تطوير مهارات التواصل: كيف تكسب ثقة الآخرين وتثير انتباههم؟

4 دقائق
shutterstock.com/3rdtimeluckystudio

ملخص: تطوير مهارات التواصل في العمل، وخصوصاً كسب الثقة وجذب انتباه الزملاء ليس أمراً سهلاً؛ بل عملية تستغرق وقتاً وجهداً، وإليك كيف يمكن تحقيق ذلك.

الثقة صعبٌ اكتسابها وسهلٌ خسارتها، لكنك ستكتشف في رحلتك نحو كسب ثقة الآخرين في العمل وإثارة انتباههم، أنك بنيت أكثر من قواعد متينة للثقة؛ إذ بنيت أيضاً أساساً قوياً لبيئة إيجابية تسودها العلاقات الصحية، التي ستسهم في تحسين المزاج والرضا والسلامة النفسية في العمل، وتحسِّن التعاون والإنتاجية والأداء. عند اتباع الاستراتيجيات الآتية للتواصل الفعال، ستحقق غايتك في كسب الثقة والانتباه، وستكسب قيمة مضافة تتجلى في تعزيز سمعتك وعلاقاتك المهنية.

كيف تكسب ثقة الآخرين وتثير انتباههم؟

تمتَّع بالكفاءة والشخصية

تُبنى الثقة على اثنتين من الركائز؛ الكفاءة والشخصية. تتضمن الكفاءة كلاً من القدرات والمهارات والخبرات ونتائج الأداء والسجل الحافل السابق، في حين تتضمن الشخصية نزاهة الفرد وسلوكه ودوافعه ونيته تجاه زملائه. وجدير بالذكر هنا أن الجدارة بالثقة غالباً ما تعتمد على تصورات الآخرين لكفاءتك وشخصيتك وليس فقط على الحقائق التي تعلم في قرارة نفسك أنها صحيحة. على سبيل المثال، قد تكون مؤهلاً بدرجة عالية لتولي منصبك بسبب تعليمك وخبراتك السابقة، لكن وفي حال نظر الزملاء إلى شخصيتك على أنها غير كفوءة، فإن هذه الحقائق لن تنفع للوثوق بك. من ناحية أخرى، إذا كنت تفتقر إلى الكفاءة في الوظيفة، وبغض النظر عن شخصيتك، فقد يكون من الصعب الوثوق بك.

إذاً وبما أن الناس يميلون إلى الوثوق بالأشخاص الذين يبدون أكفاء، عليك بذل قصارى جهدك في أثناء أداء عملك، وتطوير مهاراتك ومعرفتك باستمرار، والبقاء على اطلاع دائم بكل التطورات الحديثة في مجال عملك، والتواصل بوضوح وإيجاز باستخدام كلمات بسيطة ومفهومة وتجنب المصطلحات المعقدة، والتحلي بشخصية جديرة بالثقة، وذلك بمراعاة كل النقاط المذكورة أدناه.

أسِّس علاقات وطيدة

بناء العلاقات الجيدة في العمل أساسُ اكتساب ثقة الزملاء وانتباههم وخلق بيئة عمل إيجابية، وقد يكون عاملاً حاسماً في نجاح الحياة المهنية أو فشلها؛ فقد تبيّن وجود علاقة إيجابية بين الدعم الاجتماعي في بيئة العمل المتمثل بتفاعل الموظفين وعلاقاتهم مع الزملاء والقادة وبين حالة الانخراط في العمل؛ وهي حالة ذهنية إيجابية ومُرضية وعاطفية ترتبط ارتباطاً إيجابياً بالرضا الوظيفي وانخفاض نية ترك العمل. ويمكن القول أنه لبناء علاقات وطيدة في العمل من أجل كسب ثقة الآخرين والتأثير فيهم عليك فهم نقاط القوة والضعف الموجودة لديك، وتطوير مهارات الاستماع النشط والتواصل الفعال؛ أي الإصغاء التام لما يقوله الطرف الآخر مع إظهار الاهتمام وعدم المقاطعة، ومراعاة إبداء حركات الجسم وتعبيرات الوجه المناسبة والتواصل البصري وتلخيص كلمات المتحدث والغرض منها. علاوة على تطبيق بعض النصائح الأخرى، مثل:

  • حدِّد وقتاً محدداً لتوطيد العلاقات في أثناء اليوم. وحين تفعل ذلك، أظهِر اهتماماً حقيقياً بحياة الزملاء الشخصية، وتعرَّف إلى أسمائهم، واسأل عن حياتهم، وتفقّدهم عندما يتغيبون عن العمل، وتفقد أحوالهم. وفي حال كنت تتولى منصباً أعلى، فاظهِر لهم أنهم يحدِثون فَرْقاً، واسألهم عن آرائهم، وفوّضهم، وأظهِر أنك تعتمد عليهم.
  • أجرِ محادثات مفتوحة وصادقة مع الزملاء، سواء وجهاً لوجه أو عبر البريد الإلكتروني ووسائل التواصل الاجتماعي.
  • اِطرح الأسئلة عليهم وأبدِ الاهتمام بوجهات نظرهم وفكِّر فيها ملياً قبل الرد عليها.
  • تعاطف مع احتياجاتهم واهتماماتهم.
  • اعرض المساعدة عندما تلاحظ أنهم مرهقون أو مثقلون بمهامهم، واطلب المساعدة في مشاريعك الخاصة أيضاً عندما تقتضي الحاجة.
  • حافظ على الإيجابية والمهنية في العمل ولا تنخرط في النميمة أو السلوكيات المسيئة الأُخرى.

أوفِ بالتزاماتك

يعد الاتساق في التصرفات والقرارات أمراً بالغ الأهمية عندما يتعلق الأمر بكسب ثقة الناس وجذب الانتباه، فالناس يثقون بالأشخاص الذين يمكن الاعتماد عليهم. لذلك، حافِظ على التزاماتك وصُن وعودك، وإذا أُوكلت بمهمة أو مشروع، وتعهدت بتنفيذها، فنفِّذها، عندها سيثق الناس بك ويولون انتباههم إلى ما تقوله وتفعله. أما وفي حال، اكتشفت أنك لا تستطيع فعل ما وعدت بفعله بسبب افتقارك إلى المعرفة أو الوقت الكافي، فكُن صادقاً وصريحاً مع زملائك ومدرائك في العمل، حتى لا ينتهي بك الأمر بوعود مفرطة وإنجازات قليلة وثقة مهزوزة.

اعترِف بأخطائك

الجميع يرتكبون الأخطاء، الزملاء والمدراء على السواء، لكن الأشخاص الذين يعترفون بأخطائهم، ويدركون تأثير تلك الأخطاء على مكان العمل، ويتخذون الخطوات اللازمة لتصحيحها، هم أشخاصٌ جديرون بالثقة.

تحلَّ بالنزاهة

ألا تثق بالشخص النزيه الصادق أكثر من غيره؟ النزاهة هي ضمانة الناس بأن الشخص سيتصرف بالتأكيد بما يحقق مصلحتهم، ولن يرتكب أفعالاً قد تضرهم عمداً. وتعد اللَّبنة الأساسية لبناء الثقة واستدامتها، فنحن نثق بأولئك الذين يتسمون بالصدق والاحترام والشفافية والثبات في أفعالهم، والذين لا يخفون المعلومات القيّمة، ممن يكونون على استعداد للتعامل مع القضايا الصعبة، وهم منفتحون بشأن طموحاتهم ودوافعهم، ويبذلون قصارى جهدهم للوفاء بالتزاماتهم، ويلتزمون بالمواعيد، ويعترفون بأخطائهم ويتحملون المسؤولية. افعل ذلك، واكسب ثقة الزملاء في العمل.

