تقرير خاص

نورة البلوشي: الابتكار أساس تطوير الكفاءات الوطنية وتعزيز مشاركة المرأة في القطاع المالي

7 دقيقة
معهد الإمارات المالي

ملخص: أصبح الابتكار في القطاع المالي في الإمارات عاملاً حاسماً في تحسين الكفاءة وتسهيل الوصول إلى الخدمات المالية. لذلك اعتمد معهد الإمارات المالي مجموعة من الاستراتيجيات لتعزيز دوره في قطاع التدريب المالي، ودعم الكفاءات الوطنية، ومواكبة التحولات الرقمية والتكنولوجية في هذا القطاع الحيوي. وقد تمحورت استراتيجيات المعهد حول عدة معايير:

  • التركيز على الابتكار والتحول الرقمي.
  • تمكين الكفاءات الوطنية والتوطين.
  • التوجه نحو التميز المؤسسي والتطوير المستمر.
  • القيادة النسائية وتمكين المرأة.
  • الاستثمار في تطوير المهارات القيادية.
  • التعاون مع الشركاء الاستراتيجيين.

أصبح الابتكار في القطاع المالي في الإمارات عاملاً حاسماً في تحسين الكفاءة وتسهيل الوصول إلى الخدمات المالية. وشهد هذا القطاع تحولاً جذرياً بالاعتماد على الحلول التكنولوجية، فوفقاً لاستطلاع أجرته شركة ون أدفانسد (OneAdvanced) لحلول الأعمال المتقدمة، أوضح 54% من المشاركين أن التكنولوجيا تساعدهم على إكمال المهام في القطاع المالي بسرعة، ما يزيد من إنتاجيتهم. وقد أدرك معهد الإمارات المالي أهمية الاستفادة من التكنولوجيا لدعم الموارد البشرية وتعزيز الابتكار، إذ قدّم مجموعة برامج تدريبية متخصصة في الذكاء الاصطناعي والأمن السيبراني والبلوك تشين.

وفي حوار مع هارفارد بزنس ريفيو العربية، تكشف المديرة العامة لمعهد الإمارات المالي، نورة البلوشي، أبرز مبادرات المعهد لتطوير رأس المال البشري، مثل برنامج "إثراء"، وخططه المستقبلية لتعزيز استخدام التكنولوجيا ورفع نسبة التوطين ومشاركة المرأة في القطاع المالي.

كيف تمكن معهد الإمارات المالي من تمكين الموارد البشرية في القطاع المالي وتعزيز مهاراتها عبر برنامج "إثراء"؟

كان معهد الإمارات المالي الذراع التمكيني لبرنامج "إثراء" منذ إطلاقه من قِبل مصرف الإمارات العربية المتحدة المركزي عام 2022، وهدف البرنامج إلى توفير نحو 9,400 فرصة عمل للمواطنين في القطاع المالي بحلول 2026، عبر تدريبهم في أكثر من 20 تخصصاً مالياً ومصرفياً بما في ذلك البرمجة والأمن السيبراني والتأمين والمصارف.

ووفر البرنامج 22 مساراً تدريبياً في عدد من التخصصات المالية والمصرفية الحيوية، مثل المالية والمحاسبة والتدقيق والامتثال والائتمان والأمن السيبراني وهندسة البيانات وتحليل البيانات والبنية التحتية لتكنولوجيا المعلومات والشبكات والبرمجة وإدارة الثروات وإدارة المخاطر والموارد البشرية وغيرها. وزوّد المتدربين بالمهارات اللازمة لتولي أدوار قيادية في القطاع المالي، بما يسهم في تعزيز قدرة القطاع المالي الإماراتي على التكيف مع التطورات العالمية والابتكار في الخدمات المالية.

وحقق البرنامج حتى الآن عدة نتائج ملموسة، إذ شهد تدريب 3 آلاف مواطن ومواطنة في قطاعي المصارف والتأمين، وتجاوز معدل النجاح نسبة 84% في أكثر من 20 تخصصاً. علاوة على ذلك، حقق المتدربون في تخصصات البرمجة والأمن السيبراني معدلات نجاح بنسبة 100%، ونجح متدربو تخصص هندسة البيانات وتحليلها بنسبة 97%، ما عزز قدرتهم على التعامل مع البيانات الضخمة واستخدامها في اتخاذ قرارات مالية استراتيجية تدعم النمو المستدام. وفي تخصص المالية والمحاسبة، حقق المتدربون نجاحاً بنسبة 90%، وسجّلت البنية التحتية لتكنولوجيا المعلومات والشبكات نجاحاً بنسبة 94%. وفي تخصص التأمين (المطالبات والاكتتاب)، نجح المتدربون بنسبة 83%، وسجّل المتدربون في تخصص الخزينة نسبة نجاح 95%، ما يعكس قوة تدريبهم في إدارة الأموال والموارد المالية للمؤسسات.

