بينما تفكر بالطريقة التي تريد اتباعها خلال العام القادم من أجل التعلم تطوير الذات وإنجاز المهام في العمل وتحقيق النمو، حاول ألا تقع ضحية للفخ الشائع في بناء خطتك لتحقيق التنمية حول برنامج التعليم الرسمي. فعلى الرغم من أننا لا نستطيع معادلة التطور الذي يتحقق بواسطة الأنشطة المنهجية التي تتم تحت إشراف مدرب، فإنه عليك التفكير بالبرامج الرسمية على أنها فواتح شهية أو تحلية، بدلاً من اعتبارها المورد الرئيس للتطور.
وذلك لاحتمال مواجهتك لثلاثة مخاطر عند اعتمادك على الدورات الرسمية كمصدر أساسي لتطوير الذات والتطوير الشخصي. أولاً، قد تصاب بخيبة الأمل في حال لم يتم تمويل طلبك بسبب ترتيبات الأولويات. ثانياً، ربما أنك تستخف بتكلفة الابتعاد عن العمل، سواء في زيادة أعباء العمل قبل التدريب وبعده، أو في الثمن الذي سيدفعه فريقك لسد الفراغ الذي سيخلفه غيابك. وأخيراً، قد يعمل التركيز على التطوير الشخصي عبر الطرق الرسمية على ترسيخ العقلية السلبية وترك الانطباع الزائف بأن تطوير قدراتك يقع على عاتق شخص آخر.
4 خطوات لتطوير الذات وإنجاز المهام في العمل في آن واحد
لذا أرى أنك ستحصل على ما تستحقه من خلال تحقيق معظم احتياجاتك التنموية وأنت على رأس عملك. وعندما أقول "على رأس عملك" أعني إنجاز المهام التي يجب عليك إنجازها على أي حال واستخدامها لتنمية مهارة جديدة. وبمجرد أن تتبنى هذا الفكر الإنمائي، يمكن لاجتماع فريق العمل أن يصبح فرصة لتعزيز مهاراتك في التواصل. ويمكن أن يصبح الرد على رسائل البريد الإلكتروني صباحاً فرصة أمامك لتطبيق نظام مؤسسي جديد. أما التعامل مع العملاء في وقت الظهيرة، فقد يصبح فرصة لصقل عملية تنمية أعمالك التجارية. وإليك الطريقة لتحقيق ذلك:
أولاً، حدد المهارة التي تريد تنميتها
عليك تحديد هذه المهارة بحكمة من خلال التعرف على المهارة الأهم في مؤسستك، حيث يمكن لقسم الموارد البشرية أن يساعدك فيما إذا كان لدى شركتك نموذج للقدرات أو سلم وظيفي يصف أهم المعارف والمهارات والسمات لكل مسار مهني محدد. أما في حال غياب قوائم الرسمية للقدرات، اطلب من مديرك أو زملائك مساعدتك في اقتراح بعض الأفكار حول أهم المهارات لتعمل على تنميتها. أنصحك وبشدة اختيار مهارة واحدة فقط، واحرص على أن تكون هذه المهارة دسمة، ثم استخدامها كعنوان عريض لجميع أنشطتك لهذا العام. فعلى سبيل المثال، يمكنك تعميق تفكيرك الاستراتيجي، أو أن تعمل على تحسين مهاراتك في التواصل، أو تعزيز حضورك أو بناء هويتك الشخصية.
ثانياً، أجر بعض الأبحاث حول المهارة التي تحاول تنميتها
يمكنك العثور على مدونات لخبراء مختصين في جميع الموضوعات تقريباً، ناهيك بوجود عروض لا حصر لها من مقاطع الفيديو المفيدة عبر "يوتيوب" (YouTube). ومن خلال ما سبق نجد أن فرصتك بالتعلم المستمر هي في متناول يديك. لذا ابحث عن لحظات الفراغ للقراءة عن المهارة المختارة، واحتفظ بمجلد لتقسيم هذه المهارة إلى مكونات فرعية مختلفة. على سبيل المثال، إذا كنت تعمل على تحسين مهارتك في التواصل، فقد يكشف بحثك عن إمكانية تقسيم التواصل إلى: تركيز الأفكار والمحتوى، وتوضيح الصياغة، ورفع سوية مهارات التواصل الشفهية، وتحسين مهارات الانصات. وبالاستعانة ببطاقات الفهرسة ذات الطراز القديم أو بتطبيقات التكنولوجية الفائقة، عليك تنظيم ومتابعة ما تتعلمه بطريقة تسمح لك بالتعمق في مستويات كل من مكون من المكونات. وسوف تجد عند التركيز على أحد المكونات، أنك تكتشف المزيد من الفروقات الجديدة. على سبيل المثال، سيتطلب التواصل الشفوي تحسين المهارات اللفظية وغير اللفظية لتقديم العرض التقديمي.