حسِّن ذكاءك العاطفي

الذكاء العاطفي هو القدرة على فهم المشاعر وتحديدها في النفس، وتنظيم هذه المشاعر وإدارتها وفهم مشاعر الآخرين والتأثير فيهم. يمتلك الشخص الذكي عاطفياً القدرة على تحديد مشاعر الناس والاعتراف بها والتعاطف معها؛ وهذا يعني القدرة على أن يضع نفسه في مكان شخص آخر من أجل فهم وجهة نظره على نحو دقيق.

وقد بات الذكاء العاطفي مهارة أساسية مطلوبة في الحياة المهنية، ويسهم في كسب ثقة الآخرين وإثارة انتباههم؛ إذ يساعد على تعزيز العلاقات الإيجابية مع الزملاء والمدراء والقادة، وتحسين التعامل مع الخلافات بلباقة ودبلوماسية، وتعزيز القدرات على التعاطف والتواصل الفعال.

كما يساعد في الحفاظ على رباطة الجأش والمرونة في الأوقات العصيبة، ومما لا شك فيه أن الأشخاص الذين يحافظون على هدوئهم في مواجهة التحديات هم أشخاص يستحوذون على انتباهنا وثقتنا. ودون أن ننسى أن الأشخاص الأذكياء عاطفياً يتقبلون النقد البنّاء، ويتمتعون بالمرونة والقدرة على التكيف والانفتاح على التغيير، ما يجعلهم أجدر بالثقة.

وعلى الرغم من أن الذكاء العاطفي هو مجموعة من المهارات والسلوكيات التي قد تميز أشخاصاً دون غيرهم، فمن الممكن تعلُّم هذا الذكاء وتطويره وتعزيزه؛ من خلال التعرف إلى المشاعر التي تعتريك في مواقف مرهقة وتسميتها، وإعادة النظر في ردود الأفعال التي تعقب تلك المواقف وتقييمها، ومراجعة التصورات الذاتية من خلال سؤال الزملاء والأصدقاء عن تقييمهم لذكائك العاطفي؛ اسألهم عن كيفية استجابتك للمواقف الصعبة، ومدى قدرتك على التكيف أو التعاطف أو النجاح في التعامل مع الصراعات والتحديات، واعمل على إصلاح مكامن الضعف وتقويتها لديك. ويجب الانتباه أيضاً إلى استخدام لغة الجسد الإيجابية والتواصل البصري عند التحدث والابتسام؛ إذ إنهما من العوامل التي من شأنها أن تبني الثقة بين الزملاء وتثير انتباههم.

كُن قدوةً

عامِل كما تحب أن تعامَل، وأظهِر السلوك وأخلاقيات العمل التي تتوقعها من الآخرين. يبني توافق أقوالك مع أفعالك الثقة بينك وبين زملائك، كما يثير انتباههم ويؤثر فيهم. لذلك، ثِق بهم، واحترم دور كل شخص منهم على اختلاف مهامهم، وتواصل معهم بوضوح وصدق، وأبقِهم على اطلاع بكل التطورات والأهداف والتوقعات المهمة، ولا تطلب منهم تنفيذ ما لا ترغب في تنفيذه، وكُن شغوفاً بعملك واستمتع به. بالإضافة إلى ذلك، عليك التحليّ بالمصداقية، فتكون واضحاً بشأن حدود معرفتك ومهاراتك، ولا تتردد في إظهار ضعفك أو عدم امتلاكك كل الإجابات، ولا تتردد أيضاً في طلب المساعدة عندما تحتاج إليها. ولا تتوانَ عن إظهار التقدير لمساهمات زملائك والاعتراف بإنجازاتهم وجهودهم بانتظام.

ختاماً، إن بناء الثقة، وتطوير مهارات التواصل الفعال، وجذب انتباه الزملاء ليس أمراً سهلاً يحدث بين عشية وضحاها؛ إنها عملية مستمرة تستغرق الكثير من الوقت والجهد والصبر، لكن النتيجة تستحق ذلك وأكثر.

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .