غالباً ما يواجه المستهلكون قراراً بشأن شراء إصدارات جديدة من المنتجات التي يمتلكونها بالفعل، من تحديث الهواتف المحمولة إلى شراء السيارات الأحدث. وكما يعلم خبراء التسويق، تُعد التحسينات في المنتج محركاً رئيساً لقرار المستهلكين بالتحديث، إذ كلّما زادت التحسينات مثلاً في هاتف آيفون الجديد عن الإصدار السابق، زاد احتمال تحديث المستهلكين لهواتفهم. ويشجع ذلك في أفضل الأحوال جهود البحوث والتطوير وتصميم المزيد من المنتجات والخدمات المتقدمة تكنولوجياً. لكنه يدفع في أسوأ الأحوال مطالبات مشكوك فيها أن المنتجات "الجديدة والمحسنة" هي مجرد نسخ سابقة معاد تغليفها.
وبغض النظر عن مدى التحسينات في المنتج فعلياً، يُدرك خبراء التسويق أن الانطباع الشخصي للتحسينات هو ما يهم حقاً. ما الذي يشكل تصورات الأفراد إذاً حول أهمية التحسينات المضافة أو سخافتها؟
تشير أبحاثنا إلى أن إحساس المستهلكين بتطوير الذات هو أحد العوامل التي قد تزيد من تصورات التحسينات في المنتج ومن ثم تقوي الرغبة في التحديث.
قمنا في خمس دراسات شملت 1,239 مشاركاً من الولايات المتحدة بقياس تطوير الذات المتصور أو دراسته، فضلاً عن تحديد العلامة التجارية لفحص آثارها على طريقة الحكم على تحسينات المنتج وعلى الرغبة في التحديث.
وطلبنا في دراستنا الأولى من المشاركين عبر منصة على الإنترنت التفكير في مدى تطور حياتهم على مدى السنوات العشر الماضية، وعرضنا عليهم بعد ذلك المعلومات التي تقارن بين ميزات هاتف آيفون 5 وآيفون 6. ثم قيّم المشاركون مقدار التحسينات في هاتف آيفون، واستعدادهم لبذل أموالهم في سبيل التحديث إلى آخر إصدار من آيفون، ومستوى ارتباطهم مع منتجات شركة آبل، ومدى تطورهم الذاتي المتصور. ووجدنا أنه كلما وضع الأشخاص الذين شعروا بارتباط وثيق بمنتجات آبل تقييماً أعلى لمستوى تطورهم الذاتي، ارتفعت درجة تقييمهم للتحسينات التي طرأت على هاتف آيفون، وزاد استعدادهم لبذل أموالهم في سبيل الحصول على هذا التحديث. لكن لم يثبت هذا التأثير عندما كان الارتباط بمنتجات آبل أضعف.
لماذا يحدث هذا؟ درسنا أبحاث علم النفس الاجتماعي حول الأنانية أو الميل إلى التركيز على الذات لتفسير هذا التأثير، واستخدمنا التقييمات الذاتية كركيزة للأحكام الصادرة عن الكيانات الخارجية مثل العلامات التجارية. يتصور الأفراد سماتهم الشخصية عادة عند ارتباطهم بعلامة تجارية معينة؛ وعلى العكس من ذلك، يرى الأفراد عكس سماتهم الشخصية عندما لا يشعرون بأي ارتباط بأي علامة تجارية.
ولاختبار هذا التفسير، تناولت إحدى التجارب دور التركيز على الذات، حيث طُلب من المشاركين بشكل عشوائي التركيز على التغييرات التي طرأت على حياتهم الشخصية أو التركيز على التغييرات التي طرأت على حياة أحد الأصدقاء قبل تقييم التحسينات في هاتف سامسونج جالاكسي ونواياهم للتحديث. ووجدنا أن المشاركين الذين شعروا بالارتباط الوثيق بهاتف سامسونج وركزوا على تطوير ذواتهم (مقابل الاستقرار)، أدركوا وجود المزيد من التحسينات في خط منتجات سامسونج جلاكسي، وبالتالي كانوا أكثر عرضة لتحديث الجهاز؛ ومع ذلك، لم يتّضح هذا التأثير بالنسبة للمشاركين الذين لم يشعروا بأي ارتباط بمنتجات شركة سامسونج وركزوا على التطوير الذاتي لأحد الأصدقاء (مقابل الاستقرار).