ثالثاً، حدد سلسلة من الأهداف المرحلية
فبمجرد أن تفهم المكونات المختلفة للمهارة التي تعمل على بنائها، اختر أحد هذه المكونات ثم قم بتقسيمه إلى أجزاء صغيرة. نعود لمثال التواصل، قد تقرر أن لديك محتوى متماسكاً ولكنك تجد صعوبة في التعبير عن أفكارك خلال الاجتماعات لأنك تبقى صامتاً. بالتالي ابدأ بتحديد الهدف النهائي ثم اعمل بشكل عكسي لإنشاء سلسلة من الخطوات الصغيرة والمفيدة في نفس الوقت. وإذا كنت تطمح للمشاركة بصورة أكثر فاعلية والتمتع بالكلمة المسموعة والتقدير بين زملائك، باشر بالالتزام بتقديم تعليق واحد خلال الاجتماع المقبل للفريق. وبمجرد التمرس على التعبير بوضوح أكثر، يمكن أن تطور أهدافك بجعل وجهة نظرك أكثر إيجازاً، أو التمكن من التعبير بحرية عن اختلاف الرأي مع أي شخص في منتدى عام. ثم أكتب هذه الأهداف بالترتيب على ورقة لتتحقق منها عند إنجازها.
رابعاً، اطلب من أحد الزملاء أن يقوم بتقييمك لمعرفة مستوى أدائك
سيؤدي إشراك زميلك إلى تسريع وتيرة تقدمك. أخبر هذا الشخص بالأمور التي تعمل عليها واحصل منه على بعض الملاحظات العامة أو النصائح. ثم شاركه أهدافك المحددة واطلب منه رصدها وتقديم الملاحظات حولها. لا تجعل هذا الإجراء رسمياً أو مرهقاً، بل مجرد تفقد سريع. نعود لمثال التواصل، في أثناء دخولك إلى اجتماع فريق العمل، يمكنك قول: "أحاول أن أكون أكثر إيجازاً. هل يمكنكم الانتباه وأرجوا منكم إبداء ملاحظاتكم على أدائي؟" وفي أثناء خروجك من الاجتماع، ستتمكن من الحصول على التقييمات الفورية وبعض المؤشرات. ومن وقت لآخر، حاول إجراء مناقشة مطولة حول ملاحظات زميلك وما هي توصياته لخطوتك التالية.
وبمجرد تحقيق هدف واحد، تابع لتحقيق الهدف التالي. تخط جميع الأهداف حتى تتقن أحد مكونات هذه المهارة. ثم انتقل إلى المكون التالي وهكذا. ولتنمية إحدى المهارات كالتواصل، يمكنك تكريس عام كامل (ومن المحتمل أن تستغرق مدى الحياة) لاستكشاف مهاراتك وتحسينها. واحرص على ذكر جهودك في نقاشات إدارة الأداء حتى يدرك مديرك الأهداف التي تعمل على تحقيقها وحتى يتمكن من دعمك.
عندما تستخدم الأنشطة التي تعمل عليها فعلاً كمنبر لبناء المهارات الجديدة، فإنك تسيطر على عملية التنمية الخاصة بك. وبذلك لن تكون عرضةً لخطر رفع التمويل عن التدريب، كما لن تُغرق جدولك اليومي الممتلئ أصلاً بإضافة مهام جديدة إليه. ولن تفلت زمام تحمّل المسؤولية بالتنصل من مسؤولية تحقيقك للنمو والتطور. فأنت تعمل على تطوير ذاتك وإمداد نفسك بشكل منتظم بموارد التعلم، وعندها يحق لك التمتع ببعض التحلية.
وأعني بذلك أنه وبمجرد أن تكتفي من تطوير الذات وإنجاز المهام في العمل والتعلم من الموارد المجانية، ومن تطبيق المفاهيم والمهارات الجديدة، وبعد إنجاز المهام الشاقة في السعي وراء الملاحظات وتطبيقها، تكون قد اكتسبت حق التمتع ببرامج التعليم الرسمية ويمكنك الآن طلبها دون أي تردد. والنبأ السار هنا هو أن هذا الاستثمار الذي قُمتَ به سيتيح لك الفرصة لتتربع على مكانة تؤهلك للاستفادة مما تعلمته.