وشهدت معارض توظيف "إثراء" بنسخها السبع إقبالاً كبيراً من الشركات والمؤسسات المالية، ما أسهم في زيادة معدلات التوظيف، وهذا ما يساعد بدوره في تحقيق رؤية الإمارات 2026 لتطوير رأس المال البشري وتعزيز مكانة الدولة بوصفها مركزاً مالياً عالمياً.

يلتزم معهد الإمارات المالي بخطط تطوير الكفاءات الوطنية، كيف تتماشى هذه الخطط مع استراتيجية المعهد لتلبية احتياجات القطاع المالي؟

عكست خطة التدريب السنوية لعام 2024 التزام معهد الإمارات المالي بالإسهام في تلبية احتياجات القطاع المالي من الكوادر الوطنية المدربة جيداً والجمع بين التوطين والتحول الرقمي على حد سواء، فقد حققت بعض البرامج نسبة توطين كاملة تصل إلى 100%.

وسجّل عدد المتدربين رقماً قياسياً بلغ أكثر من 41.3 ألف متدرب، منهم أكثر من 19 ألف مواطن إماراتي، ما يعادل 46% من إجمالي المشاركين، وهذا يعكس التزام المعهد بتعزيز التوطين في القطاع المالي.

واستقطب المعهد 7.6 ألف متدرب في التخصصات الرقمية، ما يعكس التوجهات الحديثة في التدريب المالي وتلبية احتياجات السوق المتجددة في عصر التقنية والابتكار لبناء قطاع مالي مستدام قادر على المنافسة عالمياً.

ما هو الجديد الذي يمكن أن يتوقعه المنتسبون في خطط التدريب لعام 2025؟

في عام 2025، سيقدم معهد الإمارات المالي للمشاركين في خطط التدريب فرصاً تواكب أحدث التوجهات العالمية في القطاع المالي في عدة مجالات، وهي:

  1. الذكاء الاصطناعي: نقدم برامج تدريبية متخصصة تساعد المتدربين على فهم كيفية استخدام هذه التقنيات في تحسين الكفاءة التشغيلية وتقديم حلول مالية مبتكرة.
  2. التدقيق الرقمي والبلوك تشين: نتيح للمشاركين فهماً أعمق للأمان والشفافية في المعاملات المالية من خلال التقنيات التي تشهد انتشاراً ملحوظاً في القطاع المالي.
  3. الامتثال والأمن السيبراني: يعزز المعهد برامج التدريب في مجال الامتثال والأمن السيبراني لضمان حماية البيانات والمعاملات المالية من المخاطر المتزايدة.
  4. تحليل البيانات والتكنولوجيا المالية (FinTech): تتضمن الخطة التدريبية مسارات تحليل البيانات واستخدام التكنولوجيا المالية لتعزيز مهارات المتدربين في التعامل مع البيانات الضخمة والابتكارات في تقديم الخدمات المالية.
  5. التمويل الإسلامي: توسيع البرامج التدريبية في هذا المجال لمواكبة نمو القطاع المالي، والتركيز على تطوير مهارات المتدربين في المنتجات المالية المتوافقة مع الشريعة الإسلامية.
  6. مهارات القيادة والتطوير الشخصي: توفير برامج لتطوير المهارات القيادية والإدارية، بما يعزز قدرة المنتسبين على التفاعل مع التحديات المستقبلية وقيادة فرق عمل مبتكرة.
  7. إدارة المخاطر والاستثمارات: تستمر برامج إدارة المخاطر في تطوير فهم المتدربين للمخاطر المرتبطة بالقطاع المالي، وتعزيز التدريب في مجالات الاستثمارات وإدارة الثروات لمواكبة التوجهات العالمية في أسواق المال.

ومع الالتزام بهذه التخصصات الجديدة، تستمر خطة المعهد التدريبية في إدارة المنتجات، والتمويل التجاري، والتأمين على الحياة، لضمان تزويد المتدربين بمجموعة شاملة من المهارات التي تلبي متطلبات سوق العمل المالية المحلية والدولية.