ودرسنا كيفية إسهام الرغبة في احترام الذات في الظاهرة الملحوظة بهدف تقديم مزيد من الرؤى الثاقبة حول العمليات النفسية المؤثرة. لقد وجدت أبحاث علم النفس إبداء الأفراد تحيزات أقوى من الأنانية عندما يكون لديهم رغبة نشطة للشعور بالرضا عن أنفسهم، لأن رؤية سماتنا الشخصية في العالم من حولنا يعزز استصواب هذه السمات. وبناء على ذلك، استنتجنا أنه إذا كانت الأنانية هي الأساس الذي يقوم عليه التأثير، فينبغي أن يكون هذا التأثير أضعف عندما تكون حاجة الأفراد إلى تقدير الذات مشبعة بالفعل، ويكون أقوى عندما تزداد حاجة الأفراد إلى تقدير الذات.
ولاختبار ذلك، درسنا في تجربة ثالثة ما إذا كان المشاركون قد أتيحت لهم الفرصة لتلبية احتياجات تقدير الذات بالإضافة إلى الإجراءات الواردة في الدراسات السابقة. ودعماً لتنبؤاتنا، عندما تمكن المشاركون من تعزيز تقديرهم لذواتهم مؤقتاً قبل تقييم العلامة التجارية، لم يزد التركيز على تطوير الذات (مقابل الاستقرار) من تصوراتهم حول التحسينات في المنتج أو نواياهم لتحديث المنتج. ومع ذلك، عندما لم تتح للمشاركين الفرصة لتعزيز تقديرهم لذواتهم، كان للتركيز على تطوير الذات نفس التأثيرات الإيجابية على تقييمات تحسينات العلامة التجارية ونوايا تحديث المنتج التي لاحظناها في دراساتنا السابقة. الجدير بالذكر أن فئة المنتجات في هذه التجربة كانت أحذية رياضية، ما يشير إلى إمكانية تعميم هذه الظاهرة بما يتجاوز منتجات التكنولوجيا الاستهلاكية.
وأثبتت التجربة النهائية كيفية تطبيق المدراء لهذه الرؤى الثاقبة من الدراسات السابقة، حيث أثرنا بشكل مباشر أفكار التطوير الذاتي باستخدام إعلان لجهاز آيفون جديد. ورأى بعض المشاركين الشعار "لقد تطورت بشكل ملحوظ". نقدّم لكم آيفون 7"، في حين رأى آخرون الشعار المحايد "نقدّم لكم آيفون 7". رأى المشاركون الذين شاهدوا إعلان تطوير الذات (مقابل الإعلان المحايد) مزيداً من التحسينات في هاتف آيفون، وكانوا أكثر استعداداً للتحديث عندما كانت احتياجات تقدير الذات مرتفعة لديهم وكان ارتباطهم بمنتجات آبل وثيقاً.
ولهذه النتائج في المجمل مجموعة آثار عملية كبيرة على خبراء التسويق. إذ تُعد تحديثات المنتجات مصدراً رئيساً للدخل في العديد من الصناعات، ويواجه خبراء التسويق التحدي الدائم المتمثل في كيفية تحفيز الزبائن الحاليين على تحديث منتجاتهم. ويشير بحثنا إلى أن استحضار أفكار تطوير الذات عند الترويج لإصدارات جديدة من المنتجات قد يكون وسيلة فعالة لتحفيز تحديثات المنتجات.
وهناك عدد من الطرق التي قد يتّبعها خبراء التسويق لجعلنا نستحضر أفكار تطوير الذات هذه. وكما هو واضح في تجربتنا الأخيرة، يمكن للإعلانات توضيح تطور الأفراد ببساطة، أو طرح ذلك بصيغة سؤال (على سبيل المثال، "كيف تحسنت حياتك؟")، ما يعزز من سهولة الاستهواء لدى البشر بشكل فعال.
بدلاً من ذلك، يمكن للإعلانات أن تشجع المقارنات مع ذواتنا السابقة الأقل شأناً باستخدام أمثلة مثل "سنوات المراهقة المحرجة". وقد ينتقل الإحساس الناتج عن تطوير الذات إلى العلامة التجارية المعلن عنها ويشجع في النهاية على تحديث المنتج.
أخيراً، يمكن لخبراء التسويق استهداف الزبائن الذين تعرضوا لأحداث رئيسة إيجابية في حياتهم مؤخراً على وجه التحديد، بدلاً من إثارة شعور بتطوير الذات بشكل صريح. على سبيل المثال، قد يواجه الخريجون، والمتزوجون حديثاً ومالكو المنازل الجدد شعوراً كبيراً بتطوير الذات الذي قد يسود على أحكامهم بشأن الإصدارات الجديدة من المنتجات وتحفيز تحديث المنتجات. في الواقع، قد تكون هذه التكتيكات مفيدة بشكل خاص في صناعة الهواتف المحمولة، نظراً إلى الانخفاض الأخير في معدل تحديثات الهواتف الذكية وتراجع الطلب على الهواتف الذكية بشكل عام.