال التحدث عن معاناتي أنا أيضاً".
يدير جاي جلسة تأمل افتراضية لأعضاء فريقه في الساعة الواحدة ظهراً خلال أيام العمل الرسمية، هذه الجلسة ليست إلزامية لكنه يقول إن الكثير من الموظفين يستمتعون بها، ويوضح طريقة إجرائها قائلاً: "أفتح الدردشة الجماعية بعد الغداء ونمارس التأمل عبر تطبيق "هيدسبيس" (Headspace) لتخفيف حدة التوتر".
كما يكرس قدراً أكبر من الوقت لتوجيه مطوري البرمجيات الشباب خارج دائرة عمله المباشرة، فبناء العلاقات مع الآخرين شيء يستمتع به ويشعره بالسعادة، وهو ما أكده بقوله: "أحب مساعدة الناس وإبداء الرأي، ولعل هذا أحد الأسباب التي دفعتني إلى الالتحاق بالعمل الإداري".
تمر الأيام صعبة وطويلة، لكن جاي يحاول النظر إلى الأمور نظرة بعيدة المدى، وهي الفكرة التي أوضحها بقوله: "لن يستمر هذا [الوباء] إلى الأبد، ولكنني [سأتذكر] الدروس التي سأتعلمها منه إلى الأبد".
دراسة حالة رقم 2: إتاحة إمكانية تحقيق انتصارات صغيرة والاحتفاء بها
تعمل دانييل منكنز منتِجة تنفيذية في شركة "ريدي ست روكت" (Ready Set Rocket) المتخصصة في التسويق والإعلان ومقرها نيويورك، ترى منكنز أن الإدارة في أجواء مشوبة بالغموض نتيجة تفشي مرض "كوفيد-19" أشبه بالمشي على الحبل،
وهو ما أعربت عنه بقولها: "يجب أن أحقق التوازن الصحيح، وأستعد حالياً لأسوأ السيناريوهات، لكنني أحاول أيضاً غرس روح التفاؤل في أعضاء فريقي، ولأنهم يعملون عن بُعد، فإنني أحاول أيضاً أن أضفي مزيداً من النظام على ظروف عملهم اليومي، [دون أن أشعرهم] بأنني أتدخل في أدق التفاصيل أو أمارس الإدارة التفصيلية".
وبما أنه من المستبعد الفوز بصفقات تجارية جديدة في الأسابيع والأشهر المقبلة، فإنها تحرص كل الحرص على تشجيع أفراد فريقها على "مواصلة أداء العمل" الذي بين أيديهم والشعور في الوقت نفسه أيضاً بالتفاؤل تجاه المستقبل.
على سبيل المثال، يعكف فريقها حالياً على تنفيذ خطة متعددة المراحل لمشروع تطوير المواقع الإلكترونية، واستطاعت دانييل بمعاونة فريقها تقسيم المشروع إلى مهمات صغيرة، وهو ما علقت عليه قائلة: "إنه يمنحنا الشعور بأننا نقطع أشواطاً كبيرة. يحتاج الموظفون أحياناً إلى مساحة للتعامل مع المشاريع بحرية أكبر، ولكن تطبيق هذا النظام في هذه الفترة يفيدنا كثيراً".
كما أنها تحرص أيضاً على "الاحتفاء بالانتصارات الصغيرة" أكثر مما تفعل في العادة وتستخدم برنامج "سلاك" للإشادة بالأداء الجيد للموظفين ونجاحاتهم على المستوى الفردي، وقد أنهى في الآونة الأخيرة، على سبيل المثال، اثنان من المصممين خططهما لموقع إلكتروني جديد.
تقول دانييل: "لقد انكبوا على المشروع لشهرين كاملين حتى الآن، وأردت التأكد من أنهم على علم بتقديري لمجهودهم الشاق، إذ كنت أراهم عادة في المكتب وأخبرهم بذلك، ولكن نظراً لأن هذا بات غير ممكن في الوقت الحالي، فإنني ألجأ الآن إلى الوسائل الافتراضية للتعبير عن تقديري".
كما أمضت دانييل الأسابيع القليلة الماضية في التفكير في أهدافها وقيمها المهنية، حيث تقول دانييل إن أفضل جوانب وظيفتها قبل ظهور مرض "كوفيد-19" تمثلت في تفاعلها الفردي مع فئات متنوعة من الأشخاص في الشركة. "لقد عملت مع أعضاء الفريق الإبداعي وفريق التخطيط الاستراتيجي وفريق الإدارة، وتعرّفت على المهارات المميزة لكلّ منهم، وتعلمت الكثير".
ووضعت على رأس أولوياتها الحفاظ على هذه العلاقات الوثيقة وإيجاد طرق جديدة للتواصل مع زملائها بخلاف "ساعات السعادة" الافتراضية الأسبوعية وأيام الأزياء المخصصة للعاملين بالشركة والتي تقام كل جمعة، وهو ما أوضحته دانييل قائلة: "أتواصل مع الموظفين قدر الإمكان وأسألهم عن أي شيء لا علاقة له بالعمل".
تحاول دانييل على المستوى الشخصي الرجوع إلى روتينها القديم، فقد التحقت بدورة لتعلم الخياطة قبل اندلاع الأزمة الصحية، وخصصت وقتًا كل أسبوع للتدرب، واستطاعت حتى الآن صنع تنانير جديدة وبعض الحقائب والكمامات القماشية. تقول دانييل: "كان من المفيد أن أمارس هواية جديدة"، فهذه أحد الأشياء العديدة التي تساعدها على الحفاظ على إيجابيتها خلال هذا الفترة العصيبة.