كيف يطبق المعهد خطة التوطين في تصميم برامج التدريب السنوية وتنفيذها؟

ركزت خطة معهد الإمارات المالي للتدريب السنوي على التوطين بحيث يكون من أولوياتها الاستراتيجية، من خلال تصميم برامج تدريبية تهدف إلى تمكين الكوادر الوطنية من شغل أدوار حيوية في القطاع المالي والمصرفي، مثل برامج "إثراء" وتمكين الإماراتيين. وتتماشى برامج التدريب مع رؤية الدولة لتطوير رأس المال البشري من خلال تعزيز حضور المواطنين في القطاع المالي، ما يسهم في تحقيق أهداف التوطين في الإمارات، ويعزز قدرة المواطنين على المشاركة الفعالة في الاقتصاد الوطني. وفي عام 2024، بلغ عدد المواطنين المنتسبين إلى برامج المعهد 53% من إجمالي المشاركين.

كيف يعكس مركز الابتكار في معهد الإمارات المالي الرؤية الوطنية لدمج الابتكار والتوطين معاً؟

يواكب مركز الابتكار في معهد الإمارات المالي أهداف استراتيجية "نحن الإمارات 2031" لتعزيز قدرة الدولة على التكيف مع التغيرات التكنولوجية، مع التركيز على تمكين الكوادر الوطنية.

ويقدم المركز بيئة بحثية متقدمة في مجال التقنيات المالية الحديثة، ويوفر مسارات تدريبية تخصصية لتزويد الكوادر الإماراتية بالمهارات التكنولوجية. كما يشكّل محركاً رئيسياً في التحول الرقمي من خلال مختبراته المبتكرة، مثل المختبر الرقمي، والمختبر التشريعي، ومختبر التفكير، وينفذ عدة مبادرات ومشاريع لدعم الكفاءات الوطنية، مثل مبادرة الذكاء الاصطناعي في القطاع المالي، إذ أطلق دورات تدريبية متخصصة في الذكاء الاصطناعي لأكثر من 10 آلاف متخصص في القطاع المالي بالتعاون مع شركة مايكروسوفت، بهدف تطوير المهارات التقنية التي تمكّن الكفاءات الإماراتية من قيادة مشاريع الابتكار في هذا المجال.

ويسعى المركز إلى بناء شبكة تعاون واسعة تضم الجامعات والشركات الناشئة والشركات العالمية، بهدف توفير فرص تدريبية متقدمة للمواطنين الإماراتيين في تخصصات مالية وتقنية حيوية، على سبيل المثال، وقع المركز اتفاقية مع شركة أكسنتشر (Accenture) لتطوير مهارات 5 آلاف باحث في مجالات الذكاء الاصطناعي وتحليل البيانات والأمن السيبراني، ووقع أيضاً مذكرة تفاهم مع آرنست آند يونغ (Ernst & Young) لتوفير برامج تدريبية متقدمة في تحليل البيانات والأمن السيبراني والتحول الرقمي، ما يدعم تطوير المهارات المتقدمة في القطاع المالي.

يهتم معهد الإمارات المالي بتبني التحول الرقمي وتعزيز المهارات البشرية، فما هي أهم الاستراتيجيات الأخرى التي يعتمدها في تطوير أدائه؟

اعتمدنا مجموعة من الاستراتيجيات لتطوير معهد الإمارات المالي وتعزيز دوره في قطاع التدريب المالي، ودعم الكفاءات الوطنية، ومواكبة التحولات الرقمية والتكنولوجية في هذا القطاع الحيوي. وقد تمحورت هذه الاستراتيجيات حول عدة معايير:

التركيز على الابتكار والتحول الرقمي

حرصنا على مواكبة التحولات الرقمية في القطاع المالي من خلال إدخال تقنيات التعليم الرقمي والتعلم الإلكتروني، ما يتيح للمتدربين الوصول إلى محتوى تدريبي متطور ومرن. واستطاع المعهد تبني تقنيات مثل الذكاء الاصطناعي والتعلم الآلي في تصميم البرامج التدريبية، وتطوير برامج تدريبية متخصصة في التقنيات الحديثة بما يتماشى مع احتياجات السوق المالية.

