ثمة تغير كبير ومهم يحصل حالياً في تصميم المنتجات الرقمية.
لفترة طويلة من الزمن، كان هناك فصل واضح بين البرمجيات الخاصة بالشركات (والتي تسمى غالباً ببرمجيات المشاريع أو "B2B")، والبرمجيات الخاصة بالزبائن العاديين (التي تسمى "B2C" أو ببساطة "المنتجات"). وقد بات هذا الفصل يختفي تدريجياً.
وبصفتي مصمماً للمنتجات، فقد قضيت عمراً طويلاً في العمل على برمجيات المشاريع في شركة "تريولوجي" (Trilogy) في أوستن بتكساس؛ حيث وضعنا أدوات خاصة بتصميم السيارات لكل من شركتي "فورد" و"نيسان"، وحلولاً برمجية لتحديد الأسعار لشركات التأمين، فضلاً عن برمجيات خاصة بسلسلة التوريد لمجموعة واسعة من الشركات. وعادة ما توصف هذه الفئة من البرمجيات بأنها غنية بالمزايا والخصائص. وغالباً ما تُباع هذه المنتجات على شكل قوائم من المزايا إلى كبار المدراء التنفيذيين على مستوى الرئيس التنفيذي، وكانت الحكمة التقليدية خلال سنوات طويلة تقول إن الرزمة البرمجية التي تضم أكبر عدد من المزايا هي التي تفوز. أما الطرف الآخر من طيف المنتجات الرقمية فيشمل برمجيات الزبائن العاديين، حيث التركيز هو على منتجات بسيطة تحاول استقطاب هؤلاء الزبائن بمخاطبة عواطفهم عوضاً عن التركيز على المزايا. فعندما نحضر المنتجات إلى منازلنا، فإننا وبكل بساطة نتوقع منها أن تتصرف بالطريقة ذاتها التي نتوقع أن يتصرف بها أي شخص يدخل بيتنا – أي باحترام لطريقة عيشنا.
بالطبع، النكتة هنا هي أن الناس في الشركات الكبيرة هم أيضاً "أناس عاديون". وعلى نحو متزايد، نجد أن هؤلاء الناس يتمتعون بالاستقلال الذاتي فيما يخص الأدوات التي يستعملونها في ممارسة عملهم. فجميعنا سمعنا بفكرة "إعادة تصميم تكنولوجيا المعلومات لتلبي احتياجات المستخدمين النهائيين للمنتج من الأفراد": فالعمال يجلبون أجهزتهم الخاصة بهم وبرمجياتهم وتوقعاتهم إلى مكان العمل ويرفضون البرمجيات المفرطة في تعقيدها التي يقدمها لهم أصحاب العمل.
لكنني أعيش حالياً وسط حالة التحول هذه من التركيز على المشروع إلى التركيز على المستخدم النهائي من خلال عملي في شركة "بلاك بورد" (Blackboard)، حيث حققنا نجاحاً مذهلاً في مجال التكنولوجيا الخاصة بالتعليم من خلال بيع المزايا إلى المدراء الإداريين والمسؤولين عن تكنولوجيا المعلومات في تلك المؤسسات التعليمية. ولكن تماماً كما هو الحال مع عملية "إعادة تصميم تكنولوجيا المعلومات لتلبي احتياجات المستخدمين النهائيين للمنتج من الأفراد" فإننا نجد توجهاً مشابهاً حاصلاً في قطاع التعليم، أي تصميم العملية التعليمية بحسب احتياجات المتعلم الفرد. فالطلاب باتوا وبشكل متزايد يشجعون على اختيار نماذج تعليمية بديلة، وأماكن بديلة للتعلم، وحلول تكنولوجية بديلة لدعم تعليمهم. تدرك شركة "بلاك بورد" هذا التحول، وهذا هو أحد الأسباب التي جعلت الشركة تستحوذ على شركة ناشئة عملت فيها سابقاً تُدعى "ماي إيديو" (MyEdu) – وهي عبارة عن منتج مجاني يركز على مساعدة طلاب الكليات على النجاح في الكلية والحصول على الوظائف المهنية لاحقاً. وتقوم روحية عملنا في المؤسسة على الشعار التالي: عوضاً عن التركيز حصرياً على بيع البرمجية إلى شركات عملاقة، فإننا بحاجة إلى تسخير جهودنا للمنتجات المجانية التي يمكن للطلاب اختيارها والعمل بها؛ وعوضاً عن "تحقيق الأموال من الطلاب" أو "بيع المزايا"، فإننا بحاجة إلى تحقيق الأموال من المنتجات التي تقلل من الاستنزاف إلى الحد الأدنى، وتدعم تعقيد الرحلة الأكاديمية وتساعد الطلاب في العثور على مهنة يستمتعون بها ويمكنهم النمو ضمنها.
فيما يلي بعض الأفكار والممارسات التي ساعدتني وزملائي على الشروع في رحلة ستكون على الأغلب رحلة صعبة وتستغرق سنوات لننقل تركيزنا إلى أن نصبح متعلمين، ولكي نغير موقع برمجيتنا بحيث تصبح منتجاً عظيماً للمستخدمين النهائيين:
أظهروا البديل للناس
تعتبر الطريقة الفضلى لجعل مسار التغيير يحظى بالقبول الاجتماعي، هي إظهار هذا المسار وبالتفصيل بطريقة يمكن للمؤسسة أن تفهمه بها.
استندوا في عملية التصميم إلى الأبحاث الخاصة بالعواطف
نحن نقضي الوقت مع الطلاب والمدرسين والأهل ونستفيد من النتائج لتدعيم التوجهات السائدة في التصاميم الجديدة وللمساعدة في جعل هذا التحول الحاصل يحمل طابعاً إنسانياً. فما هي أفضل الأدوات؟ الاقتباسات الكلامية والصور ومقاطع الفيديو لأشخاص حقيقيين يصفون وظيفتهم وحياتهم وعواطفهم.
أكدوا دائماً وأبداً على أولوية الخبرة والتجربة على الوظيفة
فإذا كانت برمجيات المشاريع توصف أنها "أكثر"، فإن برمجيات الزبائن العاديين توصف أنها "أقل"، مع تركيز على الجودة العاطفية للتفاعل وليس على مدى عمق الوظيفة التقنية القوية.
حددوا مساراً متدرجاً نحو النجاح
تحتاج المؤسسة إلى أن ترى مساراً متدرجاً نحو منتجات بسيطة تقوم على التفاعل العاطفي للمستخدمين، وهذا المسار يجب أن يصف خطوات صغيرة تقود في نهاية المطاف إلى تحقيق رؤية كبيرة. وليس كافياً أن نقول إلى أين نحن ذاهبون؛ وإنما يجب أن نبين أيضاً كيف ننوي الوصول إلى ذلك المقصد. وهذا يعني وضع خريطة بصرية تبين بوضوح وبعبارات بسيطة ما هي الرؤية المنشودة لتحقيق شيء معين، على أن تُظهر هذه الخريطة مكاسب صغيرة ستتحقق مع مرور الوقت.