تمكين الكفاءات الوطنية والتوطين

ركزنا على إعداد المواطنين الإماراتيين للقيادة في القطاع المالي وتوطين البرامج التدريبية لرفع مهاراتهم مثل برنامج "إثراء"، فضلاً عن تعزيز الشراكات مع القطاع المالي والتعاون مع البنوك والمؤسسات المالية المحلية والعالمية لتوفير فرص التدريب والتوظيف للمواطنين.

التوجه نحو التميز المؤسسي والتطوير المستمر

اعتمدنا نهجاً قائماً على التقييم المستمر للأداء بناءً على ملاحظات المتدربين ومتطلبات سوق العمل، ما يساعدنا في تعديل البرامج باستمرار لضمان تلبيتها لأعلى المعايير، ومواكبة أفضل الممارسات العالمية.

القيادة النسائية وتمكين المرأة

عملتُ على تمكين المرأة داخل المعهد وفي القطاع المالي بصفتي أول امرأة تتولى منصب المدير العام للمعهد، من خلال خلق بيئة عمل مرنة وتصميم برامج تدريبية تركز على تطوير مهارات القيادة لدى النساء وتمكينهن من شغل أدوار قيادية في القطاع.

الاستثمار في تطوير المهارات القيادية

أولينا اهتماماً خاصاً بتطوير مهارات القيادة في المعهد، مع التركيز على تعليم مهارات الإدارة الاستراتيجية، وصنع القرار، والتفكير النقدي. ونظمنا ورش عمل وبرامج تدريبية متخصصة تهدف إلى تأهيل قادة المستقبل، وطورنا برامج تدريبية لتعزيز المهارات الشخصية مثل مهارات التواصل والذكاء العاطفي.

التعاون مع الشركاء الاستراتيجيين

سعينا إلى بناء شراكات قوية مع القطاعين العام والخاص والمؤسسات المالية المحلية والدولية لضمان تطابق البرامج التدريبية مع احتياجات السوق وتعزيز فرص التوظيف للمتدربين.

كونكم أول امرأة تتولى قيادة معهد الإمارات المالي، ما هي التحديات التي يمكن أن تواجهها القيادة النسائية؟ وكيف يمكن التغلب عليها؟

عندما أصبحتُ أول امرأة تتولى قيادة معهد الإمارات المالي، أتيحت لي الفرصة لإثبات قدرة المرأة الإماراتية على قيادة القطاعات المالية والمصرفية، بما يتماشى مع رؤية الإمارات لتمكين المرأة وتعزيز دورها في مختلف المجالات. لكننا واجهنا بعض التحديات مثل تحقيق التوازن بين الابتكار والمحافظة على المعايير وتطبيق استراتيجيات مبتكرة لتحسين البرامج التدريبية وتطويرها، ومع ذلك تجاوزنا هذا التحدي من خلال تبني منهجيات تعليمية مرنة وتقنيات التحول الرقمي وبناء فرق عمل مميزة وتفويض الصلاحيات.

وبالطبع، كان دعم التوطين وتعزيز مشاركة المرأة من التحديات المهمة، لذلك ركزنا على رفع نسبة مشاركة المرأة في القطاع المالي من خلال برامج متخصصة لتمكين المرأة، ونجحنا في تشجيع النساء الإماراتيات على دخول القطاع المالي وقيادة فرق العمل المالية، ما أدى إلى زيادة عدد النساء في المعهد في مختلف المجالات.

بماذا تنصحين القادة الشباب الذين يطمحون لإحداث تأثير مشابه في القطاع المالي؟

أنصح القادة الشباب الذين يطمحون إلى إحداث تأثير في القطاع المالي بالالتزام بالشفافية والمهنية والتعلم المستمر والتكيف مع التطورات التكنولوجية في القطاع المالي لاستثمار الفرص التي يشهدها القطاع، والتفكير بطريقة مبتكرة لتحقيق تأثير مستدام، وتطوير شبكة من العلاقات مع المؤسسات المالية، والشركات التقنية، والجامعات. فالقائد لا يمكن أن يحقق النجاح بمفرده، لذلك تتيح هذه العلاقات فرصاً للتعلم وتبادل الخبرات، ودعم الابتكار، وتنمية فرق العمل وتطوير مهاراتها.

وتتطلب مبادرات التوطين فهماً جيداً من القائد لاحتياجات القطاع المحلي، والتعاون مع مؤسسات التعليم والتدريب، وتطوير بيئة عمل جاذبة تشجع على النمو المهني وتدعم تنوع الأفكار من خلال الاستثمار في التقنيات المتقدمة.

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .

المحتوى محمي